إعادة اكتشاف كنوز «الصور الغنائية» في الإذاعة المصرية

عبر مشروع فني يسلّط الضوء على تراث أربعينات القرن الماضي

مشهد من «قسم وأرزاق» في معرض سينوغرافيا الصور الغنائية (الشرق الأوسط)
مشهد من «قسم وأرزاق» في معرض سينوغرافيا الصور الغنائية (الشرق الأوسط)
TT

إعادة اكتشاف كنوز «الصور الغنائية» في الإذاعة المصرية

مشهد من «قسم وأرزاق» في معرض سينوغرافيا الصور الغنائية (الشرق الأوسط)
مشهد من «قسم وأرزاق» في معرض سينوغرافيا الصور الغنائية (الشرق الأوسط)

تقديم الأغاني والموسيقى في سياق درامي شيق وطريف تحت عنوان «صور غنائية» كان من أهم الأفكار المبدعة التي قدمتها الإذاعة المصرية بنجاح مدوٍ في منتصف الأربعينات من القرن الماضي، وهي الفكرة ذاتها التي ألهمت الفنانة ريهام هلال، لتنفيذ مشروعها المسرحي المميز، الذي يحتضنه الآن قصر طوسون بالإسكندرية (شمال مصر) بعنوان: «سينوغرافيا الصور الغنائية الإذاعية».
ينطوي المشروع على رؤية فنية متكاملة لإعادة اكتشاف هذا التراث الإذاعي الزاخر بالقيم الجمالية والاجتماعية عبر تحويله إلى أعمال مرئية يمكن تقديمها لأول مرة على خشبة المسرح، ويتخذ ثلاثة من أشهر هذه الصور الغنائية نماذج قابلة للتنفيذ، وهي «قسم وأرزاق» و«عذراء الربيع» و«الدندورمة».
لم يكن هذا القالب الإذاعي بالنسبة للدكتورة ريهام هلال، المدرسة في قسم الديكور بكلية الفنون الجميلة، في جامعة الإسكندرية، مجرد حكايات اجتماعية تُقدم في شكل أغانٍ متنوعة يؤديها مجموعة من الفنانين، إنما هي «صاحبة البصمة الأقوى على الوجدان المصري والدور المؤثر في تشكيل وعيه طيلة عقود طويلة» وفق الفنانة التي تقول في حديثها لـ«الشرق الأوسط»: «كانت هذه الصور الغنائية من أجمل ما أنتجته الإذاعة المصرية في منتصف أربعينات القرن الماضي، فقد فتحت أمام المستمعين آفاقاً واسعة من الخيال، وصورت لهم واقع الحياة المصرية في أصدق صورها، كما احتفت بالعادات والطقوس المرتبطة بالمناسبات والأعياد المختلفة لتشكل دفتر أحوال الناس، وتمثل حافظة أصيلة للمفاهيم الصحيحة للسلوك الاجتماعي، والمبادئ والقيم الإنسانية الملهمة».
إلى ذلك تبرز أيضاً قيمتها الفنية المتفردة التي تجعلها باقية وقادرة على مخاطبة العصر عبر كلماتها وأفكارها الهادفة وموسيقاها وعناصرها الدرامية التي سبقت عصرها حينئذ، وقام بإبداعها كبار المؤلفين والشعراء والملحنين والمطربين في مصر، ومنهم العمالقة صلاح جاهين، وسيد مكاوي، ومرسي جميل عزيز ومحمود الشريف وكمال الطويل وإبراهيم رجب، وزكريا أحمد وعبد الفتاح مصطفى، وعبد الرحمن الأبنودي، وعبد العزيز محمود، وأحمد صدقي، وكارم محمود، ومحمود إسماعيل جاد.
