منذ انهيار أسعار برميل النفط مطلع عام 2020، تزامناً مع تفشي فيروس كورونا، واحتداد أرقام الإصابات به حول العالم، شهدت صناديق التحوط الألمانية حركة غير اعتيادية لمحاولة تنشيط أعمالها المضارباتية الدولية.
وفي الوقت الحاضر، يمر أكثر من 65 في المائة من أنشطة صناديق التحوط الأوروبية عبر بورصة فرانكفورت نظراً لموقع ألمانيا الاستراتيجي شمال أوروبا. ويعد صندوق النفط الأميركي، وهو بين أكبر صناديق الاستثمار الدولية المتداولة في النفط، من الوجهات المُفضلة لصناديق التحوط الألمانية، حيث يسعى إلى الحصول على نتائج استثمار تعكس التغيرات في سعر العقود الآجلة الخاصة بخام غرب تكساس الوسيط. يقول المحلل المالي الألماني يوناس ايكل إن صغار المستثمرين الألمان تكبدوا خسائر مالية فادحة بسبب أزمة كورونا، حيث جمدت معظم صناديق التحوط الألمانية أنشطتها جراء انهيار أسعار النفط، مضيفاً أن كبار المستثمرين الألمان، من أفراد ومؤسسات، اختاروا الابتعاد مؤقتاً عن الأسواق النفطية التي ما زالت تعاني من شح في السيولة المالية، وتقلبات بدأت حدتها تتراجع مع انكماش كورونا.
ويؤكد أن كثيراً من المصارف الألمانية انسحبت بصورة شبه كلية من تجارة النفط العالمية والمواد الأولية الأخرى، مستطرداً: «بما أن هذه التجارة تعلقت ببيع باقة من المنتجات المصرفية المُركبة، دفع المستثمرون الألمان الصغار ثمن شللها في الشهور الخمسة الأولى من عام 2020... تقدر هذه الخسائر بنحو 1.3 مليار يورو».
وقال ايكل: «تراهن صناديق التحوط الألمانية، اليوم، على ارتفاع تدريجي لأسعار النفط... منذ 21 أبريل (نيسان) هذا العام، رفعت هذه الصناديق درجة انكشافها على التجارة النفطية من 15 إلى 28 في المائة، على أمل أن تحصد الأرباح حتى نهاية عام 2020». وفي هذا الصدد، تقول الخبيرة الألمانية المصرفية كسينيا شميت إن استعادة صناديق التحوط الألمانية أنشطتها لا تعني بالضرورة تمكنها من جني أرباح سوقية بالمليارات، كما فعلت في السابق، مضيفة أن معالم التجارة العالمية انقلبت رأساً على عقب، بيد أن انتعاش الأسواق النفطية أمر محتمل وغير بعيد المنال.
وزادت شميت: «من المفترض أن يرتفع حجم طلبات شراء السلع النفطية من الأسواق الدولية تدريجياً بعد أن تقلص أكثر من 30 في المائة خلال فترة الحجر الصحي التي فرضته دول العالم بسبب فيروس كورونا».
وتضيف أن نحو 90 في المائة من صناديق التحوط الألمانية تراهن على مسار أوضاع النفط الأميركي، مبينة أنها، علاوة على ذلك، تحاول التجارة بالعقود الآجلة المتداولة في مؤشر «آي سي إي» للدولار الأميركي، الذي يُعد بحد ذاته سوقاً أصغر حجماً بقليل، مقارنة مع مؤشر «نايمكس» لعقود خام النفط الخفيف الآجلة، في حين لا يتطلب مؤشر «آي سي إي»، على عكس مؤشر «نايمكس»، التسليم الفعلي للسلع التي يتم التداول بها داخله، وهو ما يعطي حرية التحرك لصناديق التحوط الألمانية في الأسواق النفطية الأميركية.
وأبانت شميت: «ستحاول صناديق التحوط الألمانية تنويع استثماراتها، بعدما ركزت لأعوام عدة على مناطق جغرافية وخدمات وسلع أولية محددة. كما أن خطواتها المقبلة ستعول أيضاً على التغيرات الجيوسياسية التي ستطرأ على العالم»، مضيفة: «أما بالنسبة للمهندسين الماليين، فسيسعون لتنظيم وتفعيل خطط الاستثمارات الألمانية الخارجية التي تديرها صناديق التحوط، إذ إن أي خطة لا تتضمن أرباحاً بنسبة 8 إلى 10 في المائة على رأس المال لا جدوى منها».
وبصرف النظر عن أوضاع الأسواق النفطية الأميركية في موسم الصيف المقبل، فإن صناديق التحوط الألمانية ستهتم، وفق شميت، بجمع نحو 45 مليار يورو تُخصص للقيام بمضاربات في البورصات العالمية التي بلغ حجمها في عام 2019 قرابة 359 مليار يورو.
صناديق التحوط الألمانية تنشط مع «انكماش» الوباء
تتجاذبها التداولات النفطية والمضاربات في الأوراق المالية
صناديق التحوط الألمانية تنشط مع «انكماش» الوباء
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة