صور تعرض كنوز طرابلس... «المدينة التعددية»

ضمن سلسلة معارض «365 صورة فوتوغرافية»

أحد المنازل التاريخية المهملة
أحد المنازل التاريخية المهملة
TT

صور تعرض كنوز طرابلس... «المدينة التعددية»

أحد المنازل التاريخية المهملة
أحد المنازل التاريخية المهملة

لا تتذكر المصورة الفوتوغرافية هدى قساطلي متى بدأت تلتقط عدستها الصور لمدينة طرابلس. يعود ذلك إلى وقت طويل مضى، كانت فيه تعد مع الراحل سمير قصير كتاباً عن المدينة الشمالية التي لم يعتن بها كثر، وأرادا معاً، أن يعيدا لها الاعتبار، لكنّ حرباً نشبت في العراق، جعلت الاهتمام في مكان آخر وأجل المشروع، لا بل طوي نهائياً بعد رحيل قصر. ثم بدأت قساطلي مشروعاً آخر يعنى بالحرفيات مع الباحثة الأنثروبولوجية الطرابلسية مها كيال، ولم يشهد خواتيمه أيضاً. الصور تتراكم، وهدى قساطلي لا توفر فرصة إلّا وتذهب إلى طرابلس باحثة عن كنوزها. وهذه السنة يخصص لها غاليري «أليس مغبغب» في بيروت سنة تكريمة، تحت عنوان سلسلة معارض هدى قساطلي «365 صورة فوتوغرافية» حيث بدأ الغاليري يشهد معرضاً لها كل شهرين، مما يتيح للجمهور مشاهدة موضوع جديد لصورها على مدار السنة. بدأتها بمعرض عن اللاجئين، وآخر عن منطقة الدالية البحرية في بيروت، وها هو موعد طرابلس قد حان، ليأتي بعدها موضوع السجون، ودور مدينة بيروت.
بعض الصور في معرض طرابلس، التقطت حديثاً في فترة حجر كورونا، حيث كانت الفنانة تجوب أزقة المدينة باحثة عن أسرارها. لكن الصور التي تقرر عرضها على موقع الغاليري بسبب ضرورة التباعد والحجر، تنضوي تحت ثلاثة عناوين. الفن المعماري الذي لا بدّ أنّ قساطلي كان عليها أن تختار بين الجميل والأجمل، دون أن تعنى بالمرمم بل نحت أحياناً إلى تصوير المهمل والمتروك، مسلطة الضوء على ضرورة انتشال هذه الكنوز من قعر النسيان. أمّا المجموعة الثانية فقد عنيت بالحرفيات، التي تعتبر طرابلس، من دون أدنى شك، من أغنى دول المتوسط بها. ولا يزال المتجول بالأزقة بمقدوره رؤية الحرفيين يحفرون في الخشب لصناعة الموبيليا.
وهناك من لا يزال يصنع الأحذية باليد، وكذلك تنجيد فرش الصوف وإعادة بيعها، والطلب موجود عليها. وحدث ولا حرج، عما يمكن أن تكتشفه في الأزقة المملوكية التي تعتبر بالنسبة للمهتمين بالتاريخ متحفاً حياً، نادراً في زمننا لا يزال يعج بالحياة. وهذا هو ما يلفت الفنانة التي عنيت أيضاً بشق ثالث هو الحياة اليومية، لا سيما الأسواق، وطريقة العرض والبيع ومعاش الناس. وفي إحدى الصور نرى امرأة تبيع الملوخية بلباسها البسيط. والنسوة في السوق العتيق يعملن على بيع حشائش من أنواع عديدة يحضرنها في منازلهن ويأتين بها إلى السوق نظيفة ومنقّاة لبيعها لمن يريد. وترى بين ما ترى بائع الدجاج، وطريقة عرض المكسرات التقليدية.
رحلة في عمق طرابلس تأخذك إليها الصور التي يمكن لأي كان مشاهدتها على الموقع، وهذا من إيجابيات كورونا القليلة.
وترى قساطلي أن الحمامات والمدارس وغيرها، مما يعنى بها الناس، وصورها كثيرون قبلها ليس ما يلفتها بل ما لم يعط الاهتمام الكافي من قبل، لتنقله إلى مشاهد صورها طازجاً شهياً.
ومعلوم أن طرابلس كانت دائماً محطة للغزاة، مما صنع تعدديتها وغناها الأثري والتاريخي، وحتى في تركيبتها السكانية. فمن زمن الإغريق إلى العثمانيين، عرفت المدينة الرومان والفرس والصليبيين والمماليك. أطلق عليها الأوائل اسم تريبوليس، نظراً لأنها كانت عبارة عن ثلاث مدن. وقد تحوّلت المدينة على التوالي من مقاطعة رومانية، إلى عاصمة بيزنطية، ثمّ مرزبة فارسية، فناحية صليبية، ثم أصبحت مملوكيّة قبل أن تصير ولاية عثمانية.
وكل من حط في المدينة، ترك آثاره، ومبانيه، وأسواقه، ومعالمه، حتى لترى أن فيها ما يمكن أن يجعلك ترى قصة المنطقة بأكملها.
ومعلوم أن طرابلس لا تزال تعاني من حساسية موقعها الجغرافي، وهي من أكثر المدن التي غفلت عنها الدولة اللبنانية، بحيث تركت وأهملت، رغم أن الاهتمام بها، والترويج لمكامن ثرواتها، كان يمكن أن يدرّ مداخيل سياحية كبيرة.
لكن المدينة على عكس ذلك رغم بعض الترميم غير الموفق الذي طال معمارها القديم، عانت في فترة الانتداب، ومن ثم عند قيام لبنان الكبير، وفي فترة الحرب الأهلية بعد عام 1975، بسبب قربها الشديد من سوريا. وفي السلام لم تنل المدينة حصتها من الاستثمارات. وتقول قساطلي، إنّها ترى وهي تجوب في الأزقة وتدخل المنازل، فقراً مدقعاً لم تشاهده في أي مكان آخر. «لكنني لا أحب أن أصور هذا البؤس. ليس هذا ما يعنيني، بل النظر إلى ما هو مهمل ومدفون، ويستحق أن يتم إحياؤه والاهتمام فيه».
وتعتبر قساطلي أثناء حديثها لـ«الشرق الأوسط» أنّ هذا المعرض «ليس سوى بداية مشروعي عن طرابلس. فأنا لا أتوقف عن تصوير معالمها، تماماً كما أصور بيروت منذ ثلاثين سنة. وأكاد أجزم أن كل ما في جعبتي لا بد سيكون ذات يوم في كتاب عن هذه المدينة التي تستحق أن تزار وتصور، وتعرف».
ومن خلال 41 صورة فوتوغرافية التُقطت بين عامي 1990 و2020 تُعرض اليوم للمرّة الأولى، يفتح المعرض نافذة للتفكير والتأمّل حول ذاكرة تمتد في الزمن إلى الحاضر.
هدى قساطلي، مواليد 1960 بيروت. وهي حائزة على شهادة دكتوراه من جامعة نانتير، في فرنسا، ومختصه في الإثنولوجيا وعلم الاجتماع المقارن. كرست حياتها للبحث والتصوير.
يسهم تخصّصها في شحذ وصقل نظرتها إلى التراث المعماريّ، والتقاليد الاجتماعية، والبيئة، والحياة اليومية.
يستمر المعرض حتى نهاية شهر يوليو (تموز)، وبالإمكان مشاهدته على الموقع
ttps://alicemogabgabgallery.com/tripoli-of-the-orient-plural-city/



«البحر الأحمر السينمائي» يشارك في إطلاق «صنّاع كان»

يتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما
يتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما
TT

«البحر الأحمر السينمائي» يشارك في إطلاق «صنّاع كان»

يتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما
يتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما

في مسعى لتمكين جيل جديد من المحترفين، وإتاحة الفرصة لرسم مسارهم المهني ببراعة واحترافية؛ وعبر إحدى أكبر وأبرز أسواق ومنصات السينما في العالم، عقدت «معامل البحر الأحمر» التابعة لـ«مؤسسة مهرجان البحر الأحمر السينمائي» شراكة مع سوق الأفلام بـ«مهرجان كان»، للمشاركة في إطلاق الدورة الافتتاحية لبرنامج «صنّاع كان»، وتمكين عدد من المواهب السعودية في قطاع السينما، للاستفادة من فرصة ذهبية تتيحها المدينة الفرنسية ضمن مهرجانها الممتد من 16 إلى 27 مايو (أيار) الحالي.
في هذا السياق، اعتبر الرئيس التنفيذي لـ«مؤسسة مهرجان البحر الأحمر السينمائي» محمد التركي، أنّ الشراكة الثنائية تدخل في إطار «مواصلة دعم جيل من رواة القصص وتدريب المواهب السعودية في قطاع الفن السابع، ومدّ جسور للعلاقة المتينة بينهم وبين مجتمع الخبراء والكفاءات النوعية حول العالم»، معبّراً عن بهجته بتدشين هذه الشراكة مع سوق الأفلام بـ«مهرجان كان»؛ التي تعد من أكبر وأبرز أسواق السينما العالمية.
وأكّد التركي أنّ برنامج «صنّاع كان» يساهم في تحقيق أهداف «مهرجان البحر الأحمر السينمائي الدولي» ودعم جيل جديد من المواهب السعودية والاحتفاء بقدراتها وتسويقها خارجياً، وتعزيز وجود القطاع السينمائي السعودي ومساعيه في تسريع وإنضاج عملية التطوّر التي يضطلع بها صنّاع الأفلام في المملكة، مضيفاً: «فخور بحضور ثلاثة من صنّاع الأفلام السعوديين ضمن قائمة الاختيار في هذا البرنامج الذي يمثّل فرصة مثالية لهم للنمو والتعاون مع صانعي الأفلام وخبراء الصناعة من أنحاء العالم».
وفي البرنامج الذي يقام طوال ثلاثة أيام ضمن «سوق الأفلام»، وقع اختيار «صنّاع كان» على ثمانية مشاركين من العالم من بين أكثر من 250 طلباً من 65 دولة، فيما حصل ثلاثة مشاركين من صنّاع الأفلام في السعودية على فرصة الانخراط بهذا التجمّع الدولي، وجرى اختيارهم من بين محترفين شباب في صناعة السينما؛ بالإضافة إلى طلاب أو متدرّبين تقلّ أعمارهم عن 30 عاماً.
ووقع اختيار «معامل البحر الأحمر»، بوصفها منصة تستهدف دعم صانعي الأفلام في تحقيق رؤاهم وإتمام مشروعاتهم من المراحل الأولية وصولاً للإنتاج.
علي رغد باجبع وشهد أبو نامي ومروان الشافعي، من المواهب السعودية والعربية المقيمة في المملكة، لتحقيق الهدف من الشراكة وتمكين جيل جديد من المحترفين الباحثين عن تدريب شخصي يساعد في تنظيم مسارهم المهني، بدءاً من مرحلة مبكرة، مع تعزيز فرصهم في التواصل وتطوير مهاراتهم المهنية والتركيز خصوصاً على مرحلة البيع الدولي.
ويتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما عبر تعزيز التعاون الدولي وربط المشاركين بخبراء الصناعة المخضرمين ودفعهم إلى تحقيق الازدهار في عالم الصناعة السينمائية. وسيُتاح للمشاركين التفاعل الحي مع أصحاب التخصصّات المختلفة، من بيع الأفلام وإطلاقها وتوزيعها، علما بأن ذلك يشمل كل مراحل صناعة الفيلم، من الكتابة والتطوير إلى الإنتاج فالعرض النهائي للجمهور. كما يتناول البرنامج مختلف القضايا المؤثرة في الصناعة، بينها التنوع وصناعة الرأي العام والدعاية والاستدامة.
وبالتزامن مع «مهرجان كان»، يلتئم جميع المشاركين ضمن جلسة ثانية من «صنّاع كان» كجزء من برنامج «معامل البحر الأحمر» عبر الدورة الثالثة من «مهرجان البحر الأحمر السينمائي الدولي» في جدة، ضمن الفترة من 30 نوفمبر (تشرين الثاني) حتى 9 ديسمبر (كانون الأول) المقبلين في المدينة المذكورة، وستركز الدورة المنتظرة على مرحلة البيع الدولي، مع الاهتمام بشكل خاص بمنطقة الشرق الأوسط.