عقيلة صالح ووزير خارجية اليونان يبحثان تفعيل «مبادرة القاهرة»

رئيس البرلمان الليبي (يمين) مع وزير خارجية اليونان (د.ب.أ)
رئيس البرلمان الليبي (يمين) مع وزير خارجية اليونان (د.ب.أ)
TT

عقيلة صالح ووزير خارجية اليونان يبحثان تفعيل «مبادرة القاهرة»

رئيس البرلمان الليبي (يمين) مع وزير خارجية اليونان (د.ب.أ)
رئيس البرلمان الليبي (يمين) مع وزير خارجية اليونان (د.ب.أ)

قام وزير الخارجية اليوناني نيكولاس دندياس، أمس، بزيارة إلى طبرق على رأس وفد رفيع لبحث تداعيات الأزمة الليبية والعلاقات بين البلدين، والتقى خلالها رئيس مجلس النواب الليبي، المستشار عقيلة صالح، في مقر إقامته بمدينة القبة، حيث تم إجراء محادثات ثنائية، وصفت بـ«البناءة».
ووفقاً للمستشار الإعلامي لرئيس مجلس النواب الليبي، حميد الصافي، فإن عقيلة صالح بحث خلال اللقاء، الذي حضره أيضاً وزير الخارجية والتعاون الدولي في الحكومة الليبية المؤقتة، عبد الهادي الحويج، العلاقات الثنائية بين البلدين، والأوضاع في ليبيا والمنطقة، وسبل إنهاء الأزمة الليبية.
كما بحث الجانبان مبادرة رئيس مجلس النواب الأخيرة بتشكيل مجلس رئاسي جديد، يتألف من رئيس ونائبين من أقاليم ليبيا التاريخية الثلاثة، في حين أعرب وزير الخارجية اليوناني عن ترحيبه بهذه المبادرة، ودعم بلاده لها ولأي حل سياسي للأزمة في ليبيا، كما جدد استنكار بلاده للغزو التركي، مؤكداً أن وجود قوى أجنبية وتدخل أجنبي في ليبيا «لا يؤدي إلى أي حل، ويتناقض مع القانون الدولي، ولا يخلق مستقبلاً أفضل للشعب الليبي».
وفي حين أعرب الوزير اليوناني عن اعتقاده الراسخ بوجود فرصة لإيجاد حل للأزمة بقيادة ليبية، بعد مغادرة جميع القوى الأجنبية الأراضي الليبية، وخاصة تركيا، أوضح صافي أن الوزير اليوناني أكد دفع بلاده باتجاه البدء الفعلي في تنفيذ مبادرة القاهرة، مشدداً على حق ليبيا في الدفاع عن نفسها ضد أي غزو يستهدف أرضها وسيادتها.
وأشار المسؤول الليبي إلى أن الموقف المبدئي لليونان في الخلاف مع تركيا، هو أن القانون الدولي وقانون البحار الدولي هما السبيل الوحيد لحل الخلافات وتحديد المناطق البحرية في البحر الأبيض المتوسط، منتقداً الاتفاق غير الدستوري الذي أبرمه فايز السراج، رئيس المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق، مع الرئيس التركي رجب طيب إردوغان بشأن ترسيم الحدود البحرية بين البلدين، بما يضر بمصالح ليبيا واليونان معاً.
وفي هذا السياق، ذكر وزير الخارجية اليوناني خلال لقائه برئيس مجلس النواب الليبي، أن هذا الاتفاق «باطل» لكونه لم يقره مجلس النواب، باعتباره السلطة التشريعية الوحيدة المعترف بها في ليبيا. كما تناول اللقاء، بحسب الصافي، عمق العلاقات التاريخية بين البلدين، وأهميتها في فتح مجالات أوسع بين ليبيا واليونان، مؤكداً أن اللقاء خلص إلى الاتفاق على فتح قنصلية لليونان في ليبيا.
بدوره، أوضح الحويج أن اللقاء شكل فرصة سانحة للتنسيق المشترك في مواجهة العدوان التركي، وفرصة للعمل على تسوية سياسية شاملة، وفقاً لإعلان القاهرة ومخرجات مؤتمر برلين.
وفي بيان صادر عن الخارجية اليونانية، فإن الوزير دندياس «أعرب عن سعادته بزيارة ليبيا، ولقاء رئيس المؤسسة الوحيدة المنتخبة على أرض الواقع في ليبيا، المستشار عقيلة صالح»، الذي سبق أن زار اليونان قبل أسابيع.
وأبرز البيان، أن الزيارة «أتاحت الفرصة للاتفاق سوياً على كيفية التعامل مع الأزمة الليبية، بناءً على مخرجات مؤتمر برلين، وأيضاً مبادرة الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي المهمة للغاية». كما تم الاتفاق مع صالح على أن «واقع الغد في ليبيا يكمن في إخراج جميع القوات الأجنبية، باعتبار ذلك شرطاً أساسياً للسلام والاستقرار».
في غضون ذلك، أكد البيان اليوناني أن تركيا تتحمل مسؤولية تاريخية عما يحدث في ليبيا حالياً، مبرزاً أن نقل المرتزقة من سوريا وانتهاك الحظر المفروض على الأسلحة يضعف الموقف التركي. كما أوضح البيان، أنه تمت مناقشة العلاقات الثنائية بين البلدين، وفتح قنصلية يونانية في بنغازي لتسهيل التجارة.
وتحدث أيضاً عن رغبة ليبيا في استبدال المنتجات التركية بمنتجات أخرى من أوروبا واليونان.
ووفقاً لمصادر دبلوماسية يونانية، فإن الزيارة تعد جزءاً من جهود أثينا المستمرة للمساهمة في الجهود المبذولة لوقف إطلاق النار، وإيجاد حل سياسي في ليبيا، وذلك في إطار استنتاجات مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة ومخرجات مؤتمر برلين.



أحياء منكوبة بلا مياه وكهرباء بسبب القصف الإسرائيلي في مدينة صور الساحلية

جانب من الدمار الذي طال المباني في مدينة صور الساحلية جنوب لبنان (رويترز)
جانب من الدمار الذي طال المباني في مدينة صور الساحلية جنوب لبنان (رويترز)
TT

أحياء منكوبة بلا مياه وكهرباء بسبب القصف الإسرائيلي في مدينة صور الساحلية

جانب من الدمار الذي طال المباني في مدينة صور الساحلية جنوب لبنان (رويترز)
جانب من الدمار الذي طال المباني في مدينة صور الساحلية جنوب لبنان (رويترز)

قرب ركام مبنى ما زال الدخان يتصاعد منه في مدينة صور، تحمل عائلة حقائب وتصعد على سلم مظلم إلى شقة خُلعت أبوابها ونوافذها، ولا يوجد فيها ماء ولا كهرباء، بعد أن استهدف القصف الإسرائيلي البنى التحتية والطرق، إضافة إلى الأبنية والمنازل.

في اليوم الثاني من سريان وقف إطلاق النار بين «حزب الله» وإسرائيل، كانت مئات العائلات صباح الخميس تتفقّد منازلها في أحياء استهدفتها الغارات الإسرائيلية، وحوّلتها إلى منطقة منكوبة.

لم تسلم سوى غرفة الجلوس في شقة عائلة نجدة. تقول ربّة المنزل دنيا نجدة (33 عاماً)، وهي أم لطفلين، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، بينما تقف على شرفتها المطلة على دمار واسع: «لم نتوقّع دماراً إلى هذا الحدّ. رأينا الصور لكن وجدنا الواقع مغايراً وصعباً».

وغطّى الزجاج أسرّة أطفالها وألعابهم، في حين تناثرت قطع من إطارات النوافذ الحديدية في كل مكان. وتضيف دنيا نجدة: «عندما وصلنا، وجدنا الدخان يتصاعد من المكان، وبالكاد استطعنا معاينة المنزل».

على الشرفة ذاتها، يقف والد زوجها سليمان نجدة (60 عاماً)، ويقول: «نشكو من انقطاع المياه والكهرباء... حتى المولدات الخاصة لا تعمل بعد انقطاع خطوط الشبكات».

ويقول الرجل، الذي يملك استراحة على شاطئ صور، الوجهة السياحية التي تجذب السكان والأجانب: «صور ولبنان لا يستحقان ما حصل... لكن الله سيعوضنا، وستعود المدينة أفضل مما كانت عليه».

وتعرّضت صور خلال الشهرين الماضيين لضربات عدّة؛ دمّرت أو ألحقت أضراراً بمئات الوحدات السكنية والبنى التحتية، وقطعت أوصال المدينة.

وأنذرت إسرائيل، خلال الأسابيع القليلة الماضية، مراراً سكان أحياء بأكملها بإخلائها، ما أثار الرعب وجعل المدينة تفرغ من قاطنيها، الذين كان عددهم يتجاوز 120 ألفاً.

