الانتخابات الأميركية: «كوفيد ـ 19» والعنصرية يخلطان الأوراق

تجربة 2016 تفرض التريث والحذر في الحكم على نتائج الاستطلاعات

الانتخابات الأميركية: «كوفيد ـ 19» والعنصرية يخلطان الأوراق
TT

الانتخابات الأميركية: «كوفيد ـ 19» والعنصرية يخلطان الأوراق

الانتخابات الأميركية: «كوفيد ـ 19» والعنصرية يخلطان الأوراق

دخلت الانتخابات الأميركية الرئاسية والتشريعية وانتخابات حكام الولايات هذا الشهر فصلها الجدّي، استعدادا للمؤتمرين العامين للحزبين الجمهوري والديمقراطي اللذين سيعقدان خلال الشهر المقبل. وبما أن الرئيس الأميركي دونالد ترمب ونائبه مايك بنس لا يواجهان منافسين في الحزب الجمهوري، تتجه الأنظار نحو مؤتمر الحزب الديمقراطي، الذي لا يزال يبحث عن نائب للرئيس. وهنا يؤخَذ في الاعتبار تعهد جو بايدن، نائب الرئيس السابق، الذي ضمن مبدئيا ترشحه عن الديمقراطيين، بأن يكون النائب امرأة واحتمال أن يكون من الأقليات العرقية وخصوصا من السود، من أجل الاستفادة من المناخات التي أثارتها الاحتجاجات على مقتل الرجل الأسود جورج فلويد في مدينة مينيابوليس قبل أكثر من شهر.
وبعد غياب دام نحو ثلاثة أشهر، كان من اللافت مسارعة ترمب إلى إعادة إطلاق تجمّعاته الانتخابية في منتصف يونيو (حزيران) الماضي، رغم إحجام العديد من الولايات الأميركية إنهاء الإغلاق الذي فرضه انتشار جائحة «كوفيد - 19». وأكد ذلك إصرار الرئيس أنه غير عابئ بالمخاوف الصحية، في ظل أولويته لإعادة فتح الاقتصاد، الميدان المحبب له، والذي تضرّر بشكل كبير بفعل الإغلاق.

بينما يراهن الرئيس الأميركي دونالد ترمب مجدّداَ على ما يراه إنجازات في المجال الاقتصادي، للفوز بولاية رئاسية جديدة من أربع سنوات، يرى منتقدوه داخل الولايات المتحدة وخارجها، أن التجديد له سيغيّر ليس فقط وجه أميركا، بل والعالم برمّته.
قد يكون من الصواب القول إن كل انتخابات رئاسية أميركية تحظى على الدوام بأهمية خاصة، خصوصاً، منذ انتهاء الحرب العالمية الثانية، بحسب العديد من المحللين. ويقول هؤلاء إن التاريخ يشير أيضاً إلى أن بعض الرؤساء الأميركيين الذين انتخبوا، شكلوا علامات فارقة، أو على الأقل، لعب وصولهم إلى السلطة دوراً كبيراً في إعادة رسم سياسات العالم. هكذا لعب فرانكلن روزفلت دوراً حاسما في تقرير وجهة الحرب العالمية الثانية، عبر استجابته الحاسمة للهجوم الذي شنته اليابان على بيرل هاربور في جزر هاواي عام 1940، وكذلك الدور الذي لعبه رونالد ريغان، بعد فوزه عام 1980، في التعجيل بإنهاء الحرب الباردة وتفكيك الاتحاد السوفياتي. واليوم يتوقع البعض أن تكون انتخابات هذا العام حدثاً استثنائياً في ظل الاضطراب والبلبلة في التحالفات الأميركية وفي الدول الديمقراطية.

هواجس «كوفيد ـ 19»... وتداعياته

قبل انتشار جائحة «كوفيد - 19» والدمار الذي سببته على الاقتصادين الأميركي والعالمي، وكذلك الانتقادات التي وُجّهت لإدارة ترمب في طريقة تعاملها معها ومواجهة تداعياتها الصحية والاقتصادية، كانت كل التقديرات تشير إلى أن ترمب في طريقه لتحقيق فوز سهل ومريح على منافسه جو بايدن.
واليوم، ورغم أن نتائج استطلاعات الرأي تشير كلها إلى تقدم بايدن عليه بنحو 14 نقطة مئوية، تظلّ تجربة انتخابات عام 2016 التي فاز فيها ترمب على منافسته الديمقراطية هيلاري كلينتون، ماثلة في أذهان الناس. وهو ما يفرض على غالبية «المتفائلين» التريث في إطلاق أحكام نهائية حول النتيجة المتوقعة في مطلع نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل.

الرهان على الاقتصاد

يفسر البعض جزئياً تعجّل ترمب إعادة فتح الاقتصاد، بأنه قد يمكّنه من قلب المؤشرات السلبية، ويدعم دفاعه عن «إنجازاته» التي توقفت لأسباب قاهرة لا علاقة لها بسياساته، التي لا يزال يعتقد أنها كانت صحيحة.
وغني عن القول أن أرقام البطالة التي وصلت قبل الجائحة إلى أدنى مستوى لها خلال أكثر من 40 سنة، عادت لتحلق بأرقام خيالية، إذ سُجلت خسارة 40 مليون وظيفة، في حين يتوقع أن ينكمش الاقتصاد الأميركي بما بين 8 و19 في المائة هذا العام، مع ما يفرضه ذلك من آثار مؤلمة على حياة الأميركيين.
ولعل الطامة الكبرى كانت في أرقام الإصابات بفيروس «كوفيد - 19» القياسية، أكثر من 2.6 مليون والوفيات أكثر من 126 ألفا، التي سجلتها الولايات المتحدة. إذ فاقت هذه الحصيلة بدرجات كبيرة أي بلد آخر نتيجة عوامل عديدة، صبّت غالبيتها في نهاية المطاف في تحميل إدارة ترمب والهيئات الصحية التي تشرف عليها، مسؤولية تقصيرها في تطبيق سياسات وبرامج احتواء لطالما برعت فيها الولايات المتحدة، وقادت من خلالها دول العالم في التصدي لموجات من الأوبئة مثل «الإيبولا» و«السارس» و«الإيدز».
ومع عودة ارتفاع عدد الإصابات الجديدة والتخوّف من إعادة الإغلاق، واصل ترمب والساسة الجمهوريون، عموماً، الإحجام عن اتباع أساليب الوقاية كوضع الكمامات من منطلق الحفاظ على «مظهر القوة». وفي المقابل، التزم خصمه بايدن بالكمامة.
لكن، وسط تحذير المسؤولين الصحيين من أن الأوان قد يكون انقضى للسيطرة على الجائحة، بحسب وزير الصحة أليكس عازار، شنّ المشرعون الجمهوريون حملة ضغط عامة من أجل ارتداء الكمامات، مختلفين مع موقف ترمب. وقال كبير الجمهوريين في مجلس النواب كيفن مكارثي الاثنين الماضي إن «على كل أميركي مسؤولية اتباع التوصيات للمساعدة في إبطاء انتشار الفيروس»، وهذا، بعدما بدأت ولاية كاليفورنيا مسقط رأسه في التراجع عن جهودها لإعادة فتح الاقتصاد. كذلك حث السيناتور الجمهوري النافذ ريك سكوت من ولاية فلوريدا، وهي بؤرة تفش كبير، الإدارة على تقديم مزيد من المعلومات من دون دفعنا دفعاً لما ترى أن علينا فعله.
وبعد ساعات خرجت السكرتيرة الصحافية للبيت الأبيض كايلي ماكناني لتقول إن الرئيس «يعتقد بأن قرار وضع الكمامة لمنع انتشار الفيروس قرار شخصي». وأضافت أن وضع الكمامة في جاكسونفيل في فلوريدا، حيث سينعقد مؤتمر الترشيح الخاص بالحزب الجمهوري، «هو خيار شخصي لأي فرد، وإن الرئيس يشجع الناس على اتخاذ القرار الأفضل لسلامتهم، وليس لديه مشكلة مع ارتدائها كما تطلبه السلطات المحلية».
لكن آندرو كومو الحاكم الديمقراطي لولاية نيويورك، أكثر الولايات تضرّراً من الجائحة، قال إنه يتوجب على الرئيس ترمب إصدار أمر تنفيذي يلزم الناس بوضع الكمامات في الأماكن العامة. وأضاف أن «حكام الولايات التي كانت تعترض على وضع الكمامات، ها هم يغيرون موقفهم تماماً، وعلى الرئيس أن يفعل ذلك أيضاَ». وكرّر كومو انتقاد طريقة تعامل الإدارة مع الجائحة، قائلا إن البيت الأبيض «ظل في حالة إنكار في بداية الأزمة الصحية، ولم يفعل ما يكفي لمعالجة زيادة حالات الإصابة بالمرض في العديد من الولايات». وأشار إلى أن تركيز ترمب على إعادة فتح الاقتصاد كان «مضللاً وأدى إلى نتائج عكسية»، بحسب قوله.

تسييس التدابير الصحية

وبالفعل، اكتسبت مقاومة تدابير الصحة العامة صبغة حزبية، إذ كشفت دراسة لـ«رويترز إبسوس» في مايو (أيار) الماضي، أن ثلث الجمهوريين «قلقون للغاية» بشأن الفيروس مقابل نحو نصف الديمقراطيين. إلا أن الأمر بدأ يتغيّر بعدما سجلت ولايات يسيطر عليها الجمهوريون كفلوريدا وتكساس، وحتى أريزونا، التي أحيا فيها ترمب مهرجاناً انتخابياً الشهر الماضي، ارتفاعا كبيرا في عدد الإصابات. وهو ما دفع حكامها إلى إصدار أوامر بإعادة إغلاق الحانات وأماكن الاختلاط الكثيفة فيها. وشجّع نائب الرئيس مايك بنس الأميركيين على استخدام الكمامات إبّان زيارة إلى تكساس يوم الأحد.
كذلك، نقل عن جمهوريين في العديد من الولايات التي تصوّت لهم، وخصوصاً، في تكساس وفلوريدا اللتين تتمتعان بثقل انتخابي كبير - وقد تقرر نتائج انتخاباتها مصير رئاسة ترمب - تذمّرهم من أداء إدارته في التعامل مع الجائحة. وقارنوا ذلك بأداء العديد من الدول الأوروبية وحتى مع الصين، التي يواصل ترمب اتهامها ونقدها، في سياسة اعتبرها البعض محاولة لإضفاء طابع تآمري خارجي للتغطية على فشل إدارته، عبر تحميل الصين ومنظمة الصحة العالمية التي عاقبها عبر وقف التمويل عنها.

تفاؤل ديمقراطي

الديمقراطيون، من جهتهم، يشعرون عموماً بتفاؤل متزايد بشأن فرصهم، ليس فقط للفوز بالرئاسة بل واستعادة الغالبية في مجلس الشيوخ مطلع نوفمبر المقبل. وفي هذا المجلس يدافع الجمهوريون عن 23 مقعدا مقابل 12 مقعدا للديمقراطيين. وقال السيناتور الديمقراطي تيم كين الذي كان مرشحاً لمنصب نائب الرئيس في انتخابات 2016 «رغم أن الانتخابات بعد 4 أشهر، وقد تحصل العديد من التقلبات والتغييرات، فإنها إذا أجريت اليوم فسأشعر بالرضا». وقدّر كايل كونديك، مدير تحرير نشرة «ساباتو كريستال بول» الصادرة عن «مركز السياسات» في جامعة فيرجينيا، أن فرص الديمقراطيين في استعادة مجلس الشيوخ هي بنسبة 50 إلى 50 على الأقل.
وفي استطلاع لـ«ريل كلير بوليتيكس» تقدّم بايدن على ترمب بفارق 6 نقاط مئوية أو أكثر في ولايات فلوريدا وميشيغان وويسكونسن وبنسلفانيا، ومتقارب جدا في ولايات نورث كارولاينا وأريزونا، وهي ست ولايات فاز فيها ترمب عام 2016. أيضاً وجد استطلاع أجرته شبكة «فوكس نيوز» - المحسوبة على الجمهوريين - أن بايدن يتقدم في ولاية فلوريدا بـ9 نقاط مئوية، وإذا خسر ترمب هذه الولاية فقط فلن يبقى له أمل للفوز بالرئاسة. كذلك وجد الاستطلاع أن بايدن يتقدم الرئيس بـ20 نقطة أو أكثر بين النساء والمستقلين وغير البيض في فلوريدا، بينما يسجّل ترمب نتائج سيئة حتى مع قاعدته الأكثر ولاء، وهم الناخبون الأكبر سناً والبيض وأولئك الذين لا يحملون شهادات جامعية.
بل، وما زاد الطين بلة - بالنسبة للجمهوريين - الفوضى التي رافقت توزيع المساعدات المالية الحكومية سواء على الأفراد أو المؤسسات والتي بلغت نحو 3 تريليونات دولار، رغم حرص ترمب على «التوقيع على الشيكات» التي دفعت للأميركيين. ولقد تردد ترمب في الموافقة على حزمة مساعدات ثانية بالقيمة نفسها، كان قد اقترحها الديمقراطيون، وضعته أمام خيار صعب قد يعود ريعه السياسي لمنافسه بايدن، الذي لا يزال يلتزم الحذر في إطلالاته الانتخابية.

معضلة بايدن واليساريين

في المقابل، رغم كل ما سبق، تشير بعض التقديرات إلى أن تقدّم بايدن حالياً قد لا يؤدي بالضرورة إلى تغلبه على ترمب، خاصة، وأن قاعدة الحزب الديمقراطي منقسمة بحدة، في ظل تقدم كبير للتيار اليساري فيه. ولقد انعكس هذا أخيرا في بعض الانتخابات التمهيدية، حيث تقدم مرشحوه على «ليبراليي» الحزب. وللعلم، يتردد اليساريون حتى الآن في منح أصواتهم لبايدن، بينما يزيد «اختفاء» بيرني ساندرز وإحجامه حتى اللحظة عن تأكيد تأييده بايدن المزيد من الغموض. وهذه قضية يستغلها ترمب في الاتجاهين، وبشكل كبير، ويحرص في تصريحاته وتغريداته على «تويتر»، على الإيقاع بين الطرفين.
أيضاً، يعكس تأخر الحزب الديمقراطي في اختيار نائب الرئيس، وإعلان هويته وجنسه وعرقه، حجم الأزمة والمأزق الذي يعانيه، في ظل الانتقادات المكثفة لبايدن بسبب ضعف «كاريزميته» وأدائه الشخصي المثير للجدل. وهنا ثمة من يقول، إن موقع نائب الرئيس هذا العام قد يكون للمرة الأولى بأهمية موقع الرئيس - إن لم يكن أكثر - في قيادة الولايات المتحدة في السنوات الأربع المقبلة. وفي حين يؤكد الحزب الديمقراطي وبايدن أن نائب الرئيس سيكون امرأة، يدور الجدل حول ما إذا كان من المهم أن تكون من الأقلية السوداء، أو من التيار اليساري. وحقاً، تقلص هامش الاختيار إلى 3 أو 4 أسماء، بينهن السيناتورة البيضاء اليسارية إليزابيث وارين والسيناتورة السوداء كامالا هاريس والنائبة فال دامينغز مديرة شرطة مدينة أورلاندو سابقاً وكيشا لانس بوتومز عمدة مدينة أتلانتا.
وجاءت الأحداث التي شهدتها الولايات المتحدة ولقيت صدى دوليا، في أعقاب وفاة الرجل الأسود جورج فلويد تحت ركبة رجل شرطة أبيض في مدينة مينيابوليس، وما تلاها من أعمال عنف واحتجاجات ومطالبات بحل الشرطة ومهاجمة الرموز والتماثيل التي تمثل الحقبة العنصرية، لتفرض نفسها على المشهد السياسي والانتخابي لدى الحزبين. وبينما يرى الديمقراطيون أن هذه الأحداث تعزز فرص فوزهم، يرى الجمهوريون أنها فرصة لإعادة شدّ عصب قاعدتهم الحزبية والشعبية، وفعلاً، ترجمها ترمب في خطب وأوامر تنفيذية وصفت بالشعبوية، للرد والتشكيك وكيل الاتهامات على الإعلام واليسار والديمقراطيين.
من جانب، متصل، رغم عدم اتفاق الحزبين على قانون موحد لإصلاح الشرطة، فإنهما بقيا موحّدين على ضرورة تمويل الشرطة والامتناع عن حلها... وهو ما يطالب به «تقدميو» الحزب الديمقراطي وكذلك من اليساريين وبعض المستقلين الراديكاليين الذين ينتقدون «الثقافة» التي بنيت عليها أجهزة إنفاذ القانون تاريخياً في الولايات المتحدة.
ويذكر أن أعمال العنف والنهب في بدايات الاحتجاجات والمظاهرات المستمرة، وكذلك مظاهر حمل السلاح والتهديد به من بعض البيض والسود، كشفت عن عمق الانقسام الذي لا يزال يعتمل في المجتمع الأميركي. غير أن توسّع ظاهرة تدمير وإزالة التماثيل والرموز العنصرية، أظهر قوة وتأثير حملة الضغط التي شهدتها الولايات المتحدة أخيرا لوضع حد للتمييز العنصري. وكان من نتائج ذلك اضطرار ولاية ميسيسيبي (الجنوبية الجمهورية) آخر الولايات لاتخاذ قرار بإزالة شعار الكونفدرالية (الانفصال) عن علمها.
وبالمناسبة، لم ينجح أمر ترمب التنفيذي حول الشرطة، في إنهاء المطالبة بإصلاحها جدياً، كذلك فشل تأليبه للرأي العام ضد «الغوغائيين اليساريين» في تحميلهم مسؤولية ما جرى في الاحتجاجات، مع ظهور مسؤولية موازية للجماعات اليمينية المتطرفة.


مقالات ذات صلة

الحدود العراقية ــ السورية... وذكريات صيف 2014

حصاد الأسبوع شاحنات ومعدّات عسكرية عراقية تتحرك عند الحدود مع سوريا (آ ف ب)

الحدود العراقية ــ السورية... وذكريات صيف 2014

شأن معظم دول المنطقة والإقليم، تسببت الأزمة السورية المتصاعدة في تراجع الاهتمام الرسمي والشعبي العراقي بالحرب التي تشنّها إسرائيل على غزة ولبنان، بعد أن كانت

فاضل النشمي (بغداد)
حصاد الأسبوع ليندنر اختلف مع سياسة ميركل المتعلقة بالهجرة وفتحها أبواب ألمانيا أمام مئات آلاف اللاجئين السوريين

كريستيان ليندنر... الزعيم الليبرالي الذي أسقط عزله الحكومة الألمانية

رجل واحد حمله المستشار الألماني أولاف شولتس مسؤولية انهيار حكومته، وما نتج عن ذلك من فوضى سياسية دخلت فيها ألمانيا بينما هي بأمس الحاجة للاستقرار وتهدئة

راغدة بهنام ( برلين)
حصاد الأسبوع شيل

ألمانيا... الحزب الديمقراطي الحر «شريك الحكم» شبه الدائم

مع أن «الحزب الديمقراطي الحر»، الذي يعرف في ألمانيا بـ«الحزب الليبرالي»، حزب صغير نسبياً، مقارنةً بالقطبين الكبيرين «الاتحاد الديمقراطي المسيحي» (المحافظ)

«الشرق الأوسط» (برلين)
حصاد الأسبوع لقاء ترمب وبوتين على هامش "قمة العشرين" عام 2017 (آ ف ب)

موسكو تترقّب إدارة ترمب... وتركيزها على سوريا والعلاقة مع إيران

لم تُخفِ موسكو ارتياحها للهزيمة القاسية التي مُنيت بها الإدارة الديمقراطية في الولايات المتحدة. إذ في عهد الرئيس جو بايدن تدهورت العلاقات بين البلدين إلى أسوأ

رائد جبر (موسكو)
حصاد الأسبوع يأتي انتخاب «عرّو» في وقت حرج لإقليم أرض الصومال لا سيما مع تحديات استمرار رفض مقديشو توقيع الإقليم مذكرة تفاهم مع إثيوبيا

عبد الرحمن محمد عبد الله «عرّو»... دبلوماسي يقود «أرض الصومال» في «توقيت مصيري»

حياة مغلفة بـ«هم الاستقلال»، سواءً عن المستعمر القديم في السنوات الأولى، أو تشكيل «الدولة المستقلة» طوال فترتَي الشباب والشيخوخة، لم تثنِ عبد الرحمن محمد عبد

محمد الريس (القاهرة)

أميركا اللاتينية منقسمة إزاء التعايش مع ترمب «العائد»

الرئيس الأرجنتيني اليميني خافيير ميلي مع ترمب "حليفه الأكبر" في واشنطن خلال فبراير (شباط) الماضي (رويترز والرئاسة الأرجنتينية)
الرئيس الأرجنتيني اليميني خافيير ميلي مع ترمب "حليفه الأكبر" في واشنطن خلال فبراير (شباط) الماضي (رويترز والرئاسة الأرجنتينية)
TT

أميركا اللاتينية منقسمة إزاء التعايش مع ترمب «العائد»

الرئيس الأرجنتيني اليميني خافيير ميلي مع ترمب "حليفه الأكبر" في واشنطن خلال فبراير (شباط) الماضي (رويترز والرئاسة الأرجنتينية)
الرئيس الأرجنتيني اليميني خافيير ميلي مع ترمب "حليفه الأكبر" في واشنطن خلال فبراير (شباط) الماضي (رويترز والرئاسة الأرجنتينية)

من شائع القول، أن الانتخابات الرئاسية في الولايات المتحدة يجب أن تكون مفتوحة لمشاركة جميع سكان العالم، لما لنتائجها من تأثير سياسي واقتصادي وأمني على الصعيد الدولي الواسع. لكن مما لا شك فيه أن أميركا اللاتينية التي تعد «الحديقة الخلفية» لواشنطن، والتي طالما كان ليد الإدارات الأميركية الطولى وأجهزة استخباراتها الدور الحاسم في تحديد خياراتها السياسية والاقتصادية، هي الأشد تأثراً بوجهة الرياح التي تهبّ من البيت الأبيض. «الصوت اللاتيني» كان هذه المرة موضع منافسة محتدمة بين الجمهوريين والديمقراطيين خلال الحملة الانتخابية، وكان راجحاً في كفّة المرشح الفائز، كما دلّ على أهميته قرار الرئيس العائد دونالد ترمب اختيار منافسه في الانتخابات الأولية، السيناتور الكوبي الأصل ماركو روبيو، لمنصب وزير الخارجية في الإدارة الجديدة. إلا أن ردود الفعل في بلدان أميركا اللاتينية على فوز دونالد ترمب بولاية رئاسية ثانية، جاءت متفاوتة ومتأرجحة بين القلق الدفين في أوساط الأنظمة اليسارية والتقدمية، والابتهاج الظاهر بين الحكومات والأحزاب المحافظة واليمينية المتطرفة.

أول المحتفلين بفوز الرئيس دونالد ترمب والمُنتشين لعودته إلى البيت الأبيض كان الرئيس الأرجنتيني اليميني المتطرف خافيير مَيلي الذي سارع، بعد أسبوع من إعلان الفوز، لملاقاته في مقره بولاية فلوريدا حيث أعرب له عن «استعداد الأرجنتين الكامل لمساعدته على تنفيذ برنامجه».

أيضاَ، المعارضة البرازيلية التي يقودها الرئيس اليميني المتطرف السابق جايير بولسونارو - الذي يخضع حالياً للمحاكمة بتهمة التحريض على قلب نظام الحكم وهو ممنوع من السفر خارج البلاد - لم تكن أقل ابتهاجاً من الرئيس الأرجنتيني أو المعارضة الفنزويلية التي عادت لتعقد الآمال مجدّداً على رفع منسوب الضغط الأميركي على نظام نيكولاس مادورو اليساري في فنزويلا والدفع باتجاه تغيير المعادلة السياسية لصالحها.

