اتهام تركيا بإعادة تشكيل «الاستخبارات العامة» في طرابلس

TT

اتهام تركيا بإعادة تشكيل «الاستخبارات العامة» في طرابلس

تسود العاصمة الليبية طرابلس حالة من الغضب بين أجنحة الميليشيات المختلفة بمدن غرب البلاد، رفضاً لما وصفوه بدخول أنقرة على خط إعادة تشكيل بعض المؤسسات السيادية في العاصمة «خدمة لأهدافها»، في مقدمتها جهاز الاستخبارات العامة.
ومنذ إعلان (تحريرها) من قوات «الجيش الوطني»، يتوافد على العاصمة مسؤولون أتراك رفيعو المستوى، بشكل معلن، وغير معلن، للمساعدة في رسم الخطط المستقبلية للسلطات المحلية هناك، بما يتماشى مع الخريطة الجديدة للبلاد، في ظل تزايد حدة الغضب بين «شركاء السلاح» في العاصمة، ممن يشددون على ضرورة أن «ينالهم جزء من المناصب الشاغرة، أو التي سيتم استحداثها».
ويبدو أن الأمور تتجه للتصعيد بالعاصمة، مع دفع أنقرة بأحد أذرعها هناك، وهو القيادي بـ«الجماعة الليبية المقاتلة» خالد الشريف، لترؤس أرفع جهاز، وهو الأمر الذي تعارضه بعض الأجنحة بميليشيات الزاوية وطرابلس والزنتان، مما خلق حالة من الاحتقان، من شأنها توسيع حدة المواجهات بين الفصائل المسلحة في قادم الأيام، حسب تعبير أحد سياسي مدينة الزاوية لـ«الشرق الأوسط» أمس.
وقال مسؤول مقرب من ميليشيات العاصمة، إن هناك «حالة انزعاج كبيرة بين فصائل المجموعات المسلحة، التي ترى نفسها شريكاً في تحرير العاصمة من (العدوان)، في ظل التدخل التركي في تزكية أشخاص محددين لمناصب مرتقبة، من بينها الاستخبارات»، متوقعاً أن «تسود أجواء غير مستقرة قريباً بالعاصمة، إذا لم يتم احتواء هذه الغضبة».
وينسب للشريف، الذي وصل طرابلس فور اندلاع الحرب عائداً من أنقرة، إشرافه على كثير من العمليات العسكرية في محاور الاقتتال. وقال مصدر عسكري لـ«الشرق الأوسط»، إن الشريف المكنى «أبو حازم الليبي» يحظى بقبول لدى الأجهزة التركية، «نظراً لما لعبه من دور هو ورجاله في أن تؤول قاعدة الوطية الجوية من قوات (الجيش الوطني) إلى (الوفاق)».
وأصبح منصب مدير جهاز الاستخبارات العامة في العاصمة شاغراً، بعد موت رئيسه السابق اللواء عبد القادر التهامي، إثر أزمة قلبية في مايو (أيار) الماضي، بالرغم من تداول أنباء عن مقتله، ومنها ما هو منسوب للعقيد محمد فرج عثمان بالمركز الإعلامي لغرفة «عمليات الكرامة» بالجيش الليبي، من أن التهامي لقي حتفه على يد ميليشيات مسلحة.
ويعزز حالة الاحتقان المرشحة للتزايد، حسب مصادر، أن الأسماء المرشحة لتولي المنصب تنتمي إلى مدن ترى أن لها حقاً في تولي هذا الكرسي، أبرزهم عماد عبد السلام الطرابلسي، الذي عينه السراج مؤخراً رئيساً لـ«جهاز الأمن العام والتمركزات الأمنية»، وأسماء أخرى تنتمي إلى الجهاز، منهم العميد طارق زمبو، وبشير بعيو، ومختار أبوصاع، لكن حظوظهم جميعاً في تولي المنصب تكاد تكون منعدمة، مقارنة بالشريف، المدعوم من أنقرة.



تقارير حقوقية توثّق انتهاكات الحوثيين في 3 محافظات يمنية

تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)
تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)
TT

تقارير حقوقية توثّق انتهاكات الحوثيين في 3 محافظات يمنية

تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)
تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)

سلطت أحدث التقارير الحقوقية في اليمن الضوءَ على آلاف الانتهاكات التي ارتكبتها الجماعة الحوثية ضد المدنيين في 3 محافظات، هي العاصمة المختطفة صنعاء، والجوف، والحديدة، بما شملته تلك الانتهاكات من أعمال القمع والقتل والخطف والتجنيد والإخضاع القسري للتعبئة.

وفي هذا السياق، رصد مكتب حقوق الإنسان في صنعاء (حكومي) ارتكاب جماعة الحوثيين نحو 2500 انتهاك ضد المدنيين في صنعاء، خلال عامين.

بقايا منازل فجرها الحوثيون في اليمن انتقاماً من ملاكها (إكس)

وتنوّعت الانتهاكات التي طالت المدنيين في صنعاء بين القتل والاعتداء الجسدي والاختطافات والإخفاء القسري والتعذيب ونهب الممتلكات العامة والخاصة وتجنيد الأطفال والانتهاكات ضد المرأة والتهجير القسري وممارسات التطييف والتعسف الوظيفي والاعتداء على المؤسسات القضائية وانتهاك الحريات العامة والخاصة ونهب الرواتب والتضييق على الناس في سُبل العيش.

وناشد التقرير كل الهيئات والمنظمات الفاعلة المعنية بحقوق الإنسان باتخاذ مواقف حازمة، والضغط على الجماعة الحوثية لإيقاف انتهاكاتها ضد اليمنيين في صنعاء وكل المناطق تحت سيطرتها، والإفراج الفوري عن المخفيين قسراً.

11500 انتهاك

على صعيد الانتهاكات الحوثية المتكررة ضد السكان في محافظة الجوف اليمنية، وثق مكتب حقوق الإنسان في المحافظة (حكومي) ارتكاب الجماعة 11500 حالة انتهاك سُجلت خلال عام ضد سكان المحافظة، شمل بعضها 16 حالة قتل، و12 إصابة.

ورصد التقرير 7 حالات نهب حوثي لممتلكات خاصة وتجارية، و17 حالة اعتقال، و20 حالة اعتداء على أراضٍ ومنازل، و80 حالة تجنيد للقاصرين، أعمار بعضهم أقل من 15 عاماً.

عناصر حوثيون يستقلون سيارة عسكرية في صنعاء (أ.ف.ب)

وتطرق المكتب الحقوقي إلى وجود انتهاكات حوثية أخرى، تشمل حرمان الطلبة من التعليم، وتعطيل المراكز الصحية وحرمان الموظفين من حقوقهم وسرقة المساعدات الإغاثية والتلاعب بالاحتياجات الأساسية للمواطنين، وحالات تهجير ونزوح قسري، إلى جانب ارتكاب الجماعة اعتداءات متكررة ضد المناوئين لها، وأبناء القبائل بمناطق عدة في الجوف.

ودعا التقرير جميع الهيئات والمنظمات المحلية والدولية المعنية بحقوق الإنسان إلى إدانة هذه الممارسات بحق المدنيين.

وطالب المكتب الحقوقي في تقريره بضرورة تحمُّل تلك الجهات مسؤولياتها في مناصرة مثل هذه القضايا لدى المحافل الدولية، مثل مجلس حقوق الإنسان العالمي، وهيئات حقوق الإنسان المختلفة، وحشد الجهود الكفيلة باتخاذ موقف حاسم تجاه جماعة الحوثي التي تواصل انتهاكاتها بمختلف المناطق الخاضعة لسيطرتها.

انتهاكات في الحديدة

ولم يكن المدنيون في مديرية الدريهمي بمحافظة الحديدة الساحلية بمنأى عن الاستهداف الحوثي، فقد كشف مكتب حقوق الإنسان التابع للحكومة الشرعية عن تكثيف الجماعة ارتكاب مئات الانتهاكات ضد المدنيين، شمل بعضها التجنيد القسري وزراعة الألغام، والتعبئة الطائفية، والخطف، والتعذيب.

ووثق المكتب الحقوقي 609 حالات تجنيد لمراهقين دون سن 18 عاماً في الدريهمي خلال عام، مضافاً إليها عملية تجنيد آخرين من مختلف الأعمار، قبل أن تقوم الجماعة بإخضاعهم على دفعات لدورات عسكرية وتعبئة طائفية، بغية زرع أفكار تخدم أجنداتها، مستغلة بذلك ظروفهم المادية والمعيشية المتدهورة.

الجماعة الحوثية تتعمد إرهاب السكان لإخضاعهم بالقوة (إ.ب.أ)

وأشار المكتب الحكومي إلى قيام الجماعة بزراعة ألغام فردية وبحرية وعبوات خداعية على امتداد الشريط الساحلي بالمديرية، وفي مزارع المواطنين، ومراعي الأغنام، وحتى داخل البحر. لافتاً إلى تسبب الألغام العشوائية في إنهاء حياة كثير من المدنيين وممتلكاتهم، مع تداعيات طويلة الأمد ستظل تؤثر على اليمن لعقود.

وكشف التقرير عن خطف الجماعة الحوثية عدداً من السكان، وانتزاعها اعترافات منهم تحت التعذيب، بهدف نشر الخوف والرعب في أوساطهم.

ودعا مكتب حقوق الإنسان في مديرية الدريهمي المجتمع الدولي إلى التدخل العاجل لإيقاف الانتهاكات التي أنهكت المديرية وسكانها، مؤكداً استمراره في متابعة وتوثيق جميع الجرائم التي تواصل ارتكابها الجماعة.