مع اقتراب الموعد الذي حدده الاتحاد الأوروبي لفتح حدوده الخارجية مطلع الشهر المقبل وتعثّر المفاوضات الجارية بين الدول الأعضاء لوضع قائمة مشتركة بالدول التي يُسمح لمواطنيها بالدخول إلى بلدان الاتحاد، حذّرت منظمة الصحة العالمية من «مخاطر التسرّع في فتح الحدود الخارجية للدول وتخفيف تدابير المراقبة الصحية في المطارات»، التي يعدّها خبراء المنظمة المعبر الرئيسي لتمدد الوباء في العالم، خصوصاً أن «الحالات التي لا تظهر عليها أي عوارض يستحيل رصدها من غير فحص آنيّ، مهما كانت تدابير المراقبة الصحية صارمة».
تأتي هذه التصريحات لتعزّز مواقف الدول الأوروبية المتشددة في المفاوضات حول القائمة الموحّدة التي تصرّ عليها المفوضية الأوروبية لفتح حدود الاتحاد الخارجية، اعتباراً من يوم الأربعاء المقبل. وقد علمت «الشرق الأوسط» من مصادر دبلوماسية أن رئيسة المفوضية أورسولا فون دير لاين، دخلت شخصيّاً مساء السبت الماضي على خط المفاوضات، التي كادت تتحوّل إلى معركة سياسية، حيث من المفترض أن تقتصر على توحيد المعايير الصحية والفنّية التي تسمح بفتح حدود الاتحاد الخارجية أمام بلدان معيّنة. وبعد أن كان من المقرر إنجاز القائمة يوم الجمعة، قررت الرئاسة الكرواتية للاتحاد إمهال الدول الأعضاء حتى السبت لتذليل العقبات وحل الخلافات التي ظهرت في الشوط الأخير من المفاوضات، لكن التشدد في المواقف التي تنطلق من الروابط الاقتصادية والسياسية مع البلدان الثالثة دفع برئيسة المفوضية إلى التدخل لإنقاذ المفاوضات خشية أن يؤدي فشلها إلى عواقب وخيمة على صعيد تفشّي الوباء في موجة ثانية.
تجدر الإشارة إلى أن الاتحاد الأوروبي كان يسمح بدخول مواطني 67 دولة من غير تأشيرة و105 دول بتأشيرة قبل جائحة «كوفيد - 19»، لكن من المتوقع أن يتراجع العدد إلى ما لا يزيد على دزينة بعد فتح الحدود، على أن تجري مراجعة لقائمة البلدان المسموح لمواطنيها بالدخول كل 15 يوماً في ضوء التطورات الوبائية. وكانت الدول الأعضاء في الاتحاد قد توصّلت إلى اتفاق فجر أمس (الأحد)، حول المعيار الوبائي المشترك استناداً إلى توجيهات المركز الأوروبي لمكافحة الأوبئة، الذي شدّد أيضاً على ضرورة ربط هذا المعيار الإحصائي بقدرة النظم الصحية في البلدان وإجراءات الوقاية والتباعد خلال جميع مراحل السفر.
وأفادت مصادر دبلوماسية بأن المفاوضات وصلت بعد ذلك إلى طريق مسدود عندما بدأت دول، مثل اليونان وإيطاليا والبرتغال، تصرّ على فتح حدود الاتحاد أمام مواطني الولايات المتحدة والاتحاد الروسي، مقابل إصرار دول أخرى، مثل السويد والدنمارك، على إبقائها مقفلة في المرحلة الأولى بانتظار أن يتحسّن الوضع الوبائي في هذين البلدين. وذهب بعض البلدان إلى اعتبار فتح الحدود لاعتبارات سياسية أو اقتصادية بحتة من شأنه أن يشكّل «إهانة دبلوماسية للدول التي تبقى خارج اللائحة استناداً إلى المعايير الصحية والوبائية»، فضلاً عمّا قد ينجم عن ذلك من مخاطر على صعيد عودة الوباء في موجة ثانية. ويُذكر أن دول الاتحاد الأوروبي كانت قد منحت 4 ملايين تأشيرة دخول لمواطنين روس العام الماضي، فيما بلغ عدد الرحلات الجوية بين الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي 200 ألف، أي بمعدّل 550 رحلة يوميّاً تشكّل 20% من حركة الطيران المدني فوق المحيط الأطلسي.
لكن مصدراً مسؤولاً في المفوضية تحدّثت إليه «الشرق الأوسط»، قلّل من شأن إبقاء الحدود مقفلة لفترة أمام الولايات المتحدة التي تشكّل مع الاتحاد الأوروبي أكبر منطقة للتبادل التجاري في العالم، مذكّراً بأن «عدد المصابين بالوباء ما زال يرتفع باطراد في الولايات المتحدة، وأن نيويورك التي كانت الأكثر تضرراً من الوباء ستكون نقطة الانطلاق الرئيسية للرحلات الجوية نحو أوروبا عند فتح الحدود، فضلاً عن أن الإدارة الأميركية ما زالت تمنع دخول الأوروبيين إلى الولايات المتحدة».
كان المركز الأوروبي لمكافحة الأوبئة قد أفاد في تقريره الأخير بأن الوباء يتراجع في 29 من أصل 31 دولة أوروبية، أي باستثناء بولندا والسويد التي كانت الدولة الوحيدة التي سجّلت أكثر من ألف إصابة جديدة في الأيام الأخيرة المنصرمة. لكن حذّر خبراء المركز يوم الخميس الماضي من أن بؤراً جديدة بدأت تظهر في عدة بلدان، وليس مستبعداً أن تضطر السلطات الصحية فيها إلى فرض إجراءات جديدة للعزل القسري في بعض المناطق.
انقسام أوروبي حول فتح الحدود أمام الوافدين من الولايات المتحدة
انقسام أوروبي حول فتح الحدود أمام الوافدين من الولايات المتحدة
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة