استطاعت الإعلامية والممثلة اللبنانية ساشا دحدوح ملامسة مشاعر ملايين المشاهدين عندما توجهت إليهم بكلمة مؤثرة من برنامجها الصباحي «صباح الخير» عبر قناة «الجديد». وانتقدت دحدوح أوضاع اللبنانيين المتردية وإهمال المسؤولين. ومما ورد في كلمتها «أنا ساشا دحدوح إعلامية وممثلة لبنانية وأفتخر بذلك، ولكني خائفة أن أستيقظ غداً وأكتشف أني غير قادرة على إعالة بناتي... تقولون شعب لبنان العظيم. وماذا بقي من لبنان كي يكون كذلك؟».
شريحة كبيرة من اللبنانيين تفاعلت مع دحدوح واعتبرتها تكلمت بلسان حالهم. «كان يتملكني غضب كبير من تقرير مصور موقع من مراسلة الأخبار في (الجديد) حليمة طبيعة. فحزنت على أشخاص لبنانيين يعانون من العوز والفقر بحيث فرغت ثلاجاتهم حتى من لقمة الخبز. وما كان مني إلا أن ارتجلت هذه الكلمات التي تركت أثرها الكبير على المشاهدين». تشرح ساشا دحدوح في حديث لـ«الشرق الأوسط».
وعما إذا تلحظ تقصيراً من قبل إعلاميين زملاء لها يغضون النظر عما يجري حولهم فلا يقاربونه من بعيد أو قريب، ترد «طبعاً يوجد تقصير من قبل إعلاميين كثر لا يطبقون رسالتهم الإعلامية على أكمل وجه. فالمطلوب منا كإعلاميين تنبيه الرأي العام وهزّ العصا للمسؤولين. فهم يعتقدون أننا في حالة غيبوبة وأن شعبهم لا يأبه لأدائهم. ولكني في المقابل أعرف تماماً أن ثمة إعلاميين يفضلون عدم التطرق إلى هذه الموضوعات كي لا يحسبوا على حزب أو جهة سياسية معينة مما يمنعهم من التعبير عن آرائهم الحقيقية».
وتشير ساشا دحدوح في سياق حديثها لـ«الشرق الأوسط»، «عندما نرفع الصوت لا بد أن يصل ويلاقي الصدى المطلوب. فما تناولته لم ينبع من كوكب أو عالم آخر، بل من واقع معيشي سيئ نعيشه».
وعما إذا تلقت اتصالاً من مسؤول ما تعليقاً على ما ورد في مقدمة برنامجها والتي قالت فيها للمسؤولين بـ«يا عيب الشوم عليكن»، تقول «السياسي الوحيد الذي تفاعل مع ما قلته كان الوزير السابق زياد بارود. فهو وجّه لي تغريدة عبر موقع (تويتر) الإلكتروني أكد لي فيها تأثره الكبير بما قلته. وأتمنى أن يكون وصل صوتي لأكبر عدد ممكن من المسؤولين في لبنان، حتى لو لم يقوموا بأي رد فعل مباشر على ما قلته. الأهم عندي هو ملامسة واقع الناس الأليم. فهم مشردون وفقراء ومذلولون على أرضهم وهو أمر لا يستوعبه المنطق».
ساشا دحدوح جاءت من خلفية جمالية؛ إذ سبق وعملت عارضة أزياء وانتخبت وصيفة ثالثة في مباراة ملكة جمال لبنان في عام 2007. عملت في مجالي الإعلام والتمثيل وتنقلت بين محطات تلفزيونية عدة، بينها «إل بي سي آي» و«الآن» الخليجية. ومن أعمالها التمثيلية الأخيرة «العودة» و«أولاد آدم» اللذان تابعهما المشاهد في موسم رمضان الفائت. فأي مهنة تفضلها على الأخرى؟ ترد في حديثها لـ«الشرق الأوسط»، «أقف على مسافة واحدة بينهما. فالإعلام هو مساحة واسعة بمثابة متنفس أعبّر فيه بحرية عن آرائي فأكون سيدة نفسي. أما التمثيل فهو يشبه جلسات علاج تتقمصين خلالها شخصيات مختلفة تعيشينها لفترة لتعودي وتذوبي في شخصية جديدة قد لا تشبهك أبداً. فهذا التعدد في الشخصيات يولّد لدى الممثل خبرات يترجمها قوة وصلابة في حياته. لم أدرس الإعلام ولا التمثيل، ولكن كثيرين غيري من الجيلين الجديد والقديم برعوا في مجال التمثيل لأنهم شغوفون به، وأنا منهم».
وعن عودتها إلى الشاشة الصغيرة كمقدمة تلفزيونية بعد غياب تقول «من الصعب إيجاد الفرص المناسبة في مجال التقديم. فبعد توقف برنامج حواري عملت فيه لمدة 6 سنوات متتالية على قناة (إل بي سي) الفضائية تملكني الحزن؛ إذ لم أجد العرض المناسب لاستبداله. مرت نحو 3 سنوات إلى أن جاءتني الفرصة لتقديم برنامج صباحي (صباح الخير) على قناة (الجديد). فوافقت سيما وأن كوكبة من الإعلاميين تتناوب على تقديمه مرة في الأسبوع، وأنا سعيدة بهذا المنبر الجديد الذي أطل منه كل خميس».
