مصر تشكو «معاناتها المائية» بموازاة مناقشة مجلس الأمن نزاعها مع إثيوبيا

بطلب مصري... يبحث مجلس الأمن الدولي خلافات «سد النهضة» الذي تبنيه أديس أبابا على الرافد الرئيسي لنهر النيل (غيتي)
بطلب مصري... يبحث مجلس الأمن الدولي خلافات «سد النهضة» الذي تبنيه أديس أبابا على الرافد الرئيسي لنهر النيل (غيتي)
TT

مصر تشكو «معاناتها المائية» بموازاة مناقشة مجلس الأمن نزاعها مع إثيوبيا

بطلب مصري... يبحث مجلس الأمن الدولي خلافات «سد النهضة» الذي تبنيه أديس أبابا على الرافد الرئيسي لنهر النيل (غيتي)
بطلب مصري... يبحث مجلس الأمن الدولي خلافات «سد النهضة» الذي تبنيه أديس أبابا على الرافد الرئيسي لنهر النيل (غيتي)

شكت مصر أمس «معاناتها المائية»، بموازاة جلسة مجلس الأمن الدولي، لمناقشة نزاعها مع إثيوبيا بشأن «سد النهضة». وقال وزير الري المصري محمد عبد العاطي إن بلاده تعاني من فجوة في المياه تقارب 20 مليار متر مكعب، وإنها «ثاني دولة في العالم من حيث نسبة استخدام المياه المعالجة».
وبطلب مصري، يبحث مجلس الأمن الدولي، خلافات «سد النهضة»، الذي تبنيه أديس أبابا، على الرافد الرئيسي لنهر النيل، وتتحسب القاهرة لتأثيره على حصتها في المياه، التي تقدر بـ55.5 ميار متر مكعب، وتصفها مصر بـ«التاريخية». وفيما بدا تأكيداً على مضيها في تحركاتها الدولية، قال الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، في كلمته بمناسبة ذكرى «ثورة 30 يونيو»، أمس، إن أمن بلاده القومي «لا ينتهي عند حدود مصر السياسية، بل يمتد إلى كل نقطة ممكن أن توثر سلباً على حقوق مصر التاريخية». ودون الإشارة إلى نزاع السد الإثيوبي، نفى السيسي توجه بلاده نحو الاعتداء على أي دولة، مشيراً إلى أن مصر «تجنح للسلم... وأيديها ممدودة للجميع بالخير»، لكن في الوقت نفسه «تتخذ ما يلزم لحفظ أمنها القومي». ويجري بناء سد النهضة على بعد نحو 15 كيلومتراً من الحدود مع السودان. واكتمل بناؤه بأكثر من 70 في المائة، وتقول إثيوبيا إنها لا تستهدف الإضرار بمصالح مصر، وإن الهدف من بناء السد هو توليد الطاقة الكهربائية. ولم تسفر المفاوضات المتقطعة على ما يقرب من 10 سنين بين مصر وإثيوبيا والسودان عن اتفاق لتنظيم تشغيل إثيوبيا للسد وملء خزانه مع حماية إمدادات المياه الشحيحة في مصر من نهر النيل.
ويوم الجمعة الماضي، اتفق زعماء مصر وإثيوبيا والسودان، ورئيس جنوب أفريقيا سيريل رامابوسا، رئيس الاتحاد الأفريقي، على تشكيل لجنة لحل القضايا القانونية والفنية المعلقة، والتوصل إلى اتفاق في غضون أسبوعين، مع اضطلاع مجلس الأمن الدولي بالنتائج. وتُصر إثيوبيا على ملء خزان السد، كمرحلة أولى، في يوليو (تموز) المقبل، بنحو 5 مليارات متر مكعب، دون الاكتراث بالاعتراضات المصرية والسودانية. لكن ووفق بيان الاتحاد الأفريقي، «تعهد الأطراف الثلاثة بالامتناع عن الإدلاء بأي بيانات، أو اتخاذ أي إجراء من شأنه تعريض أو تعقيد العملية التي يقودها الاتحاد الأفريقي بهدف إيجاد حل مقبول لجميع المسائل المعلقة».
وقال محمد عبد العاطي وزير الموارد المائية المصري، خلال افتتاح عدد من المشروعات، بحضور الرئيس السيسي، أمس، إن «مصر تعتمد على نهر النيل في 97 في المائة من مواردها، ويرتكز سكانها على 5 في المائة فقط من مساحتها وباقي المساحات صحراء». ونوه بأن «الدولة المصرية لا تنتظر المشاكل لحلها بل تتنبأ بها وتواجهها وتعد لها»، مشيراً إلى أنه «لا يوجد دولة في أفريقيا تعيد استخدام المياه أكثر من مرة وتكون عالية الملوحة إلا مصر»، وأن «هناك فجوة في المياه لدى مصر تقارب 20 مليار متر مكعب»، لافتاً إلى أن «مصر ثاني دولة في العالم من حيث نسبة استخدام المياه المعالجة». وعرض وزير الموارد المائية برامج مواجهة العجز المائي، التي من خلالها تتم إعادة تدوير المياه وتحلية مياه البحر للوفاء بمتطلبات مياه الشرب للمناطق الساحلية والتنمية المستقبلية وحصاد الأمطار وتأهيل الترع وأعمال التبطين لرفع كفاءة نقل المياه وبرنامج الري الحديث لرفع كفاءة الري الحقلي في 6 ملايين فدان والحد من المحاصيل الشرهة باستهلاك المياه كالأرز والموز وقصب السكر. وقال إنه جارٍ «تنفيذ برنامج التحول إلى الري الحديث بالتعاون مع عدة وزارات». وفي كلمته، بمناسبة الذكرى السابعة لـ«ثورة 30 يونيو» في مصر، التي أطاحت بحكم جماعة «الإخوان المسلمين» عام 2013، قال الرئيس السيسي إن أمن بلاده القومي «يرتبط ارتباطاً وثيقاً بأمن محيطها الإقليمي فهو لا ينتهي عند حدود مصر السياسية، بل يمتد إلى كل نقطة ممكن أن توثر سلباً على حقوق مصر التاريخية».
وأضاف: «نعيش وسط منطقة شديدة الاضطراب، وأن التشابكات والتوازنات في المصالح الدولية والإقليمية في هذه المنطقة تجعل من الصعوبة أن تنعزل أي دولة داخل حدودها تنتظر ما يسوقه إليها الظروف المحيطة بها». وقبل نحو أسبوعين، هدد الرئيس المصري بتدخل عسكري في ليبيا، إذا استمر التوغل التركي في الأراضي الليبية، كما أشار إلى قدرة جيش بلاده للدفاع عن أمنها القومي في جميع الاتجاهات. وقال السيسي إن «استشراف مصر لحجم التحديات التي ربما تصل إلى تهديدات فعلية، تتطلب التصدي لها بكل حزم على نحو يحفظ لمصر وشعبها الأمن والاستقرار»، مؤكداً أنه «رغم امتلاك مصر قدرة شاملة ومؤثرة في محيطها الإقليمي، لكنها دائماً تجنح للسلم وأيديها ممدودة للجميع بالخير، لا تعتدي على أحد ولا تتدخل في شؤون أحد، لكنها في الوقت نفسه تتخذ ما يلزم لحفظ أمنها القومي، هذه هي سياسة مصر التي تتأسس على شرف في تعاملاتها دون التهاون في حقوقها».



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.