لن يحصل بنقرة

خلال جولة في المدينة؛ حيث تعمل آليات على رفع الردم من الطرق الرئيسة، يحصي رئيس بلدية صور واتحاد بلدياتها، حسن دبوق لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «أكثر من 50 مبنى، مؤلفة من 3 إلى 12 طابقاً دُمّرت كلياً جراء الغارات الإسرائيلية»، غير تضرّر عشرات الأبنية في محيطها، بنسبة تصل إلى 60 في المائة. ويضيف: «يمكن القول إنه يكاد لم يبقَ أي منزل بمنأى عن الضرر».

وشهدت شوارع المدينة زحمة سير مع عودة المئات من السكان إلى أحيائهم، في حين أبقت المؤسسات والمحال التجارية والمطاعم أبوابها موصدة.

ويوضح دبوق: «يتفقّد السكان منازلهم خلال النهار، ثم يغادرون ليلاً بسبب انقطاع الماء عن أنحاء المدينة والكهرباء عن الأحياء التي تعرّضت لضربات إسرائيلية قاسية».

ويقول إن الأولوية اليوم «للإسراع في إعادة الخدمات إلى المدينة، وتأمين سُبل الحياة للمواطنين»، مقرّاً بأن ذلك «لن يحصل بنقرة، ويحتاج إلى تعاون» بين المؤسسات المعنية.

ويضيف: «من المهم أيضاً إزالة الردم لفتح الشوارع حتى يتمكّن الناس من العودة».

واستهدفت غارة إسرائيلية في 18 نوفمبر (تشرين الثاني) شركة مياه صور، ما أسفر عن تدميرها، ومقتل موظفيْن، وانقطاع المياه عن 30 ألف مشترك في المدينة ومحيطها، وفق ما قال رئيس مصلحة مياه صور وليد بركات.

ودمّرت الغارة مضخّات المياه وشبكة الأنابيب المتفرّعة منها، وفق ما شاهد مراسلو «وكالة الصحافة الفرنسية»، الخميس، في إطار جولة نظمها «حزب الله» للصحافيين في عدد من أحياء المدينة.

وتحتاج إعادة بنائها إلى فترة تتراوح بين 3 و6 أشهر، وفق بركات، الذي قال إن العمل جارٍ لتوفير خيار مؤقت يزوّد السكان العائدين بالمياه.

ويقول بركات: «لا صواريخ هنا، ولا منصات لإطلاقها، إنها منشأة عامة حيوية استهدفها العدوان الإسرائيلي».

قهر ومسكّنات

بحزن شديد، يعاين أنس مدللي (40 عاماً)، الخيّاط السوري المُقيم في صور منذ 10 سنوات، الأضرار التي لحقت بمنزله جراء استهداف مبنى مجاور قبل ساعة من بدء سريان وقف إطلاق النار. كانت أكوام من الركام تقفل مدخل المبنى الذي تقع فيه الشقة.

ويقول بأسى: «بكيت من القهر... منذ يوم أمس، وأنا أتناول المسكنات جراء الصدمة. أنظر إلى ألعاب أولادي والدمار وأبكي».

وغابت الزحمة، الخميس، عن سوق السمك في ميناء المدينة القديمة، الذي كان يعجّ بالزبائن قبل الحرب، بينما المراكب راسية في المكان منذ أكثر من شهرين، وينتظر الصيادون معجزة تعيدهم إلى البحر لتوفير قوتهم.

بين هؤلاء مهدي إسطنبولي (37 عاماً)، الذي يروي أنه ورفاقه لم يبحروا للصيد منذ أن حظر الجيش اللبناني في السابع من أكتوبر (تشرين الأول) حركة القوارب في المنطقة البحرية جنوب لبنان.

ويقول: «لم يسمح الجيش لنا بعد بالخروج إلى البحر حفاظاً على سلامتنا» باعتبار المنطقة «حدودية» مع إسرائيل.

ويقول إسطنبولي: «نراقب الوضع... وننتظر»، مضيفاً: «نحن خرجنا من أزمة، لكن الناس سيعانون الآن من أزمات نفسية» بعد توقف الحرب.

ويقول أب لأربعة أطفال: «أحياناً وأنا أجلس عند البحر، أسمع صوت الموج وأجفل... يتهيّأ لي أن الطيران يقصف. نعاني من الصدمة».