مفاوضات أميركية - روسية جديدة بشأن الحد من التسلح النووي

واشنطن تصر على مشاركة الصين

السفير مارشل بيلينغسلي ممثل الرئيس الأميركي لشؤون التسلح فور وصوله إلى مقر الاجتماع بفيينا (إ.ب.أ)
السفير مارشل بيلينغسلي ممثل الرئيس الأميركي لشؤون التسلح فور وصوله إلى مقر الاجتماع بفيينا (إ.ب.أ)
TT

مفاوضات أميركية - روسية جديدة بشأن الحد من التسلح النووي

السفير مارشل بيلينغسلي ممثل الرئيس الأميركي لشؤون التسلح فور وصوله إلى مقر الاجتماع بفيينا (إ.ب.أ)
السفير مارشل بيلينغسلي ممثل الرئيس الأميركي لشؤون التسلح فور وصوله إلى مقر الاجتماع بفيينا (إ.ب.أ)

تستأنف الولايات المتحدة وروسيا، اليوم الاثنين، في فيينا، المفاوضات بشأن الحد من التسلح النووي، إلا أن المحادثات تبدو مهددة منذ البداية بإصرار واشنطن على أن تشمل الصين، الأمر الذي ترفضه الأخيرة.
وينبغي أن يناقش السفير مارشل بيلينغسلي، ممثل الرئيس الأميركي لشؤون التسلح، مع نائب وزير الخارجية الروسي سيرغي ريابكوف، معاهدة خفض الأسلحة الاستراتيجية الجديدة «نيو ستارت» الثنائية الموقعة عام 2010، والتي ينتهي مفعولها في 5 فبراير (شباط) 2021؛ بعيد نهاية الولاية الحالية لدونالد ترمب المرشح لإعادة انتخابه في نوفمبر (تشرين الثاني).
ومن المقرر أن تجري المفاوضات في قصر «نيدرويسترريتش»، في وسط العاصمة النمساوية. وقد تستمر على مدى عدة أيام، بحسب دبلوماسي التقته وكالة الصحافة الفرنسية.
وتنص أحكام المعاهدة على تحديد عدد القاذفات النووية الاستراتيجية المنشورة بـ700، وعدد الرؤوس النووية المنشورة على هذه القاذفات بـ1550. وتنص أيضاً على إنشاء نظام جديد للتفتيش والتحقق من احترام بنود الاتفاقية.
وتطالب موسكو بمناقشات حول تجديد هذه المعاهدة منذ أواخر عام 2019؛ إلا أن إدارة ترمب تماطل حتى الآن مع الإصرار على إشراك بكين في المحادثات.
وأوضح الممثل الأميركي في مؤتمر جنيف للحد من التسلح روبرت وود، الجمعة، عبر قناة «سي بي إس» أن «مشكلتنا الأكبر هي افتقار الصين إلى الشفافية». وأضاف: «الترسانة الصينية ستتضاعف في السنوات العشر المقبلة. وهذا الأمر يثير بالتأكيد قلقنا الشديد».
وصرح ريابكوف لوكالة «إنترفاكس» الروسية السبت: «نعتقد أن تمديد معاهدة (نيو ستارت) سيكون أمراً صحيحاً ومنطقياً؛ لكن العالم لا يتوقف فقط على هذه المعاهدة».
ولا تزال روسيا والولايات المتحدة تملكان معاً أكثر من 90 في المائة من الأسلحة النووية في العالم، وفق التقرير الأخير الصادر عن المعهد الدولي لأبحاث السلام في استوكهولم (سيبري).
وتملك واشنطن في 2020 حوالى 5800 رأس حربي نووي، وموسكو 6375، مقابل 320 لبكين، و290 لباريس، و215 للندن، وفق المعهد السويدي.
وترفض الصين التي تعتبر أن ترسانتها أقل بكثير من ترسانتي موسكو وواشنطن، المشاركة في المفاوضات الثلاثية؛ إلا أنها أبدت انفتاحها لمحادثات متعددة الأطراف.
وكتبت وزارة الخارجية الصينية في تغريدة مؤخراً: «ينبغي على الولايات المتحدة تخفيض مخزونها من الأسلحة النووية بشكل كبير، ما سيخلق الظروف لتنضم قوى نووية أخرى إلى المحادثات المتعددة الأطراف للحد من التسلح النووي».
واعتبر سونغ تجونغبينغ - وهو خبير صيني في شؤون الدفاع - أن المستوى المثالي بالنسبة لبكين سيكون ألفي رأس نووي. وأوضح أن «الصين لن تشارك أبداً في هذه المفاوضات حول الحد من التسلح بين الولايات المتحدة وروسيا».
وقال داريل كيمبال، المدير التنفيذي لجمعية ضبط الأسلحة «آرمز كونترول أسوسييشن»: «في الوقت الراهن، ليس لدى إدارة ترمب أي نية لتمديد معاهدة (نيو ستارت) ولا تتردد في استخدام عدم اهتمام الصين بمفاوضات ثلاثية كذريعة» للتخلي عن المعاهدة.
وسحب ترمب بلاده من ثلاثة اتفاقات دولية حول الحد من التسلح: الاتفاق حول النووي الإيراني، ومعاهدة الأسلحة النووية المتوسطة المدى، ومعاهدة «الأجواء المفتوحة» التي تهدف إلى التحقق من التحركات العسكرية، وإجراءات الحد من تسلح الدول الموقعة عليها.
ورأى المحلل السياسي الروسي فيودور لوكيانوف، أنه «لا ينبغي توقع إحراز أي نوع من التقدم» في فيينا.
وشرح لوكالة الصحافة الفرنسية أن «موقف إدارة ترمب متسق جداً: هي تتخلى عملياً عن كل القيود المرتبطة باتفاقات موقعة في الماضي» مضيفاً: «ليس هناك أي سبب يجعلنا نعتقد أن هذه المعاهدة ستشكل استثناءً».
وأشارت شانون كايل مديرة برنامج نزع الأسلحة النووية والحد من التسلح وعدم انتشار الأسلحة، في المعهد الدولي لأبحاث السلام في استوكهولم، إلى أن «عصر الاتفاقات الثنائية للحد من الأسلحة النووية بين روسيا والولايات المتحدة يمكن أن ينتهي».


