«حياة السود مهمة» تكشف فشل الرياضة في التعامل مع العنصرية

هل يمكن مكافحة التمييز العرقي بعبارة تدوّن على قمصان اللاعبين؟

لاعبو آرسنال يركعون على ركبة واحدة  خلال المواجهة الودية مع برينتفورد في إشارة رفض للعنصرية (غيتي)
لاعبو آرسنال يركعون على ركبة واحدة خلال المواجهة الودية مع برينتفورد في إشارة رفض للعنصرية (غيتي)
TT

«حياة السود مهمة» تكشف فشل الرياضة في التعامل مع العنصرية

لاعبو آرسنال يركعون على ركبة واحدة  خلال المواجهة الودية مع برينتفورد في إشارة رفض للعنصرية (غيتي)
لاعبو آرسنال يركعون على ركبة واحدة خلال المواجهة الودية مع برينتفورد في إشارة رفض للعنصرية (غيتي)

قرر الدوري الإنجليزي الممتاز - بناء على طلب كثير من قادة الأندية - أن تُكتب عبارة «حياة السود مهمة» على قمصان اللاعبين بدلاً من أسمائهم، في الجولة الافتتاحية عندما يتم استئناف مباريات الدوري الإنجليزي الممتاز. لكن الدوري الإنجليزي الممتاز لم يقرر رسمياً ما إذا كانت حياة السود ستظل مهمة بعد الأسبوع المقبل أم لبقية الموسم، أم إن حياتهم ستكون مهمة خلال هذا الأسبوع فقط! لكن على أي حال؛ الدوري الإنجليزي الممتاز طمأننا بأنه سيتشاور مع أصحاب المصلحة الرئيسيين ويعلن عن نتائج تلك المشاورات في الوقت المناسب.
وبغض النظر عن كل التفاهات الأخرى، قد يكون من المفيد تحديد الخطوات التي أوصلتنا إلى هذه النقطة. في الحقيقة، تعد رسائل قمصان اللاعبين لفتة مثيرة للضحك، فهي عبارة عن وضع القليل من القماش على جزء آخر من القماش. لكن على أي حال، كان من المستحيل تصور هذه اللفتة قبل بضع سنوات فقط من الآن، بل وربما قبل بضعة أسابيع، وبالتحديد قبل مقتل جورج فلويد في الحادث العنصري الذي أدى إلى موجة من الغضب ضد الافتراضات والمعتقدات التقليدية التي تم بناء مجتمعنا عليها، وهو الأمر الذي أجبرنا جميعاً - بما في ذلك في عالم الرياضة - على إلقاء نظرة على أنفسنا.
هذه ليست صحوة مفاجئة الآن، لكن بالنسبة لكثير من الرياضيين والمشجعين الذين يتحدثون الآن وينتقدون العنصرية، فإن هذا ببساطة هو تعبير عن المشاعر والأفكار التي كانت تتحرك بشكل خفي تحت السطح لبعض الوقت، وهي المشاعر التي كانت تتم السيطرة عليها بسبب الخوف من الانتقام، وبسبب الخوف من رد الفعل، وبسبب المجتمع والخطاب العام الذي كان دائماً ما ينظر إلى مناهضة العنصرية، وليس العنصرية نفسها، على أنها مصدر التدمير الحقيقي.
ورغم كل ذلك، فإن هذه اللحظة تتطلب اتخاذ خطوات تتجاوز مجرد الكلام والتصريحات. فلأول مرة، يواجه الأشخاص الذين ليست لديهم مصلحة في معالجة عدم المساواة العرقية آثار وتداعيات هذا الأمر. وحتى الدوري الإنجليزي الممتاز، الذي دائماً ما يتعامل بحساسية شديدة مع الخطابات السياسية والأخلاقيات وحقوق الإنسان والذي سمح بشراء الأندية من قبل الدول القومية، وجد نفسه الآن مضطراً للانحياز علانية ضد العنصرية المنظمة، وهي الظاهرة التي لا يزال البعض يحاول أن يقول إنها غير موجودة. صحيح إنها خطوة صغيرة ومحدودة بشكل محبط؛ لكنها أفضل من لا شيء على أي حال.
وخلال الأيام الأخيرة، لم تكن أي رياضة أو أي هيئة رياضية محصنة من الحساب، أو من الحديث حول التنوع العرقي أو التمثيل العادل أو التحيز الديموغرافي. في الواقع، كان أحد الإنجازات العظيمة التي حققتها حركة «حياة السود مهمة» هو فضح الطريقة التي تعمل بها العنصرية في مجملها؛ وكيف أن الاقتصاد مبني على استغلال البيض للسود، وكيف أن الصورة الذاتية المبنية على التفوق الأبيض تؤدي إلى أن تكون غرف الاجتماعات ومجالس الإدارات مكونة بالكامل من البيض، وكيف تدعم العنصرية نفسها من خلال كثير من الأشياء مثل الاعتداءات والإهانات، وكيف يمكن للصورة النمطية الرياضية ذات النية الحسنة (السرعة والقوة البدنية) أن تنبثق من العمى المتعمد نفسه، مثل وضع ركبة على مؤخرة عنق شخص أسود حتى تنتهي حياته، كما حدث مع جورج فلويد.
لقد كان هناك كثير من الحديث عن الرحلات الشخصية وعمليات التعليم، لتنوير البعض وتذكير البعض الآخر بعدم المساواة والظلم الذي أوصلنا إلى هذه النقطة. وقد تم إعداد عدد كبير جداً من الرياضيين البيض للسماح لزملائهم السود بتحمل العبء في هذا الأمر، واكتفوا بمجرد الاختباء خلف مربع أسود على «إنستغرام» وترديد بعض الشعارات الرنانة. وقد تحدث كثير من الأشخاص - بمن فيهم هيكتور بيليرين، ودانيال ريكاردو، وجيمي آندرسون، وجون رام، وغيرهم - بشكل جيد في هذا الأمر.
وما زالت هذه العملية مستمرة، ويجب أن تستمر كل يوم وكل أسبوع، وبمجرد أن تهدأ الاحتجاجات وبعد أن تم استئناف النشاط الرياضي مرة أخرى. لكن الأمر يتطلب الصبر والفضول الفكري والرغبة في النظر إلى ما وراء الأشياء الظاهرية. إن مشكلة عدم وجود عدد كافٍ من المديرين الفنيين من أصحاب البشرة السمراء ومن الآسيويين ومن ينتمون للأقليات العرقية المختلفة في كرة القدم الإنجليزية، على سبيل المثال، هي من نوع المشكلات التي يمكن حلها في غضون أشهر. والأمر نفسه ينطبق أيضاً على عدم وجود تمثيل كافٍ للمديرين غير البيض في مجالس إدارات الهيئات الرياضية البريطانية الرئيسية، كما كشفت عنه دراسة أجرتها مؤسسة «سبورتنغ إيكوالز» خلال الأسبوع الحالي.
لكن المشكلة تكمن في أن القضايا الأساسية لا تزال على حالها ولم تتغير. والسبب الرئيسي في عدم وجود عدد كافٍ من المديرين الفنيين السود في كرة القدم الإنجليزية هو عدم وجود عدد كبير من الرؤساء التنفيذيين والمديرين الرياضيين وملاك الأندية من أصحاب البشرة السمراء. ويعود ذلك بصورة جزئية إلى الافتراض المنهجي والعنصري بأن السود لا يمكن الوثوق بهم في مناصب السلطة التنفيذية أو المالية، وهو الموقف نفسه الذي يتجلى في عدم وجود تمثيل كافٍ لأصحاب البشرة السمراء في السلطة القضائية، وفي الأعمال التجارية، وفي السياسة. وهذا، بدوره، له جذوره في التركيز التاريخي للثروة والسلطة في أيدي البيض، غالباً على حساب الشعوب السوداء المستعبدة. فهل يمكن حل كل هذه القضايا من خلال مجرد كتابة عبارة ما على قمصان اللاعبين؟


مقالات ذات صلة

مدرب ولفرهامبتون: فرص خسارة وظيفتي تزيد مع كل «نتيجة سيئة»

رياضة عالمية غاري أونيل (رويترز)

مدرب ولفرهامبتون: فرص خسارة وظيفتي تزيد مع كل «نتيجة سيئة»

قال غاري أونيل مدرب ولفرهامبتون واندرارز إنه غير مكترث بالتكهنات بشأن مستقبله بعد هزيمة فريقه الرابعة على التوالي في الدوري الإنجليزي الممتاز لكرة القدم.

