الموت يغيِّب الناقدة المصرية نعمة الله حسين

ألّفت كتباً مميزة وشاركت في إدارة مهرجانات سينمائية

الناقدة المصرية نعمة الله حسين
الناقدة المصرية نعمة الله حسين
TT

الموت يغيِّب الناقدة المصرية نعمة الله حسين

الناقدة المصرية نعمة الله حسين
الناقدة المصرية نعمة الله حسين

غيّب الموت صباح أمس (الأحد)، الكاتبة والناقدة المصرية نعمة الله حسين، بعد صراع مع المرض، وشُيّعت جنازتها أمس في مقابر العائلة. ونعى الناقدة عدد كبير من زملائها وأصدقائها بمصر وبعض الدول العربية عبر حساباتهم الرسمية على مواقع التواصل الاجتماعي والمواقع الإخبارية.
ونعى الناقد الأمير أباظة، رئيس مهرجان الإسكندرية السينمائي، الناقدة الراحلة قائلاً: «فقدت الجمعية المصرية لكتاب ونقاد السينما، ومهرجان الإسكندرية السينمائي لدول البحر المتوسط، الصديقة العزيزة والناقد الكبيرة نعمة الله حسين».
وتنتمي الناقدة الراحلة إلى الجيل الثاني من نقاد السينما في مصر، وقد أوْلت اهتمامها بالسينما العالمية خصوصاً السينما الفرنسية، وأصدرت عدداً من الكتب المميزة في النقد السينمائي، كان آخرها كتاباً عن الفنانة المصرية الراحلة نادية لطفي لتكريمها في المهرجان القومي للسينما المصرية، وفق أباظة الذي أضاف عبر صفحته الشخصية بموقع «فيسبوك»: «شغلت حسين، منصب نائب رئيس تحرير مجلة (آخر ساعة) لسنوات طويلة ومثّلتها في العديد من المهرجانات السينمائية الدولية، كما كانت عضو المكتب الفني لمهرجان القاهرة السينمائي الدولي، ومستشاراً فنياً لعدد من المهرجانات العربية، من بينها مهرجان الإسكندرية السينمائي لدول البحر المتوسط، ومهرجان أيام السينما الجزائرية».
وكرّم مهرجان الإسكندرية السينمائي لدول البحر المتوسط في دورته الرابعة والثلاثين في شهر أكتوبر (تشرين الأول) من عام 2018 الناقدة الراحلة، وأصدر كتاباً عن مسيرتها النقدية قدمته الكاتبة السورية لمى طيارة.
ونعت جمعية المهرجان الدولي للفيلم الوثائقي بخريبكة، بالمملكة المغربية، الناقدة المصرية التي شاركت كعضو لجنة تحكيم في الدورة العاشرة من المهرجان سنة 2018.
وقالت الجمعية في بيان صحافي لها أمس، إن «الناقدة المصرية الراحلة تركت بصمتها النوعية في تلك الدورة، فهي ناقدة سينمائية، صادقة ومتعاونة، لا مكان في قلبها للأنانية... رحلت وفي قلبها حب للمغرب ولسينماه ولثقافته ولأهله». وقال الدكتور الحبيب ناصري، مدير المهرجان، لـ«الشرق الأوسط»: «كنا بصدد الإعداد لتكريمها في إحدى دورات المهرجان المقبلة، لأنها كانت نموذجاً متميزاً في احترام الوقت رغم تقدم سنها وظروفها الصحية، لكن القدر لم يمهلنا لذلك»، مؤكداً أن «المهرجان سيكرمها خلال الدورة المقبلة بما يليق بها وبمكانتها السينمائية».
كما نعى المخرج المصري يسرى نصر الله، الناقدة نعمة الله حسين، وكتب نصر الله، عبر حسابه على «فيسبوك»: «فقدنا الناقدة السينمائية الكبيرة نعمة الله حسين، صديقة عزيزة وإنسانة جميلة وبشوشة، لن أنسى ضحكتها الهادئة وروحها المليئة بالحب للسينما وللناس وللحق».



ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
TT

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)

ستيف بركات عازف بيانو كندي من أصل لبناني، ينتج ويغنّي ويلحّن. لفحه حنين للجذور جرّه إلى إصدار مقطوعة «أرض الأجداد» (Motherland) أخيراً. فهو اكتشف لبنان في وقت لاحق من حياته، وينسب حبّه له إلى «خيارات مدروسة وواعية» متجذرة في رحلته. من اكتسابه فهماً متيناً لهويته وتعبيره عن الامتنان لما منحه إياه الإرث من عمق يتردّد صداه كل يوم، تحاوره «الشرق الأوسط» في أصله الإنساني المنساب على النوتة، وما أضفاه إحساسه الدفين بالصلة مع أسلافه من فرادة فنية.
غرست عائلته في داخله مجموعة قيم غنية استقتها من جذورها، رغم أنه مولود في كندا: «شكلت هذه القيم جزءاً من حياتي منذ الطفولة، ولو لم أدركها بوعي في سنّ مبكرة. خلال زيارتي الأولى إلى لبنان في عام 2008. شعرتُ بلهفة الانتماء وبمدى ارتباطي بجذوري. عندها أدركتُ تماماً أنّ جوانب عدة من شخصيتي تأثرت بأصولي اللبنانية».
بين كوبنهاغن وسيول وبلغراد، وصولاً إلى قاعة «كارنيغي» الشهيرة في نيويورك التي قدّم فيها حفلاً للمرة الأولى، يخوض ستيف بركات جولة عالمية طوال العام الحالي، تشمل أيضاً إسبانيا والصين والبرتغال وكوريا الجنوبية واليابان... يتحدث عن «طبيعة الأداء الفردي (Solo) التي تتيح حرية التكيّف مع كل حفل موسيقي وتشكيله بخصوصية. فالجولات تفسح المجال للتواصل مع أشخاص من ثقافات متنوعة والغوص في حضارة البلدان المضيفة وتعلّم إدراك جوهرها، مما يؤثر في المقاربة الموسيقية والفلسفية لكل أمسية».
يتوقف عند ما يمثله العزف على آلات البيانو المختلفة في قاعات العالم من تحدٍ مثير: «أكرّس اهتماماً كبيراً لأن تلائم طريقة عزفي ضمانَ أفضل تجربة فنية ممكنة للجمهور. للقدرة على التكيّف والاستجابة ضمن البيئات المتنوّعة دور حيوي في إنشاء تجربة موسيقية خاصة لا تُنسى. إنني ممتنّ لخيار الجمهور حضور حفلاتي، وهذا امتياز حقيقي لكل فنان. فهم يمنحونني بعضاً من وقتهم الثمين رغم تعدّد ملاهي الحياة».
كيف يستعد ستيف بركات لحفلاته؟ هل يقسو عليه القلق ويصيبه التوتر بإرباك؟ يجيب: «أولويتي هي أن يشعر الحاضر باحتضان دافئ ضمن العالم الموسيقي الذي أقدّمه. أسعى إلى خلق جو تفاعلي بحيث لا يكون مجرد متفرج بل ضيف عزيز. بالإضافة إلى الجانب الموسيقي، أعمل بحرص على تنمية الشعور بالصداقة الحميمة بين الفنان والمتلقي. يستحق الناس أن يلمسوا إحساساً حقيقياً بالضيافة والاستقبال». ويعلّق أهمية على إدارة مستويات التوتّر لديه وضمان الحصول على قسط كافٍ من الراحة: «أراعي ضرورة أن أكون مستعداً تماماً ولائقاً بدنياً من أجل المسرح. في النهاية، الحفلات الموسيقية هي تجارب تتطلب مجهوداً جسدياً وعاطفياً لا تكتمل من دونه».
عزف أناشيد نالت مكانة، منها نشيد «اليونيسف» الذي أُطلق من محطة الفضاء الدولية عام 2009 ونال جائزة. ولأنه ملحّن، يتمسّك بالقوة الهائلة للموسيقى لغة عالمية تنقل الرسائل والقيم. لذا حظيت مسيرته بفرص إنشاء مشروعات موسيقية لعلامات تجارية ومؤسسات ومدن؛ ومعاينة تأثير الموسيقى في محاكاة الجمهور على مستوى عاطفي عميق. يصف تأليف نشيد «اليونيسف» بـ«النقطة البارزة في رحلتي»، ويتابع: «التجربة عزّزت رغبتي في التفاني والاستفادة من الموسيقى وسيلة للتواصل ومتابعة الطريق».
تبلغ شراكته مع «يونيفرسال ميوزيك مينا» أوجها بنجاحات وأرقام مشاهدة عالية. هل يؤمن بركات بأن النجاح وليد تربة صالحة مكوّنة من جميع عناصرها، وأنّ الفنان لا يحلّق وحده؟ برأيه: «يمتد جوهر الموسيقى إلى ما وراء الألحان والتناغم، ليكمن في القدرة على تكوين روابط. فالنغمات تمتلك طاقة مذهلة تقرّب الثقافات وتوحّد البشر». ويدرك أيضاً أنّ تنفيذ المشاريع والمشاركة فيها قد يكونان بمثابة وسيلة قوية لتعزيز الروابط السلمية بين الأفراد والدول: «فالثقة والاهتمام الحقيقي بمصالح الآخرين يشكلان أسس العلاقات الدائمة، كما يوفر الانخراط في مشاريع تعاونية خطوات نحو عالم أفضل يسود فيه الانسجام والتفاهم».
بحماسة أطفال عشية الأعياد، يكشف عن حضوره إلى المنطقة العربية خلال نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل: «يسعدني الوجود في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا كجزء من جولة (Néoréalité) العالمية. إنني في مرحلة وضع اللمسات الأخيرة على التفاصيل والتواريخ لنعلن عنها قريباً. تملؤني غبطة تقديم موسيقاي في هذا الحيّز النابض بالحياة والغني ثقافياً، وأتحرّق شوقاً لمشاركة شغفي وفني مع ناسه وإقامة روابط قوامها لغة الموسيقى العالمية».
منذ إطلاق ألبومه «أرض الأجداد»، وهو يراقب جمهوراً متنوعاً من الشرق الأوسط يتفاعل مع فنه. ومن ملاحظته تزايُد الاهتمام العربي بالبيانو وتعلّق المواهب به في رحلاتهم الموسيقية، يُراكم بركات إلهاماً يقوده نحو الامتنان لـ«إتاحة الفرصة لي للمساهمة في المشهد الموسيقي المزدهر في الشرق الأوسط وخارجه».
تشغله هالة الثقافات والتجارب، وهو يجلس أمام 88 مفتاحاً بالأبيض والأسود على المسارح: «إنها تولّد إحساساً بالعودة إلى الوطن، مما يوفر ألفة مريحة تسمح لي بتكثيف مشاعري والتواصل بعمق مع الموسيقى التي أهديها إلى العالم».