حذر في المكسيك

في المقابل، حاولت السلطات المكسيكية من جهتها إبداء موقف حذر على الرغم المخاوف التي تساورها من أن يفي الرئيس الأميركي العائد بالوعود التي قطعها خلال الحملة الانتخابية حول الهجرة والتجارة ومكافحة المخدرات، والتي تجعل من المكسيك أكثر بلدان المنطقة تعرّضاً لتداعيات السياسة الشعبوية المتشددة التي ستتبعها إدارته الثانية اعتباراً من العام المقبل. ومعلوم أن ترمب كان قد جعل من بناء «الجدار» على الحدود الفاصلة بين المكسيك والولايات المتحدة عنواناً لحملته الانتخابية الأولى وأحد ركائز حملته الثانية، إلى جانب خطابه العنصري المناهض للمهاجرين المكسيكيين الذين يشكلون الغالبية الساحقة من المهاجرين اللاتينيين إلى الولايات المتحدة. كذلك، كان ترمب قد هدد الرئيسة المكسيكية الاشتراكية الجديدة كلاوديا شاينباوم بفرض رسوم جمركية بنسبة 25 في المائة على السلع المستوردة من المكسيك ما لم تمنع تدفق المهاجرين من أميركا الوسطى إلى الولايات المتحدة عبر أراضي المكسيك.

الرئيسة شاينباوم قلّلت من شأن تهديدات ترمب، وقالت إن بلادها - كالعادة - «ستتمكن من تجاوز الأزمة»، لكن لا أحد يشك في أن الدولة المرشحة لأكبر قدر من الضرر جرّاء عودة ترمب إلى البيت الأبيض هي المكسيك، أولاً نظراً لكونها الشريك التجاري الأول للولايات المتحدة، وثانياً لأن العلاقات بين البلدين المتجاورين هي أشبه بزواج لا طلاق فيه.

من جهة ثانية، كان لافتاً أن سوق المال (البورصة) المكسيكية لم تتعرّض لأي اهتزازات تذكر بعد إعلان فوز ترمب، خلافاً لما حصل بعد فوزه بالولاية الأولى عام 2016. وهو ما يدلّ على التأقلم مع أسلوبه والتكيّف معه، وأيضاً على متانة «اتفاقية التجارة الحرة» بين المكسيك وكندا والولايات المتحدة كإطار يحكم المبادلات التجارية بين البلدان الثلاثة.

المشهد البرازيلي

في البرازيل، كما سبقت الإشارة، كان الرئيس السابق جايير بولسونارو بين أوائل المهنئين بفوز دونالد ترمب. إذ أعرب عن ابتهاجه لهذا «النصر الأسطوري الذي منّ به الله تعالى على الولايات المتحدة والعالم»، في حين اكتفت حكومة الرئيس الحالي اليساري الحالي لويس إيناسيو (لولا) بالطقوس الدبلوماسية المألوفة، بعدما كان «لولا» قد أعلن صراحة دعمه لمرشحة الحزب الديمقراطي نائبة الرئيس المودّعة كمالا هاريس.

أكثر من هذا، تابع إدواردو بولسونارو، نجل الرئيس السابق والعضو في مجلس النواب البرازيلي، عملية فرز نتائج الانتخابات الأميركية في منزل ترمب بفلوريدا، حيث صرّح بعد إعلان الفوز: «ها نحن اليوم نشهد على قيامة مقاتل حقيقي يجسد انتصار الإرادة الشعبية على فلول النخب التي تحتقر قيمنا ومعتقداتنا وتقاليدنا». وبالمناسبة، لا يزال بولسونارو «الأب» عازماً على الترشّح للانتخابات الرئاسية البرازيلية في عام 2026. على الرغم من صدور حكم قضائي مُبرم يجرّده من حقوقه السياسية حتى عام 2030 بتهمة سوء استخدام السلطة والتحريض على الانقلاب.

بالتوازي، كان «لولا» قد تعرّض للانتقاد بسبب تأييده الصريح لهاريس، الذي ضيّق كثيراً هامش المناورة أمامه بعد هزيمتها. لكنه علّق بعد تهنئته ترمب: «الديمقراطية هي صوت الشعب الذي يجب احترامه».

اليوم يعتقد أنصار بولسونارو أن المشهد السياسي الأميركي الجديد، والدور الوازن الذي يلعبه الملياردير إيلون ماسك داخل إدارة ترمب، قد يشكّلان ضغطاً على الكونغرس البرازيلي والمحكمة العليا لإصدار عفو عن الرئيس البرازيلي السابق يتيح له الترشح في انتخابات عام 2026 الرئاسية. أما على الصعيد الاقتصادي، فتخشى البرازيل، في حال قرّر ترمب رفع الرسوم الجمركية وفرض إجراءات حمائية، خفض صادراتها إلى الولايات المتحدة وتراجعاً في قيمة موادها الخام. كذلك، من شأن إغلاق السوق الأميركية أمام السلع الصينية أن يؤدي إلى خفض الطلب على المواد الخام التي تشكّل عماد المبادلات التجارية البرازيلية. أما على الصعيد البيئي، فقد حذرت وزيرة البيئة البرازيلية مارينا سيلفا من أن الأسرة الدولية ستكون مضطرة لمضاعفة جهودها للحد من تداعيات أزمة المناخ إذا قرر ترمب المضي في تنفيذ سياساته البيئية السلبية المعلنة.

