السيسي: المياه قضية وجودية ونرفض الإجراءات الأحادية

إثيوبيا تؤكد اعتزامها ملء بحيرة «سد النهضة» حتى «من دون اتفاق»

TT

السيسي: المياه قضية وجودية ونرفض الإجراءات الأحادية

في وقت قال فيه الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي إن «مياه النيل (قضية وجودية) للمصريين»، مؤكداً «ضرورة بلورة اتفاق شامل بين الأطراف المعنية كافة حول قواعد ملء وتشغيل (سد النهضة)»، ومجدداً رفضه لـ«الإجراءات المنفردة أحادية الجانب التي من شأنها إلحاق الضرر بحقوق مصر في مياه النيل»، شدد وزير خارجية إثيوبيا، جيدو أندارجاشيو، أمس، على أن «بلاده ستبدأ خلال الشهور المقبلة في ملء بحيرة السد، حتى لو لم يكن هناك اتفاق بين الدول الثلاث، مصر وإثيوبيا والسودان»، ولكنه في الوقت نفسه أعرب عن «أمل بلاده في التوصل لاتفاق مع مصر والسودان».
ويأتي هذا في وقت «أعلنت فيه الرئاسة الفرنسية عن قيام مجلس الأمن بالنظر في موضوع (سد النهضة)، في جلسة مفتوحة تعقد خصيصاً لهذا الغرض بعد غد (الاثنين)، بمشاركة الدول الثلاث، مصر والسودان وإثيوبيا»، وذلك بحسب وكالة أنباء «الشرق الأوسط» الرسمية في مصر، أمس.
وأحالت القاهرة قضية «سد النهضة» إلى مجلس الأمن، بعد أن فشلت المحادثات الثلاثية بين مصر وإثيوبيا والسودان مرة أخرى، منتصف يونيو (حزيران) الحالي، في التوصل لاتفاق بشأن قواعد ملء وتشغيل السد الذي تبلغ تكلفته 4 مليارات دولار، ويتم بناؤه قرب حدود إثيوبيا مع السودان. وتُصر إثيوبيا على ملء خزان السد، في مرحلة أولى، في يوليو (تموز) المقبل، بنحو 5 مليارات متر مكعب، دون الاكتراث بالاعتراضات المصرية والسودانية.
وناقش الرئيس المصري قضية «سد النهضة» مع نظيره الجنوب أفريقي سيريل رامافوزا، خلال مكالمة هاتفية الليلة قبل الماضية. وقال المتحدث باسم الرئاسة المصرية، بسام راضي، إن «الرئيس السيسي تلقى اتصالاً هاتفياً من رئيس جنوب أفريقيا، تناول بالأساس تطورات ملف (سد النهضة)، خاصة في ضوء طلب مصر من مجلس الأمن الدولي التدخل من أجل التوصل إلى اتفاق عادل ومتوازن يراعي مصالح الأطراف كافة». وبحسب بيان الرئاسة «فقد أكد الرئيس المصري على محددات وثوابت موقف القاهرة في هذا الإطار، من منطلق ما تمثله مياه النيل من (قضية وجودية) لشعب مصر».
وأعرب رامافوزا، وفقاً للبيان الرئاسي، عن «التطلع لتكثيف التنسيق بين البلدين خلال الفترة المقبلة بشأن هذه القضية الحساسة والحيوية»، مشيداً بـ«الإرادة السياسية الصادقة والبناءة التي تبديها مصر دوماً للوصول إلى حل لأزمة (سد النهضة)»، فيما ساد الترقب حتى ساعة متأخرة من مساء أمس لما سوف يسفر عنه الاجتماع الطارئ لمكتب «الاتحاد الأفريقي» على مستوى القمة مع الأطراف الثلاثة للقضية، مصر وإثيوبيا والسودان، عبر «الفيديو كونفرانس».
وأعلنت مصر، في وقت سابق، التقدم بطلب إلى مجلس الأمن بالأمم المتحدة حول السد، تدعو فيه المجلس إلى «التدخل من أجل تأكيد أهمية مواصلة الدول الثلاث التفاوض بـ(حسن نية)، تنفيذاً لالتزاماتها، وفق قواعد القانون الدولي، من أجل التوصل إلى حل عادل ومتوازن لقضية السد».
وقالت مصادر دبلوماسية مطلعة إن «الرئاسة الفرنسية قررت، من خلال رئاستها لمجلس الأمن خلال يونيو الحالي، قيام مجلس الأمن بالنظر في موضوع السد بمشاركة الدول الثلاث»، لافتة إلى أن «هذه الخطوة تعكس اقتناع مجلس الأمن بالموضوعات الخاصة بحفظ السلم والأمن الدوليين». وتُصر إثيوبيا على ملء خزان السد، في مرحلة أولى، في يوليو (تموز) المقبل، بنحو 5 مليارات متر مكعب، دون الاكتراث بالاعتراضات المصرية والسودانية. وأكد وزير خارجية الإثيوبي، أمس، بحسب وكالة «الأنباء الألمانية» أن «بلاده تعتزم البدء في ملء بحيرة (سد النهضة) حتى دون التوصل لاتفاق مع مصر والسودان بهذا الشأن»، مضيفاً أن «(إصرار) مصر على التحكم في تدفق المياه (صعب)».
وسبق أن أكد وزير الري والموارد المائية في السودان، ياسر عباس «جاهزية السودان للمشاركة في جلسة مجلس الأمن، وتوضيح مواقفه، والدفاع عن مصالح السودان، إلى جانب تقديم مقترحات وحلول منصفة متوازنة تراعي مصالح الأطراف الثلاثة على أساس المبادرة التي كان قد تقدم بها رئيس مجلس الوزراء السوداني، الدكتور عبد الله حمدوك، باستئناف المفاوضات، والبناء على ما تم إحرازه من تقدم»، موضحاً أن «العودة لمائدة المفاوضات هي المخرج الوحيد»، مشيراً إلى أن «السودان لا يقبل أن تبدأ إثيوبيا في ملء السد دون اتفاق»، فيما اعتبر الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، خلال مؤتمر صحافي الليلة قبل الماضية، أن «المخرج الوحيد في وضع كهذا (أي أزمة سد النهضة) يكون من خلال الحوار بين الأطراف».



3.5 مليون يمني من دون مستندات هوية وطنية

المهمشون في اليمن يعيشون على هامش المدن والحياة الاقتصادية والسياسية منذ عقود (إعلام محلي)
المهمشون في اليمن يعيشون على هامش المدن والحياة الاقتصادية والسياسية منذ عقود (إعلام محلي)
TT

3.5 مليون يمني من دون مستندات هوية وطنية

المهمشون في اليمن يعيشون على هامش المدن والحياة الاقتصادية والسياسية منذ عقود (إعلام محلي)
المهمشون في اليمن يعيشون على هامش المدن والحياة الاقتصادية والسياسية منذ عقود (إعلام محلي)

على الرغم من مرور ستة عقود على قيام النظام الجمهوري في اليمن، وإنهاء نظام حكم الإمامة الذي كان يقوم على التمايز الطبقي، فإن نحو 3.5 مليون شخص من المهمشين لا يزالون من دون مستندات هوية وطنية حتى اليوم، وفق ما أفاد به تقرير دولي.

يأتي هذا فيما كشف برنامج الأغذية العالمي أنه طلب أكبر تمويل لعملياته الإنسانية في اليمن خلال العام المقبل من بين 86 دولة تواجه انعدام الأمن الغذائي.

لا يزال اليمن من أسوأ البلاد التي تواجه الأزمات الإنسانية في العالم (إعلام محلي)

وذكر المجلس النرويجي للاجئين في تقرير حديث أن عناصر المجتمع المهمش في اليمن يشكلون 10 في المائة من السكان (نحو 3.5 مليون شخص)، وأنه رغم أن لهم جذوراً تاريخية في البلاد، لكن معظمهم يفتقرون إلى أي شكل من أشكال الهوية القانونية أو إثبات جنسيتهم الوطنية، مع أنهم عاشوا في اليمن لأجيال عدة.

ويؤكد المجلس النرويجي أنه ومن دون الوثائق الأساسية، يُحرم هؤلاء من الوصول إلى الخدمات الأساسية، بما في ذلك الصحة، والتعليم، والمساعدات الحكومية، والمساعدات الإنسانية. ويواجهون تحديات في التحرك بحرية عبر نقاط التفتيش، ولا يمكنهم ممارسة الحقوق المدنية الأخرى، بما في ذلك تسجيل أعمالهم، وشراء وبيع وتأجير الممتلكات، والوصول إلى الأنظمة المالية والحوالات.

ووفق هذه البيانات، فقد أفاد 78 في المائة من المهمشين الذين شملهم استطلاع أجراه المجلس النرويجي للاجئين بأنهم لا يمتلكون بطاقة هوية وطنية، في حين يفتقر 42 في المائة من أطفال المهمشين إلى شهادة ميلاد.

ويصف المجلس الافتقار إلى المعلومات، وتكلفة الوثائق، والتمييز الاجتماعي بأنها العقبات الرئيسة التي تواجه هذه الفئة الاجتماعية، رغم عدم وجود أي قوانين تمييزية ضدهم أو معارضة الحكومة لدمجهم في المجتمع.

وقال إنه يدعم «الحصول على الهوية القانونية والوثائق المدنية بين المهمشين» في اليمن، بما يمكنهم من الحصول على أوراق الهوية، والحد من مخاطر الحماية، والمطالبة بفرص حياة مهمة في البلاد.

أكبر تمويل

طلبت الأمم المتحدة أعلى تمويل لعملياتها الإنسانية للعام المقبل لتغطية الاحتياجات الإنسانية لأكثر من 17 مليون شخص في اليمن يواجهون انعدام الأمن الغذائي الحاد، بمبلغ قدره مليار ونصف المليار دولار.

وأفاد برنامج الأغذية العالمي في أحدث تقرير له بأن التمويل المطلوب لليمن هو الأعلى على الإطلاق من بين 86 بلداً حول العالم، كما يُعادل نحو 31 في المائة من إجمالي المبلغ المطلوب لعمليات برنامج الغذاء العالمي في 15 بلداً ضمن منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا وشرق أوروبا، والبالغ 4.9 مليار دولار، خلال العام المقبل.

الحوثيون تسببوا في نزوح 4.5 مليون يمني (إعلام محلي)

وأكد البرنامج أنه سيخصص هذا التمويل لتقديم المساعدات الإنسانية المنقذة للحياة في اليمن، حيث خلّف الصراع المستمر والأزمات المتعددة والمتداخلة الناشئة عنه، إضافة إلى الصدمات المناخية، 17.1 مليون شخص يعانون من انعدام الأمن الغذائي الحاد.

وأشار البرنامج إلى وجود 343 مليون شخص حول العالم يعانون من انعدام الأمن الغذائي الحاد، بزيادة قدرها 10 في المائة عن العام الماضي، وأقل بقليل من الرقم القياسي الذي سجل أثناء وباء «كورونا»، ومن بين هؤلاء «نحو 1.9 مليون شخص على شفا المجاعة، خصوصاً في غزة والسودان، وبعض الجيوب في جنوب السودان وهايتي ومالي».

أزمة مستمرة

أكدت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين أن اليمن لا يزال واحداً من أسوأ البلاد التي تواجه الأزمات الإنسانية على مستوى العالم، حيث خلقت عشر سنوات من الصراع تقريباً نقاط ضعف، وزادت من تفاقمها، وتآكلت القدرة على الصمود والتكيف مع ذلك.

وذكرت المفوضية الأممية في تقرير حديث أن اليمن موطن لنحو 4.5 مليون نازح داخلياً، وأكثر من 60 ألف لاجئ وطالب لجوء. وهؤلاء الأفراد والأسر المتضررة من النزوح معرضون للخطر بشكل خاص، مع انخفاض القدرة على الوصول إلى الخدمات الأساسية وسبل العيش، ويواجهون كثيراً من مخاطر الحماية، غالباً يومياً.

التغيرات المناخية في اليمن ضاعفت من أزمة انعدام الأمن الغذائي (إعلام محلي)

ونبّه التقرير الأممي إلى أن كثيرين يلجأون إلى آليات التكيف الضارة للعيش، بما في ذلك تخطي الوجبات، والانقطاع عن الدراسة، وعمل الأطفال، والحصول على القروض، والانتقال إلى مأوى أقل جودة، والزواج المبكر.

وبيّنت المفوضية أن المساعدات النقدية هي من أكثر الطرق سرعة وكفاءة وفاعلية لدعم الأشخاص الضعفاء الذين أجبروا على الفرار من ديارهم وفي ظروف صعبة، لأنها تحترم استقلال الشخص وكرامته من خلال توفير شعور بالطبيعية والملكية، مما يسمح للأفراد والأسر المتضررة بتحديد ما يحتاجون إليه أكثر في ظروفهم.

وذكر التقرير أن أكثر من 90 في المائة من المستفيدين أكدوا أنهم يفضلون الدعم بالكامل أو جزئياً من خلال النقد، لأنه ومن خلال ذلك تستطيع الأسر شراء السلع والخدمات من الشركات المحلية، مما يعزز الاقتصاد المحلي.