تشكل الأزمة الاقتصادية الهائلة الناجمة عن جائحة «كوفيد - 19» تراجعاً كبيراً لعمل المرأة التي تخسر وظيفتها أو تستقيل أو تهتم أكثر بالأطفال المحرومين من المدرسة، مقارنة بالرجال.
وقالت مديرة معهد «إنستيتوت فور ومنز بوليسي ريسيترش» الأميركي نيكول مايسن: «تلقت النساء ضربة قوية جراء (كوفيد – 19) بسبب عددهن الكبير جداً في مجال الخدمات».
وأوضح أستاذ الاقتصاد في جامعة كمبردج كريس رو، رداً على أسئلة «وكالة الصحافة الفرنسية»: «في بريطانيا والولايات المتحدة، كان احتمال خسارة النساء عملهن أعلى منه لدى الرجال»، أكان ذلك عبر عملية صرف أو استقالة أو للاهتمام بالأطفال المحرومين من المدرسة.
وثمة تمثيل أكبر للنساء في الوظائف الهشة والقطاعات التي ضربتها إجراءات العزل المفروضة لمكافحة انتشار «كوفيد - 19»، مثل المطاعم والفنادق وتنظيم الحفلات وصالونات التجميل وتصفيف الشعر.
وحتى بين النساء اللواتي احتفظن بعملهن، اضطرت الأمهات منهن إلى الاهتمام بالأطفال أكثر من الرجال والقيام بالأعمال المنزلية، على ما يفيد معهد دراسات الميزانية، وهو مؤسسة بحث بريطانية، في دراسة نشرها الأسبوع الماضي.
تعمل سارة في مجال السينما في لندن وتسهر حتى الساعة الأولى فجراً كل يوم لاحترام الاستحقاقات، بعد أن يخلد ابنها وابنتها إلى النوم. وهي صحافية في وسيلة إعلامية بريطانية كبيرة تستفيق عند الساعة الخامسة والنصف يومياً لتتقدم في إنجاز عملها قبل أن يستفيق ولداها.
تقول سارة «لم أجرؤ على طلب تكييف عملي لأنني لا أريد أن يظنوا أنني عاجزة عن القيام بمهماتي».
والأمر أسوأ بعد بالنسبة إلى الأهل المعزولين مثل إيزابيل التي أرادت هي أيضاً التكتم على هويتها الكاملة خوفاً على وظيفتها.
وأوضحت إيزابيل المقيمة في باريس وتعمل في مجال الصناعة الصيدلانية: «في بداية إجراءات الإغلاق التام كان الأمر فظيعاً... لم أكن قادرة على تنظيم وقتي بين مؤتمرات الفيديو والدراسة عن بعد وإعداد الطعام وتنظيف المنزل وتحديد موعد للتوقف عن العمل مساء».
والآن مع انطلاق عجلة النشاط مجدداً «يستأنف العمل تماماً كما في السابق بالنسبة إلى مديرِيّ... فهم ينتمون إلى جيل آخر ولم يهتموا أبداً بأطفالهم... هم لا يفهمون أن تجربتنا مع العزل كانت مختلفة عن تجربتنهم وأنني منهكة». وأضافت إيزابيل بأسف: «لدى صديقاتي المنفصلات في غالبية الأحيان، اهتمت الأمهات دائماً بالأطفال خلال هذه الفترة... رجعنا خمسين سنة إلى الوراء».
ووجه مركز فاوست للبحث في المساواة بين الرجال والنساء رسالة إلى رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون للمطالبة بمساعدة لدور حضانة الأطفال التي واجه الكثير منها صعوبات مالية بسبب إجراءات العزل، معتبراً أن عدداً أقل من النساء سيستطعن العودة إلى العمل «إذا لم يحصل ذلك».
ونشرت مجموعة من العالمات الدوليات المعروفات رسالة غاضبة في مجلة «ذي تايمز أوف هاير إدوكيشن» للتنديد بـ«التمييز الجنسي» والعودة إلى المجتمع الذكوري الأبوي الذي يواجهنه منذ بداية الجائحة. وكتبن: «نخشى من أن التقدم الذي أحرزته النساء بعد نضال شاق في مجال العلوم أصبح من الضحايا الجانبية لهذه الأزمة».
وحملت العالمات أيضاً على وسائل الإعلام المتهمة بالاستعانة برجال فقط للتحدث عن الوباء حتى لو أنهم يملكون مؤهلات أقل، على حساب الخبيرات الفعليات.
في أبريل (نيسان)، أسفت إليزابيث هانون، مساعدة رئيس تحرير مجلة «بريتيش جورنال أوف ذي فيلوسوفي أوف ساينس» في تغريدة، للعدد القليل من «الأعمال التي تلقتها المجلة من نساء الشهر الماضي»، مؤكدة «لم يسبق لي أن رأيت ذلك».
وقالت إريكا كيسبيتر، الأستاذة في جامعة واريك، بأسف: «يبدو أن التقدم القليل المحرز سينتفي» والمثال على ذلك تعليق إلزامية نشر التفاوت في الأجور بين الرجال والنساء في الشركات الكبيرة في بريطانيا بسبب الجائحة.
ومن الإيجابيات القليلة، تعميم العمل عن بعد ما قد يساعد مسيرة الأمهات المهنية بحسب معهد دراسات الميزانية عند عودة الأطفال إلى المدرسة.
ومع أن الرجال يعملون أقل من النساء، فإن مهماتهم ازدادت خلال الحجر وقالت إريكا كيسبيتر «مع وجود الجميع في المنزل اضطر الرجال إلى المساهمة أيضاً».
عمل النساء يتحمل العبء الأكبر لآثار «كورونا»
عمل النساء يتحمل العبء الأكبر لآثار «كورونا»
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة