المؤثرون الجدد... وحراس الفضيلة

المؤثرون الجدد... وحراس الفضيلة
TT

المؤثرون الجدد... وحراس الفضيلة

المؤثرون الجدد... وحراس الفضيلة

على مدى الشهرين الفائتين، انشغل قطاع كبير من الجمهور العربي بعدد من الممارسات الإعلامية الحادة والمثيرة للجدل عبر وسائط التواصل الاجتماعي، وبخاصة بعدما أدت إلى سجن بعض أصحاب تلك الممارسات.
بدأت تلك الوقائع في مصر مع حبس فتاة عشرينية، تقدم نفسها على أنها «صانعة محتوى»، بعد اتهامها بـ«الاعتداء على مبادئ وقيم أسرية»، قبل أن تُسجن ثلاث سيدات أخريات في البلد نفسه باتهامات مماثلة، كما تم توقيف ممثل مغربي معروف، إثر اتهامه بـ«بإهانة الإسلام والاستهزاء بالشعائر الدينية»، وأخيراً جرى اعتقال شاب أردني بتهمة «التحريض على اغتصاب الفتيات» من خلال مقطع فيديو.
تلك وقائع مثيرة يجب أن تكون محل اهتمام بالغ، ليس لأنها تتعلق بالتحدي الخطير المتمثل في إيجاد الحد الفاصل بين حرية الرأي والتعبير من جانب والأمن المجتمعي والروحي من جانب آخر فقط، ولكن أيضاً لأنها قد ترسي قواعد للتعاطي مع انتهاكات وصدامات ستحدث باطراد في المستقبل، وستثير الكثير من الغبار، وستُخلف تداعيات مُكلفة.
ثمة ثلاثة عناصر مهمة تظهر في طيات هذه الصدامات وتؤطر معالجتها؛ أولها يتعلق بأنها نجمت عن محتوى تم بثه عبر «السوشيال ميديا»، وثانيها أن من لفت الانتباه إليها وحرض السلطات على اتخاذ إجراءات عقابية بحق صانعيها هم نشطاء على تلك الوسائط، وثالثها أن الاتهامات التي تم توجيهها لأبطال تلك الوقائع تتمحور حول «حماية القيم الأسرية والمجتمعية، والآداب العامة، وحرمة الأديان».
يقودنا ذلك إلى ملامح مشهد متكامل، يظهر خلاله مؤثرون جدد، يبنون جماهيرية ويحصدون مالاً ويجدون نفاذا إلى المجال العام، من دون امتلاكهم أدوات كافية لصنع محتوى معتبر، وبسبب طبيعة تلك الوسائط؛ فإن رسائلهم تصل بسهولة وتنتشر على نطاق واسع، وبسبب طبيعة المتلقين، فإنها تحقق تأثيراً كبيراً.
وبموازاة ذلك، زادت قدرة «السوشيال ميديا» على التأثير في صنع السياسات العامة، وبرز منافسون للمؤثرين الجدد سعوا إلى الحد من انتشارهم عبر مهاجمتهم ومحاولة إقصائهم، كما ظهرت قطاعات تريد أن تُفعَل رؤيتها لما يجب أن يُسمح بتداوله في المجال العام، بجانب هؤلاء الذين يحرصون فعلاً على الحد من المخالفات المرتكبة عبر تلك الوسائط.
وقد انقسم مستخدمو «السوشيال ميديا» العرب، الذين اهتموا بتلك الصدامات، إلى تيارين رئيسيين؛ أولهما يرى أن المستخدمين الذين واجهوا الاتهامات وخضعوا للحبس والملاحقة القانونية أصحاب رأي لا يجب قمعهم، وثانيهما يعتقد أن دور المستخدمين (المحتسبين) في ملاحقة «المخالفين» ضروري، وأن حبس هؤلاء وعقابهم واجب، حفاظاً على الآداب العامة وتماسك المجتمع وحرصاً على الفضيلة.
فما الحد الفاصل بين حرية الرأي والتعبير وبين حق السلطة العامة والمجتمع في حماية ما يُعتقد أنه أمنه ومصالحه وسماته الأخلاقية وعاداته؟ وما الذي يتوجب فعله إزاء انتهاكات وممارسات حادة ومثيرة للجدل ترد عبر «السوشيال ميديا» في هذا الإطار؟
بعض المجتمعات المتقدمة اجتهدت لكى تضع مقاييس تُمَكنها من اتخاذ قرارات في شأن أنماط أداء إعلامي مثيرة للجدل، باعتبار أن حرية الرأي والتعبير لا تعني الموافقة على كل شيء يُكتب أو يُقال أو يُصور، لأن هناك حقوقاً وخطوطاً لا يمكن تجاوزها.
ومن أهم ما توصلت إليه تلك المجتمعات أن حرية الرأي والتعبير مصونة ولا تمس، لكنها يجب أن تُقيد عندما تثير الكراهية، أو تحرض على العنف، أو تطعن في المعتقدات المقدسة، أو تختلق الأخبار وتزيفها، أو تشجع التمييز، أو تنال من الحقوق الثابتة للآخرين، أو تتجاوز نسق الآداب العامة كما تفهمه المؤسسات المعنية وترسيه.
وقد حاولت المحكمة الأميركية العليا أن ترسي معياراً للتعامل مع «حرية الإبداع» في عام 1973. فرأت أن تستند إلى صيغة «مقياس ميلر» Miller Test، الذي يحمي أي عمل فني أو إبداعي أو إعلامي إذا استوفى شروطاً ثلاثة؛ هي: عدم خرق القوانين النافذة، وتأييد أو موافقة قطاع مؤثر من الجمهور، والانطواء على جهد فني أو إبداعي خاص.
يبدو أن هذا المقياس يمكن أن يفرز تلك الممارسات، ويحدد ما إذا كانت مقبولة ولائقة، أو أنها تجاوزت خطوطاً حمراء، على أن يتم هذا بعدالة وعدم انتقائية، ويتفادى الخضوع للمهيجين وأصحاب المصالح الضيقة، ويبحث عن طريقة للحد من الانتهاكات بعيداً عن العقوبات السالبة للحرية.



