لبنان أمام تحدي إعادة فتح المطار واحتواء الوباء

عودة الطيران تبشّر بإنعاش الاقتصاد في البلاد

مطار رفيق الحريري في بيروت قبل اغلاقه بسبب «كورونا» (رويترز)
مطار رفيق الحريري في بيروت قبل اغلاقه بسبب «كورونا» (رويترز)
TT

لبنان أمام تحدي إعادة فتح المطار واحتواء الوباء

مطار رفيق الحريري في بيروت قبل اغلاقه بسبب «كورونا» (رويترز)
مطار رفيق الحريري في بيروت قبل اغلاقه بسبب «كورونا» (رويترز)

سيكون لبنان مع بداية شهر يوليو (تموز) المقبل أمام تحدٍّ جديد في مواجهة وباء «كورونا»، بعد إعادة فتح المطار أمام الرحلات وإن بنسبة أقل من المعتاد، وبالتالي احتمال تسجيل المزيد من الإصابات فيما يبقى التعويل الأساسي، إضافةً إلى الإجراءات المتخَذة في البلاد، على المسؤولية الفردية والمجتمعية لتفادي موجة ثانية من الوباء أو انزلاق الوضع إلى مرحلة خطرة.
ويأتي ذلك فيما أُعلن أمس عن 21 إصابة جديدة بالفيروس في لبنان وتسجيل حالة وفاة خلال الـ24 ساعة الأخيرة، ما رفع العدد التراكمي للحالات المثبتة إلى 1740.
ومع فتح المطار وتخفيف الإجراءات التي كانت قد وُضعت خلال رحلات إعادة المغتربين في الفترة السابقة، أهمها اقتصار فترة الحجر على ثلاثة أيام، بعدما كانت 14 يوماً، مع التشدد في ضرورة إجراء فحص الـpcr قبل السفر إلى بيروت أو عند وصول المسافرين، حسب توفّر وجودة الفحص في الدول القادمين منها.
وبهدف الحد من انتشار فيروس «كورونا» بين المسافرين في المطار، اتخذت المديرية العامة للطيران المدني وشركة طيران الشرق الأوسط تدابير استثنائية في مطار رفيق الحريري الدولي من أجل ضمان سلامة المسافرين من مخاطر انتقال الفيروس، بدءاً من الوصول والدخول إلى المطار، وعند مدخل المطار تم تركيب الكاميرات الحرارية الذكية لفحص درجة حرارة جميع الركاب من أجل السلامة، ولا يُسمح بالسفر للركاب الذين يعانون من عوارض فيروس «كورونا» أو ما يشابهه، ووضع إشارات على الأرض لاحترام التباعد الاجتماعي في المطار والتخفيف من التفاعل مع الناس طوال الرحلة.
ويقول مدير مطار رفيق الحريري، فادي الحسن لـ«الشرق الأوسط»: «إن المطار فُتح يوم الأربعاء الماضي للطائرات الخاصة وستبدأ الرحلات التجارية يوم الأربعاء في بداية شهر يونيو المقبل بنسبة 10% فقط من حركة الطيران السابقة بحيث إن عدد الرحلات اليومي سيقتصر على نحو عشرين رحلة يومياً، وبالتالي من المتوقع أن تحمل هذه الرحلات ألفي راكب يومياً».
ومع تأكيد الحسن أن الأسعار لا يُفترض أن تكون مرتفعة على خلاف الفترة التي تم فيها إجلاء المغتربين حيث كان معظم الطائرات يأتي بنصف عدد الركاب فيما اليوم سيتم الاكتفاء بضرورة وضع الكمامات، يبدو واضحاً أن تقليص عدد الرحلات انعكس على أسعار البطاقات، وهذا ما لمسه المغتربون اللبنانيون الذين بدأوا بحجز رحلاتهم إلى لبنان في الأسابيع المقبلة.
وأكد الحسن أن إدارة المطار قامت بكل الإجراءات المطلوبة وفق توصيات المنظمات الدولية لجهة التباعد الاجتماعي والإرشادات الصحية وتأمين المعقمات.
وعن المؤشرات التي بدأت تظهر عن وضع قدوم المسافرين إلى لبنان، يقول الحسن إن «عوامل عدة من الممكن أن تنعكس إيجاباً على لبنان في هذه المرحلة وتؤدي إلى قدوم عدد كبير من المسافرين، أهمها أن وضع لبنان جيد لجهة عدد الإصابات وواقع وباء (كورونا) على خلاف الدول الأوروبية التي اعتاد السياح العرب الذهاب إليها، وبالتالي قد يكون لبنان وجهتهم هذا العام، إضافةً إلى المغتربين الذين ينتظرون فتح المطار ليأتوا إلى بلدهم، وهذا كله نأمل أن ينعكس إيجاباً على الوضع الاقتصادي».
ورأى عضو اللجنة الطبية لمكافحة «كورونا»، الدكتور عبد الرحمن البزري أن فتح المطار بات ضرورة في هذه المرحلة خصوصاً أن بعض الجهات تراهن على حركة سياحية، سترتكز بلا شك على المغتربين لدعم الوضع الاقتصادي المتهالك. ويرى في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أن «لبنان اليوم مع إعادة فتح المطار سيكون أمام تحدي التوازن بين السياحة والحركة الاقتصادية من جهة والحفاظ على سلامة الصحة العامة من جهة أخرى، خصوصاً أننا مقبلون على فصل الخريف حيث من المفترض أن تعيد المدارس والجامعات فتح أبوابها».
من هنا يرى البزري أن المسؤولية الكبرى تقع على الأفراد الذين عليهم التقيد بالتعليمات والإجراءات الوقائية كي لا ندخل في مرحلة صعبة، ومع توقعه أن يسجّل زيادة في عدد الإصابات بعد فتح المطار يقول: «الجسم الطبي بات حاضراً بشكل أكبر على التعامل مع الموضوع إضافة إلى توفّر الفحوصات بنسبة جيدة، وهو ما قد يسهّل مهمة السيطرة على الوباء».
وعلى جميع القادمين إلى لبنان حيازة بوليصة تأمين صحية صالحة لمدة الإقامة، تغطي كل تكاليف العلاج من فيروس «كورونا» على الأراضي اللبنانية.
وضمن الإجراءات أيضاً، لا يُسمح للركاب المسافرين في الدرجة السياحية بالاحتفاظ بحقائب اليد في المقصورة، وبالتالي يطلب منهم تسجيلها وتسليمها ضمن حقائبهم المشحونة، مع التشدد في اتباع الإجراءات الوقائية من الكمامات ومعقمات الأيدي.