«الشرق الأوسط» (لندن)
رياضة عالمية خرج سيتي بالفعل من كأس الاتحاد الإنجليزي ويحتل المركز 22 في جدول دوري أبطال أوروبا (أ.ف.ب)

غوارديولا: لن أرحل في هذه الظروف... لست نادماً على تمديد عقدي

قال بيب غوارديولا مدرب مانشستر سيتي حامل لقب الدوري الإنجليزي الممتاز لكرة القدم إنه لا يشعر بأي ندم بعد تمديد عقده لمدة عامين رغم معاناة الفريق الحالية.

«الشرق الأوسط» (مانشستر)
رياضة عالمية إيساك لاعب نيوكاسل يحتفل بهدفه في ليستر سيتي (رويترز)

هدف جوتا ينقذ ليفربول من فخ فولهام... ونيوكاسل يضرب برباعية

أحرز ديوغو جوتا لاعب ليفربول هدف التعادل في اللحظات الأخيرة لينقذ فريقه، الذي أنهى المباراة بعشرة لاعبين، بالتعادل 2-2 في الدوري الإنجليزي الممتاز لكرة القدم

«الشرق الأوسط» (لندن)
رياضة عالمية أموريم سيخوض أول ديربي مع اليونايتد في الدوري الإنجليزي (رويترز)

ديربي «مانشستر» اختبار حقيقي لأموريم مع الشياطين الحمر

يرغب البرتغالي روبن أموريم، المدير الفني لفريق مانشستر يونايتد الإنجليزي لكرة القدم، في أن يرى تحسناً وروحاً قتالية، من فريقه المتطور، الذي سيواجه مانشستر سيتي

«الشرق الأوسط» (لندن)
رياضة عالمية إدارة مانشستر يونايتد وقعت في أخطاء استنزفت خزينة النادي (إ.ب.أ)

رحيل أشورث يشير إلى وجود مهزلة في مانشستر يونايتد بقيادة راتكليف

«لتجنب العفن»... هذا هو الوصف الذي استخدمه أحد المسؤولين التنفيذيين الأقوياء في مانشستر يونايتد للتعليق على رحيل دان أشورث. وأشار هذا المسؤول إلى أن رحيل

جيمي جاكسون (لندن)

مصر: قرارات «ضبط أداء الإعلام الرياضي» تثير تبايناً «سوشيالياً»

أحد تدريبات منتخب مصر لكرة القدم (الصفحة الرسمية للاتحاد المصري لكرة القدم)
أحد تدريبات منتخب مصر لكرة القدم (الصفحة الرسمية للاتحاد المصري لكرة القدم)
TT

مصر: قرارات «ضبط أداء الإعلام الرياضي» تثير تبايناً «سوشيالياً»

أحد تدريبات منتخب مصر لكرة القدم (الصفحة الرسمية للاتحاد المصري لكرة القدم)
أحد تدريبات منتخب مصر لكرة القدم (الصفحة الرسمية للاتحاد المصري لكرة القدم)

أثارت قرارات المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام في مصر لـ«ضبط أداء الإعلام الرياضي» تبايناً على «السوشيال ميديا»، الجمعة.

واعتمد «الأعلى لتنظيم الإعلام»، برئاسة خالد عبد العزيز، الخميس، توصيات «لجنة ضبط أداء الإعلام الرياضي»، التي تضمّنت «تحديد مدة البرنامج الرياضي الحواري بما لا يزيد على 90 دقيقة، وقصر مدة الاستوديو التحليلي للمباريات، محلية أو دولية، بما لا يزيد على ساعة، تتوزع قبل وبعد المباراة».

كما أوصت «اللجنة» بإلغاء فقرة تحليل الأداء التحكيمي بجميع أسمائها، سواء داخل البرامج الحوارية أو التحليلية أو أي برامج أخرى، التي تُعرض على جميع الوسائل الإعلامية المرئية والمسموعة والمواقع الإلكترونية والتطبيقات والمنصات الإلكترونية. فضلاً عن «عدم جواز البث المباشر للبرامج الرياضية بعد الساعة الثانية عشرة ليلًا (منتصف الليل) وحتى السادسة من صباح اليوم التالي، ولا يُبث بعد هذا التوقيت إلا البرامج المعادة». (ويستثنى من ذلك المباريات الخارجية مع مراعاة فروق التوقيت).

وهي القرارات التي تفاعل معها جمهور الكرة بشكل خاص، وروّاد «السوشيال ميديا» بشكل عام، وتبعاً لها تصدرت «هاشتاغات» عدة قائمة «التريند» خلال الساعات الماضية، الجمعة، أبرزها «#البرامج_الرياضية»، «#المجلس_الأعلى»، «#إلغاء_الفقرة_التحكيمية»، «#لتنظيم_الإعلام».

مدرجات استاد القاهرة الدولي (الصفحة الرسمية للاتحاد المصري لكرة القدم)

وتنوعت التفاعلات على تلك «الهاشتاغات» ما بين مؤيد ومعارض للقرارات، وعكست عشرات التغريدات المتفاعلة هذا التباين. وبينما أيّد مغرّدون القرارات كونها «تضبط الخطاب الإعلامي الرياضي، وتضمن الالتزام بالمعايير المهنية»، قال البعض إن القرارات «كانت أُمنية لهم بسبب إثارة بعض البرامج للتعصب».

عبّر روّاد آخرون عن عدم ترحيبهم بما صدر عن «الأعلى لتنظيم الإعلام»، واصفين القرارات بـ«الخاطئة»، لافتين إلى أنها «حجر على الإعلام». كما انتقد البعض اهتمام القرارات بالمسألة الشكلية والزمنية للبرامج، ولم يتطرق إلى المحتوى الذي تقدمه.

وعن حالة التباين على مواقع التواصل الاجتماعي، قال الناقد الرياضي المصري محمد البرمي، لـ«الشرق الأوسط»، إنها «تعكس الاختلاف حول جدوى القرارات المتخذة في (ضبط المحتوى) للبرامج الرياضية، فالفريق المؤيد للقرارات يأتي موقفه رد فعل لما يلقونه من تجاوزات لبعض هذه البرامج، التي تكون أحياناً مفتعلة، بحثاً عن (التريند)، ولما يترتب عليها من إذكاء حالة التعصب الكروي بين الأندية».

وأضاف البرمي أن الفريق الآخر المعارض ينظر للقرارات نظرة إعلامية؛ حيث يرى أن تنظيم الإعلام الرياضي في مصر «يتطلب رؤية شاملة تتجاوز مجرد تحديد الشكل والقوالب»، ويرى أن «(الضبط) يكمن في التمييز بين المحتوى الجيد والسيئ».

مباراة مصر وبوتسوانا في تصفيات كأس الأمم الأفريقية 2025 (الصفحة الرسمية للاتحاد المصري لكرة القدم)

وكان «الأعلى لتنظيم الإعلام» قد أشار، في بيانه أيضاً، إلى أن هذه القرارات جاءت عقب اجتماع «المجلس» لتنظيم الشأن الإعلامي في ضوء الظروف الحالية، وما يجب أن يكون عليه الخطاب الإعلامي، الذي يتعين أن يُظهر المبادئ والقيم الوطنية والأخلاقية، وترسيخ وحدة النسيج الوطني، وإعلاء شأن المواطنة مع ضمان حرية الرأي والتعبير، بما يتوافق مع المبادئ الوطنية والاجتماعية، والتذكير بحرص المجلس على متابعة الشأن الإعلامي، مع رصد ما قد يجري من تجاوزات بشكل يومي.

بعيداً عن الترحيب والرفض، لفت طرف ثالث من المغردين نظر المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام إلى بعض الأمور، منها أن «مواقع الإنترنت وقنوات (اليوتيوب) و(التيك توك) مؤثرة بشكل أكبر الآن».

وحسب رأي البرمي، فإن «الأداء الإعلامي لا ينضبط بمجرد تحديد مدة وموعد وشكل الظهور»، لافتاً إلى أن «ضبط المحتوى الإعلامي يكمن في اختيار الضيوف والمتحدثين بعناية، وضمان كفاءتهم وموضوعيتهم، ووضع كود مهني واضح يمكن من خلاله محاسبة الإعلاميين على ما يقدمونه، بما يمنع التعصب».