السعودية تؤكد ضرورة تكاتف الإعلام العربي لدعم فلسطين

الدوسري مترئساً اجتماع المكتب التنفيذي لمجلس وزراء الإعلام العرب (واس)
الدوسري مترئساً اجتماع المكتب التنفيذي لمجلس وزراء الإعلام العرب (واس)
TT

السعودية تؤكد ضرورة تكاتف الإعلام العربي لدعم فلسطين

الدوسري مترئساً اجتماع المكتب التنفيذي لمجلس وزراء الإعلام العرب (واس)
الدوسري مترئساً اجتماع المكتب التنفيذي لمجلس وزراء الإعلام العرب (واس)

أكّد سلمان الدوسري وزير الإعلام السعودي، الاثنين، أهمية توظيف العمل الإعلامي العربي لدعم قضية فلسطين، والتكاتف لإبراز مخرجات «القمة العربية والإسلامية غير العادية» التي استضافتها الرياض مؤخراً.

وشددت القمة في 11 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، على مركزية القضية الفلسطينية، والدعم الراسخ للشعب لنيل حقوقه المشروعة، وإيجاد حل عادل وشامل مبني على قرارات الشرعية الدولية.

وقال الدوسري لدى ترؤسه الدورة العادية الـ20 للمكتب التنفيذي لمجلس وزراء الإعلام العرب في أبوظبي، أن الاجتماع يناقش 12 بنداً ضمن الجهود الرامية لتطوير العمل المشترك، وفي مقدمتها القضية الفلسطينية، بمشاركة رؤساء الوفود والمؤسسات والاتحادات الممارسة لمهام إعلامية ذات صفة مراقب.

الدوسري أكد أهمية توظيف العمل الإعلامي لدعم القضية الفلسطينية (واس)

وأضاف أن الاجتماعات ناقشت سبل الارتقاء بالمحتوى الإعلامي، وأهم القضايا المتعلقة بدور الإعلام في التصدي لظاهرة الإرهاب، وجهود الجامعة العربية في متابعة خطة التحرك الإعلامي بالخارج، فضلاً عن الخريطة الإعلامية العربية للتنمية المستدامة 2030.

وتطرق الدوسري إلى استضافة السعودية مؤتمر الأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة للتصحر «كوب 16»، وقمة المياه الواحدة، وضرورة إبراز مخرجاتهما في الإعلام العربي، مؤكداً أهمية الخطة الموحدة للتفاعل الإعلامي مع قضايا البيئة.

وأشار إلى أهمية توظيف تقنيات الذكاء الاصطناعي في الإعلام العربي، واستثمار دورها في تعزيز المحتوى وتحليل سلوك الجمهور، داعياً للاستفادة من خبرات «القمة العالمية للذكاء الاصطناعي» في الرياض؛ لتطوير الأداء.