«لمسات جمالية» على 9 مشروعات أثرية مصرية قبل افتتاحها

ميدان التحرير ومتحفا «المركبات الملكية» و«الحضارة» من بينها

TT

«لمسات جمالية» على 9 مشروعات أثرية مصرية قبل افتتاحها

بإضافة اللمسات الجمالية والنهائية خلال الفترة الجارية، تستعد وزارة السياحة والآثار المصرية لافتتاح 9 مشروعات أثرية خلال الستين يوماً المقبلة، وذلك بعد تأجيل افتتاحها خلال الأشهر الماضية بسبب جائحة «كورونا».
وتعتزم السلطات المصرية افتتاح ميدان التحرير في وسط العاصمة القاهرة، ومتحف المركبات الملكية، وقصر البارون إمبان بحي مصر الجديدة (شرق القاهرة) خلال الستين يوماً المقبلة، إضافة إلى افتتاح متحف الحضارة بالفسطاط، عقب نقل المومياوات الملكية إليه من المتحف المصري بالتحرير، وفق الدكتور خالد العناني وزير السياحة والآثار المصري الذي أشار إلى أن كل هذه المشروعات سوف يتم افتتاحها رسمياً قبل نهاية شهر أغسطس (آب) المقبل.
وتضم خطة الافتتاحات الأثرية، كلاً من (متاحف العاصمة الإدارية الجديدة، وكفر الشيخ، والمركبات الملكية ببولاق، والمتحف القومي للحضارة المصرية بالفسطاط، ومتحف مطار القاهرة، وقصر البارون إمبان بحي مصر الجديدة، إضافة إلى الافتتاح الجزئي لمتحف شرم الشيخ)، وهي مشروعات تم الانتهاء منها منذ فترة، وكان من المقرر افتتاحها خلال الشهور الماضية، لكن أزمة «كورونا» أجّلت افتتاحها، حسب الدكتور مصطفى وزيري، الأمين العام للمجلس الأعلى للآثار، الذي أضاف في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» أنّ «المومياوات الملكية ستُنقل من متحف التحرير إلى متحف الحضارة في موكب ملكي مهيب ومبهر».
واتخذت وزارة السياحة والآثار قبل عدة شهور قراراً بنقل 22 مومياء ملكية، من المتحف المصري بالتحرير إلى متحف الحضارة في الفسطاط وحُضّرت عربات حربية خاصة لنقل المومياوات في موكب ملكي.
وانتهت وزارة السياحة والآثار بالتعاون مع محافظة القاهرة من إضافة اللمسات الفنية الأخيرة لتجميل بحيرة «عين الصيرة» التي يطل عليها متحف الحضارة، بعد تنظيفها من المخلفات والقمامة التي كانت تشوه البحيرة والمنطقة بشكل عام، كما جُمّل مسار نقل المومياوات الملكية بدءاً من ميدان التحرير مروراً بسور مجرى العيون، ووصولاً إلا الفسطاط.
وقبيل نقل المومياوات سيُفتتح ميدان التحرير الذي انتهت الحكومة المصرية من تزيينه بمسلة مصرية قديمة وأربعة تماثيل لكباش أثرية، إضافة إلى تجميل المباني المطلة على الميدان الشهير وإضاءتها، لإظهار المسلة بأفضل شكل ممكن.
ورغم أنّ هذه المشروعات الأثرية كانت معدة للافتتاح منذ أكثر من شهرين، فإن مسؤولي وزارة السياحة والآثار نفذوا على مدار الأيام الماضية عدة جولات تفقدية للاطمئنان على جاهزيتها للافتتاح، ووضع بعض اللمسات الفنية والجمالية لإظهارها بالشكل اللائق، كان آخرها جولة تفقدية لمتحف العاصمة الإدارية الجديدة، حيث اقترح وزير السياحة والآثار تعديلات على سيناريو العرض المتحفي من خلال إثرائه بمجموعة من اللوحات الفنية الخاصة بالعواصم المصرية، التي رسمها كبار فناني القرن التاسع عشر.
ويحكي متحف العاصمة الإدارية الجديدة تاريخ 8 من عواصم مصر القديمة، وهي: منف، وطيبة، وتل العمارنة، والإسكندرية، والفسطاط، والقاهرة الفاطمية، ومصر الحديثة، والقاهرة الخديوية، وصولاً إلى العاصمة الإدارية الجديدة، حيث تعرض مجموعة من المقتنيات المختلفة التي تمثل أنماط الحياة في كل حقبة تاريخية، مثل أدوات الزينة، وأدوات الحرب والقتال، ونظام الحكم، والمكاتبات المختلفة.
وتسلم متحف شرم الشيخ 3 قطع أثرية من متحف التحرير لاستكمال سيناريو العرض المتحفي، كما تتواصل أعمال تنسيق الموقع وتجهيز وفرش متحف كفر الشيخ، بينما تم الانتهاء من وضع اللمسات النهائية على قصر البارون إمبان بمصر الجديدة الذي سيضم متحفاً يحكي تاريخ حي مصر الجديدة.
وعن إعادة فتح المتاحف والمناطق الأثرية التي أُغلقت بسبب انتشار فيروس «كورونا المستجد»، قال وزيري إنّ «فتح هذه المتاحف والمناطق مرتبط بعودة السياحة، حيث ستُفتح المتاحف في المحافظات التي تشهد إقبالاً سياحياً، فلو كان هناك سياح في الغردقة، سنفتح متحف الغردقة، وهكذا».
وأعلنت الحكومة المصرية عن بدء عودة السياحة الخارجية في أول يوليو (تموز) المقبل في محافظات البحر الأحمر، وجنوب سيناء، ومطروح، بالتزامن مع بدء عودة حركة الطيران الخارجي، والتي ترتبط في النهاية بقرارات الدول الأخرى بفتح حركة الطيران والسياحة مع مصر، وبإقبال السياح على السفر بعد انتهاء أزمة «كورونا».



رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
TT

رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»

إنه «فضلو» في «بياع الخواتم»، و«أبو الأناشيد الوطنية» في مشواره الفني، وأحد عباقرة لبنان الموسيقيين، الذي رحل أول من أمس (الأربعاء) عن عمر ناهز 84 عاماً.
فبعد تعرضه لأزمة صحية نقل على إثرها إلى المستشفى، ودّع الموسيقي إيلي شويري الحياة. وفي حديث لـ«الشرق الأوسط» أكدت ابنته كارول أنها تفاجأت بانتشار الخبر عبر وسائل التواصل الاجتماعي قبل أن تعلم به عائلته. وتتابع: «كنت في المستشفى معه عندما وافاه الأجل. وتوجهت إلى منزلي في ساعة متأخرة لأبدأ بالتدابير اللازمة ومراسم وداعه. وكان الخبر قد ذاع قبل أن أصدر بياناً رسمياً أعلن فيه وفاته».
آخر تكريم رسمي حظي به شويري كان في عام 2017، حين قلده رئيس الجمهورية يومها ميشال عون وسام الأرز الوطني. وكانت له كلمة بالمناسبة أكد فيها أن حياته وعطاءاته ومواهبه الفنية بأجمعها هي كرمى لهذا الوطن.
ولد إيلي شويري عام 1939 في بيروت، وبالتحديد في أحد أحياء منطقة الأشرفية. والده نقولا كان يحضنه وهو يدندن أغنية لمحمد عبد الوهاب. ووالدته تلبسه ثياب المدرسة على صوت الفونوغراف الذي تنساب منه أغاني أم كلثوم مع بزوغ الفجر. أما أقرباؤه وأبناء الجيران والحي الذي يعيش فيه، فكانوا من متذوقي الفن الأصيل، ولذلك اكتمل المشوار، حتى قبل أن تطأ خطواته أول طريق الفن.
- عاشق لبنان
غرق إيلي شويري منذ نعومة أظافره في حبه لوطنه وترجم عشقه لأرضه بأناشيد وطنية نثرها على جبين لبنان، ونبتت في نفوس مواطنيه الذين رددوها في كل زمان ومكان، فصارت لسان حالهم في أيام الحرب والسلم. «بكتب اسمك يا بلادي»، و«صف العسكر» و«تعلا وتتعمر يا دار» و«يا أهل الأرض»... جميعها أغنيات شكلت علامة فارقة في مسيرة شويري الفنية، فميزته عن سواه من أبناء جيله، وذاع صيته في لبنان والعالم العربي وصار مرجعاً معتمداً في قاموس الأغاني الوطنية. اختاره ملك المغرب وأمير قطر ورئيس جمهورية تونس وغيرهم من مختلف أقطار العالم العربي ليضع لهم أجمل معاني الوطن في قالب ملحن لا مثيل له. فإيلي شويري الذي عُرف بـ«أبي الأناشيد الوطنية» كان الفن بالنسبة إليه منذ صغره هَوَساً يعيشه وإحساساً يتلمسه في شكل غير مباشر.
عمل شويري مع الرحابنة لفترة من الزمن حصد منها صداقة وطيدة مع الراحل منصور الرحباني. فكان يسميه «أستاذي» ويستشيره في أي عمل يرغب في القيام به كي يدله على الصح من الخطأ.
حبه للوطن استحوذ على مجمل كتاباته الشعرية حتى لو تناول فيها العشق، «حتى لو رغبت في الكتابة عن أعز الناس عندي، أنطلق من وطني لبنان»، هكذا كان يقول. وإلى هذا الحد كان إيلي شويري عاشقاً للبنان، وهو الذي اعتبر حسه الوطني «قدري وجبلة التراب التي امتزج بها دمي منذ ولادتي».
تعاون مع إيلي شويري أهم نجوم الفن في لبنان، بدءاً بفيروز وسميرة توفيق والراحلين وديع الصافي وصباح، وصولاً إلى ماجدة الرومي. فكان يعدّها من الفنانين اللبنانيين القلائل الملتزمين بالفن الحقيقي. فكتب ولحن لها 9 أغنيات، من بينها «مين إلنا غيرك» و«قوم تحدى» و«كل يغني على ليلاه» و«سقط القناع» و«أنت وأنا» وغيرها. كما غنى له كل من نجوى كرم وراغب علامة وداليدا رحمة.
مشواره مع الأخوين الرحباني بدأ في عام 1962 في مهرجانات بعلبك. وكانت أول أدواره معهم صامتة بحيث يجلس على الدرج ولا ينطق إلا بكلمة واحدة. بعدها انتسب إلى كورس «إذاعة الشرق الأدنى» و«الإذاعة اللبنانية» وتعرّف إلى إلياس الرحباني الذي كان يعمل في الإذاعة، فعرّفه على أخوَيه عاصي ومنصور.