مقالات ذات صلة

مسيّرة تستهدف مركبة لوكالة الطاقة الذرية قرب محطة زابوريجيا النووية في أوكرانيا

أوروبا صورة مركبة تابعة للوكالة الدولية للطاقة الذرية تعرضت لأضرار بسبب غارة بطائرة مسيرة على طريق في منطقة زابوريجيا في أوكرانيا 10 ديسمبر 2024 (رويترز)

مسيّرة تستهدف مركبة لوكالة الطاقة الذرية قرب محطة زابوريجيا النووية في أوكرانيا

قال مدير الطاقة الذرية إن مركبة تابعة للوكالة تعرضت لأضرار جسيمة بسبب هجوم بمسيرة على الطريق المؤدي إلى محطة زابوريجيا للطاقة النووية في أوكرانيا، الثلاثاء.

«الشرق الأوسط» (كييف)
العالم العربي أعمال تنفيذ محطة الضبعة النووية (هيئة المحطات النووية المصرية)

مصر تؤكد انتظام العمل في المحطة النووية وفق الجدول الزمني

أكدت مصر انتظام العمل في «محطة الضبعة» النووية، وفق الجدول الزمني المخطط لها، وذلك بعد أيام من إعلان الحكومة التزامها بسداد جميع مستحقات الجانب الروسي.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
أوروبا جانب من التجارب الروسية على إطلاق صواريخ لمحاكاة رد نووي (أرشيفية - أ.ف.ب)

ضابط روسي هارب: كنا على استعداد لتنفيذ ضربة نووية في بداية الحرب

قال ضابط روسي هارب إنه في اليوم الذي تم فيه شن الغزو في فبراير 2022 كانت قاعدة الأسلحة النووية التي كان يخدم فيها «في حالة تأهب قتالي كامل».

«الشرق الأوسط» (موسكو)
العالم نظام صاروخي باليستي عابر للقارات من طراز «يارس» الروسي خلال عرض في «الساحة الحمراء» بموسكو يوم 24 يونيو 2020 (رويترز)

كيف كسرت الحرب في أوكرانيا المحرّمات النووية؟

عبر جعل التهديد النووي عادياً، وإعلانه اعتزامه تحويل القنبلة النووية إلى سلاح قابل للاستخدام، نجح بوتين في خلق بيئة مواتية لانتشار أسلحة نووية حول العالم.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
العالم الرئيس الروسي فلاديمير بوتين خلال اجتماع في موسكو 21 نوفمبر 2024 (رويترز)

موسكو تلعب على التصعيد النووي في انتظار عودة ترمب إلى البيت الأبيض

تسعى روسيا إلى تصعيد التهديد النووي، في محاولة لتثبيط الدعم الغربي لأوكرانيا بانتظار عودة ترمب إلى البيت الأبيض، آملة التوصل إلى اتفاق سلام بشروطها.

«الشرق الأوسط» (موسكو)

روته: يجب على «الناتو» تبني «عقلية الحرب» في ضوء الغزو الروسي لأوكرانيا

صورة التُقطت 4 ديسمبر 2024 في بروكسل ببلجيكا تظهر الأمين العام لحلف «الناتو» مارك روته خلال مؤتمر صحافي (د.ب.أ)
صورة التُقطت 4 ديسمبر 2024 في بروكسل ببلجيكا تظهر الأمين العام لحلف «الناتو» مارك روته خلال مؤتمر صحافي (د.ب.أ)
TT

روته: يجب على «الناتو» تبني «عقلية الحرب» في ضوء الغزو الروسي لأوكرانيا

صورة التُقطت 4 ديسمبر 2024 في بروكسل ببلجيكا تظهر الأمين العام لحلف «الناتو» مارك روته خلال مؤتمر صحافي (د.ب.أ)
صورة التُقطت 4 ديسمبر 2024 في بروكسل ببلجيكا تظهر الأمين العام لحلف «الناتو» مارك روته خلال مؤتمر صحافي (د.ب.أ)

وجّه الأمين العام لحلف شمال الأطلسي (الناتو) مارك روته، الخميس، تحذيراً قوياً بشأن ضرورة «زيادة» الإنفاق الدفاعي، قائلاً إن الدول الأوروبية في حاجة إلى بذل مزيد من الجهود «لمنع الحرب الكبرى التالية» مع تنامي التهديد الروسي، وقال إن الحلف يحتاج إلى التحول إلى «عقلية الحرب» في مواجهة العدوان المتزايد من روسيا والتهديدات الجديدة من الصين.

وقال روته في كلمة ألقاها في بروكسل: «نحن لسنا مستعدين لما ينتظرنا خلال أربع أو خمس سنوات»، مضيفاً: «الخطر يتجه نحونا بسرعة كبيرة»، وفق «وكالة الصحافة الفرنسية».

وتحدّث روته في فعالية نظمها مركز بحثي في بروكسل تهدف إلى إطلاق نقاش حول الاستثمار العسكري.

جنود أميركيون من حلف «الناتو» في منطقة قريبة من أورزيسز في بولندا 13 أبريل 2017 (رويترز)

ويتعين على حلفاء «الناتو» استثمار ما لا يقل عن 2 في المائة من إجمالي ناتجهم المحلي في مجال الدفاع، لكن الأعضاء الأوروبيين وكندا لم يصلوا غالباً في الماضي إلى هذه النسبة.

وقد انتقدت الولايات المتحدة مراراً الحلفاء الذين لم يستثمروا بما يكفي، وهي قضية تم طرحها بشكل خاص خلال الإدارة الأولى للرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب.

وأضاف روته أن الاقتصاد الروسي في «حالة حرب»، مشيراً إلى أنه في عام 2025، سيبلغ إجمالي الإنفاق العسكري 7 - 8 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي للبلاد - وهو أعلى مستوى له منذ الحرب الباردة.

وبينما أشار روته إلى أن الإنفاق الدفاعي ارتفع عما كان عليه قبل 10 سنوات، عندما تحرك «الناتو» لأول مرة لزيادة الاستثمار بعد ضم روسيا شبه جزيرة القرم من طرف واحد، غير أنه قال إن الحلفاء ما زالوا ينفقون أقل مما كانوا ينفقونه خلال الحرب الباردة، رغم أن المخاطر التي يواجهها حلف شمال الأطلسي هي «بالقدر نفسه من الضخامة إن لم تكن أكبر» (من مرحلة الحرب الباردة). واعتبر أن النسبة الحالية من الإنفاق الدفاعي من الناتج المحلي الإجمالي والتي تبلغ 2 في المائة ليست كافية على الإطلاق.

خلال تحليق لمقاتلات تابعة للـ«ناتو» فوق رومانيا 11 يونيو 2024 (رويترز)

وذكر روته أنه خلال الحرب الباردة مع الاتحاد السوفياتي، أنفق الأوروبيون أكثر من 3 في المائة من ناتجهم المحلي الإجمالي على الدفاع، غير أنه رفض اقتراح هذا الرقم هدفاً جديداً.

وسلَّط روته الضوء على الإنفاق الحكومي الأوروبي الحالي على معاشات التقاعد وأنظمة الرعاية الصحية وخدمات الرعاية الاجتماعية مصدراً محتملاً للتمويل.

واستطرد: «نحن في حاجة إلى جزء صغير من هذه الأموال لجعل دفاعاتنا أقوى بكثير، وللحفاظ على أسلوب حياتنا».