بالصور... طائرات ورقية في سماء مصر لكسر «ملل كورونا»https://aawsat.com/home/article/2346551/%D8%A8%D8%A7%D9%84%D8%B5%D9%88%D8%B1-%D8%B7%D8%A7%D8%A6%D8%B1%D8%A7%D8%AA-%D9%88%D8%B1%D9%82%D9%8A%D8%A9-%D9%81%D9%8A-%D8%B3%D9%85%D8%A7%D8%A1-%D9%85%D8%B5%D8%B1-%D9%84%D9%83%D8%B3%D8%B1-%C2%AB%D9%85%D9%84%D9%84-%D9%83%D9%88%D8%B1%D9%88%D9%86%D8%A7%C2%BB
بالصور... طائرات ورقية في سماء مصر لكسر «ملل كورونا»
أطفال يستعدون لإطلاق طائرات ورقية في القاهرة (إ.ب.أ)
يستغل مصريون من جميع الأعمار رياح الربيع من جهة، والفراغ النسبي الذي خلفه فيروس كورونا في مصر من جهة أخرى، لإطلاق الطائرات الورقية في السماء، في محاولة لتزجية الوقت، وكسر ملل الإغلاق.
وأخذت مصر إجراءات احترازية لمجابهة فيروس «كورونا المستجد» منذ منتصف مارس (آذار) الماضي، بتطبيق حذر للتجوال يبدأ في الثامنة مساء حتى الرابعة فجراً، بحسب التوقيت المحلي، في محاولة لاحتواء زيادة أعداد المصابين بكورونا في البلاد.
ودفعت تلك الإجراءات الأسر المصرية إلى قضاء وقت أكبر في المنزل، مما دفع للتفكير في بدائل لكسر «ملل كورونا» وإجراءاته، منها الطائرات الورقية، لتتزين سماء القاهرة بالطائرات الورقية بشكل متزايد في الآونة الأخيرة، وتظهر في عدة مناطق شعبية.
اعتاد أحمد عبد اللطيف، ويعمل مترجماً في القاهرة، منذ الطفولة صناعة الطائرات الورقية التي كانت قد اشتهرت في المناطق الشعبية مثل تلك التي ترعرع بها عبد اللطيف، وهي منطقة الشرابية. ويقول لـ«الشرق الأوسط» إنه كان بارعاً في صناعة الطائرات الورقية حتى أعاد «فراغ كورونا» الحماس لديه لكي يصنع واحدة لابنته مريم (6 سنوات).
وبعد أيام من التأجيل، تشجع عبد اللطيف لصناعة طائرة ورقية، بعد أن أحضر له حماه مجموعة أخشاب خفيفة تصلح لصناعة الطائرة الورقية، ليبدأ الرجل الثلاثيني في صنعها، مستعيداً ذكريات مر عليها عشرين عاماً، بمشاركة عدد من أفراد أسرته. يضيف عبد اللطيف: «الطائرة أخذت وقتاً في صناعتها، خصوصاً ذيلها الذي يحتاج مشاركة أكثر من فرد».
ولا يخفي عبد اللطيف فرحة ابنته بعد الانتهاء من صنع الطائرة الورقية، مضيفاً أن الشغف بالطائرات الورقية لم يعد يقتصر على أصحاب الأعمار الصغيرة فحسب، ولكن أيضاً الكبار يتحمسون لصناعتها وإطلاقها في السماء في الآونة الأخيرة خلال الإغلاق، معتبراً أن الطائرات الورقية أصبحت تلقي لمسات مصرية، مثل إضافة العلم المصري أو الإضاءة الخفيفة لكي تنير السماء مساء.
ونقلت وسائل إعلام مصرية، أمس (السبت)، ارتفاع الإقبال على صناعة وشراء الطائرات الورقية والرسم عليها، لتصل أسعار بعض الطائرات إلى 500 جنيه مصري (31 دولاراً).
ويصنع المصريون الطائرات الورقية من أكياس البلاستيك والخشب الخفيف أو جريد النخل. وقد انتشرت في الأيام الماضية مقاطع فيديو وصور للمصرين وهم يطلقون الطائرات الورقية، ومنهم من ألصق بها هواتف محمولة ليلتقط صوراً من أعلى. وقال أحد مستخدمي «تويتر» إنها «درون الغلابة».
ونقلت وكالة «رويترز» للأنباء انطلاق عدة طائرات ورقية في منطقة الشونة الزراعية في حي المرج شرق العاصمة المصرية القاهرة. كما تألقت الطائرات الورقية بالقرب من الأهرامات الكبرى في محافظة الجيزة، والمباني السكنية المجاورة من حي العمرانية في المحافظة.
وأبرزت وكالة الصحافة الفرنسية عدة مشاهد من الطائرات الورقية أعلى الطريق الدائري.
جدير بالذكر أن إجمالي العدد الذي تم تسجيله في مصر بفيروس كورونا المستجد حتى اليوم هو 53758 حالة، من ضمنهم 14327 حالة تم شفاؤها، وخرجت من مستشفيات العزل والحجر الصحي، و2106 حالات وفاة، حسب بيان لوزارة الصحة.
«متحف البراءة»... جولة في ذاكرة إسطنبول حسب توقيت أورهان باموكhttps://aawsat.com/%D9%8A%D9%88%D9%85%D9%8A%D8%A7%D8%AA-%D8%A7%D9%84%D8%B4%D8%B1%D9%82/5099450-%D9%85%D8%AA%D8%AD%D9%81-%D8%A7%D9%84%D8%A8%D8%B1%D8%A7%D8%A1%D8%A9-%D8%AC%D9%88%D9%84%D8%A9-%D9%81%D9%8A-%D8%B0%D8%A7%D9%83%D8%B1%D8%A9-%D8%A5%D8%B3%D8%B7%D9%86%D8%A8%D9%88%D9%84-%D8%AD%D8%B3%D8%A8-%D8%AA%D9%88%D9%82%D9%8A%D8%AA-%D8%A3%D9%88%D8%B1%D9%87%D8%A7%D9%86-%D8%A8%D8%A7%D9%85%D9%88%D9%83
«متحف البراءة»... جولة في ذاكرة إسطنبول حسب توقيت أورهان باموك
ذاكرة إسطنبول المعاصرة ورواية أورهان باموك الشهيرة في متحف واحد في إسطنبول (الشرق الأوسط)
أعقاب سجائر يصل عددها إلى 4213، مَمالح لا تُحصى، عبوات مشروبات غازية، فناجين قهوة تجمّدَ فيها البنّ والزمن... هذا بعضٌ ممّا يجدُه الزائر في «متحف البراءة» في إسطنبول. المكان الذي أسسه الكاتب التركي أورهان باموك، خارجٌ عمّا هو مألوف في عالم المَتاحف. هنا، لا لوحات ولا منحوتات ولا أزياء تراثيّة، بل تأريخٌ للحياة اليوميّة العاديّة في إسطنبول ما بين سبعينات وتسعينات القرن الماضي.
لا بدّ للآتي إلى هذا المكان أن يكون قد قرأ رواية «متحف البراءة» لباموك، أو على الأقل سمع عنها. ففي زقاق شوكوركوما المتواضع الواقع في منطقة بيوغلو، لا شيء يوحي بأنّ ذلك المبنى الصغير المطليّ بالأحمر هو في الواقع متحفٌ يخبّئ في طبقاته الـ4، الكثير من تفاصيل حياة الأتراك على مدى 3 عقود.
فراشة تستقبل الزائرين
يكفي أن يحمل الزائر نسخةً من الرواية حتى يجول مجاناً في المتحف. حرُصَ باموك على أن تضمّ إحدى صفحات الكتاب بطاقة دخول للقارئ، موجّهاً إليه بذلك دعوةً لزيارة المتحف إذا حطّت به الرحال في إسطنبول. بخَتمٍ يحمل رسمَ فراشة تُدمَغ البطاقة، لتبدأ الجولة بأول غرضٍ معروض وهو قرط أذن على شكل فراشة. يقفز إلى الذاكرة فوراً الفصل الأول من الرواية، يوم أضاعت المحبوبة «فوزون» أحد أقراطها عند بطل القصة «كمال»، فاحتفظ به كما لو كان كنزاً، مثلما فعل لاحقاً مع كل غرضٍ لمسَ «فوزون» أو وقع في مرمى نظرها.
في متحف الحب
تتوالى الواجهات الزجاجية الـ83 بمنمنماتها وأغراضها، لتعكسَ كلُ واحدة منها فصلاً من فصول الرواية. لا يكتفي المتحف بتوثيق أنثروبولوجيا إسطنبول فحسب، بل يؤرّخ لحكاية الحب الأسطورية التي جمعت بين الرجل الأرستقراطي صاحب المال وقريبته الشابة المنتمية إلى الطبقة الفقيرة.
لعلّ ذلك الحب الجارف بين «كمال» و«فوزون» هو أبرز ما يدفع بالزوّار من حول العالم إلى أن يقصدوا المكان يومياً بالعشرات. يصعدون السلالم الخشبية، يجولون بين الطبقات الضيّقة، يتوقّفون طويلاً أمام الواجهات الزجاجية الصغيرة التي تحوي ذكريات المدينة وإحدى أجمل حكاياتها. منهم مَن أتى من الصين، ومنهم مَن قصد المكان ليُعدّ بحثاً جامعياً عنه، وما بينهما شابة مولَعة بالرواية تصرّ على التقاط صورة في كل زاوية من زوايا المتحف.
رواية في متحف ومتحف في رواية
لمعت الفكرة في رأس أورهان باموك في منتصف التسعينات. قرر أن يجمع أغراضاً ليبني منها رواية تصلح أن تتحوّل متحفاً. سار المشروعان التوثيقي والأدبي بالتوازي، فأبصرت الرواية النور عام 2008، أما المتحف فافتُتح عام 2012 نظراً للوقت الذي استغرقه إعداده. ليس كل ما في المكان مقتنيات خاصة اشتراها باموك من محال التحَف العتيقة في إسطنبول وحول العالم، فبعض ما تُبصره العين في المتحف الذي يفوق عدد معروضاته الألف، استقدمَه الكاتب من منازل أقرباء وأصدقاء له.
استثمر الأديب التركي الحائز على جائزة نوبل في الأدب عام 2006، ماله ووقته في مشروعه، وهو أول متحفٍ في العالم خاص برواية. في المرحلة الأولى، بدأ بتجميع الأغراض. ثم ابتاعَ مبنى صغيراً مؤلفاً من 4 طبقات وعائداً إلى القرن الـ19.
بالموازاة، كانت مخطوطة «متحف البراءة» قد بدأت سلوك الخط الروائي الذي قرره لها باموك، أي الدوَران حول شخصيتَيها الأساسيتَين الطالعتَين من بنات أفكاره. في القصة المتخيّلة، يدعو البطل «كمال» الكاتب أورهان باموك إلى تدوين سيرته. يخبره كيف أنه جمع كل غرض يذكّره بـ«فوزون»، كما كان يسرق بعض مقتنياتها كأمشاط الشعر والحليّ وقطع الملابس وغيرها من الأغراض الشخصية. في الرواية، وبعد أن يخسر «فوزون» إلى الأبد، يشتري «كمال» المنزل الذي قطنت فيه المحبوبة مع والدَيها، ليقيم فيه ويحوّله إلى متحفٍ يحيي ذكراها.
مؤثرات بصريّة وصوتيّة
من قصاصات الصحف إلى أواني المطبخ، مروراً بالصور القديمة، وساعات اليد، وقوارير العطر، والمفاتيح، وأوراق اليانصيب، وبطاقات الطيران، يتيح المتحف أمام الزائر أن يدخل في الرواية. كما يسمح له بمعاينة قريبة لأسلوب عيش أهل إسطنبول على اختلاف طبقاتهم الاجتماعية ما بين 1975 ومطلع الألفية الثالثة. في «متحف البراءة» يتداخل الخيال بالواقع، ويصبح المتجوّل في الأرجاء جزءاً من اللعبة التي اخترعها أورهان باموك.
تخرق صمتَ الزائرين وصوتَ الراوي، مؤثّراتٌ خاصة من بينها فيديوهات معروضة على الجدران تعكس الحقبة التاريخية، وأصوات خرير مياه ونعيق غربان إسطنبول ونَورس البوسفور.
السيّد باموك... مدير المتحف
ليس طَيفا «فوزون» و«كمال» وحدهما المخيّمَين على المكان، فباموك حاضرٌ كذلك من خلال ترجمات الكتاب المعروضة في الطابق السفليّ، وكذلك عبر نبرة الراوي في الجهاز الصوتيّ، الذي يتقمّص شخصية الكاتب. مع العلم بأنّ باموك أشرف شخصياً على تفاصيل المتحف، وحتى اليوم بعض الواجهات الزجاجية فارغة «لأني ما زلت أعمل عليها»، وفق ما يقول الراوي. أما إن سألت موظفة الاستقبال عن هوية مدير المتحف، فستجيب: «السيّد باموك». كيف لا، وهو الذي أنفق 1.5 مليون دولار على تحفته الصغيرة، من بينها جائزة المليون دولار التي حصل عليها من مؤسسة نوبل.
في غرفة «كمال»
يقول «كمال» في الكتاب: «أذكر كيف كان البرجوازيون في إسطنبول يدوسون فوق بعضهم كي يكونوا أوّل مَن يمتلك آلة حلاقة كهربائية أو فتّاحة معلّبات، أو أي ابتكار جديد آتٍ من الغرب. ثم يجرحون أيديهم ووجوههم وهم يصارعون من أجل تعلّم استخدامها». هذه الطبقيّة ذاتها والفوارق الاجتماعية التي تخيّم على خلفيّة الرواية، هي التي جعلت قصة حب «كمال» و«فوزون» تتأرجح بين الممكن والمستحيل.
تنتهي الزيارة في الطبقة الرابعة، أو بالأحرى في العلّيّة حيث أمضى «كمال» السنوات الأخيرة من حياته ما بين 2000 و2007، وفق الرواية. هنا، على سريرٍ حديديّ ضيّق كان يستلقي البطل العاشق ويروي الحكاية لأورهان باموك الجالس قبالته على مقعدٍ خشبيّ. لا يضيع شيءٌ من تفاصيل الخاتمة؛ لا ثياب نوم «كمال»، ولا فرشاة أسنانه، ولا الدرّاجة التي أهداها إلى «فوزون» وهي طفلة.
على براءتها وبساطتها، تروي أغراض «متحف البراءة» إحدى أجمل قصص الحب التي أزهرت بين سطور أورهان باموك، وخلّدت في قلب إسطنبول النابض.