مصر تسعى إلى «تأمين» دعم القوى الكبرى في مواجهة رد إثيوبي منتظر

بعد مخاطبة مجلس الأمن لحل نزاع «سد النهضة»

بدأت إثيوبيا في بناء سد النهضة على النيل الأزرق عام 2011 (أ.ف.ب)
بدأت إثيوبيا في بناء سد النهضة على النيل الأزرق عام 2011 (أ.ف.ب)
TT

مصر تسعى إلى «تأمين» دعم القوى الكبرى في مواجهة رد إثيوبي منتظر

بدأت إثيوبيا في بناء سد النهضة على النيل الأزرق عام 2011 (أ.ف.ب)
بدأت إثيوبيا في بناء سد النهضة على النيل الأزرق عام 2011 (أ.ف.ب)

تسعى مصر إلى «تأمين» دعم القوى الكبرى لموقفها حيال نزاع «سد النهضة» الإثيوبي، بعد أن أحالت القضية إلى مجلس الأمن الدولي، بانتظار الرد الإثيوبي. ووفق بيان للخارجية المصرية، قدم الوزير سامح شكري لنظيره الروسي سيرغي لافروف، خلال اتصال هاتفي أمس، شرحاً لـ«مستجدات الملف».
وروسيا هي إحدى الدول الخمس الكبرى التي تمتلك حق النقض «الفيتو» في مجلس الأمن، بجانب الولايات المتحدة والصين وفرنسا وبريطانيا.
وتنشد القاهرة دعم 9 أعضاء على الأقل من أعضاء المجلس الـ15، مع تأمين عدم استخدام أي من الدول الخمس دائمة العضوية حق النقض «الفيتو»، وتصويتهم لصالح قرار متوازن يحمي «حقوقها المائية»، في مواجهة إثيوبيا التي تستعد بدورها لتفنيد الشكوى المصرية، قبل أو بعد انعقاد اجتماع المجلس الأمن، بحسب دبلوماسيين وخبراء تحدثوا لـ«الشرق الأوسط».
وقدمت مصر طلباً إلى مجلس الأمن، تدعوه فيه «إلى التدخل من أجل تأكيد أهمية مواصلة الدول الثلاث، مصر وإثيوبيا والسودان، التفاوض بحسن نية، تنفيذاً لالتزاماتها، وفق قواعد القانون الدولي، للتوصل إلى حل عادل متوازن لقضية سد النهضة الإثيوبي».
وتستهدف مصر من اللجوء إلى مجلس الأمن المضي قدماً في «المسار الدبلوماسي والسياسي حتى نهايته»، بحسب الرئيس عبد الفتاح السيسي الذي أمر جيشه، في تصريحات له أول من أمس، بـ«الاستعداد لتنفيذ أي عملية داخل أو خارج البلاد لحماية أمنها القومي».
وتوقفت المحادثات الثلاثية، بين مصر وإثيوبيا والسودان، مرة أخرى الأسبوع الماضي، لكن هذه المرة قبل نحو أسبوعين فقط من البدء المتوقع لملء خزان سد النهضة الذي تبلغ تكلفته 4 مليارات دولار، ويتم بناؤه قرب حدود إثيوبيا مع السودان.
وقال وزير الخارجية المصري إن بلاده أحالت الملف إلى مجلس الأمن لـ«منع نشوب توتر قد يؤثر على المنطقة»، لافتاً إلى أن الجانب الإثيوبي دائماً ما رفض أي تدخل أو وساطة لحل الأزمة الحالية.
وأضاف شكري، في تصريحات تلفزيونية أمس: «أبدينا مرونة بالغة، ولم نجد بديلاً عن اللجوء لمجلس الأمن لمنع نشوب توتر قد يكون له تأثيره»، مشيراً إلى اقتراح بلاده إيكال المهمة إلى البنك الدولي وأجهزته الفنية، لثقتها في أنها قضية علمية، لا سياسية، ليضع اتفاقاً «من منظور فني وقانوني حول عمل السد، لكن للأسف الجانب الإثيوبي دائماً ما رفض أي تدخل أو وساطة، وهو مستمر في ذلك».
ونوه شكري إلى مسؤولية مجلس الأمن في «الحفاظ على السلم والأمن القومي»، مشيراً إلى أن «قضية السد تمس مستقبل أكثر من 150 مليون مصري وسوداني».
وسبق أن رفضت إثيوبيا كذلك التوقيع على اتفاق نهائي بشأن قواعد ملء وتشغيل السد، برعاية أميركية، مطلع العام الحالي، عبر مفاوضات أشرفت عليها وزارة الخزانة الأميركية، وحضرها البنك الدولي.
وبدأت إثيوبيا في عام 2011 في بناء سد النهضة على النيل الأزرق بهدف توليد الكهرباء، وتخشى مصر من إضرار السد بحصتها من المياه التي تبلغ نحو 55 مليون متر مكعب سنوياً، تحصل على أغلبها من النيل الأزرق.
وترفض مصر اعتزام إثيوبيا ملء خزان السد بـ«شكل أحادي» في يوليو (تموز) المقبل، دون توقيع اتفاق نهائي شامل. وبينما تستعد إثيوبيا للرد على الشكوى المصرية، فإن على القاهرة «مهمة تأمين تفهم ودعم 9 أعضاء على الأقل من أعضاء المجلس، وعدم استخدام أي من الدول الخمس دائمة العضوية لحق الفيتو»، كما يشير السفير محمد مرسي، مساعد وزير الخارجية المصري الأسبق.
وحدد الدبلوماسي المصري السابق، لـ«الشرق الأوسط»، عدداً من العقبات التي تقف في طريق الطلب المصري، والتي تتطلب جهداً دبلوماسياً، ومنها «صدور قرار من دون صياغات واضحة تقبل أكثر من تفسير يتسم بالعمومية، ودعوة الدول الثلاث لاستئناف المفاوضات دون وضع ضوابط لهذه المفاوضات تحول دون استمرار التعنت الإثيوبي، أو أن يتضمن القرار إجراءات أخرى تطيل أمد النزاع».
ويعد اللجوء لمجلس الأمن «خياراً محفوفاً بالمخاطر»، وفقاً للخبير السياسي الدكتور مالك عوني، مدير تحرير مجلة «السياسة الدولية» في مصر، الذي أشار في تصريح سابق لـ«الشرق الأوسط» إلى أن «الإطار القانوني الدولي القائم يؤسس على الإرادة السياسية للقوى العظمى، من خلال آلية مجلس الأمن الدولي... وللأسف، فرغم أن هذه الإرادة مؤسسة للشرعية الدولية والقانون الدولي، فإنها في الممارسة العملية لا تتقيد بأي مبادئ، باستثناء مصالح هذه القوى العظمى».
ولمجلس الأمن الدولي صلاحيات تتضمن دعوة إثيوبيا إلى التوقف عن ملء خزان السد، أو العودة إلى المفاوضات حتى الوصول لاتفاق، أو أن تكون هذه المفاوضات برعاية أممية، كما يشير أستاذ القانون الدولي بجامعة القاهرة محمد سامح عمرو الذي قال لـ«سبوتنيك» إن «هذه المسألة عندما ترفع لمجلس الأمن، ويجدها تهدد السلم والأمن، سيعمل المجلس تحت مظلة الفصل السادس والفصل السابع من الميثاق، ما يعطي له الصلاحيات كافة لأن يطلب من الدول، أو يتخذ من الإجراءات ما يراه لوقف حالة التهديد للأمن والسلم».



اليمن يطالب بتوسيع التدخلات الأممية الإنسانية في مأرب

نقص التمويل أدى إلى خفض المساعدات وحرمان الملايين منها (إعلام حكومي)
نقص التمويل أدى إلى خفض المساعدات وحرمان الملايين منها (إعلام حكومي)
TT

اليمن يطالب بتوسيع التدخلات الأممية الإنسانية في مأرب

نقص التمويل أدى إلى خفض المساعدات وحرمان الملايين منها (إعلام حكومي)
نقص التمويل أدى إلى خفض المساعدات وحرمان الملايين منها (إعلام حكومي)

طالبت السلطة المحلية في محافظة مأرب اليمنية (شرق صنعاء) صندوق الأمم المتحدة للسكان بتوسيع تدخلاته في المحافظة مع استمرار تدهور الوضع الاقتصادي والإنساني للنازحين، وقالت إن المساعدات المقدمة تغطي 30 في المائة فقط من الاحتياجات الأساسية للنازحين والمجتمع المضيف.

وبحسب ما أورده الإعلام الحكومي، استعرض وكيل محافظة مأرب عبد ربه مفتاح، خلال لقائه مدير برنامج الاستجابة الطارئة في صندوق الأمم المتحدة للسكان عدنان عبد السلام، تراجع تدخلات المنظمات الأممية والدولية ونقص التمويل الإنساني.

مسؤول يمني يستقبل في مأرب مسؤولاً أممياً (سبأ)

وطالب مفتاح الصندوق الأممي بتوسيع الاستجابة الطارئة ومضاعفة مستوى تدخلاته لتشمل مجالات التمكين الاقتصادي للمرأة، وبرامج صحة الأم والطفل، وبرامج الصحة النفسية، وغيرها من الاحتياجات الأخرى.

ومع إشادة المسؤول اليمني بالدور الإنساني للصندوق في مأرب خلال الفترة الماضية، وفي مقدمتها استجابته الطارئة لاحتياجات الأسر عقب النزوح، بالإضافة إلى دعم مشاريع المرأة ومشاريع تحسين سبل العيش للفئات الضعيفة والمتضررة، أكد أن هناك احتياجات وتحديات راهنة، وأن تدخلات المنظمات الدولية غالباً ما تصل متأخرة ولا ترقى إلى نسبة 30 في المائة من حجم الاحتياج القائم.

وحمّل وكيل محافظة مأرب هذا النقص المسؤولية عن توسع واستمرار الفجوات الإنسانية، وطالب بمضاعفة المنظمات من تدخلاتها لتفادي وقوع مجاعة محدقة، مع دخول غالبية النازحين والمجتمع المضيف تحت خط الفقر والعوز في ظل انعدام الدخل وانهيار سعر العملة والاقتصاد.

