متاجر مصرية تتكيّف مع الحظر لتعويض خسائرها

متاجر مصرية تفتح أبوابها مبكراً للتأقلم مع الجائحة (الشرق الأوسط)
متاجر مصرية تفتح أبوابها مبكراً للتأقلم مع الجائحة (الشرق الأوسط)
TT

متاجر مصرية تتكيّف مع الحظر لتعويض خسائرها

متاجر مصرية تفتح أبوابها مبكراً للتأقلم مع الجائحة (الشرق الأوسط)
متاجر مصرية تفتح أبوابها مبكراً للتأقلم مع الجائحة (الشرق الأوسط)

بعد تراكم الديون عليه، وعدم قدرته على سداد قيمة إيجار المحل (4 آلاف جنيه مصري) شهرياً (الدولار الأميركي يعادل 16.1 جنيه مصري)، قرر مدحت إبراهيم (33 عاماً) إغلاق محله الخاص بصيانة وتجارة أكسسوارات الهواتف المحمولة بمنطقة فيصل بالجيزة (غرب القاهرة)، ونقل محتوياته إلى محل آخر استأجره بمبلغ 800 جنيه شهرياً، بالقرية التي يقيم فيها بالجيزة.
وعبر التكيف مع قرارات الإغلاق والإجراءات الاحترازية التي تفرضها السلطات الحكومية للحد من تفشي فيروس (كوفيد - 19) يحاول إبراهيم تعويض خسائره وتحقيق هامش ربح، يمكنه من الإنفاق على أسرته المكونة من 4 أفراد، بجانب دفع الإيجار الشهري للمحل مع فاتورة الكهرباء، بحسب إبراهيم، الذي يضيف لـ«الشرق الأوسط»، أنه بات يستيقظ مبكراً ويفتح محله في تمام الساعة التاسعة صباحاً بعدما كان يفتح محله القديم قبل ظهور «كورونا» بعد فترة الظهيرة، بالإضافة إلى تخليه عن إجازته الأسبوعية يوم الأحد، ليعمل طوال أيام الأسبوع من أجل تعويض الخسائر ومواجهة تحديات العزلة التي فرضت أنماطاً جديدة على سلوكيات الناس الذين أُجبروا على إعادة التفكير في ترتيب أولياتهم». مشيراً إلى أن «صيانة الهواتف المحمولة وبيع الأجهزة الجديدة منها بجانب أكسسواراتها يعد من الأمور غير الأساسية خلال الفترة الجارية التي يهتم فيها الناس بتأمين احتياجاتهم من الطعام والشراء في المقام الأول».
وقبل تفشي فيروس «كورونا» كانت تشتهر مصر باستمرار فتح بعض مولاتها ومحلاتها التجارية والنوادي الليلية والمقاهي وخصوصاً بالعاصمة المصرية القاهرة، حتى ساعات الصباح الأولى، ورغم توصيات الحكومة بضرورة الإغلاق المبكر من أجل توفير الكهرباء وإراحة السكان على غرار الدول الأخرى، فإنها لم تفلح في تنفيذ ذلك، قبل جائحة كورونا».
وقررت السلطات المصرية في شهر مارس (آذار) الماضي، إغلاق جميع المطاعم والنوادي الليلية والصحية وحمامات السباحة والمقاهي بجانب إغلاق كل المتاحف والمواقع السياحية والأثرية، وفي منتصف الشهر الجاري سمحت السلطات المصرية، بمد فترة عمل المتاجر لمدة ساعة واحدة يومياً، ليكون الإغلاق في الساعة السادسة مساءً، بدلاً من الخامسة مساءً، مع استمرار غلق المقاهي والنوادي الليلية ودور السينما والمساجد والكنائس، وتستثني الحكومة من قرار الإغلاق محلات البقالة والصيدليات والمخابز.
ويرى خبراء مصريون من بينهم محمود أحمد الداعور، رئيس شعبة الملابس الجاهزة بالغرفة التجارية بالقاهرة، سابقاً أن تكيف أصحاب المتاجر المصرية مع إجراءات «إغلاق كورونا»، أمر طبيعي، ورد فعل مناسب بعد تقليص ساعات العمل وتكبد خسائر كبيرة في قطاعات عدة من بينها تجارة الملابس، ويقول الداعور لـ«الشرق الأوسط»: «تسبب التباعد الاجتماعي وعدم خروج الناس إلى الشوارع والمناسبات والعمل، في عزوفهم عن شراء ملابس جديدة، ما أدى إلى حدوث خسائر في هذا القطاع».
فتح المحال التجارية المصرية مبكراً وإغلاقها في بداية ساعات الليل، بفعل كورونا، يعتبرها الداعور ظاهرة إيجابية رغم التحديات الاقتصادية المترتبة عليها، ويطالب بتعميمها بعد انتهاء الوباء.
وتسببت الجائحة في تباطؤ العديد من الأنشطة الاقتصادية المصرية، وخصوصاً قطاعات السياحة، والصناعة، وتجارة الجملة والتجزئة، ووفق وزير المالية المصري محمد معيط، فإن جائحة كورونا أثرت على جانبي الإيرادات والمصروفات بمصر، مؤكداً في مقابلة عبر الهاتف مع قناة «العربية» أمس الاثنين، أن «الجائحة أكلت 125 مليار جنيه مصري من الإيرادات المتوقعة للميزانية المصرية في العام المالي الحالي.
ويقول عرفة سعيد (34 سنة) صاحب محل خردوات بالقاهرة: لـ«الشرق الأوسط»: «قبل جائحة كورونا كانت تحافظ متاجر الجملة بسوق الهواتف المحمولة بشارع العطار بوسط القاهرة، على الحصول على إجازة أسبوعية يوم الأحد من كل أسبوع لكن بعد كورونا، تغير الوضع تماماً حيث ألغت كل المحال إجازتها الأسبوعية مع تقديم موعد الفتح ليكون في تمام التاسعة لتعويض الخسائر التي لحقت بهم جراء الجائحة»، مشيراً إلى أن «نحو 50 في المائة من عدد محال شارع عبد العزيز الذي يشتهر بتجارة الأدوات المنزلية، ومحلات بيع الملابس الجملة بالعتبة (وسط القاهرة) تفتح أبوابها في يوم الإجازة الأسبوعي حالياً».


مقالات ذات صلة

صحتك فيروس رئوي قد يتسبب بجائحة عالمية play-circle 01:29

فيروس رئوي قد يتسبب بجائحة عالمية

فيروس تنفسي معروف ازداد انتشاراً

د. هاني رمزي عوض (القاهرة)
الولايات المتحدة​ أحد الأرانب البرية (أرشيفية- أ.ف.ب)

الولايات المتحدة تسجل ارتفاعاً في حالات «حُمَّى الأرانب» خلال العقد الماضي

ارتفعت أعداد حالات الإصابة بـ«حُمَّى الأرانب»، في الولايات المتحدة على مدار العقد الماضي.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
صحتك تعلمت البشرية من جائحة «كورونا» أن لا شيء يفوق أهميةً الصحتَين الجسدية والنفسية (رويترز)

بعد ظهوره بـ5 سنوات.. معلومات لا تعرفها عن «كوفيد 19»

قبل خمس سنوات، أصيبت مجموعة من الناس في مدينة ووهان الصينية، بفيروس لم يعرفه العالم من قبل.

آسيا رجل يرتدي كمامة ويركب دراجة في مقاطعة هوبي بوسط الصين (أ.ف.ب)

الصين ترفض ادعاءات «الصحة العالمية» بعدم التعاون لتوضيح أصل «كورونا»

رفضت الصين ادعاءات منظمة الصحة العالمية التي اتهمتها بعدم التعاون الكامل لتوضيح أصل فيروس «كورونا» بعد 5 سنوات من تفشي الوباء.

«الشرق الأوسط» (بكين)

انخفاض شديد في مستويات دخل الأسر بمناطق الحوثيين

فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)
فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)
TT

انخفاض شديد في مستويات دخل الأسر بمناطق الحوثيين

فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)
فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)

بموازاة استمرار الجماعة الحوثية في تصعيد هجماتها على إسرائيل، واستهداف الملاحة في البحر الأحمر، وتراجع قدرات المواني؛ نتيجة الردِّ على تلك الهجمات، أظهرت بيانات حديثة وزَّعتها الأمم المتحدة تراجعَ مستوى الدخل الرئيسي لثُلثَي اليمنيين خلال الشهر الأخير من عام 2024 مقارنة بالشهر الذي سبقه، لكن هذا الانخفاض كان شديداً في مناطق سيطرة الجماعة المدعومة من إيران.

ووفق مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية، فقد واجهت العمالة المؤقتة خارج المزارع تحديات؛ بسبب طقس الشتاء البارد، ونتيجة لذلك، أفاد 65 في المائة من الأسر التي شملها الاستطلاع بانخفاض في دخلها الرئيسي مقارنة بشهر نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي والفترة نفسها من العام الماضي، وأكد أن هذا الانخفاض كان شديداً بشكل غير متناسب في مناطق الحوثيين.

وطبقاً لهذه البيانات، فإن انعدام الأمن الغذائي لم يتغيَّر في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة اليمنية، بينما انخفض بشكل طفيف في المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين؛ نتيجة استئناف توزيع المساعدات الغذائية هناك.

الوضع الإنساني في مناطق الحوثيين لا يزال مزرياً (الأمم المتحدة)

وأظهرت مؤشرات نتائج انعدام الأمن الغذائي هناك انخفاضاً طفيفاً في صنعاء مقارنة بالشهر السابق، وعلى وجه التحديد، انخفض الاستهلاك غير الكافي للغذاء من 46.9 في المائة في نوفمبر إلى 43 في المائة في ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

وضع متدهور

على النقيض من ذلك، ظلَّ انعدام الأمن الغذائي في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة اليمنية دون تغيير إلى حد كبير، حيث ظلَّ الاستهلاك غير الكافي للغذاء عند مستوى مرتفع بلغ 52 في المائة، مما يشير إلى أن نحو أسرة واحدة من كل أسرتين في تلك المناطق تعاني من انعدام الأمن الغذائي.

ونبّه المكتب الأممي إلى أنه وعلى الرغم من التحسُّن الطفيف في المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين، فإن الوضع لا يزال مزرياً، على غرار المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة، حيث يعاني نحو نصف الأسر من انعدام الأمن الغذائي (20 في المائية من السكان) مع حرمان شديد من الغذاء، كما يتضح من درجة استهلاك الغذاء.

نصف الأسر اليمنية يعاني من انعدام الأمن الغذائي في مختلف المحافظات (إعلام محلي)

وبحسب هذه البيانات، لم يتمكَّن دخل الأسر من مواكبة ارتفاع تكاليف سلال الغذاء الدنيا، مما أدى إلى تآكل القدرة الشرائية، حيث أفاد نحو ربع الأسر التي شملها الاستطلاع في مناطق الحكومة بارتفاع أسعار المواد الغذائية كصدمة كبرى، مما يؤكد ارتفاع أسعار المواد الغذائية الاسمية بشكل مستمر في هذه المناطق.

وذكر المكتب الأممي أنه وبعد ذروة الدخول الزراعية خلال موسم الحصاد في أكتوبر (تشرين الأول) ونوفمبر، الماضيين، شهد شهر ديسمبر أنشطةً زراعيةً محدودةً، مما قلل من فرص العمل في المزارع.

ولا يتوقع المكتب المسؤول عن تنسيق العمليات الإنسانية في اليمن حدوث تحسُّن كبير في ملف انعدام الأمن الغذائي خلال الشهرين المقبلين، بل رجّح أن يزداد الوضع سوءاً مع التقدم في الموسم.

وقال إن هذا التوقع يستمر ما لم يتم توسيع نطاق المساعدات الإنسانية المستهدفة في المناطق الأكثر عرضة لانعدام الأمن الغذائي الشديد.

تحديات هائلة

بدوره، أكد المكتب الإنمائي للأمم المتحدة أن اليمن استمرَّ في مواجهة تحديات إنسانية هائلة خلال عام 2024؛ نتيجة للصراع المسلح والكوارث الطبيعية الناجمة عن تغير المناخ.

وذكر أن التقديرات تشير إلى نزوح 531 ألف شخص منذ بداية عام 2024، منهم 93 في المائة (492877 فرداً) نزحوا بسبب الأزمات المرتبطة بالمناخ، بينما نزح 7 في المائة (38129 فرداً) بسبب الصراع المسلح.

نحو مليون يمني تضرروا جراء الفيضانات منتصف العام الماضي (الأمم المتحدة)

ولعبت آلية الاستجابة السريعة متعددة القطاعات التابعة للأمم المتحدة، بقيادة صندوق الأمم المتحدة للسكان، وبالشراكة مع برنامج الأغذية العالمي و«اليونيسيف» وشركاء إنسانيين آخرين، دوراً محورياً في معالجة الاحتياجات الإنسانية العاجلة الناتجة عن هذه الأزمات، وتوفير المساعدة الفورية المنقذة للحياة للأشخاص المتضررين.

وطوال عام 2024، وصلت آلية الاستجابة السريعة إلى 463204 أفراد، يمثلون 87 في المائة من المسجلين للحصول على المساعدة في 21 محافظة يمنية، بمَن في ذلك الفئات الأكثر ضعفاً، الذين كان 22 في المائة منهم من الأسر التي تعولها نساء، و21 في المائة من كبار السن، و10 في المائة من ذوي الإعاقة.

وبالإضافة إلى ذلك، تقول البيانات الأممية إن آلية الاستجابة السريعة في اليمن تسهم في تعزيز التنسيق وكفاءة تقديم المساعدات من خلال المشاركة النشطة للبيانات التي تم جمعها من خلال عملية الآلية وتقييم الاحتياجات.