الاتحاد الأوروبي يجنح نحو الحذر في فتح حدوده الخارجية

إيطاليا والنمسا «تمرّدتا» على الاتفاق الأوروبي... وقطاع السياحة يستغيث

شرطي يراقب عبور مسافرين الحدود بين مقدونيا الشمالية واليونان أمس (إ.ب.أ)
شرطي يراقب عبور مسافرين الحدود بين مقدونيا الشمالية واليونان أمس (إ.ب.أ)
TT

الاتحاد الأوروبي يجنح نحو الحذر في فتح حدوده الخارجية

شرطي يراقب عبور مسافرين الحدود بين مقدونيا الشمالية واليونان أمس (إ.ب.أ)
شرطي يراقب عبور مسافرين الحدود بين مقدونيا الشمالية واليونان أمس (إ.ب.أ)

لم تمضِ سوى ساعات قليلة على الاتفاق الذي توصلت إليه الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي حول قائمة مشتركة بالبلدان التي يسمح لمواطنيها بالدخول إلى أوروبا اعتباراً من مطلع هذا الشهر، حتى بدأت تتفاعل الخلافات العميقة التي سادت أجواء المفاوضات التي دامت أسابيع، واستمرت حتى اللحظات الأخيرة من الرئاسة الدورية للاتحاد، التي تسلمتها ألمانيا أمس من كرواتيا.
أول المتمردين على الاتفاق الذي لا يعدو كونه توصية إلى الدول الأعضاء كانت إيطاليا، التي أعلنت في ساعة متأخرة من مساء الثلاثاء أنها لن تلتزم بنود الاتفاق، وستفرض حجراً صحياً لـ15 يوماً على كل الوافدين إليها من خارج الاتحاد الأوروبي، بمن فيهم مواطنو البلدان التي صنفها الاتفاق آمنة على الصعيد الوبائي. وينص قرار الحكومة الإيطالية على أن السماح للوافدين من خارج منطقة شينغن يقتصر على دواعي الدراسة والعمل والعناية الصحية وحالات الضرورة القصوى، وعلى إخضاع الوافدين للمراقبة الصحية. وقال وزير الصحة الإيطالي، روبرتو سبيرانزا، إن الهدف من هذه التدابير هو عدم التفريط بالتضحيات الكبيرة التي قدمها الإيطاليون خلال الأشهر الأربعة المنصرمة، خاصة أن بؤراً جديدة للوباء ظهرت في الأسابيع الأخيرة في عدد من المناطق التي كانت حتى الآن في منأى عن انتشار الوباء.
بدورها، أعلنت النمسا صباح الأربعاء أنها ستبقي حدودها مقفلة في وجه مواطني دول البلقان، التي أدرجها الاتحاد الأوروبي على قائمة البلدان الآمنة، وأنها قد تقرر فرض الحجر الصحي الإلزامي في الحالات التي تراها ضرورية مع تطور انتشار الوباء.
وتخوفت مصادر مطلعة في المفوضية الأوروبية من أن تكر سبحة الاستثناءات والتدابير الأحادية في الأيام المقبلة، ما قد يهدد مجدداً حرية التنقل داخل منطقة «شينغن»، وهو ما كانت تسعى المفوضية إلى تحاشيه من خلال الاتفاق حول قائمة مشتركة. وينص الاتفاق على أن تسمح الدول الأعضاء في الاتحاد بدخول مواطني الدول المدرجة على القائمة والمقيمين فيها، وأن تلتزم عدم اتخاذ تدابير أحادية تسمح بموجبها بدخول وافدين من بلدان ليست مدرجة على القائمة. لكن الاتفاق ينص أيضاً على جواز فرض بعض القيود والتدابير الصحية على دخول وافدين من الدول المختارة.
وتفيد مصادر المفوضية أن الاستطلاعات الأخيرة بيّنت وجود أغلبية كبيرة بين المواطنين الأوروبيين تؤيد التشدد والتدرج في فتح الحدود الخارجية بعد أن أوقع الوباء ما يزيد عن 150 ألف ضحية في بلدان الاتحاد. وقالت هذه المصادر إن الفتح الشامل للحدود الخارجية قد يتأخر حتى نهاية الصيف أو مطالع الخريف، ومن الأرجح أن يخضع لتدابير صحية جديدة عند الدخول والخروج. ويُستفاد من دراسة صدرت مؤخراً عن المجلس الأوروبي للعلاقات الخارجية أن تأييد الأوروبيين لتشديد الإجراءات على فتح الحدود لا يعني تراجعاً عن تأييد مبدأ حرية التنقل الذي يعتبر من أهم إنجازات المشروع الأوروبي، بل يعكس رغبة في مزيد من التنسيق بين الدول الأعضاء وتراجعاً في الثقة بالمؤسسات الأوروبية التي تعتبر غالبية الأوروبيين أنها لم تكن في مستوى متطلبات أخطر أزمة صحية واجهتها أوروبا منذ أكثر من 100 عام.
وتجدر الإشارة إلى أن أجهزة المفوضية الأوروبية بدأت مؤخراً بوضع تدابير صحية وأمنية لمناقشتها بين الدول الأعضاء، بهدف اعتمادها وتطبيقها عند الفتح الشامل للحدود الخارجية. وفي مطار فرانكفورت الألماني، الذي يعتبر الأكثر حركة في الاتحاد الأوروبي، باشرت السلطات الصحية منذ مطلع هذا الأسبوع بتشغيل مركز للفحوصات المخبرية السريعة يخضع له الوافدون والمغادرون لمعرفة ما إذا كانوا مصابين بـ«كوفيد - 19»، تحاشياً لإخضاعهم لتدابير الحجر الصحي الإلزامي. وبإمكان المركز في هذه المرحلة أن يجري 300 اختبار في الساعة، على أن تزيد قدرته 3 أضعاف اعتباراً من الأسبوع المقبل.
ويتوقع خبراء منظمة الصحة العالمية أن تصبح إجراءات قياس حرارة الجسد من السمات الثابتة في مطارات العالم إلى أن يتم القضاء نهائياً على الوباء، إضافة إلى إلزامية استخدام الكمامات، وما يمكن أن يظهر من تدابير جديدة في المستقبل. ويشدد خبراء المنظمة الدولية على أهمية التنسيق بين الدول عند تحديد التدابير وتطبيقها، منعاً للتضارب بينها وفقدان فعاليتها أو تعقيد إجراءات السفر التي ينتظر أن تزداد صعوبة في المرحلة المقبلة.
في غضون ذلك، عاد قطاع السياحة الأوروبي أمس ليطلق صرخة استغاثة أخرى بعد أن رُجحت كفة الاعتبارات الصحية على الاقتصادية عند إعداد القائمة المشتركة، التي بقيت خارجها البلدان الرئيسية المصدرة للسياح مثل الولايات المتحدة، والاتحاد الروسي، والمكسيك، والهند، والبرازيل. وتقدِر المفوضية الأوروبية أن قطاع السياحة الذي يعمل فيه أكثر من 13 مليون شخص سيكون الأكثر تضرراً جراء أزمة «كوفيد - 19»، وأن خسائره ستتراوح بين 171 مليار يورو في أفضل الحالات و285 مليار يورو، إذا عاد الوباء في موجة ثانية وقضى على موسم الخريف الذي يشكل ثلث الموسم السياحي السنوي في أوروبا.
وكانت اليونان التي يعتمد اقتصادها بنسبة 25 في المائة على السياحة قد شددت على ضرورة الإسراع في فتح الحدود، وكذلك فرنسا التي تعتبر الوجهة السياحية الأولى في العالم حيث يزورها أكثر من 90 مليون سائح سنوياً، إضافة إلى إيطاليا وإسبانيا والبرتغال التي تعول على القطاع السياحي للنهوض من الأزمة الاقتصادية الطاحنة. لكن الاعتبارات الصحية والمخاوف من انهيار اقتصادي شامل إذا عاد الوباء للانتشار في موجة ثانية، كما حذرت منظمة الصحة العالمية، رجّحت كفة الحذر والتريث في الفتح الشامل للحدود الخارجية.