مَيلي متحمّس ومرتاح

الرئيس الأرجنتيني خافيير مَيلي، من جانبه، احتفى بفوز ترمب على وسائل التواصل الاجتماعي، وتعهد بالتعاون مع إدارته لتنفيذ برنامجه الانتخابي، معوّلاً على استثمارات أميركية ضخمة في القطاعات الإنتاجية الأرجنتينية. وانضمّ أيضاً إلى «التهاني» من معسكر اليمين الأرجنتيني الرئيس الأسبق ماوريسيو ماكري، الذي يشارك حزبه المحافظ في حكومة مَيلي الائتلافية، والذي سبق أن كان شريكاً لترمب في صفقات عقارية في الولايات المتحدة.

يُذكر أن ترمب كان قد لعب دوراً حاسماً في منح صندوق النقد الدولي قرضاً للأرجنتين بقيمة 44 مليار دولار أميركي عام 2018 ما زالت عاجزة عن سداده. وفي حين يأمل مَيلي بأن تساعده الإدارة الأميركية الجديدة بالحصول على قرض جديد من صندوق النقد يحتاج إليه الاقتصاد الأرجنتيني بشدة للخروج من أزمته الخانقة، فإنه يعرف جيداً أن ترمب سيكون بجانبه في «الحرب الثقافية» التي أعلنها على اليسار الدولي وأجندته التقدمية.

فنزويلا وكوبا

في الدول الأميركية اللاتينية الأخرى، علّق إدموندو غونزاليس أوروتيا، مرشح المعارضة في الانتخابات الرئاسية الفنزويلية - المنفي حالياً في إسبانيا والذي تدلّ كل المؤشرات على فوزه - علَّق على فوز ترمب بوصفه هو أيضاً الفائز الذي اعترفت به دول عدة بينها الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي، فقال: «هذه إرادة الشعب الأميركي وأهمية التناوب على الحكم».

أما زعيمة المعارضة ماريا كورينا ماتشادو، التي اضطرت للتنازل عن ترشيحها لصالح غونزاليس بعدما جرّدها القضاء من حقوقها السياسية - فقد هنأت ترمب بقولها: «نعرف أنك كنت عوناً لنا دائماً، والحكومة الديمقراطية التي اختارها الشعب الفنزويلي ستكون حليفاً موثوقاً لإدارتك».

من الجانب الآخر، اختارت الحكومة الفنزويلية اليسارية التزام الحذر في تعليقها الأول على فوز ترمب، وجاء في تهنئتها البروتوكولية: «نوجه التهنئة لشعب الولايات المتحدة على هذه الانتخابات. إن فنزويلا على استعداد دائماً لإقامة علاقات مع الإدارات الأميركية في إطار الحوار والرشد والاحترام». وأضاف البيان الذي صدر عن الرئاسة الفنزويلية مستحضراً خطابه المعهود: «إن الاعتراف بسيادة الشعوب وحقها في تقرير مصيرها هو الأساس لقيام عالم جديد يسوده التوازن بين الدول الحرة»، في إشارة إلى المفاوضات المتعثّرة منذ سنوات بين واشنطن وكاراكاس لإيجاد مخرج من الأزمة الفنزويلية التي تمرّ اليوم بأكثر مراحلها تعقيداً. وهنا تجدر الإشارة إلى أن ترمب كان قد فرض إبان ولايته الرئاسية الأولى ما يزيد عن مائة عقوبة على فنزويلا، وانتقد بشدة قرارات إدارة بايدن برفع بعضها. غير أنه ليس واضحاً بعد كيف ستكون مقاربته لهذا الملف، خاصة، أن فنزويلا يمكن أن تساعد على تلبية الاحتياجات الأميركية من الطاقة في ظروف دولية معاكسة بسبب الحرب في أوكرانيا والاضطرابات في الشرق الأوسط.

وبما يخصّ كوبا، تحمل ولاية ترمب الثانية في البيت الأبيض معها أيضاً «سحباً سوداء» فوق كوبا التي تتوقع تشديد العقوبات والمزيد منها. وكان ترمب قد حطّم جميع الأرقام القياسية في العقوبات التي فرضها على النظام الكوبي، وأدرجها على قائمة «الدول الراعية للإرهاب»، الأمر الذي يضفي صعوبات جمّة على علاقات الدولة الكوبية المالية مع الخارج. ويلفت أن الحكومة الكوبية - حتى كتابة هذه السطور - لم تعلّق بعد على فوز دونالد ترمب بولاية ثانية.

تحمل ولاية ترمب الثانية في البيت الأبيض

معها «سحباً سوداء» فوق كوبا

التي تتوقع تشديد العقوبات

الرئيس المكسيكية الاشتراكية كلاوديا شاينباوم (رويترز)

كولومبيا تثير موضوع غزة

كولومبيا أيضاً يسود فيها الترقّب الحذر لمعرفة الوجهة التي ستسير بها العلاقات بين ترمب والرئيس الكولومبي اليساري غوستافو بترو اللذين لا يجمع بينهما أي رابط شخصي أو عقائدي. بيد أن هذا لم يمنع بترو من توجيه رسالة تهنئة إلى الرئيس الأميركي العائد لعلها الأكثر صراحة في مضمونها السياسي والمواضيع التي ستتمحور حولها علاقات المعسكر التقدمي في أميركا اللاتينية مع الإدارة الأميركية اليمينية المتشددة الجديدة. وجاء في رسالة بترو: «إن السبيل الوحيد لإغلاق الحدود يمرّ عبر ازدهار بلدان الجنوب وإنهاء الحصار»، في إشارة واضحة إلى العقوبات الأميركية المفروضة على فنزويلا وكوبا. ثم تناولت الرسالة موضوع غزة، الذي يستأثر باهتمام كبير لدى الرئيس الكولومبي، وأوردت: «الخيار التقدمي في الولايات المتحدة لا يمكن أن يقبل بالإبادة التي تتعرّض لها غزة».

باقي اليمين يرحب

في المقابل، اكتفت رئيسة البيرو، دينا بولوارتي، التي منذ سنة لا تتمتع بتأييد سوى 8 في المائة من مواطنيها، بتوجيه رسالة تهنئة «للمرشح دونالد ترمب على فوزه في الانتخابات الديمقراطية التي أجريت في الولايات المتحدة»، بينما غرّد دانيال نوبوا، رئيس الإكوادور اليميني الذي تشهد بلاده أزمة سياسية وأمنية عميقة منذ أشهر، على حسابه مرحباً: «مستقبل زاهر ينتظر قارتنا بفوز دونالد ترمب».

وفي تشيلي - التي يحكمها اليسار - كان أول المهنئين خوسيه أنطونيو كاست، زعيم الحزب الجمهوري اليميني المتطرف الذي يطمح للفوز في الانتخابات الرئاسية العام المقبل. وفي المقلب الآخر، على الصعيد الرسمي بادر وزير الخارجية التشيلي ألبرتو فان كلافيرين إلى التهنئة المبكرة قائلاً: «نتيجة الانتخابات كانت واضحة وكاشفة على أكثر من صعيد. نقيم علاقة دولة مع الولايات المتحدة، والعلاقات هي بين الدول، ونطمح لأفضلها مع حكومة الرئيس ترمب الجديدة». أما الرئيس التشيلي اليساري غابريل بوريتش، الذي كان آخر المهنئين بين زعماء المنطقة، فجاء في رسالته: «تؤكد تشيلي التزامها توطيد العلاقات مع الولايات المتحدة من أجل تحقيق تنمية شاملة، واحترام حقوق الإنسان والعناية بالديمقراطية».

 

حقائق

واقع العلاقات والمخاوف في أميركا الوسطى

في أميركا الوسطى، وتحديداً السلفادور، وعلى الرغم من العلاقات الجيدة التي تربط رئيسها نجيب أبو كيلة (الفلسطيني الأصل) مع دونالد ترمب، كما تَبيّن خلال الولاية الأولى للرئيس الأميركي المنتخب، فإن ثمة مخاوف ملموسة من التهديدات التي أطلقها ترمب خلال حملته الانتخابية بطرد جماعي للمهاجرين غير الشرعيين. للعلم، فإن ملايين من مواطني السلفادور يعيشون في الولايات المتحدة بصورة غير شرعية، ويُشكِّلون مصدر الدعم الاقتصادي الأساسي لعائلاتهم في وطنهم الأم. وحقاً تعدّ تحويلات المهاجرين الواردة من الولايات المتحدة المحرّك الرئيسي لاقتصاد السلفادور، إذ بلغت في العام الماضي ما يزيد على 5 مليارات دولار.وراهناً، يسود الاعتقاد بين المراقبين الأميركيين اللاتينيين - على امتداد القارة - بأن دونالد ترمب، الذي استطاع خلال 8 سنوات أن يهدم المجتمع الأميركي ويعيد تشكيله على مزاجه وهواه، يشكّل اليوم - في أحسن الأحوال - مصدر قلق عميق بالنسبة لبلدان المنطقة. ويتوقع هؤلاء أن تكون التداعيات المحتملة لولايته مرهونةً بأمرين: الأول، مدى اعتماد هذه البلدان سياسياً واقتصادياً على الولايات المتحدة. والثاني، أين سيكون موقع أميركا اللاتينية بين أولويات السياسة عند الإدارة الجديدة في واشنطن.