مساع دولية لـ«خفض» توترات نزاع السد الإثيوبي

دعم عربي لمصر والسودان... والأمم المتحدة دعت إلى «حل سلمي»

حثت الأمم المتحدة مصر وإثيوبيا والسودان على العمل معاً وتكثيف الجهود لحل الخلافات العالقة بينها سلمياً حول سد النهضة (رويترز)
حثت الأمم المتحدة مصر وإثيوبيا والسودان على العمل معاً وتكثيف الجهود لحل الخلافات العالقة بينها سلمياً حول سد النهضة (رويترز)
TT

مساع دولية لـ«خفض» توترات نزاع السد الإثيوبي

حثت الأمم المتحدة مصر وإثيوبيا والسودان على العمل معاً وتكثيف الجهود لحل الخلافات العالقة بينها سلمياً حول سد النهضة (رويترز)
حثت الأمم المتحدة مصر وإثيوبيا والسودان على العمل معاً وتكثيف الجهود لحل الخلافات العالقة بينها سلمياً حول سد النهضة (رويترز)

في ظل توافق مصري - سوداني على مشروع قرار عربي حول «سد النهضة»، وسط مساعٍ دولية لخفض التوترات بين مصر وإثيوبيا، بشأن نزاع «سد النهضة» الذي تبنيه الأخيرة على الرافد الرئيسي لنهر النيل، تلقت مصر والسودان دعماً عربياً أمس، وطالب وزراء الخارجية العرب إثيوبيا بـ«الامتناع عن ملء خزان السد قبل التوصل إلى اتفاق»، مؤكدين أن «الأمن المائي المصري والسوداني جزء لا يتجزأ من الأمن القومي العربي».
وفي غضون ذلك، قالت الخارجية السودانية إن كلاً من السودان ومصر توافقا على «مشروع قرار عربي بشأن سد النهضة»، بعد تنسيق تام بين البلدين، في الوقت الذي أكدت فيه أن السودان «طرف أصيل في مفاوضات (سد النهضة)».
وجاء ذلك عقب ترؤس وزير الدولة بوزارة الخارجية، عمر قمر الدين، للاجتماع غير العادي لمجلس الجامعة على المستوى الوزاري، بشأن تطور الأوضاع في ليبيا، والجلسة الخاصة بسد النهضة.
وقال قمر الدين في كلمته: «إن السودان ومصر قد توافقا على مشروع القرار العربي بشأن (سد النهضة)، بعد التنسيق التام بين البلدين»، ودعا البلدين للاستمرار في عملية التفاوض، والابتعاد عن التصعيد، وشدد على حق إثيوبيا في الاستفادة من مواردها المائية، وحق كل من السودان ومصر في المحافظة على أمنهما المائي.
وأوضح قمر الدين أن المفاوضات التي جرت بدعوة من الخرطوم أثمرت عن توافق كل من السودان ومصر وإثيوبيا على ما نسبته 90 في المائة من النقاط الخلافية بشأن «سد النهضة»، وأن بلاده على استعداد تام لتقريب وجهات النظر بين إثيوبيا ومصر.
ويعتزم مجلس الأمن الدولي نظر القضية، بطلب مصري، بعد أن فشلت المحادثات الثلاثية بين مصر وإثيوبيا والسودان، منتصف يونيو (حزيران) الحالي، في التوصل لاتفاق بشأن قواعد ملء وتشغيل السد الذي تبلغ تكلفته 4 مليارات دولار، ويتم بناؤه قرب حدود إثيوبيا مع السودان. وتُصر إثيوبيا على ملء خزان السد، بمرحلة أولى، في يوليو (تموز) المقبل، بنحو 5 مليارات متر مكعب، دون الاكتراث بأي اعتراضات.
وخلال اجتماعهم أمس، عبر تقنية الفيديو، شدد الوزراء على رفض أي عمل أو إجراء يمس بحقوق الأطراف كافة في مياه النيل. وأعربوا عن التقدير لمبادرة السودان إلى الدعوة لعقد جولات المفاوضات التي أجريت حتى 17 يونيو (حزيران) الحالي، من أجل التوصل إلى اتفاق حول قواعد ملء وتشغيل «سد النهضة».
وكانت مصر قد ناشدت الدول العربية الوقوف إلى جانبها، ودعم تحركاتها من أجل «استئناف المفاوضات حول (سد النهضة) بحسن نية مع الجانب الإثيوبي، والامتناع عن اتخاذ أي إجراءات أحادية».
وأعلنت الخارجية المصرية أن الوزير سامح شكري قد أكد، أمام الدورة غير العادية لمجلس الجامعة على المستوى الوزاري، أن «ما تمر به قضية السد الإثيوبي مرحلة في غاية الدقة، في ضوء تعثر المفاوضات نتيجة للمواقف الإثيوبية المتعنتة، وهو ما قامت مصر في ضوئه بالتحرك في مجلس الأمن، لإخطاره بتطورات هذه القضية، وتأثيرها على الأمن والسلم الإقليمي والدولي».
وأكد شكري مناشدة مصر كل الدول العربية الوقوف إلى جانبها، ودعم تحركاتها في هذا الملف الحيوي الذي يؤثر على مقدرات أكثر من 150 مليون مواطن يعيشون على ضفاف نهر النيل، في كل من مصر والسودان.
وبدورها، حثت الأمم المتحدة مصر وإثيوبيا والسودان على العمل معاً لتكثيف الجهود لحل الخلافات العالقة بينها سلمياً حول «سد النهضة».
وأكد المتحدث باسم الأمين العام للأمم المتحدة، ستيفان دوجاريك، خلال مؤتمر صحافي افتراضي مساء أول من أمس، أهمية «إعلان المبادئ الموقع بين الدول الثلاث في 2015، حول دعم التعاون القائم على التفاهم المشترك والمنفعة المتبادلة وحسن النية والعمل وفق مبادئ القانون الدولي».
وقال دوجاريك إن الأمم المتحدة تراقب من كثب التطورات وردود الفعل الصادرة من الأطراف المختلفة حول «سد النهضة»، داعياً الدول الثلاث إلى السعي نحو اتفاق ودي بموجب إعلان المبادئ.
وفي سياق الجهود الدولية لخفض التوتر، أجرى وزير الخزانة الأميركية، ستيفن منوشين، مساء أول من أمس، اتصالاً مع رئيس الوزراء السوداني عبد الله حمدوك، لمناقشة المفاوضات بشأن اتفاق ملء وتشغيل «سد النهضة»، بحسب ما أورده موقع وزارة الخزانة.
وشدد منوشين وحمدوك على أهمية التوصل إلى اتفاق قانوني نهائي. وأكد منوشين التزام الولايات المتحدة بدعم اتفاق عادل منصف، يوازن بين مصالح مصر وإثيوبيا والسودان.
وتخشى مصر من أن يؤثر سد النهضة على حصتها المائية السنوية من نهر النيل (55.5 مليار متر مكعب من المياه). وفي وقت سابق، قال وزير خارجية إثيوبيا، جيدو أندارجاشيو، إن بلاده لن تقبل أي اتفاق يقيد حقوقها المائية في نهر النيل بحجة المفاوضات، مؤكداً أنه لا توجد أي قوة يمكن أن تمنع أديس أبابا من منع ملء خزان السد.
وكان وزير الخارجية المصري قد نفى أن تكون بلاده هددت بعمل عسكري في مواجهة إثيوبيا، مشدداً على أن القاهرة «سعت إلى حل سياسي، وعملت على إقناع الشعب المصري بأن إثيوبيا لها الحق في بناء السد لتحقيق أهدافها التنموية»، وأن مصر «لم تقم مطلقاً خلال السنوات الست الماضية بالإشارة بشكل غير مباشر إلى مثل هذه الاحتمالات».



«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
TT

«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)

بعد مرور نحو أسبوع على سقوط نظام بشار الأسد في سوريا، يفضل اللاجئون والمهاجرون السوريون في مصر التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة إلى بلادهم التي تمر بمرحلة انتقالية يشوبها الكثير من الغموض.

ويتيح تغيير نظام الأسد وتولي فصائل المعارضة السورية السلطة الانتقالية، الفرصة لعودة المهاجرين دون ملاحقات أمنية، وفق أعضاء بالجالية السورية بمصر، غير أن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين في القاهرة ترى أنه «من المبكر التفكير في عودة اللاجئين المسجلين لديها، إلى البلاد حالياً».

وازدادت أعداد السوريين في مصر، على مدى أكثر من عقد، مدفوعة بالتطورات السياسية والأمنية في الداخل السوري؛ إذ ارتفع عدد السوريين المسجلين لدى مفوضية اللاجئين إلى نحو 148 ألف لاجئ، غير أن تلك البيانات لا تعكس العدد الحقيقي للجالية السورية بمصر؛ إذ تشير المنظمة الدولية للهجرة إلى أن تعدادهم يصل إلى 1.5 مليون.

ولم تغير تطورات الأوضاع السياسية والأمنية في الداخل السوري من وضعية اللاجئين السوريين بمصر حتى الآن، حسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في القاهرة، كريستين بشاي، التي قالت في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إن «السوريين المسجلين كلاجئين لدى المفوضية يتلقون خدماتهم بشكل طبيعي»، مشيرة إلى أنه «لا يوجد أي إجراءات حالية لمراجعة ملف اللاجئين المقيمين بمصر، تمهيداً لعودتهم».

وتعتقد بشاي أنه «من المبكر الحديث عن ملف العودة الطوعية للاجئين السوريين لبلادهم»، وأشارت إلى إفادة صادرة عن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين مؤخراً، تدعو السوريين في الخارج لـ«التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة لبلادهم».

وكانت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين قد نصحت المهاجرين السوريين في الخارج «بضرورة التحلي بالصبر واليقظة، مع قضية العودة لديارهم». وقالت، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إن «ملايين اللاجئين يواصلون تقييم الأوضاع قبل اتخاذ قرار العودة»، وأشارت إلى أن «الصبر ضروري، على أمل اتخاذ التطورات على الأرض منحى إيجابياً، ما يتيح العودة الطوعية والآمنة والمستدامة».

ووعدت المفوضية، في بيانها، بـ«مراقبة التطورات بسوريا، مع الانخراط مع مجتمعات اللاجئين، لدعم الدول في مجال العودة الطوعية والمنظمة، وإنهاء أزمة النزوح القسري الأكبر في العالم»، وأشارت في الوقت نفسه إلى أن «الاحتياجات الإغاثية داخل سوريا لا تزال هائلة، في ظل البنية التحتية المتهالكة، واعتماد أكثر من 90 في المائة من السكان على المساعدات الإنسانية».

وحسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية اللاجئين في القاهرة، يمثل اللاجئون السوريون المسجلون لدى المفوضية نحو 17 في المائة من تعداد اللاجئين في مصر، بواقع 148 ألف لاجئ سوري، من نحو 863 ألف لاجئ من أكثر من 60 جنسية. ويأتي ترتيبهم الثاني بعد السودانيين.

وباعتقاد مدير عام مؤسسة «سوريا الغد»، ملهم الخن، (مؤسسة إغاثية معنية بدعم اللاجئين السوريين في مصر)، أن «قضية عودة المهاجرين ما زال يحيطها الغموض»، مشيراً إلى «وجود تخوفات من شرائح عديدة من الأسر السورية من التطورات الأمنية والسياسية الداخلية»، ورجّح «استمرار فترة عدم اليقين خلال الفترة الانتقالية الحالية، لنحو 3 أشهر، لحين وضوح الرؤية واستقرار الأوضاع».

ويفرق الخن، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، بين 3 مواقف للمهاجرين السوريين في مصر، تجاه مسألة العودة لبلادهم، وقال إن «هناك فئة المستثمرين، وأصحاب الأعمال، وهؤلاء تحظى أوضاعهم باستقرار ولديهم إقامة قانونية، وفرص عودتهم ضئيلة».

والفئة الثانية، حسب الخن، «الشباب الهاربون من التجنيد الإجباري والمطلوبون أمنياً، وهؤلاء لديهم رغبة عاجلة للعودة، خصوصاً الذين تركوا أسرهم في سوريا»، أما الثالثة فتضم «العائلات السورية، وهؤلاء فرص تفكيرهم في العودة ضعيفة، نظراً لارتباط أغلبهم بتعليم أبنائهم في المدارس والجامعات المصرية، وفقدان عدد كبير منهم منازلهم بسوريا».

وارتبط الوجود السوري في مصر باستثمارات عديدة، أبرزها في مجال المطاعم التي انتشرت في مدن مصرية مختلفة.

ورأى كثير من مستخدمي مواقع «السوشيال ميديا» في مصر، أن التغيير في سوريا يمثّل فرصة لعودة السوريين لبلادهم، وتعددت التفاعلات التي تطالب بعودتهم مرة أخرى، وعدم استضافة أعداد جديدة بالبلاد.

وتتيح مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، مساعدات لراغبي العودة الطوعية من اللاجئين، تشمل «التأكد من أن العودة تتم في ظروف آمنة، والتأكد من أن الأوضاع في البلد الأصلي آمنة»، إلى جانب «تقديم دعم نقدي لتغطية النفقات الأساسية والسفر»، حسب مكتب مفوضية اللاجئين في مصر.

ويرى مسؤول الائتلاف الوطني السوري، عادل الحلواني، (مقيم بمصر)، أن ملف عودة المهاجرين «ليس أولوية في الوقت الراهن»، مشيراً إلى أن «جميع السوريين يترقبون التطورات الداخلية في بلادهم، والهدف الأساسي هو عبور سوريا الفترة الانتقالية بشكل آمن»، معتبراً أنه «عندما يستشعر المهاجرون استقرار الأوضاع الداخلية، سيعودون طواعية».

وأوضح الحلواني، لـ«الشرق الأوسط»، أن «حالة الضبابية بالمشهد الداخلي، تدفع الكثيرين للتريث قبل العودة»، وقال إن «الشباب لديهم رغبة أكثر في العودة حالياً»، منوهاً بـ«وجود شريحة من المهاجرين صدرت بحقهم غرامات لمخالفة شروط الإقامة بمصر، وفي حاجة للدعم لإنهاء تلك المخالفات».

وتدعم السلطات المصرية «العودة الآمنة للاجئين السوريين إلى بلادهم»، وأشارت الخارجية المصرية، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إلى أن «القاهرة ستواصل العمل مع الشركاء الإقليميين والدوليين لتقديم يد العون والعمل على إنهاء معاناة الشعب السوري الممتدة، وإعادة الإعمار، ودعم عودة اللاجئين، والتوصل للاستقرار الذي يستحقه الشعب السوري».