سباق


مقالات ذات صلة

صحتك تعلمت البشرية من جائحة «كورونا» أن لا شيء يفوق أهميةً الصحتَين الجسدية والنفسية (رويترز)

بعد ظهوره بـ5 سنوات.. معلومات لا تعرفها عن «كوفيد 19»

قبل خمس سنوات، أصيبت مجموعة من الناس في مدينة ووهان الصينية، بفيروس لم يعرفه العالم من قبل.

آسيا رجل يرتدي كمامة ويركب دراجة في مقاطعة هوبي بوسط الصين (أ.ف.ب)

الصين ترفض ادعاءات «الصحة العالمية» بعدم التعاون لتوضيح أصل «كورونا»

رفضت الصين ادعاءات منظمة الصحة العالمية التي اتهمتها بعدم التعاون الكامل لتوضيح أصل فيروس «كورونا» بعد 5 سنوات من تفشي الوباء.

«الشرق الأوسط» (بكين)
آسيا رجل أمن بلباس واقٍ أمام مستشفى يستقبل الإصابات بـ«كورونا» في مدينة ووهان الصينية (أرشيفية - رويترز)

الصين: شاركنا القدر الأكبر من بيانات كوفيد-19 مع مختلف الدول

قالت الصين إنها شاركت القدر الأكبر من البيانات ونتائج الأبحاث الخاصة بكوفيد-19 مع مختلف الدول وأضافت أن العمل على تتبع أصول فيروس كورونا يجب أن يتم في دول أخرى

«الشرق الأوسط» (بكين)
الاقتصاد أعلام تحمل اسم شركة «بيونتيك» خارج مقرها بمدينة ماينتس الألمانية (د.ب.أ)

«بيونتيك» تتوصل إلى تسويتين بشأن حقوق ملكية لقاح «كوفيد»

قالت شركة «بيونتيك»، الجمعة، إنها عقدت اتفاقيتيْ تسوية منفصلتين مع معاهد الصحة الوطنية الأميركية وجامعة بنسلفانيا بشأن دفع رسوم حقوق ملكية للقاح «كوفيد».

«الشرق الأوسط» (نيويورك)

رئيس الوزراء الكندي جاستن ترودو قد يعلن استقالته هذا الأسبوع

رئيس الوزراء الكندي جاستن ترودو متحدثا أمام مؤتمر للحزب الليبرالي الوطني 16 ديسمبر الماضي (أرشيفية - رويترز)
رئيس الوزراء الكندي جاستن ترودو متحدثا أمام مؤتمر للحزب الليبرالي الوطني 16 ديسمبر الماضي (أرشيفية - رويترز)
TT

رئيس الوزراء الكندي جاستن ترودو قد يعلن استقالته هذا الأسبوع

رئيس الوزراء الكندي جاستن ترودو متحدثا أمام مؤتمر للحزب الليبرالي الوطني 16 ديسمبر الماضي (أرشيفية - رويترز)
رئيس الوزراء الكندي جاستن ترودو متحدثا أمام مؤتمر للحزب الليبرالي الوطني 16 ديسمبر الماضي (أرشيفية - رويترز)

أفادت صحيفة «غلوب آند ميل» الأحد أنه من المرجح أن يعلن رئيس الوزراء الكندي جاستن ترودو استقالته هذا الأسبوع، في ظل معارضة متزايدة له داخل حزبه الليبرالي.

ونقلت الصحيفة عن ثلاثة مصادر لم تسمها لكنها وصفتها بأنها مطلعة على شؤون الحزب الداخلية، أن إعلان ترودو قد يأتي في وقت مبكر الاثنين. كما رجحت الصحيفة وفقا لمصادرها أن يكون الإعلان أمام مؤتمر للحزب الليبرالي الوطني الأربعاء. وذكرت الصحيفة أنه في حال حدثت الاستقالة، لم يتضح ما إذا كان ترودو سيستمر في منصبه بشكل مؤقت ريثما يتمكن الحزب الليبرالي من اختيار قيادة جديدة.

ووصل ترودو إلى السلطة عام 2015 قبل ان يقود الليبراليين إلى انتصارين آخرين في انتخابات عامي 2019 و2021.

لكنه الآن يتخلف عن منافسه الرئيسي، المحافظ بيار بواليافر، بفارق 20 نقطة في استطلاعات الرأي.