إشارات متناقضة من روسيا حول «نواياها السورية» (تحليل إخباري)

بوتين خلال القمة الثلاثية التلفزيونية مع نظيريه التركي والإيراني (أ.ب))
بوتين خلال القمة الثلاثية التلفزيونية مع نظيريه التركي والإيراني (أ.ب))
TT

إشارات متناقضة من روسيا حول «نواياها السورية» (تحليل إخباري)

بوتين خلال القمة الثلاثية التلفزيونية مع نظيريه التركي والإيراني (أ.ب))
بوتين خلال القمة الثلاثية التلفزيونية مع نظيريه التركي والإيراني (أ.ب))

تأتي من روسيا إشارات متناقضة حول «نواياها السورية» في الأشهر الأخيرة من ولاية الرئيس الأميركي دونالد ترمب. بعضها يحمل استعجالاً في البحث عن حلول. وبعضها الآخر يدل إلى تشدد من موسكو وتفضيل شراء الوقت.
آخر إشارات التصعيد، كان إبلاغ روسيا مجلس الأمن الدولي أنها لم تعد تريد سوى نقطة دخول حدودية واحدة فقط للمساعدات الإنسانية التي تقدمها الأمم المتحدة للسكان في شمال غربي سوريا، ولمدة 6 أشهر حصراً.
آلية نقل المساعدات عبر الحدود مطبقة بقرار من مجلس الأمن منذ العام 2014. ولا تتطلب أي تفويض من جانب دمشق. في نهاية العام الماضي، ضغطت روسيا وخفّضت عدد النقاط من 4 إلى 2 لدفع الأمم المتحدة للتعامل مع الحكومة السورية. كما رفضت قبل أسابيع مطالبة أممية بفتح معبر اليعربية شمال شرقي سوريا مع العراق. والآن، قبل نهاية صلاحية القرار الدولي في 10 من الشهر الحالي، تريد موسكو الاكتفاء بنقطة حدودية واحدة مع تركيا ولـ6 أشهر، من دون الالتفات إلى نداء الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، أو التزام مضمون البيان الثلاثي لقمة «ضامني آستانة» بمشاركة الرئيس فلاديمير بوتين، أول من أمس، الذي تحدث عن ضرورة تسهيل المساعدات الإنسانية لكل السوريين دون تمييز.
هذه الخطوة قد تفسر أنها ردّ على «قانون قيصر» لتحويل دمشق إلى بوابة للمؤسسات الدولية. قبلها، انسحبت روسيا في 23 من الشهر الماضي، من ترتيب طوعي تقوده الأمم المتحدة لحماية المستشفيات وقوافل المساعدات الإنسانية من الاستهداف العسكري. جاء ذلك بعد تقرير أممي اتهم فيه دمشق وحلفاءها بقصف مراكز طبية في شمال غربي سوريا رغم إبلاغهم مسبقاً بمواقعها.
بعض رسائل التصعيد، جاء من منصة التكتل الثلاثي لـ«ضامني آستانة» لرؤساء روسيا وتركيا وإيران، أول من أمس. صحيح أن تركيا نجحت في إقناع طرفي مسار آستانة الآخرين، بحذف أي إشارة نقدية لـ«هيئة تحرير الشام» كما ورد في بيان القمة الثلاثية في سبتمبر (أيلول) الماضي، لكن البيان الجديد تحوّل إلى منصة لانتقادات مباشرة لحلفاء واشنطن عبر تأكيد رفض «أي أجندات انفصالية» و«إدارة ذاتية» شمال شرقي سوريا، في إشارة إلى الأكراد الذين تدعمهم واشنطن، إضافة إلى انتقاد سيطرتهم على النفط، بالتزامن مع «تحرشات» روسية ضد الأميركيين شرق الفرات. وإذ كرر البيان اعتراضاً على دعم واشنطن قرار ضم الجولان، تضمن رفضاً للغارات الإسرائيلية في سوريا التي تهدد سيادتها و«أمن واستقرار المنطقة»، إضافة إلى «رفض العقوبات أحادية الجانب» في إشارة إلى إجراءات واشنطن وبروكسل.
في المقابل، تهب إشارات تدل إلى احتمال اختبار روسيا إمكانات الحل في سوريا. بداية، منذ توقيع اتفاق موسكو بين الجانبين الروسي والتركي في 5 مارس (آذار) الماضي، هناك التزام بهدنة إدلب، وهناك مهلة لأنقرة لتنفيذ تعهداتها إزاء «الإرهابيين»، وبرود في تسيير الدوريات المشتركة على طريق حلب - اللاذقية. ومارست روسيا ضغوطاً على دمشق وطهران لتجنب معركة شاملة في إدلب. وسجل البيان الثلاثي، أول من أمس، جهود «هيئة تحرير الشام» ضد متشددي «حراس الدين».
يتزامن هذا، مع جهود روسية متكررة لمنع تصعيد عسكري في درعا، وشنّ «الفرقة الرابعة» في «الحرس الجمهوري» هجوما بريف المدينة بعد استهدافات لمواقع حكومية. كما تدخل الروس لضبط تصعيد في السويداء بعد مظاهرات واعتقالات، في وقت يجري الحديث عن تشكيل جيش من المعارضين جنوب سوريا.
عسكرياً أيضاً، لم تتدخل روسيا في الغارات الإسرائيلية التي طالت الأسبوع الماضي 4 محافظات سورية، بما فيها السويداء، لأول مرة منذ التفاهم الإقليمي الدولي حول الجنوب السوري في 2018.
ومن الإشارات اللينة، حديث مسؤولين روس لمرات عدة عن رغبتهم في الحوار مع الأميركيين حول سوريا، بعد حملة إعلامية في موسكو ضد دمشق ومسؤولين فيها، وبعد توسيع المسؤولين الروس مروحة لقاءاتهم مع الشخصيات المعارضة السورية، في ضوء تقديرات من خبراء غربيين أن موسكو تستعجل البحث عن حلّ سوري بسبب الأزمة الاقتصادية وتدهور سعر صرف الليرة السورية وفرض العقوبات الأميركية وانعكاسات أزمة لبنان والعقوبات على إيران.
عليه، السؤال... هل تريد وتستطيع موسكو عقد تفاهم مع واشنطن في الأشهر الأخيرة لإدارة ترمب، لأنها لا تستطيع انتظار سنة ونصف السنة إلى حين تثبت الإدارة الأميركية الجديدة، أم تقرر الانتظار وتبحث مع طهران سبل شراء الوقت في الأشهر الصعبة المقبلة؟



الحوثيون يتبنّون هجمات بالمسيّرات ضد أهداف إسرائيلية

صورة وزّعها الإعلام الحوثي تظهر صواريخ وطائرات من دون طيار (رويترز)
صورة وزّعها الإعلام الحوثي تظهر صواريخ وطائرات من دون طيار (رويترز)
TT

الحوثيون يتبنّون هجمات بالمسيّرات ضد أهداف إسرائيلية

صورة وزّعها الإعلام الحوثي تظهر صواريخ وطائرات من دون طيار (رويترز)
صورة وزّعها الإعلام الحوثي تظهر صواريخ وطائرات من دون طيار (رويترز)

تبنت الجماعة الحوثية المدعومة من إيران هجمات جديدة بالطائرات المسيّرة ضد أهداف إسرائيلية، الجمعة، إلى جانب تبنّى هجمات بالاشتراك مع فصائل عراقية موالية لطهران، دون أن يعلق الجيش الإسرائيلي على الفور بخصوص آثار هذه العمليات.

وتشن الجماعة المدعومة من إيران منذ أكثر من عام هجمات ضد السفن في البحر الأحمر وخليج عدن، فضلاً عن إطلاق الصواريخ والمسيّرات باتجاه إسرائيل تحت مزاعم نصرة الفلسطينيين في غزة.

صاروخ أطلقه الحوثيون باتجاه إسرائيل من نوع «فلسطين 2» (إعلام حوثي)

وخلال حشد حوثي في ميدان السبعين بصنعاء، الجمعة، ادعى المتحدث العسكري باسم الجماعة يحيى سريع أن قوات جماعته نفذت عمليتين عسكريتين استهدفت الأولى هدفاً عسكرياً في عسقلان، فيما استهدفت الثانية هدفاً في تل أبيب.

وزعم المتحدث الحوثي أن العمليتين تم تنفيذهما بطائرتين مسيّرتين تمكنتا من تجاوز المنظومات الاعتراضية والوصول إلى هدفيهما.

إلى ذلك، قال سريع إن قوات جماعته نفذت بالاشتراك مع ما وصفها بـ«المقاومة الإسلامية في العراق» عمليةً عسكريةً ضد أهداف حيوية جنوب إسرائيل، وذلك بعدد من الطائرات المسيّرة، زاعماً أن العملية حققت أهدافها بنجاح.

وتوعد المتحدث الحوثي بالاستمرار في تنفيذ الهجمات ضد إسرائيل حتى توقف الحرب على غزة ورفع الحصار عنها.

19 صاروخاً ومسيّرة

في أحدث خطبة لزعيم الجماعة عبد الملك الحوثي، الخميس، قال إن جماعته أطلقت باتجاه إسرائيل خلال أسبوع 19 صاروخاً باليستياً ومجنحاً وطائرة مسيّرة، زاعماً أنها استهدفت تل أبيب وأسدود وعسقلان.

كما ادعى الحوثي استهداف خمس سفن أميركية في خليج عدن، منها: بارجتان حربيتان، وهدد بالاستمرار في الهجمات، وقال إن جماعته نجحت في تدريب وتعبئة أكثر من 600 ألف شخص للقتال خلال أكثر من عام.

من آثار مسيّرة حوثية انفجرت في مبنى سكني في جنوب تل أبيب الاثنين الماضي (أ.ف.ب)

وتبنّى الحوثيون على امتداد أكثر من عام إطلاق مئات الصواريخ والطائرات المسيّرة باتجاه إسرائيل، لكن لم يكن لها أي تأثير هجومي، باستثناء مسيّرة قتلت شخصاً بعد انفجارها بشقة في تل أبيب يوم 19 يوليو (تموز) الماضي.

واستدعت هذه الهجمات من إسرائيل الرد في 20 يوليو الماضي، مستهدفة مستودعات للوقود في ميناء الحديدة، وهو ما أدى إلى مقتل 6 أشخاص، وإصابة نحو 80 آخرين.

وتكرّرت الضربات الإسرائيلية في 29 سبتمبر (أيلول) الماضي، ضد مستودعات للوقود في كل من الحديدة ورأس عيسى. كما استهدفت محطتي توليد كهرباء في الحديدة، بالإضافة إلى مطار المدينة الخارج عن الخدمة منذ سنوات. وأسفرت هذه الغارات عن مقتل 4 أشخاص، وإصابة نحو 30 شخصاً، وفق ما أقر به الحوثيون.

أحدث الهجمات

أعلن الجيش الإسرائيلي، الاثنين الماضي، أن طائرة مسيّرة، يعتقد أنها انطلقت من اليمن، أصابت مبنى في جنوب تل أبيب، وفق ما نقلته وسائل إعلام غربية.

وقالت القناة «13» الإسرائيلية: «ضربت طائرة مسيّرة الطابق الـ15 من مبنى سكني في يفنه، ولحق دمار كبير بشقتين»، مشيرة إلى وصول قوات كبيرة إلى المكان.

وأفاد الجيش الإسرائيلي بورود «تقارير عن سقوط هدف جوي مشبوه في منطقة مدينة يفنه. ولم يتم تفعيل أي تحذير». وقالت نجمة داود الحمراء إنه لم تقع إصابات.

وأشارت قوات الإطفاء والإنقاذ، التي وصلت إلى مكان الحادث، إلى وقوع أضرار جسيمة في شقتين. كما نقل موقع «0404» الإسرائيلي اليوم عن متحدث باسم الجيش الإسرائيلي قوله: «يبدو أن الطائرة المسيّرة التي أصابت مبنى في يفنه قد انطلقت من اليمن»، مشيراً إلى أنه يجري التحقيق في الحادث.

مدمرة أميركية في البحر الأحمر تطلق صاروخاً ضد أهداف حوثية (رويترز)

وعلى صعيد الهجمات البحرية، كانت القيادة المركزية الأميركية أعلنت في بيان، الثلاثاء، الماضي، أنّ سفينتين عسكريّتين أميركيّتين صدّتا هجوماً شنّه الحوثيون بواسطة طائرات من دون طيّار وصاروخ كروز، وذلك في أثناء حراستهما ثلاث سفن تجارية في خليج عدن.

وقال البيان إن «المدمّرتين أحبطتا هجمات شُنّت بطائرات من دون طيار وبصاروخ كروز مضاد للسفن، لتضمنا بذلك سلامتهما وأفرادهما، وكذلك سلامة السفن المدنية وأطقمها».

وأوضح البيان أنّ «المدمرتين كانتا ترافقان ثلاث سفن تجارية تابعة للولايات المتحدة»، مشيراً إلى عدم وقوع إصابات أو إلحاق أضرار بأيّ سفن.

يشار إلى أن الهجمات الحوثية في البحر الأحمر أدت منذ 19 نوفمبر (تشرين الثاني) 2023 إلى غرق سفينتين وقرصنة ثالثة، كما أدت إلى مقتل 3 بحارة وإصابة آخرين في هجوم ضد سفينة ليبيرية.

وفي حين تبنى زعيم الحوثيين مهاجمة أكثر من 211 سفينة منذ بدء التصعيد، كانت الولايات المتحدة ومعها بريطانيا في أربع مرات على الأقل، نفذت منذ 12 يناير (كانون الثاني) الماضي أكثر من 800 غارة على أهداف للجماعة أملاً في الحد من قدرتها على تنفيذ الهجمات البحرية.