الحكومة السودانية تبدأ الأسبوع المقبل تقديم دعم نقدي للمواطنين

نيل الخرطوم (أ.ف.ب)
نيل الخرطوم (أ.ف.ب)
TT

الحكومة السودانية تبدأ الأسبوع المقبل تقديم دعم نقدي للمواطنين

نيل الخرطوم (أ.ف.ب)
نيل الخرطوم (أ.ف.ب)

تعتزم الحكومة السودانية البدء الأسبوع المقبل في تنفيذ برنامج الدعم النقدي المباشر للمواطنين، والذي كان مقرراً انطلاقته الأسبوع الحالي، في محاولة لدعم الأسر الفقيرة وتخفيف أعباء المعيشة بعد تصاعد الأزمة الاقتصادية في البلاد، وارتفاع معدلات التضخم وزيادة أسعار السلع الأساسية.
في الأثناء، اعتبر اقتصاديون أن الدعم النقدي المباشر الذي وعدت الحكومة بتنفيذه ليغطي 80 في المائة من السكان، بمثابة سياسة غير مجدية لتخفيف تأثيرات الأزمة الاقتصادية على الشرائح الضعيفة في المجتمع، وحذروا من أن تشكل الخطوة عبئاً إضافياً لوزارة المالية في بند المصروفات في ظل عجز الموازنة العامة للدولة وعدم توفر موارد حقيقية لتغطية النفقات، وأن تقود هذه الخطوة لإعادة مشكلة شح السيولة النقدية بالبنوك السودانية لأنها تقوم على «أموال افتراضية».
وأعلنت وزارة المالية، أن برنامج المدفوعات النقدية الرائد يقضي بأن تقوم الحكومة السودانية بدفع 500 جنيه سوداني (نحو 9 دولارات) للفرد شهرياً، وسيجري تعديل المبلغ وفقاً للتضخم. وقالت إن برنامج الدعم النقدي المباشر يمول من الحكومة السودانية وشركاء دوليين. وتعمل الحكومة على تحويل البرنامج إلى التكنولوجيا الرقمية.
وقال وزير المالية السوداني إبراهيم البدوي، إن برنامج دعم الأسر هو «أحد أعظم مشاريع الحكومة الانتقالية، وسيكون من الثمار الرئيسية لثورة ديسمبر (كانون الأول). وسيقدم تحويلات نقدية مباشرة لنحو 80 في المائة من الأسر السودانية (32 مليون مواطن)، لدعمهم خلال هذه الظروف الاقتصادية الصعبة التي تواجه السودان حالياً».
من جهته، اعتبر الخبير الاقتصادي عادل عبد المنعم، في تعليق لـ«الشرق الأوسط»، أن برنامج الدعم النقدي المباشر يشكل عبأ إضافياً لوزارة المالية في بند النفقات، خاصة بعد تنفيذ زيادة أجور العاملين في الدولة في شهر مايو (أيار) الماضي بنسبة بلغت 569 في المائة. وقال عبد المنعم، إنه «في ظل غياب الإحصاءات للمستحقين للدعم، وحجمه، والجهات المستفيدة منه، كان الأفضل توجيه هذه الأموال لدعم السلع والخدمات والدواء والخبز؛ لأن تأثيرها سيكون أفضل في تخفيف آثار التضخم».
وتابع عبد المنعم، أن وزارة المالية ليست لديها موارد حقيقية لتغطية نفقات الدعم المباشر والزيادة في أجور العاملين، وأضاف «وزارة المالية لجأت لخلق أموال افتراضية من البنوك (أرقام)، على أن يقوم بنك السودان المركزي بتمويل البنوك لتغطيتها»، وتوقع الخبير الاقتصادي، أن تؤدي هذه السياسة إلى إعادة مشكلة شح السيولة في البنوك خلال الفترة المقبلة، والتي سيكون لها مدلول سالب في ارتفاع أسعار السلع، وبالتالي ستحدث اضطرابات؛ لأن البنوك لن تستطيع تغطية هذه الأموال وستلجأ لتأخير هذه النفقات، وبالتالي إحداث أزمة سيولة شبيه بالتي حدثت في عهد النظام السابق.
ويعاني السودان من أزمة اقتصادية متوارثة من النظام السابق، حيث بلغت معدلات التضخم لشهر مايو 114 في المائة، وتراجعت قيمة العملة الوطنية (الجنيه) حيث بلغت خلال الأسبوع الحالي 150 جنيهاً مقابل الدولار الواحد، في وقت يحدد فيه بنك السودان المركزي 55 جنيهاً للدولار الواحد. في حين بلغ الدين الخارجي نحو 60 مليار دولار.
وأقرت الحكومة في موازنة عام 2020 إنفاذ برنامج الدعم النقدي المباشر للأسر الفقيرة شهرياً يشمل في مرحلته الأولى نحو 900 أسرة، ويقدر عدد المستفيدين منه بنحو 4.5 مليون مواطن، يتم اختيارهم وفقاً لمعايير محددة من بين الأسر الأكثر فقراً في كل ولاية. وتقدر تقارير رسمية أن نحو 65 في المائة من السكان يعيشون تحت خط الفقر في البلاد.
من ناحيته، قال أستاذ الاقتصاد بالجامعات السودانية، أحمد محمد أحمد الشيخ، لـ«الشرق الأوسط»، إن سياسة الدعم النقدي المباشر ليست مجدية، ولن تفيد هذه الأسر في ظل ارتفاع معدلات التضخم وغلاء الأسعار، واعتبرها «مصروفات تستهلك ما هو متوفر من موارد ضعيفة ومحدودة». وقال إن معالجة الفقر في المجتمع تتطلب وجود خطة واضحة ومحددة المعالم للاقتصاد تقوم على إخراج الأسر من دائرة الفقر إلى دائرة الإنتاج من خلال مشاريع صغيرة وبتمويل ميسر عبر محفظة من البنوك، وأشار إلى أن الدعم النقدي يعد لوزارة المالية منصرفات ليس منها عائد، وبالتالي ستواجه المالية بمشكلة تغطية هذه المصروفات. وتوقع الشيخ، أن تعتمد الحكومة في تغطية المنصرفات على رفع الدعم الكامل عن السلع، واللجوء إلى طباعة مزيد من الأوراق النقدية، واقترح أن تتجه الحكومة إلى تنفيذ حلول طويلة الأجل لتقوية اقتصاد الناس لتحقيق تنمية ذات عوائد، واعتبر «الدعم النقدي» من بين «حلول جزئية لشرائح معينة، لن تعالج المشكلة الاقتصادية، وإنما تؤدي إلى تدمير الاقتصاد».



