الحكومة السودانية تتوعد بملاحقة تجار العملات الأجنبية

الحكومة السودانية تتوعد بملاحقة تجار العملات الأجنبية
TT

الحكومة السودانية تتوعد بملاحقة تجار العملات الأجنبية

الحكومة السودانية تتوعد بملاحقة تجار العملات الأجنبية

توعدت الحكومة السودانية تجار العملة بإنزال أقسى العقوبات، وتقديمهم لمحاكمات، فضلاً عن سن قوانين رادعة لكل من يُهرب الذهب عبر مطار الخرطوم أو الحدود، بعد فتح التصدير.
وشهدت العملة الوطنية (الجنيه) خلال الأسبوع الحالي انخفاضاً في قيمتها؛ حيث بلغ سعره في السوق الموازية 150 جنيهاً مقابل الدولار الواحد، في وقت يحدد فيه بنك السودان المركزي سعره بـ55 جنيهاً للدولار.
وأقر رئيس لجنة الطوارئ الاقتصادية في السودان، نائب رئيس المجلس السيادي، محمد حمدان دقلو، في تصريحات صحافية عقب اجتماع اللجنة، مؤخراً، بوجود ارتفاع كبير في سعر صرف العملات الأجنبية مقابل الجنيه السوداني، وقال إن هذا الارتفاع جاء بعد شهرين من الاستقرار.
وتوعد رئيس اللجنة الاقتصادية، تجار العملة، بإنزال أقسى العقوبات وتقديمهم للمحاسبة، ووعد بملاحقة كل العاملين في تجارة العملات الأجنبية، فضلاً عن سن قوانين رادعة لكل من يُهرب الذهب عبر مطار الخرطوم أو الحدود، بعد فتح صادر الذهب، مشيراً إلى أن انخفاض قيمة العملة الوطنية وارتفاع سعر الدولار في الأسواق يمثل أكبر مهدد للاقتصاد.
وقال دقلو إن الزيادة الأخيرة في مرتبات العاملين بالدولة مجزية؛ إلا أنها لا تساوي شيئاً حال استمرار ارتفاع أسعار الدولار.
ونفذت الحكومة السودانية في مايو (أيار) الماضي تطبيق زيادة الأجور للعاملين في الدولة، بنسبة بلغت 569 في المائة، رغم ما تعانيه البلاد من ارتفاع في معدلات التضخم، وعجز في تمويل الموازنة العامة للدولة، في محاولة لمواكبة تغيرات الأسعار وارتفاع نسب التضخم المتصاعدة في البلاد، وتدهور قيمة العملة الوطنية (الجنيه).
ويعاني السودان من ارتفاع في معدلات التضخم بشكل مستمر منذ انفصال دولة جنوب السودان في عام 2011، الذي أدى لفقدان البلاد ثلث مواردها النفطية، ما أثر على المالية العامة للدولة؛ حيث بلغ معدل التضخم في أبريل (نيسان) الماضي 98.81 في المائة.
من جهته، أعلن رئيس الوزراء السوداني عبد الله حمدوك، أخيراً، عن إنشاء محفظة لاستيراد السلع الاستراتيجية يشارك في تمويلها القطاع الخاص والبنوك، مؤكداً أن عمل لجنة محفظة السلع الاستراتيجية هو أهم عمل قامت به لجنة الطوارئ الاقتصادية؛ إذ إنها حددت سلع الصادر الاستراتيجية ومن بينها الذهب والثروة الحيوانية، وسلع الواردات الاستراتيجية ومن بينها القمح والوقود والأدوية.
وأشار حمدوك، في تصريحات أطلقها مؤخراً، إلى أن مخرجات المحفظة ستؤدي إلى انسياب السلع وإنهاء الصفوف والمعاناة وتمويل الصادرات، في وقت يعاني فيه السودان من أزمات في القمح والخبز والوقود وغاز الطهي، نتيجة شح موارد النقد الأجنبي للاستيراد. وتسببت العقوبات الاقتصادية التي تفرضها الولايات المتحدة الأميركية على السودان منذ عام 1997، ووضعه تحت قائمة الدول الراعية للإرهاب منذ عام 1993 في حرمانه من تدفق الاستثمارات الأجنبية، وعدم حصوله على قروض ومنح من مؤسسات التمويل الدولية لدعم الاقتصاد؛ بينما بلغ الدين الخارجي نحو 60 مليار دولار، بحسب تقرير لصندوق النقد الدولي.
ودعا نائب محافظ بنك السودان المركزي محمد أحمد البشرى، المصدرين إلى ضرورة الالتزام بكافة الضوابط الصادرة من الجهات الإشرافية والرقابية المختصة، كهيئة المواصفات والمقاييس وهيئة الجمارك ووزارتي الصناعة والتجارة والطاقة والتعدين وشركة مصفاة السودان للذهب.
وأصدر رئيس الوزراء السوداني، في الخامس من مايو الماضي، بناء على مخرجات اللجنة العليا للطوارئ الاقتصادية، قراراً بإنشاء بورصة للذهب، لتوحيد سعر الذهب مع السعر العالمي، في محاولة من شأنها تحقيق الاندماج مع سوق الذهب العالمية، إذ كانت تواجه الحكومة السودانية مشكلة في الاستفادة من عائدات الذهب لرفد الخزينة العامة للدولة بالعملات الصعبة، نتيجة عمليات التهريب التي تتم للذهب إلى الخارج. وتقدر الحكومة إنتاج البلاد من الذهب بما يقارب 120 طناً في العام.
من جانب آخر، اتجهت لجنة الطوارئ الاقتصادية إلى أمر بتصفية عدد كبير من الشركات الحكومية، بعد أن تم حصرها وتتبع أدائها؛ حيث ظهر أن من بين 650 شركة، هناك 431 تابعة للوزارات والجهات التنفيذية، و200 شركة في منظومة الصناعات الدفاعية والقوات النظامية، في الوقت الذي ظلت فيه 12 شركة فقط من هذه الشركات تسهم في الإيرادات العامة لوزارة المالية.



هيمنة الأسهم الأميركية تزداد قوة مع فوز ترمب

بورصة نيويورك للأوراق المالية (وكالة حماية البيئة)
بورصة نيويورك للأوراق المالية (وكالة حماية البيئة)
TT

هيمنة الأسهم الأميركية تزداد قوة مع فوز ترمب

بورصة نيويورك للأوراق المالية (وكالة حماية البيئة)
بورصة نيويورك للأوراق المالية (وكالة حماية البيئة)

تواصل الأسهم الأميركية تعزيز تفوقها على منافسيها العالميين، ويعتقد العديد من المستثمرين أن هذه الهيمنة قد تزداد إذا تمكن الرئيس المنتخب دونالد ترمب من تنفيذ برنامجه الاقتصادي بنجاح، دون الانجرار إلى حرب تجارية شاملة أو تفاقم العجز الفيدرالي.

وحقق مؤشر «ستاندرد آند بورز 500» زيادة تفوق 24 في المائة في عام 2024، مما جعله في الصدارة بين مؤشرات الأسهم في أوروبا وآسيا والأسواق الناشئة. وبمعدل 22 ضعفاً للأرباح المستقبلية المتوقعة، فإن علاوته مقارنة بمؤشر «إم إس سي آي» للأسواق من أكثر من 40 دولة، تعد الأعلى منذ أكثر من عقدين، وفقاً لبيانات «إل إس إي جي». وعلى الرغم من أن الأسهم الأميركية قد تفوقت على نظيراتها العالمية لأكثر من عقد من الزمان، فإن الفجوة في التقييم قد اتسعت هذا العام بفضل النمو الاقتصادي المتين والأرباح القوية للشركات، لا سيما في قطاع التكنولوجيا، حيث ساعدت التطورات المثيرة في مجال الذكاء الاصطناعي على تعزيز أسهم شركات رائدة مثل «إنفيديا».

ويعتقد بعض المشاركين في السوق أن أجندة ترمب الاقتصادية، التي تشمل تخفيض الضرائب، وتخفيف القيود التنظيمية، وحتى فرض الرسوم الجمركية، قد تعزز من تفوق الولايات المتحدة، متفوقة على المخاوف المتعلقة بتأثيراتها المزعزعة المحتملة على الأسواق وزيادة التضخم.

وقال رئيس استراتيجية الأسهم الأميركية في بنك «باركليز»، فينو كريشنا: «نظراً للتوجهات المؤيدة للنمو في هذه الإدارة الجديدة، أعتقد أنه سيكون من الصعب مواجهة الأسهم الأميركية، على الأقل في عام 2025». وكانت هناك مؤشرات على تزايد تفضيل المستثمرين للأسهم الأميركية مباشرة بعد الانتخابات التي جرت في 5 نوفمبر (تشرين الثاني)، عندما استقبلت صناديق الأسهم الأميركية أكثر من 80 مليار دولار في الأسبوع الذي تلا الانتخابات، في حين شهدت صناديق الأسهم الأوروبية والأسواق الناشئة تدفقات خارجة، وفقاً لبنك «دويتشه».

ويعد «مورغان ستانلي»، و«يو بي إس» لإدارة الثروات العالمية، ومعهد الاستثمار «ويلز فارغو» من بين المؤسسات التي توصي بزيادة الوزن للأسهم الأميركية في المحافظ الاستثمارية أو تتوقع تفوقها في العام المقبل.

محرك الأرباح

أحد المحركات الرئيسية لقوة الأسهم الأميركية هو ميزة أرباح الشركات الأميركية، حيث من المتوقع أن ترتفع أرباح شركات «ستاندرد آند بورز 500» بنسبة 9.9 في المائة هذا العام وبنسبة 14.2 في المائة في 2025، وفقاً لبيانات «إل إس إي جي». وفي المقابل، من المتوقع أن ترتفع أرباح الشركات في مؤشر «ستوكس 600» الأوروبي بنسبة 1.8 في المائة هذا العام وبنسبة 8.1 في المائة في 2025.

وقال كبير الاستراتيجيين الاستثماريين في «ستيت ستريت غلوبال أدفايزر»، مايكل أرون: «الولايات المتحدة تظل المنطقة الجغرافية التي تحقق أعلى نمو في الأرباح وأكبر قدر من الربحية على مستوى العالم».

ويسهم الدور المهيمن للشركات التكنولوجية العملاقة في الاقتصاد الأميركي، وأوزانها الكبيرة في مؤشرات مثل «ستاندرد آند بورز 500»، في تعزيز هذا النمو. إذ تبلغ القيمة السوقية لأكبر خمس شركات أميركية («إنفيديا» و«أبل» و«مايكروسوفت» و«أمازون دوت كوم» وألفابت) أكثر من 14 تريليون دولار، مقارنة بحوالي 11 تريليون دولار لجميع شركات «ستوكس 600»، وفقاً لبيانات «إل إس إي جي».

وعلى نطاق أوسع، من المتوقع أن ينمو الاقتصاد الأميركي بنسبة 2.8 في المائة في 2024 وبنسبة 2.2 في المائة في 2025، مقارنة بنسبة 0.8 في المائة هذا العام و1.2 في المائة في العام المقبل لمجموعة من حوالي 20 دولة تستخدم اليورو، وفقاً لتوقعات صندوق النقد الدولي.

وقد تساعد خطط ترمب لزيادة الرسوم الجمركية على الواردات الولايات المتحدة في تعزيز هذا التفوق، رغم المخاطر التي قد تترتب على ذلك، وفقاً لما قاله مايك مولاني، مدير أبحاث الأسواق العالمية في «بوسطن بارتنرز»، الذي يفضل الأسهم الأميركية. وقال مولاني: «إذا فرض ترمب رسوماً جمركية تتراوح بين 10 في المائة و20 في المائة على السلع الأوروبية، فإنهم سيتأثرون أكثر منا بشكل نسبي».

وقد دفع تحكم الجمهوريين في السلطة في واشنطن، ما يسهل على ترمب تنفيذ أجندته، اقتصاديي «دويتشه بنك» إلى رفع توقعاتهم لنمو الاقتصاد الأميركي في 2025 إلى 2.5 في المائة مقارنة بـ 2.2 في المائة.

وبينما من المتوقع أن تعزز تخفيضات الضرائب وإلغاء القيود التنظيمية النمو الاقتصادي، فإن الهوامش الضيقة نسبياً في الكونغرس الأميركي وحساسية الإدارة تجاه ردود الفعل السوقية قد تحدان من نطاق بعض السياسات «المتطرفة»، مثل الرسوم الجمركية، كما ذكر البنك في تقريره الأخير.

من جانبه، يتوقع «يو بي إس» لإدارة الثروات العالمية أن يصل مؤشر «ستاندرد آند بورز 500» إلى 6600 في العام المقبل، مدفوعاً بالتطورات في مجال الذكاء الاصطناعي، وانخفاض أسعار الفائدة، وتخفيضات الضرائب، وإلغاء القيود التنظيمية. وأغلق المؤشر عند 5948.71 يوم الخميس. مع ذلك، قد تؤدي حرب تجارية شاملة مع الصين ودول أخرى إلى التأثير سلباً على نمو الاقتصاد الأميركي وزيادة التضخم. وفي سيناريو يتم فيه فرض دول ردود فعل على الرسوم الجمركية الأميركية الواسعة، قد ينخفض مؤشر «ستاندرد آند بورز 500» إلى 5100، رغم أن الأسهم العالمية ستتراجع أيضاً، وفقاً لتوقعات «يو بي إس».

ويمكن أن تكون بعض القطاعات في السوق أكثر عرضة لتأثيرات سياسات ترمب، حيث أدت المخاوف بشأن خطط تقليص الفائض البيروقراطي إلى تراجع أسهم شركات المقاولات الحكومية الأسبوع الماضي، بينما تراجعت أسهم شركات الأدوية بعد اختيار ترمب للمشكك في اللقاحات روبرت ف. كينيدي جونيور لقيادة وزارة الصحة والخدمات الإنسانية.

كما قد تثير التخفيضات الضريبية الواسعة القلق بشأن زيادة الدين الأميركي. وقد أسهمت المخاوف المتعلقة بالعجز في تراجع بيع السندات الحكومية الأميركية مؤخراً، مما دفع عائد سندات الخزانة الأميركية لمدة 10 سنوات إلى أعلى مستوى له في خمسة أشهر الأسبوع الماضي.

وفي الوقت نفسه، قد تصبح الفجوة في التقييم بين الولايات المتحدة وبقية العالم واسعة لدرجة تجعل الأسهم الأميركية تبدو باهظة الثمن، أو قد تصبح الأسهم الدولية رخيصة للغاية بحيث لا يمكن تجاهلها. ومع ذلك، في الوقت الراهن، تظل الاتجاهات طويلة المدى لصالح الولايات المتحدة، مع ارتفاع مؤشر «ستاندرد آند بورز 500» بأكثر من 180 في المائة مقارنة بارتفاع بنسبة 50 في المائة تقريباً لمؤشر «ستوكس» في أوروبا على مدار العقد الماضي. وقال رئيس استراتيجيات الأصول المتعددة في «روبيكو»، كولين غراهام: «الزخم شيء رائع. إذا كان لديك شيء يستمر في التفوق، فإن المستثمرين سيتبعون الأموال».