مقالات ذات صلة

متحور جديد لـ«كورونا» في مصر؟... نفي رسمي و«تخوف سوشيالي»

شمال افريقيا «الصحة» المصرية تنفي رصد أمراض فيروسية أو متحورات مستحدثة (أرشيفية - مديرية الصحة والسكان بالقليوبية)

متحور جديد لـ«كورونا» في مصر؟... نفي رسمي و«تخوف سوشيالي»

نفت وزارة الصحة المصرية رصد أي أمراض بكتيرية أو فيروسية أو متحورات مستحدثة مجهولة من فيروس «كورونا».

محمد عجم (القاهرة)
الولايات المتحدة​ أظهر المسح الجديد تراجعاً في عدد الأطفال الصغار المسجلين في الدور التعليمية ما قبل سن الالتحاق بالمدارس في أميركا من جراء إغلاق الكثير من المدارس في ذروة جائحة كورونا (متداولة)

مسح جديد يرصد تأثير جائحة «كورونا» على أسلوب حياة الأميركيين

أظهر مسح أميركي تراجع عدد الأجداد الذين يعيشون مع أحفادهم ويعتنون بهم، وانخفاض عدد الأطفال الصغار الذين يذهبون إلى الدور التعليمية في أميركا.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
شمال افريقيا الزحام من أسباب انتشار العدوى (تصوير: عبد الفتاح فرج)

مصر: تطمينات رسمية بشأن انتشار متحور جديد لـ«كورونا»

نفى الدكتور محمد عوض تاج الدين مستشار الرئيس المصري لشؤون الصحة والوقاية وجود أي دليل على انتشار متحور جديد من فيروس «كورونا» في مصر الآن.

أحمد حسن بلح (القاهرة)
العالم رجلان إندونيسيان كانا في السابق ضحايا لعصابات الاتجار بالبشر وأُجبرا على العمل محتالين في كمبوديا (أ.ف.ب)

الاتجار بالبشر يرتفع بشكل حاد عالمياً...وأكثر من ثُلث الضحايا أطفال

ذكر تقرير للأمم المتحدة -نُشر اليوم (الأربعاء)- أن الاتجار بالبشر ارتفع بشكل حاد، بسبب الصراعات والكوارث الناجمة عن المناخ والأزمات العالمية.

«الشرق الأوسط» (فيينا)

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».