تبدأ ريهام هلال مشروعها بإقامة معرض يضم نحو 50 عملاً فنياً يحمل تصميمات للديكور والمناظر المسرحية والشخوص والملابس التراثية، إضافة إلى الإضاءة والمعالجة الدرامية. بهدف إحياء هذه الكنوز وتقول: «أحاول توظيف التراث في قالب جديد، وتحويله من مواد مسموعة إلى أعمال مسرحية عبر تقديم رؤية حديثة ما يشبع إحساس الجمهور بالحنين أو النوستالجيا للروائع الإذاعية القديمة، ويقدم للأجيال الجديدة أعمالاً أصيلة تعيدهم إلى الجذور».
ربما قدمت بعض الصور الغنائية من قبل في لغة بصرية مثل «علي بابا والأربعين حرامي»، و«الدندورمة» تلفزيونياً، لكن هذا المشروع يعد الأول من نوعه في تقديم رؤية مسرحية متكاملة لها قابلية للتنفيذ على أرض الواقع، إلى حد أنه من ضمن خطوات المشروع انتقال الفنانة إلى بعض المسارح وتدوين مساحات القاعات وأبعاد خشبتها لتقدم مساقط أفقية وتصاميم ونماذج رقمية ثلاثية الأبعاد لها.
داخل قاعة المعرض الحالي الذي يضم جانباً أساسياً من مشروعها تلتقي بهذه الروائع على موسيقى وأنغام «الصور الإذاعية الدرامية» التي تعمدت الفنانة بث نسخ أصلية منها أثناء العرض، لتحيط المتلقي بأجوائها، فتبهرك حكاية «عذراء الربيع» عبر 21 مشهداً، وتعيش الحلم الذي مرت به بطلة العمل، ومن ثم تنتقل معها عبر اللوحات إلى حكايات أخرى مثيرة. وفي الصورة الإذاعية «قسم وأرزاق» برعت في تجسيد قيم الرضا والقناعة لدى مرزوق العتقي، وأبرزت بساطته وخفة دمه (وسلطانيته) المثقوبة التي يملأها بالفول من أجل إطعام أبنائه، مقابل طمع وحقد جاره الثري الذي يكرهه الجميع. ومن أهم ما يميز لوحات هذا العمل - نحو 19 لوحة - استدعاؤها عناصر قديمة من البيئة المصرية مثل الطبلية والزير، إلى جانب البساطة والتلخيص في الديكور بما يتوافق مع الهدف الذي ترمي إليه القصة.
وتعيدنا الفنانة في تناولها للصورة الإذاعية الثالثة (الدندورمة) إلى أجواء الشوارع والأزقة والحارات المصرية حيث كان يوجد بائع الدندورمة (نوع من المثلجات) بعربته الخشبية المزركشة ذات الألوان المبهجة التي تجذب أنظار الأطفال بينما يترامى إلى مسامعهم صوته وهو يصيح «دندورماااااا» فيهرولوا إليه؛ وتتميز المناظر المسرحية التي تطرحها ريهام هلال هنا، بالأجواء الفلكلورية الشعبية، وقطع الأثاث الصغيرة داخل غرفة زكية عبر 10 لوحات فنية.
وفي نهاية زيارة المعرض تشعر أنك قد تزودت بجرعة فنية تراثية مكثفة، بأسلوب فني مبسط وعصري، يؤكد أن هذه الصور الغنائية ما تزال قادرة على جذب الجمهور الحالي برغم مرور عقود عدة على إنتاجها، وربما ينجح المشروع بالفعل في دفع نجوم المسرح المصري في تنفيذه.