وتشير ساشا دحدوح إلى أن طموحاتها كثيرة على صعيد التقديم التلفزيوني، وتتمنى أن تقدم يوماً ما برنامجاً حوارياً من نوع آخر. «أحب استضافة وجوه معروفة وألقي الضوء على وجهها الإنساني وحكايتها منذ طفولتها حتى تحقيقها النجاح. فهذا النوع من البرامج من شأنه أن يبث الأمل في نفس المشاهد، ويشجعه على التمسك بأحلامه». وتتابع «عندما استضفت مؤخراً النائبة بولا يعقوبيان وعاش المشاهد معها تجربة يوم كامل وكيف تمضيه، نال نسبة مشاهدة عالية وتفاعلت الناس معها بشكل كبير. فالحوارات من هذا النوع تبتعد عن السطحية وتقدم محتوى شيقاً ومفيداً في آن».
لا تتابع حالياً ساشا دحدوح البرامج التلفزيونية على أنواعها، وتعلق «في ظل الأحوال المتردية التي نعيشها بالكاد نستطيع متابعة أخبار لبنان. ولكني دون شك معجبة بإعلاميين لبنانيين حققوا نجاحات على الصعيدين المحلي والعربي. ويلفتني طوني خليفة ومرسيل غانم، وكذلك رابعة الزيات فهم أصحاب تاريخ طويل وغني في مجال الإعلام ويتمتعون بقاعدة شعبية كبيرة».
وعن مشاركتها في مسلسل «العودة» وتقديمها دوراً طبع ذاكرة اللبنانيين رغم صغر مساحته، تقول «كبر الدور أو صغره لا يشكلان فارقاً لدى الممثل المقتنع بما يقوم به. أحياناً كثيرة نملّ من متابعة أحدهم في دور نجومي، ومرات أخرى يحفر في ذاكرتنا دور ممثل لم تستغرق إطلالته على الشاشة سوى دقائق قليلة، وهو ما حصل معي في مسلسل (العودة). ولعل مشهد وقوعي من طابق علوي ضمن جريمة خطط لها كي أبدو وكأني قمت بعملية انتحار، كان الأكثر تداولاً على وسائل التواصل الاجتماعي ولاقى صدى طيباً من قبل الناس. ورغم الثواني القليلة التي استغرقها، فإن هذا المشهد تطلب مني تحضيراً كبيراً. فأنا من الأشخاص الذين يخافون المرتفعات فلا يقفون عليها أو ينظرون إليها. وعندما طلب مني مخرج العمل إيلي السمعان أن أقوم بهذا المشهد ترددت بداية. ومن ثم استمتعت به إلى حدّ دفعني لتصويره أكثر من مرة. وشاء المخرج استخدام اللقطة الثانية من تجاربي لأنه اقتنع بها ووجدها طبيعية جداً».
وهل ساورك الخوف وأنت تقومين بهذا المشهد؟ ترد «بعد أن تأكدت بأن هناك متخصصين وخبراء حضّروا للمشهد كي أكون بأمان فأصل الأرض بسلام، تشجعت وأعدته مرتين لأنني في المرة الأولى أبقيت يدي مغلقة وكان المطلوب مني فتحها لتنزلق ورقة الوداع منها».
في مسلسل «أولاد آدم» قدمت ساشا دحدوح دوراً مغايراً عن الأول وجسدت فيه دور سلمى. «لقد أحببت هذا الدور كثيراً وتمنيت لو أخذ مساحة أكبر. فتعاطفت مع سلمى إلى آخر حدود. وعندما لمس كاتب النص رامي كوسا مدى تفاعلي مع الدور تمنى لو أنه كتبه بطريقة أطول».
وتؤكد الممثلة اللبنانية، أن الدراما اللبنانية اليوم تطورت وصارت تنقل أحداثاً واقعية. «حتى المخرجين باتوا يطلبون الطبيعية من الممثلة بدلاً من المبالغة في عمليات التجميل وحقن البوتوكس. فالمصداقية تكون على المحك عندما نقدم إطلالة لا تتناسب مع دور بسيط، وهو ما يأخذه اليوم المخرجون بعين الاعتبار».
وتختم ساشا دحدوح «أبحث اليوم عن أدوار لا تكون محددة بمساحة صغيرة؛ كي أستطيع التفاعل معها إلى أبعد حد. وأفكر في المستقبل القريب بتقديم أدوار تبرز موهبتي التمثيلية لأعطيها حقها على أكمل وجه».
ساشا دحدوح: أقف بين الإعلام والتمثيل على مسافة واحدة
انتقدت أوضاع لبنان الحالية فلامست ملايين المشاهدين
ساشا دحدوح: أقف بين الإعلام والتمثيل على مسافة واحدة
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة