«أمازون» تفتتح متجرها الرقمي في السعودية

سعودية في مركز «أمازون» بمدينة جدة
سعودية في مركز «أمازون» بمدينة جدة
TT

«أمازون» تفتتح متجرها الرقمي في السعودية

سعودية في مركز «أمازون» بمدينة جدة
سعودية في مركز «أمازون» بمدينة جدة

افتتح متجر «أمازون»، أمس الأربعاء، موقعه المخصص للمملكة العربية السعودية عبر الرابط «www.amazon.sa»، وذلك لتقديم خدماته من داخل المملكة ودعم المستخدمين باللغة العربية.
ويجمع المتجر خبرات محلية وعالمية ويقدم أفضل الأسعار وخدمات التوصيل السريعة وخيارات الدفع المختلفة وإعادة الطلبات بعد شرائها (مجاناً خلال 15 يوماً) والشحن المجاني لكثير من المنتجات المعروضة (للطلبات التي تبلغ قيمتها أكثر من 200 ريال سعودي التي تسري سياسة الشحن المجاني عليها أو التوصيل في اليوم نفسه أو التالي لقاء رسوم محددة)، إلى جانب القدرة على استخدام تطبيق الهواتف الذكية للمتجر.
ويعد هذا الإطلاق تحولاً من متجر «سوق دوت كوم» إلى «أمازون» بعد الاستحواذ عليه في عام 2017، مع استثمار «أمازون» في البنية التحتية للمتجر وواجهة الاستخدام وخدمة العملاء، وغيرها، ليصبح متجراً محلياً لـ«أمازون» في المملكة، مع استخدام خبرات فريق العمل الذي يصل تعداده إلى 1400 فرد يلبون الطلبات عبر 34 فئة من المنتجات.
وتستخدم «أمازون» حالياً 3 مراكز لخدمات الشحن، و11 محطة توصيل في جميع أنحاء المملكة، من عرعر إلى جازان، ومن مكة المكرمة إلى الدمام، إلى جانب افتتاحها مركزاً جديداً في جدة.
وأكد الدكتور رافد بن أمين فطاني، رئيس السياسة العامة لدى «أمازون» في الشرق الأوسط وأفريقيا، أن المرأة السعودية تشكل ما نسبته نحو 40 في المائة من القوى العاملة في المركز الجديد بمدينة جدة الذي تبلغ مساحته 226 ألف قدم مربعة. كما تعمل «أمازون» مع مؤسسة «البريد السعودي» لتعزيز قدراتها لضمان تلبيتها متطلبات المستخدمين، وهو شريك توصيل استراتيجي لـ«أمازون» في المملكة.
ويمكن للمستخدمين في السعودية الدفع بالريال السعودي عن طريق استخدام بطاقات الخصم والائتمان المحلية والدولية، بما في ذلك البطاقات الصادرة عن شبكة «مدى» المحلية، فضلاً عن خيار الدفع النقدي عند التسلم، أو بالتقسيط لعملاء مجموعة من المصارف السعودية. وتسهم هذه الآلية في تعزيز آفاق المدفوعات الرقمية في السعودية، الأمر الذي يواكب خططها الهادفة إلى تحقيق التحول الرقمي في مجال المدفوعات بفضل البنية التحتية القوية.
ويخدم المتجر آلاف الشركات السعودية التي تستخدمه بنسخته المحلية للوصول إلى عملائها، حيث يتيح أمامها فرصة بيع منتجاتها وتقديم مجموعة من الأدوات التي يمكن استخدامها بسهولة لضمان عمليات دفع آمنة ومميزات تهدف إلى تسهيل وصول المستخدمين إلى المنتجات، بالإضافة إلى حلول التوصيل الفعالة والسهلة. ويمكن للشركات السعودية المهتمة بالبيع الحصول على مزيد من المعلومات من الموقع الإلكتروني «services.amazon.sa».
ويقدم متجر «أمازون» في السعودية القدرة على استخدام اسم المستخدم وكلمة السر نفسها المستخدمة في المتجر العالمي، أو يمكن استخدام اسم المستخدم الخاص بالمستخدم في «سوق دوت كوم» ولكن مع استخدام كلمة السر الخاصة بـ«أمازون» لتسجيل الدخول. كما يمكن الوصول إلى طلبات «سوق دوت كوم» وطرق الدفع والعناوين المسجلة هناك عن طريق زيارة حساب المستخدم وتحديد طلباته. وستتيح الشركة كذلك القدرة على معاينة السلع المحفوظة في القائمة المفضلة في «سوق دوت كوم» وإكمال عمليات الشراء عبر متجر «أمازون» في السعودية. وتم ربط جميع طرق الدفع والعناوين المستخدمة في «سوق دوت كوم» في العام الماضي تلقائياً بحساب المستخدم في «أمازون».
وأكد رونالدو مشحور؛ الشريك المؤسس لموقع «سوق دوت كوم» نائب رئيس شركة «أمازون» لمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، أن الشركة «تحرص على الالتزام بتطبيق إجراءات السلامة التي أعلنتها منظمة الصحة العالمية ووزارة الصحة السعودية. ومن خلال التركيز على ضمان أعلى معايير السلامة والنظافة في جميع مراكزها وشبكة التوصيل التابعة لها، نفّذت أمازون أكثر من 150 إجراءً وقائياً للسلامة».
كما تخضع تجربة التسوق لشروط وأحكام وإشعار الخصوصية لدى «أمازون»، ويتم نقل البيانات الخاصة بالمستخدم عبر تقنية «سيكيور سوكيت ليير (SSL)» الآمنة التي تعمل على تشفير المعلومات المدخلة، مع كشف الأرقام الأربعة الأخيرة من أرقام بطاقة الائتمان الخاصة بالمستخدم لدى تأكيد الطلب. الأمر الوحيد الذي يجب الالتفات إليه هو عملية إتمام الطلب في «أمازون» باستخدام رصيد حساب المستخدم في «سوق دوت كوم»، حيث لا يمكن استخدام رصيد حساب المستخدم في «سوق دوت كوم» لإتمام الطلبات في «أمازون»، ولكن يمكن للمستخدم إما سحب رصيد حساب «سوق دوت كوم» الخاص به إلى حساب مصرفي محلي في المملكة العربية السعودية من اختياره مباشرة في متجر «أمازون» السعودي، وإما تحويله إلى رصيد بطاقة هدايا «أمازون» ليتم تحويل الرصيد إلى رصيد هدايا «أمازون» خلال 48 ساعة.
ولدى تجربة «الشرق الأوسط» تسجيل الدخول إلى النسخة السعودية من «أمازون» عبر الكومبيوتر وتطبيق الهاتف الجوال، تمت العملية بسهولة باستخدام الحساب العالمي، وتم عرض جميع العناوين المسجلة مسبقاً في المتجر العالمي وطرق الدفع، وكانت سرعة التصفح عالية جداً. ويمكن تحميل تطبيق الهواتف الذكية من المتاجر الرقمية واختيار المملكة العربية السعودية بلداً للمستخدم من قائمة الإعدادات، مع دعم عرض المحتوى باللغتين العربية والإنجليزية.


مقالات ذات صلة

عمالقة التكنولوجيا يخطبون ودّ ترمب… بالملايين

الولايات المتحدة​ مؤسس شركة «أمازون» الأميركية العملاقة جيف بيزوس متحدثاً في لاس فيغاس (أ.ب)

عمالقة التكنولوجيا يخطبون ودّ ترمب… بالملايين

اصطف مليارديرات صناعة التكنولوجيا الأميركيون، وآخرهم مؤسس «أمازون» جيف بيزوس، لخطب ود الرئيس المنتخب قبل عودته للبيت الأبيض من خلال تبرعات بملايين الدولارات.

علي بردى (واشنطن)
الولايات المتحدة​ شعار شركة «أمازون» في مركز لوجيستي للشركة في فرنسا - 8 أغسطس 2018 (رويترز)

بعد «ميتا»... «أمازون» ستتبرع بمليون دولار لصندوق تنصيب ترمب

تعتزم شركة «أمازون» التبرُّع بمليون دولار لصندوق تنصيب دونالد ترمب، ضمن خطوات لشركات التكنولوجيا العملاقة لتحسين العلاقة مع الرئيس الأميركي المنتخَب.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الولايات المتحدة​ الرئيس الأميركي جو بايدن خلال جولته في الأمازون (أ.ف.ب)

بايدن في زيارة غير مسبوقة للأمازون

يزور جو بايدن الأمازون ليكون أول رئيس أميركي في منصبه يتوجه إلى هذه المنطقة، في وقت تلوح فيه مخاوف بشأن سياسة الولايات المتحدة البيئية مع عودة دونالد ترمب.

«الشرق الأوسط» (أمازوناس)
أميركا اللاتينية أطفال يمشون على شريط رملي في طريقهم إلى المدرسة في مجتمع سانتو أنطونيو في نوفو أيراو، ولاية أمازوناس، شمال البرازيل، 1 أكتوبر 2024 (أ.ف.ب)

الجفاف في منطقة الأمازون يعرّض نحو نصف مليون طفل للخطر

قالت منظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسف)، يوم الخميس، إن ندرة المياه والجفاف يؤثران على أكثر من 420 ألف طفل في 3 دول بمنطقة الأمازون.

«الشرق الأوسط» (ريو دي جانيرو)
الولايات المتحدة​ جيف بيزوس مؤسس شركة «أمازون» (رويترز)

جيف بيزوس يهنئ ترمب على «العودة غير العادية... والنصر الحاسم»

هنأ جيف بيزوس، مؤسس شركة «أمازون»، دونالد ترمب على «العودة السياسية غير العادية والنصر الحاسم» بعد فوز المرشح الجمهوري بالإنتخابات الرئاسية.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)

100 عامٍ من عاصي الرحباني

عاصي الرحباني وفيروز (تويتر)
عاصي الرحباني وفيروز (تويتر)
TT

100 عامٍ من عاصي الرحباني

عاصي الرحباني وفيروز (تويتر)
عاصي الرحباني وفيروز (تويتر)

في الرابع من شهر الخِصب وبراعم اللوز والورد، وُلد عاصي الرحباني. كانت البلادُ فكرةً فَتيّة لم تبلغ بعد عامها الثالث. وكانت أنطلياس، مسقط الرأس، قريةً لبنانيةً ساحليّة تتعطّر بزهر الليمون، وتَطربُ لارتطام الموج بصخور شاطئها.
لو قُدّر له أن يبلغ عامه المائة اليوم، لأَبصر عاصي التحوّلات التي أصابت البلاد وقُراها. تلاشت الأحلام، لكنّ «الرحباني الكبير» ثابتٌ كحقيقةٍ مُطلَقة وعَصي على الغياب؛ مقيمٌ في الأمس، متجذّر في الحاضر وممتدّةٌ جذوره إلى كل الآتي من الزمان.


عاصي الرحباني خلال جلسة تمرين ويبدو شقيقه الياس على البيانو (أرشيف Rahbani Productions)

«مهما قلنا عن عاصي قليل، ومهما فعلت الدولة لتكريمه قليل، وهذا يشمل كذلك منصور وفيروز»، يقول المؤلّف والمنتج الموسيقي أسامة الرحباني لـ«الشرق الأوسط» بمناسبة مئويّة عمّه. أما الصحافي والباحث محمود الزيباوي، الذي تعمّق كثيراً في إرث الرحابنة، فيرى أن التكريم الحقيقي يكون بتأليف لجنة تصنّف ما لم يُنشر من لوحاته الغنائية الموجودة في إذاعتَي دمشق ولبنان، وتعمل على نشره.
يقرّ أسامة الرحباني بتقصير العائلة تجاه «الريبرتوار الرحباني الضخم الذي يحتاج إلى تضافر جهود من أجل جَمعه»، متأسفاً على «الأعمال الكثيرة التي راحت في إذاعة الشرق الأدنى». غير أنّ ما انتشر من أغانٍ ومسرحيات وأفلام، على مدى أربعة عقود من عمل الثلاثي الرحباني عاصي ومنصور وفيروز، أصبح ذخيرةً للقرون المقبلة، وليس للقرن الرحباني الأول فحسب.

«فوتي احفظي، قومي سجّلي»
«كان بركاناً يغلي بالعمل... يكتب بسرعة ولا يتوقف عند هاجس صناعة ما هو أجمل، بل يترك السرد يمشي كي لا ينقطع الدفق»، هكذا يتذكّر أسامة عمّه عاصي. وفي بال الزيباوي كذلك، «عاصي هو تجسيدٌ للشغف وللإنسان المهووس بعمله». لم يكن مستغرباً أن يرنّ الهاتف عند أحد أصدقائه الساعة الثالثة فجراً، ليخرج صوت عاصي من السمّاعة قارئاً له ما كتب أو آخذاً رأيه في لحنٍ أنهاه للتوّ.
ووفق ما سمعه الزيباوي، فإن «بعض تمارين السيدة فيروز وتسجيلاتها كان من الممكن أن يمتدّ لـ40 ساعة متواصلة. يعيد التسجيل إذا لم يعجبه تفصيل، وهذا كان يرهقها»، رغم أنه الزوج وأب الأولاد الأربعة، إلا أن «عاصي بقي الأستاذ الذي تزوّج تلميذته»، على حدّ وصف الزيباوي. ومن أكثر الجمل التي تتذكّرها التلميذة عن أستاذها: «فوتي احفظي، قومي سَجّلي». أضنى الأمر فيروز وغالباً ما اعترفت به في الحوارات معها قبل أن تُطلقَ تنهيدةً صامتة: «كان ديكتاتوراً ومتطلّباً وقاسياً ومش سهل الرِضا أبداً... كان صعب كتير بالفن. لمّا يقرر شي يمشي فيه، ما يهمّه مواقفي».


عاصي وفيروز (تويتر)
نعم، كان عاصي الرحباني ديكتاتوراً في الفن وفق كل مَن عاصروه وعملوا معه. «كل العباقرة ديكتاتوريين، وهذا ضروري في الفن»، يقول أسامة الرحباني. ثم إن تلك القسوة لم تأتِ من عدم، فعاصي ومنصور ابنا الوَعر والحرمان.
أثقلت كتفَي عاصي منذ الصغر همومٌ أكبر من سنّه، فتحمّلَ وأخوه مسؤولية العائلة بعد وفاة الوالد. كان السند المعنوي والمادّي لأهل بيته. كمعطفٍ ردّ البردَ عنهم، كما في تلك الليلة العاصفة التي استقل فيها دراجة هوائية وقادها تحت حبال المطر من أنطلياس إلى الدورة، بحثاً عن منصور الذي تأخّر بالعودة من الوظيفة في بيروت. يروي أسامة الرحباني أنها «كانت لحظة مؤثرة جداً بين الأخوين، أبصرا خلالها وضعهما المادي المُذري... لم ينسيا ذلك المشهد أبداً، ومن مواقفَ كتلك استمدّا قوّتهما».
وكما في الصِبا كذلك في الطفولة، عندما كانت تمطر فتدخل المياه إلى المدرسة، كان يظنّ منصور أن الطوفان المذكور في الكتاب المقدّس قد بدأ. يُصاب بالهلَع ويصرخ مطالباً المدرّسين بالذهاب إلى أخيه، فيلاقيه عاصي ويحتضنه مهدّئاً من رَوعه.

«سهرة حبّ»... بالدَين
تعاقبت مواسم العزّ على سنوات عاصي الرحباني. فبعد بدايةٍ متعثّرة وحربٍ شرسة ضد أسلوبه الموسيقي الثائر على القديم، سلك دروب المجد. متسلّحاً بخياله المطرّز بحكايا جدّته غيتا و«عنتريّات» الوالد حنّا عاصي، اخترع قصصاً خفتت بفعلِ سحرِها الأصواتُ المُعترضة. أما لحناً، فابتدعَ نغمات غير مطابقة للنظريات السائدة، و«أوجد تركيبة جديدة لتوزيع الموسيقى العربية»، على ما يشرح أسامة الرحباني.


صورة تجمع عاصي ومنصور الرحباني وفيروز بالموسيقار محمد عبد الوهاب وفريد الأطرش، بحضور بديعة مصابني وفيلمون وهبي ونجيب حنكش (أرشيف Rahbani Productions)
كان عاصي مستعداً للخسارة المادية من أجل الربح الفني. يحكي محمود الزيباوي أنه، ولشدّة مثاليته، «سجّل مسرحية (سهرة حب) مرتَين ولم تعجبه النتيجة، فاقترض مبلغاً من المال ليسجّلها مرة ثالثة». ويضيف أن «أساطير كثيرة نُسجت حول الرحابنة، لكن الأسطورة الحقيقية الوحيدة هي جمال عملهم».
ما كانت لتكتمل أسطورة عاصي، لولا صوت تلك الصبية التي دخلت قفصَه الذهبي نهاد حدّاد، وطارت منه «فيروز».
«أدهشته»، يؤكّد الزيباوي؛ ويستطرد: «لكنّ أحداً منهما لم يعرف كيف يميّز بين نهاد حداد وفيروز»... «هي طبعاً المُلهِمة»، يقول أسامة الرحباني؛ «لمح فيها الشخصية التي لطالما أراد رسمَها، ورأى امرأةً تتجاوب مع تلك الشخصية»، ويضيف أن «عاصي دفع بصوت فيروز إلى الأعلى، فهو في الفن كان عنيفاً ويؤمن بالعصَب. كان يكره الارتخاء الموسيقي ويربط النجاح بالطبع الفني القوي، وهذا موجود عند فيروز».


زفاف عاصي الرحباني ونهاد حداد (فيروز) عام 1955 (تويتر)

دماغٌ بحجم وطن
من عزّ المجد، سرقت جلطة دماغيّة عاصي الرحباني عام 1972. «أكثر ما يثير الحزن أن عاصي مرض وهو في ذروة عطائه وإبداعه، وقد زادت الحرب اللبنانية من مرضه وصعّبت العمل كثيراً»، وفق الزيباوي. لم يكن القلق من الغد الغامض غريباً عليه. فهو ومنذ أودى انفجارٌ في إحدى الكسّارات بحياة زوج خالته يوسف الزيناتي، الذي كان يعتبره صياداً خارقاً واستوحى منه شخصيات لمسرحه، سكنته الأسئلة الحائرة حول الموت وما بعدَه.
الدماغ الذي وصفه الطبيب الفرنسي المعالج بأنه من أكبر ما رأى، عاد ليضيء كقمرٍ ليالي الحصّادين والعاشقين والوطن المشلّع. نهض عاصي ورجع إلى البزُق الذي ورثه عن والده، وإلى نُبله وكرمه الذي يسرد أسامة الرحباني عنهما الكثير.
بعد المرض، لانت قسوة عاصي في العمل وتَضاعفَ كرَمُه المعهود. يقول أسامة الرحباني إن «أقصى لحظات فرحه كانت لحظة العطاء». أعطى من ماله ومن فِكرِه، وعُرف بيدِه الموضوعة دائماً في جيبِه استعداداً لتوزيع النقود على المحتاجين في الشارع. أما داخل البيت، فتجسّد الكرَم عاداتٍ لطيفة وطريفة، كأن يشتري 20 كنزة متشابهة ويوزّعها على رجال العائلة وشبّانها.
خلال سنواته الأخيرة ومع احتدام الحرب، زاد قلق عاصي الرحباني على أفراد العائلة. ما كان يوفّر مزحة أو حكاية ليهدّئ بها خوف الأطفال، كما في ذلك اليوم من صيف 1975 الذي استُهدفت فيه بلدة بكفيا، مصيَف العائلة. يذكر أسامة الرحباني كيف دخل عاصي إلى الغرفة التي تجمّع فيها أولاد العائلة مرتعدين، فبدأ يقلّد الممثلين الأميركيين وهم يُطلقون النار في الأفلام الإيطالية، ليُنسيَهم ما في الخارج من أزيز رصاص حقيقي. وسط الدمار، بنى لهم وطناً من خيالٍ جميل، تماماً كما فعل وما زال يفعل في عامِه المائة، مع اللبنانيين.


عاصي الرحباني (غيتي)