تونس تلوّح بـ«مراقبة» الخاضعين للحجر الصحي الذاتي في منازلهم

عاملتان في القطاع الصحي خلال تجمع أمام مستشفى في العاصمة التونسية يوم الخميس للمطالبة بتحسين ظروف العاملين في قطاع الصحة في البلاد (أ.ب)
عاملتان في القطاع الصحي خلال تجمع أمام مستشفى في العاصمة التونسية يوم الخميس للمطالبة بتحسين ظروف العاملين في قطاع الصحة في البلاد (أ.ب)
TT

تونس تلوّح بـ«مراقبة» الخاضعين للحجر الصحي الذاتي في منازلهم

عاملتان في القطاع الصحي خلال تجمع أمام مستشفى في العاصمة التونسية يوم الخميس للمطالبة بتحسين ظروف العاملين في قطاع الصحة في البلاد (أ.ب)
عاملتان في القطاع الصحي خلال تجمع أمام مستشفى في العاصمة التونسية يوم الخميس للمطالبة بتحسين ظروف العاملين في قطاع الصحة في البلاد (أ.ب)

كشف محمد الرابحي، رئيس لجنة الحجر الصحي بوزارة الصحة التونسية، عن إمكان اللجوء إلى إجراء زيارات ميدانية من قبل فرق طبية مختصة، لمراقبة مدى التزام الأشخاص الخاضعين للحجر الصحي الإجباري، ممن قدموا إلى تونس خلال الفترة الأخيرة. وأشار إلى أن السلطات التونسية لديها كافة المعطيات المطلوبة، على غرار أماكن الإقامة وأرقام الهواتف الشخصية، مما يجعل عملية مراقبتهم في منازلهم ممكنة، في حال تطور الوباء وانتشر في موجة جديدة.
وبشأن فرضيات العودة إلى الإغلاق العام والحجر الصحي الإجباري، قال الرابحي إن تونس تعرف مرحلة رفع الحجر الصحي الإجباري، وتبقى الاستراتيجية المحلية في مكافحة الوباء متحركة وفق تطور حالة الوباء.
وأكد المسؤول الصحي أن الوضع الحالي للوباء متحكم به على مستوى العدوى المحلية، مشيراً إلى أن هياكل صحية أبدت نوعاً من التخوف نتيجة عدم التزام بعض التونسيين بالحجر الصحي الذاتي الذي يعتمد على مدى الوعي بخطورة المرحلة، على حد تعبيره. ولم يستبعد عودة تونس إلى المربع الأول في أي وقت، مشيراً إلى تقييم الوضع بصفة مستمرة، ومضيفاً أن وزارة الصحة جاهزة لكل التطورات، رغم أن الوضع الآن مريح في ظل عدم وجود حالات عدوى محلية.
وقال الرابحي إن نحو 30 ألف تونسي توافدوا على البلاد منذ قرار الحكومة إجلاء العالقين بالخارج، موضحاً أن نحو 23 ألفاً عادوا عن طريق الجو، وسبعة آلاف عن طريق البر. ولفت إلى أن 16 ألفاً منهم خضعوا للحجر الصحي الإجباري، بينما خضع البقية للحجر الصحي الذاتي، مؤكداً أن الفترة الثالثة من مجابهة الفيروس ما زالت تطرح المخاوف بعد أن تمت السيطرة على الوباء محلياً؛ لكن المخاطر قائمة بالذات مع توافد الآلاف من بلدان عرفت ذروة الإصابات، وما زالت تشكل بؤراً للمرض، حسبما قال. وتعتمد هذه المرحلة الثالثة على تقديم إثبات بإجراء التحاليل الطبية قبل 72 ساعة من تاريخ العودة من الخارج، والخضوع للحجر الصحي الذاتي الإجباري، وفي حال لم يلتزم الوافدون بهذه الإجراءات، فإن لجنة الحجر الصحي ترفع تقاريرها إلى الوزارة التي تقدم مقترحات إلى رئاسة الحكومة، من بينها تسليط غرامات مالية وعقوبات بالسجن قد تصل إلى حد السجن لمدة سنتين، إذا ما تسبب المخالف لإجراءات الحجر في موت شخص بعد وصول العدوى إليه.
وفي السياق ذاته، أكدت لجنة مجابهة «كورونا» في تونس أنها اتجهت خلال الأيام الماضية نحو تصنيف الدول التي توافد منها التونسيون إلى ثلاث مجموعات، وذلك وفق توصيات منظمة الصحة العالمية: الأولى تضم البلدان التي نجحت في التحكم بالوباء، والثانية التي لا تزال تشهد تفشياً للفيروس، أما المجموعة الثالثة من الدول فهي التي تصنف في خانة وضعية متوسطة. واقترحت اللجنة على رئاسة الحكومة اعتماد هذا التصنيف والعمل به مع المسافرين القادمين إلى تونس على مستوى الحجر الصحي الإجباري، وخصوصاً للقادمين من دول تشهد تفشي الوباء.
يذكر أن تونس سجلت ما مجموعه 1128 إصابة مؤكدة بالمرض. وقد ارتفع العدد بنحو 18 إصابة جديدة عرفتها تونس، معظمها من التونسيين الوافدين عليها من الخارج. ونجحت البلاد في تقديم الخدمات الطبية، ومكنت 1004 تونسيين من التعافي لتكون نسبة الشفاء من وباء «كورونا» في حدود 89 في المائة. كما سجلت منذ بداية شهر مارس (آذار) الماضي 50 حالة وفاة.


مقالات ذات صلة

«الصحة العالمية»: انتشار أمراض الجهاز التنفسي في الصين وأماكن أخرى متوقع

آسيا أحد أفراد الطاقم الطبي يعتني بمريض مصاب بفيروس كورونا المستجد في قسم كوفيد-19 في مستشفى في بيرغامو في 3 أبريل 2020 (أ.ف.ب)

«الصحة العالمية»: انتشار أمراض الجهاز التنفسي في الصين وأماكن أخرى متوقع

قالت منظمة الصحة العالمية إن زيادة حالات الإصابة بأمراض الجهاز التنفسي الشائعة في الصين وأماكن أخرى متوقعة

«الشرق الأوسط» (لندن )
صحتك جائحة «كورونا» لن تكون الأخيرة (رويترز)

بعد «كوفيد»... هل العالم مستعد لجائحة أخرى؟

تساءلت صحيفة «غارديان» البريطانية عن جاهزية دول العالم للتصدي لجائحة جديدة بعد التعرض لجائحة «كوفيد» منذ سنوات.

«الشرق الأوسط» (لندن)
صحتك ما نعرفه عن «الميتانيوفيروس البشري» المنتشر في الصين

ما نعرفه عن «الميتانيوفيروس البشري» المنتشر في الصين

فيروس مدروس جيداً لا يثير تهديدات عالمية إلا إذا حدثت طفرات فيه

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
صحتك فيروس رئوي قد يتسبب بجائحة عالمية play-circle 01:29

فيروس رئوي قد يتسبب بجائحة عالمية

فيروس تنفسي معروف ازداد انتشاراً

د. هاني رمزي عوض (القاهرة)
الولايات المتحدة​ أحد الأرانب البرية (أرشيفية- أ.ف.ب)

الولايات المتحدة تسجل ارتفاعاً في حالات «حُمَّى الأرانب» خلال العقد الماضي

ارتفعت أعداد حالات الإصابة بـ«حُمَّى الأرانب»، في الولايات المتحدة على مدار العقد الماضي.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)

الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
TT

الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)

أطلقت الجماعة الحوثية سراح خمسة من قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في مناطق سيطرتها، بضمانة عدم المشاركة في أي نشاط احتجاجي أو الاحتفال بالمناسبات الوطنية، وفي المقابل كثّفت في معقلها الرئيسي، حيث محافظة صعدة، حملة الاعتقالات التي تنفّذها منذ انهيار النظام السوري؛ إذ تخشى تكرار هذه التجربة في مناطق سيطرتها.

وذكرت مصادر في جناح حزب «المؤتمر الشعبي» لـ«الشرق الأوسط»، أن الوساطة التي قادها عضو مجلس حكم الانقلاب الحوثي سلطان السامعي، ومحافظ محافظة إب عبد الواحد صلاح، أفضت، وبعد أربعة أشهر من الاعتقال، إلى إطلاق سراح خمسة من أعضاء اللجنة المركزية للحزب، بضمانة من الرجلين بعدم ممارستهم أي نشاط معارض لحكم الجماعة.

وعلى الرغم من الشراكة الصورية بين جناح حزب «المؤتمر» والجماعة الحوثية، أكدت المصادر أن كل المساعي التي بذلها زعيم الجناح صادق أبو راس، وهو عضو أيضاً في مجلس حكم الجماعة، فشلت في تأمين إطلاق سراح القادة الخمسة وغيرهم من الأعضاء؛ لأن قرار الاعتقال والإفراج مرتبط بمكتب عبد الملك الحوثي الذي يشرف بشكل مباشر على تلك الحملة التي طالت المئات من قيادات الحزب وكوادره بتهمة الدعوة إلى الاحتفال بالذكرى السنوية للإطاحة بأسلاف الحوثيين في شمال اليمن عام 1962.

قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في صنعاء يتعرّضون لقمع حوثي رغم شراكتهم الصورية مع الجماعة (إكس)

في غضون ذلك، ذكرت وسائل إعلام محلية أن الجماعة الحوثية واصلت حملة الاعتقالات الواسعة التي تنفّذها منذ أسبوعين في محافظة صعدة، المعقل الرئيسي لها (شمال)، وأكدت أنها طالت المئات من المدنيين؛ حيث داهمت عناصر ما يُسمّى «جهاز الأمن والمخابرات»، الذين يقودهم عبد الرب جرفان منازلهم وأماكن عملهم، واقتادتهم إلى معتقلات سرية ومنعتهم من التواصل مع أسرهم أو محامين.

300 معتقل

مع حالة الاستنفار التي أعلنها الحوثيون وسط مخاوف من استهداف قادتهم من قبل إسرائيل، قدّرت المصادر عدد المعتقلين في الحملة الأخيرة بمحافظة صعدة بنحو 300 شخص، من بينهم 50 امرأة.

وذكرت المصادر أن المعتقلين يواجهون تهمة التجسس لصالح الولايات المتحدة وإسرائيل ودول أخرى؛ حيث تخشى الجماعة من تحديد مواقع زعيمها وقادة الجناح العسكري، على غرار ما حصل مع «حزب الله» اللبناني، الذي أشرف على تشكيل جماعة الحوثي وقاد جناحيها العسكري والمخابراتي.

عناصر من الحوثيين خلال حشد للجماعة في صنعاء (إ.ب.أ)

ونفت المصادر صحة التهم الموجهة إلى المعتقلين المدنيين، وقالت إن الجماعة تسعى لبث حالة من الرعب وسط السكان، خصوصاً في محافظة صعدة، التي تستخدم بصفتها مقراً أساسياً لاختباء زعيم الجماعة وقادة الجناح العسكري والأمني.

وحسب المصادر، تتزايد مخاوف قادة الجماعة من قيام تل أبيب بجمع معلومات عن أماكن اختبائهم في المرتفعات الجبلية بالمحافظة التي شهدت ولادة هذه الجماعة وانطلاق حركة التمرد ضد السلطة المركزية منذ منتصف عام 2004، والتي تحولت إلى مركز لتخزين الصواريخ والطائرات المسيّرة ومقر لقيادة العمليات والتدريب وتخزين الأموال.

ومنذ سقوط نظام الرئيس السوري بشار الأسد وانهيار المحور الإيراني، استنفرت الجماعة الحوثية أمنياً وعسكرياً بشكل غير مسبوق، خشية تكرار التجربة السورية في المناطق التي تسيطر عليها؛ حيث نفّذت حملة تجنيد شاملة وألزمت الموظفين العموميين بحمل السلاح، ودفعت بتعزيزات كبيرة إلى مناطق التماس مع القوات الحكومية خشية هجوم مباغت.

خلق حالة رعب

بالتزامن مع ذلك، شنّ الحوثيون حملة اعتقالات شملت كل من يُشتبه بمعارضته لسلطتهم، وبررت منذ أيام تلك الحملة بالقبض على ثلاثة أفراد قالت إنهم كانوا يعملون لصالح المخابرات البريطانية، وإن مهمتهم كانت مراقبة أماكن وجود قادتها ومواقع تخزين الأسلحة في صنعاء.

وشككت مصادر سياسية وحقوقية في صحة الرواية الحوثية، وقالت إنه ومن خلال تجربة عشرة أعوام تبيّن أن الحوثيين يعلنون مثل هذه العمليات فقط لخلق حالة من الرعب بين السكان، ومنع أي محاولة لرصد تحركات قادتهم أو مواقع تخزين الصواريخ والمسيرات.

انقلاب الحوثيين وحربهم على اليمنيين تسببا في معاناة ملايين السكان (أ.ف.ب)

ووفق هذه المصادر، فإن قادة الحوثيين اعتادوا توجيه مثل هذه التهم إلى أشخاص يعارضون سلطتهم وممارساتهم، أو أشخاص لديهم ممتلكات يسعى قادة الجماعة للاستيلاء عليها، ولهذا يعمدون إلى ترويج مثل هذه التهم التي تصل عقوبتها إلى الإعدام لمساومة هؤلاء على السكوت والتنازل عن ممتلكاتهم مقابل إسقاط تلك التهم.

وبيّنت المصادر أن المئات من المعارضين أو الناشطين قد وُجهت إليهم مثل هذه التهم منذ بداية الحرب التي أشعلتها الجماعة الحوثية بانقلابها على السلطة الشرعية في 21 سبتمبر (أيلول) عام 2014، وهي تهم ثبت زيفها، ولم تتمكن مخابرات الجماعة من تقديم أدلة تؤيد تلك الاتهامات.

وكان آخرهم المعتقلون على ذمة الاحتفال بذكرى الإطاحة بنظام حكم أسلافهم في شمال اليمن، وكذلك مالك شركة «برودجي» التي كانت تعمل لصالح الأمم المتحدة، للتأكد من هوية المستفيدين من المساعدات الإغاثية ومتابعة تسلمهم تلك المساعدات؛ حيث حُكم على مدير الشركة بالإعدام بتهمة التخابر؛ لأنه استخدم نظام تحديد المواقع في عملية المسح، التي تمت بموافقة سلطة الحوثيين أنفسهم