آليات العمل

استعرض مدير برنامج الاستجابة في صندوق الأمم المتحدة للسكان خلال لقائه الوكيل مفتاح آليات عمل البرنامج في حالات الاستجابة الطارئة والسريعة، إلى جانب خطة الأولويات والاحتياجات المرفوعة من القطاعات الوطنية للصندوق للعام المقبل.

وأكد المسؤول الأممي أن الوضع الإنساني الراهن للنازحين في المحافظة يستدعي حشد المزيد من الدعم والمساعدات لانتشال الأسر الأشد ضعفاً وتحسين ظروفهم.

النازحون في مأرب يعيشون في مخيمات تفتقر إلى أبسط مقومات الحياة (إعلام محلي)

وكانت الوحدة الحكومية المعنية بإدارة مخيمات النازحين قد ذكرت أن أكثر من 56 ألف أسرة بحاجة ملحة للغذاء، وأكدت أنها ناقشت مع برنامج الغذاء العالمي احتياجات النازحين وتعزيز الشراكة الإنسانية في مواجهة الفجوة الغذائية المتزايدة بالمحافظة، ومراجعة أسماء المستفيدين الذين تم إسقاط أسمائهم من قوائم البرنامج في دورته الأخيرة، وانتظام دورات توزيع الحصص للمستفيدين.

من جهته، أبدى مكتب برنامج الأغذية العالمي في مأرب تفهمه لطبيعة الضغوط والأعباء التي تتحملها السلطة المحلية جراء الأعداد المتزايدة للنازحين والطلب الكبير على الخدمات، وأكد أنه سيعمل على حشد المزيد من الداعمين والتمويلات الكافية، ما يساعد على انتظام توزيع الحصص الغذائية في حال توفرها.

خطط مستقبلية

بحث وكيل محافظة مأرب، عبد ربه مفتاح، في لقاء آخر، مع الرئيس الجديد لبعثة المنظمة الدولية للهجرة في اليمن، عبد الستار يوسف، الوضع الإنساني في المحافظة، وخطط المنظمة المستقبلية للتدخلات الإنسانية خصوصاً في مجال مشاريع التنمية المستدامة والتعافي المجتمعي والحاجة لتوسيع وزيادة حجم المساعدات والخدمات للنازحين واللاجئين والمجتمع المضيف، وتحسين أوضاع المخيمات وتوفير الخدمات الأساسية.

وكيل محافظة مأرب يستقبل رئيس منظمة الهجرة الدولية في اليمن (سبأ)

وطبقاً للإعلام الحكومي، قدّم الوكيل مفتاح شرحاً عن الوضع الإنساني المتردي بالمحافظة التي استقبلت أكثر من 62 في المائة من النازحين في اليمن، وزيادة انزلاقه إلى وضع أسوأ جراء تراجع المساعدات الإنسانية، والانهيار الاقتصادي، والمتغيرات المناخية، واستمرار النزوح إلى المحافظة.

ودعا الوكيل مفتاح، المجتمع الدولي وشركاء العمل الإنساني إلى تحمل مسؤولياتهم الأخلاقية في استمرار دعمهم وتدخلاتهم الإنسانية لمساندة السلطة المحلية في مأرب لمواجهة الأزمة الإنسانية.

وأكد المسؤول اليمني أن السلطة المحلية في مأرب ستظل تقدم جميع التسهيلات لإنجاح مشاريع وتدخلات جميع المنظمات الإنسانية، معرباً عن تطلعه لدور قوي وفاعل للمنظمة الدولية للهجرة، إلى جانب الشركاء الآخرين في العمل الإنساني في عملية حشد المزيد من الموارد.

حريق في مخيم

على صعيد آخر، التهم حريق في محافظة أبين (جنوب) نصف مساكن مخيم «مكلان»، وألحق بسكانه خسائر مادية جسيمة، وشرد العشرات منهم، وفق ما أفاد به مدير وحدة إدارة المخيمات في المحافظة ناصر المنصري، الذي بين أن الحريق نتج عن سقوط سلك كهربائي على المساكن المصنوعة من مواد قابلة للاشتعال، مثل القش والطرابيل البلاستيكية.

مخيم للنازحين في أبين احترق وأصبح نصف سكانه في العراء (إعلام محلي)

وبحسب المسؤول اليمني، فإن نصف سكان المخيم فقدوا مساكنهم وجميع ممتلكاتهم، بما فيها التموينات الغذائية، وأصبحوا يعيشون في العراء في ظل ظروف إنسانية قاسية. وحذر من تدهور الوضع الصحي مع زيادة انتشار الأوبئة وانعدام الخدمات الأساسية.

وطالب المسؤول السلطات والمنظمات الإنسانية المحلية والدولية بسرعة التدخل لتقديم الدعم اللازم للمتضررين، وفي المقدمة توفير مأوى طارئ ومساعدات غذائية عاجلة، إلى جانب المياه الصالحة للشرب، والأغطية، والأدوية.