«أديبك أبوظبي»: تأكيدات على ازدياد حاجة العالم للنفط والغاز

الدكتور سلطان الجابر يتحدث خلال حفل افتتاح معرض ومؤتمر أبوظبي الدولي للبترول (أديبك) السنوي لصناعة الطاقة في أبوظبي (رويترز)
الدكتور سلطان الجابر يتحدث خلال حفل افتتاح معرض ومؤتمر أبوظبي الدولي للبترول (أديبك) السنوي لصناعة الطاقة في أبوظبي (رويترز)
TT

«أديبك أبوظبي»: تأكيدات على ازدياد حاجة العالم للنفط والغاز

الدكتور سلطان الجابر يتحدث خلال حفل افتتاح معرض ومؤتمر أبوظبي الدولي للبترول (أديبك) السنوي لصناعة الطاقة في أبوظبي (رويترز)
الدكتور سلطان الجابر يتحدث خلال حفل افتتاح معرض ومؤتمر أبوظبي الدولي للبترول (أديبك) السنوي لصناعة الطاقة في أبوظبي (رويترز)

شدد مسؤولون وخبراء في قطاع الطاقة العالمي على أهمية دفع قطاع الطاقة إلى التكامل والتعاون مع قطاعات التكنولوجيا، والاستفادة من هذه الشمولية لتحقيق النمو الاقتصادي والاجتماعي، مشيرين إلى أهمية قطاع النفط والغاز في مزيج الطاقة وضرورته لعقود مقبلة.

وجاءت تلك التأكيدات مع انطلاق النسخة الأربعين من معرض ومؤتمر أبوظبي الدولي للبترول (أديبك 2024) الذي ينعقد في الفترة من 4 إلى 7 نوفمبر (تشرين الثاني) في العاصمة الإماراتية أبوظبي، بمشاركة واسعة من مسؤولين ورؤساء شركات ومنظمات دولية وعالمية.

ودعا الدكتور سلطان الجابر وزير الصناعة والتكنولوجيا المتقدمة، العضو المنتدب والرئيس التنفيذي لـ«أدنوك» ومجموعة شركاتها، إلى تعزيز التكامل والتعاون بين قطاعات التكنولوجيا والطاقة والاستثمار للاستفادة من فرص النمو الاقتصادي والاجتماعي التي تتيحها التوجهات العالمية الرئيسية الثلاثة المتمثلة في نهوض دول الجنوب العالمي والأسواق الناشئة، والمتغيرات والنقلة النوعية في منظُومة الطاقة، والنمو المتسارع في الذكاء الاصطناعي.

حلول شاملة

وأوضح أن هذه التوجهات الرئيسية فرص شاملة تتطلب حلولاً شاملة، وأن الاستفادة من الفرص التي تتيحها هذه التوجهات تتطلب تكاملاً غير مسبوق لتسريع النمو المستدام، مشيراً إلى أن توجيه الاستثمارات، وتحسين البنية التحتية للطاقة ولشبكات الكهرباء، ووضع سياسات تمكينية تعتبر عوامل أساسية لتحقيق أقصى استفادة ممكنة من الإمكانات النوعية للتوجهات الرئيسية. التي تتيحها التوجهات الثلاثة.

كما أوضح أن عدد سكان كوكب الأرض سيزداد بمقدار 1.7 مليار نسمة بحلول عام 2050، معظمهم في دول الجنوب العالمي، ونتيجة لذلك، تزداد ضرورة نمو وتحول أسواق الطاقة، وإحداث نقلة نوعية في نظم الطاقة، مشيراً إلى أن قدرة طاقة الرياح والطاقة الشمسية ستنمو سبع مرات، وأن الغاز الطبيعي المسال سينمو بنسبة 65 في المائة، موضحاً أن استخدام النفط سيستمر كمصدر للوقود وكمادة أساسية لصناعة العديد من المنتجات الضرورية والحيوية، وأن الطلب على الكهرباء سيتضاعف بالتزامن مع تزايد المناطق الحضرية في العالم.

الذكاء الاصطناعي والطاقة

وأشار إلى أن احتياجات الذكاء الاصطناعي ستزيد الطلب على الطاقة بشكل كبير، مؤكداً أن «الذكاء الاصطناعي يعد أحد أبرز الابتكارات في العصر الحالي، وهو يتمتع بالقدرة على تسريع وتيرة التغيير، ويعيد تشكيل حدود الإنتاجية والكفاءة، ولديه القدرة على دعم تحقيق نقلة نوعية في منظومة الطاقة ودفع النمو منخفض الكربون».

وأضاف: «النمو المتسارع للذكاء الاصطناعي أدى إلى زيادة كبيرة في الطلب على الطاقة الكهربائية لم يكن أحد ليتوقعها قبل 18 شهراً أي عند انطلاق خدمة (شات جي بي تي)، مشيراً إلى أن كثافة استهلاك الطاقة الناتجة من إدخال أمر واحد إلى (شات جي بي تي) تعادل عشرة أضعاف مثيلتها عند إجراء عملية بحث عبر (غوغل)».

وقال: «بالتزامن مع التوسع في استخدام أدوات وحلول الذكاء الاصطناعي، من المتوقع أن نشهد نمواً في أعداد مراكز البيانات الخاصة بالذكاء الاصطناعي لتلبية احتياجاته الحسابية الضخمة وسريعة النمو. ومن المتوقع أن يتضاعف عدد هذه المراكز خلال السنوات الـست المقبلة، وهذا سيتطلب 150 غيغاواط على الأقل من القُدرة المُركّبة للطاقة الكهربائية بحلول عام 2030 وضعف هذا الحجم بحلول عام 2040».

وشدد على عدم وجود مصدر واحد للطاقة قادر على تلبية هذا الطلب، موضحاً أن تلبيته بصورة مستدامة تحتاج إلى مزيج متنوع من مصادر الطاقة يشمل الطاقة المتجددة والنووية والغاز الطبيعي المسال، إلى جانب توفير البنية التحتية المتطورة وزيادة الاستثمارات.

وشدد على أن الطاقة هي العمود الفقري للاقتصاد، ومحرك رئيسي للنمو والازدهار، ومُمكّن أساسي لكافة جوانب التنمية البشرية، مشدداً على أن العالم بحاجة الآن أكثر من أي وقت مضى إلى مزيدٍ من الطاقة، بأقل انبعاثات، ولعدد أكبر من الناس.

موارد كافية من النفط والغاز

من جهته أكد سهيل المزروعي، وزير الطاقة والبنية التحتية الإماراتي، على أن «الاستثمارات في النفط والغاز تحتاج إلى الاهتمام» لدعم الطلب في السوق، وقال «نحن ملتزمون بالاستثمار في إنتاج المزيد من الموارد في المستقبل لضمان حصول العالم على موارد كافية من النفط والغاز».

إلى ذلك أشار هارديب سينغ بوري، وزير البترول والغاز الطبيعي الهندي، بشكل منفصل إلى انتقاد ما وصفه بـ«زملائه ذوي الدوافع الآيديولوجية» الذين سعوا إلى إنهاء إنتاج الوقود التقليدي، وقال «بينما نسرع ​​​​انتقال الطاقة الخضراء الأخرى، سنظل بحاجة إلى طاقة تقليدية بأسعار معقولة لمدة عقدين على الأقل، إن لم يكن أكثر».

وفي وقت لاحق، قال المدير التنفيذي لشركة «أدنوك» مصبح الكعبي إنه قلق من أن «التوترات المتصاعدة والحروب التجارية قد يكون لها تأثير على انتقال الطاقة في المستقبل».

الكثير من الاستثمارات

من جهته، قال الرئيس التنفيذي لشركة «بي بي» موراي أوكينكلوس وكذلك الرئيس التنفيذي لشركة «شل» وائل صوان، إن التوترات في الشرق الأوسط تتصدر المخاطر التي تواجه أسواق الطاقة.

وقد أدى تصاعد التوترات بين إسرائيل وإيران منذ أكتوبر (تشرين الأول) الماضي إلى إثارة المخاوف بشأن انقطاع الإمدادات في الخليج، الذي ينتج ويصدر نحو 20 في المائة من النفط والغاز في العالم، مما دفع أسعار النفط إلى الارتفاع.

وفيما يتعلق بالانتخابات الرئاسية الأميركية المقبلة، قال أوكينكلوس إن التحدي الأكبر الذي تواجهه الولايات المتحدة هو الإصلاح التنظيمي للسماح بتصاريح للاستثمارات الجديدة في الطاقة، وخاصة مشاريع الطاقة المتجددة والمنخفضة الكربون.

وقال أوكينكلوس أيضاً إن العالم سيحتاج إلى الكثير من الاستثمارات الجديدة في النفط والغاز من أجل الحفاظ على الإمدادات، بغض النظر عن الاستقرار المحتمل للطلب في السنوات المقبلة.