إشادة بانفتاح السعودية على تقديم الفن الراقي

نجوم حفل روائع الموجي في ضيافة المستشار تركي آل الشيخ «فيسبوك»
نجوم حفل روائع الموجي في ضيافة المستشار تركي آل الشيخ «فيسبوك»
TT

إشادة بانفتاح السعودية على تقديم الفن الراقي

نجوم حفل روائع الموجي في ضيافة المستشار تركي آل الشيخ «فيسبوك»
نجوم حفل روائع الموجي في ضيافة المستشار تركي آل الشيخ «فيسبوك»

شهدت الرياض وجدة فعاليات مسرحية وغنائية عقب انتهاء شهر رمضان، انطلقت مع عيد الفطر واستقطبت مشاركات مصرية لافتة، منها مسرحية «حتى لا يطير الدكان»، من بطولة الفنانَيْن أكرم حسني ودرة، في موسمها الثاني على مسرح «سيتي ووك جدة»؛ إلى عرض ستاند أب كوميدي «ذا إيليت» المقام على «مسرح محمد العلي» بالرياض، بينما شاركت الفنانة المصرية أنغام بحفلات «عيد القصيم»، والفنان عمرو دياب بحفلات «عيد جدة».
وتشهد العاصمة السعودية حفل «روائع الموجي»، الذي تحييه نخبة من نجوم الغناء، بينهم من مصر، أنغام وشيرين عبد الوهاب ومي فاروق، بالإضافة إلى نجوم الخليج ماجد المهندس وعبادي الجوهر وزينة عماد، مع صابر الرباعي ووائل جسار، بقيادة المايسترو وليد فايد وإشراف فني يحيى الموجي، ومشاركة الموسيقار رمزي يسى.
عن هذا الحفل، يعلّق الناقد الفني المصري طارق الشناوي لـ«الشرق الأوسط»: «نشجّع تكريس الكلمة الرائعة والنغم الأصيل، فحضور نجوم مصر في فعاليات المملكة العربية السعودية، يشكل حالة تكامل من الإبداع»، معرباً عن غبطته بمشهدية الزخم الفني، التي يواكبها في الرياض وجدة.
ووفق «جمعية المؤلفين والملحنين الرسمية» في مصر، ورصيد محمد الموجي، صاحب مقولة «أنا لا أعمل كالآلة تضع فيها شيئاً فتخرج لحناً؛ إنها مشاعر وأحاسيس تحتاج إلى وقت ليخرج اللحن إلى النور»، قد وصل إلى 1800 لحن، ليعلّق رئيسها مدحت العدل لـ«الشرق الأوسط» بالتأكيد على أنّ «الاحتفاء بالرموز الفنية من (الهيئة العامة للترفيه)، كاحتفالية الموجي، أمر غاية في الرقي ويدعو للفخر»، موجهاً التقدير للجميع في المملكة على النهضة الفنية الكبيرة.
واستكمالاً لسلسلة الفعاليات الفنية، فإنّ مدينة جدة على موعد مع حفلين للفنان تامر عاشور يومي 5 و6 مايو (أيار) الحالي، بجانب حفل الفنانَيْن محمد فؤاد وأحمد سعد نهاية الشهر عينه. وعن المشاركات المصرية في الفعاليات السعودية، يشير الناقد الموسيقي المصري محمد شميس، إلى أنّ «القائمين على مواسم المملكة المختلفة يحرصون طوال العام على تقديم وجبات فنية ممتعة ومتنوعة تلائم جميع الأذواق»، مؤكداً أنّ «ما يحدث عموماً في السعودية يفتح المجال بغزارة لحضور الفنانين والعازفين والفرق الموسيقية التي ترافق النجوم من مصر والعالم العربي». ويلفت شميس لـ«الشرق الأوسط» إلى أنّ «هذا التنوع من شأنه أيضاً إتاحة مجال أوسع للمبدعين العرب في مختلف الجوانب، التي تخصّ هذه الحفلات، وفرصة لاستقطاب الجمهور للاستمتاع بها بشكل مباشر أو عبر إذاعتها في القنوات الفضائية أو المنصات الإلكترونية»، معبّراً عن سعادته بـ«الحراك الفني الدائم، الذي تشهده المملكة، بخاصة في الفن والثقافة وتكريم الرموز الفنية والاحتفاء بهم».
وشهد «مسرح أبو بكر سالم» في الرياض قبيل رمضان، الحفل الغنائي «ليلة صوت مصر»، من تنظيم «الهيئة العامة للترفيه»، احتفالاً بأنغام، إلى تكريم الموسيقار المصري هاني شنودة في حفل بعنوان «ذكريات»، شارك في إحيائه عمرو دياب وأنغام، بحضور نخبة من نجوم مصر، كما أعلن منذ أيام عن إقامة حفل للفنانة شيرين عبد الوهاب بعنوان «صوت إحساس مصر».
مسرحياً، يستعد الفنان المصري أحمد عز لعرض مسرحيته «هادي فالنتين» في موسمها الثاني، ضمن فعاليات «تقويم جدة» على مسرح «سيتي ووك‬» بين 3 و6 مايو (أيار) الحالي. وعنه كان قد قال في حوار سابق مع «الشرق الأوسط»، إنّ «الحراك الثقافي الذي تشهده المملكة يفتح آفاقاً وفرصاً متنوعة للجميع لتقديم المزيد من الفن الراقي».