مع أفراد عائلته عند تقلده وسام الأرز الوطني عام 2017

ويروي عن هذه المرحلة: «الدخول على عاصي ومنصور الرحباني يختلف عن كلّ الاختبارات التي يمكن أن تعيشها في حياتك. أذكر أن منصور جلس خلف البيانو وسألني ماذا تحفظ. فغنيت موالاً بيزنطياً. قال لي عاصي حينها؛ من اليوم ممنوع عليك الخروج من هنا. وهكذا كان».
أسندا إليه دور «فضلو» في مسرحية «بياع الخواتم» عام 1964. وفي الشريط السينمائي الذي وقّعه يوسف شاهين في العام التالي. وكرّت السبحة، فعمل في كلّ المسرحيات التي وقعها الرحابنة، من «دواليب الهوا» إلى «أيام فخر الدين»، و«هالة والملك»، و«الشخص»، وصولاً إلى «ميس الريم».
أغنية «بكتب اسمك يا بلادي» التي ألفها ولحنها تعد أنشودة الأناشيد الوطنية. ويقول شويري إنه كتب هذه الأغنية عندما كان في رحلة سفر مع الراحل نصري شمس الدين. «كانت الساعة تقارب الخامسة والنصف بعد الظهر فلفتني منظر الشمس التي بقيت ساطعة في عز وقت الغروب. وعرفت أن الشمس لا تغيب في السماء ولكننا نعتقد ذلك نحن الذين نراها على الأرض. فولدت كلمات الأغنية (بكتب اسمك يا بلادي عالشمس الما بتغيب)».
- مع جوزيف عازار
غنى «بكتب اسمك يا بلادي» المطرب المخضرم جوزيف عازار. ويخبر «الشرق الأوسط» عنها: «ولدت هذه الأغنية في عام 1974 وعند انتهائنا من تسجيلها توجهت وإيلي إلى وزارة الدفاع، وسلمناها كأمانة لمكتب التوجيه والتعاون»، وتابع: «وفوراً اتصلوا بنا من قناة 11 في تلفزيون لبنان، وتولى هذا الاتصال الراحل رياض شرارة، وسلمناه شريط الأغنية فحضروا لها كليباً مصوراً عن الجيش ومعداته، وعرضت في مناسبة عيد الاستقلال من العام نفسه».
يؤكد عازار أنه لا يستطيع اختصار سيرة حياة إيلي شويري ومشواره الفني معه بكلمات قليلة. ويتابع لـ«الشرق الأوسط»: «لقد خسر لبنان برحيله مبدعاً من بلادي كان رفيق درب وعمر بالنسبة لي. أتذكره بشوشاً وطريفاً ومحباً للناس وشفافاً، صادقاً إلى أبعد حدود. آخر مرة التقيته كان في حفل تكريم عبد الحليم كركلا في الجامعة العربية، بعدها انقطعنا عن الاتصال، إذ تدهورت صحته، وأجرى عملية قلب مفتوح. كما فقد نعمة البصر في إحدى عينيه من جراء ضربة تلقاها بالغلط من أحد أحفاده. فضعف نظره وتراجعت صحته، وما عاد يمارس عمله بالشكل الديناميكي المعروف به».
ويتذكر عازار الشهرة الواسعة التي حققتها أغنية «بكتب اسمك يا بلادي»: «كنت أقفل معها أي حفل أنظّمه في لبنان وخارجه. ذاع صيت هذه الأغنية، في بقاع الأرض، وترجمها البرازيليون إلى البرتغالية تحت عنوان (أومينا تيرا)، وأحتفظ بنصّها هذا عندي في المنزل».
- مع غسان صليبا
مع الفنان غسان صليبا أبدع شويري مرة جديدة على الساحة الفنية العربية. وكانت «يا أهل الأرض» واحدة من الأغاني الوطنية التي لا تزال تردد حتى الساعة. ويروي صليبا لـ«الشرق الأوسط»: «كان يعد هذه الأغنية لتصبح شارة لمسلسل فأصررت عليه أن آخذها. وهكذا صار، وحققت نجاحاً منقطع النظير. تعاونت معه في أكثر من عمل. من بينها (كل شيء تغير) و(من يوم ما حبيتك)». ويختم صليبا: «العمالقة كإيلي شويري يغادرونا فقط بالجسد. ولكن بصمتهم الفنية تبقى أبداً ودائماً. لقد كانت تجتمع عنده مواهب مختلفة كملحن وكاتب ومغنٍ وممثل. نادراً ما نشاهدها تحضر عند شخص واحد. مع رحيله خسر لبنان واحداً من عمالقة الفن ومبدعيه. إننا نخسرهم على التوالي، ولكننا واثقون من وجودهم بيننا بأعمالهم الفذة».
لكل أغنية كتبها ولحنها إيلي شويري قصة، إذ كان يستمد موضوعاتها من مواقف ومشاهد حقيقية يعيشها كما كان يردد. لاقت أعماله الانتقادية التي برزت في مسرحية «قاووش الأفراح» و«سهرة شرعية» وغيرهما نجاحاً كبيراً. وفي المقابل، كان يعدها من الأعمال التي ينفذها بقلق. «كنت أخاف أن تخدش الذوق العام بشكل أو بآخر. فكنت ألجأ إلى أستاذي ومعلمي منصور الرحباني كي يرشدني إلى الصح والخطأ فيها».
أما حلم شويري فكان تمنيه أن تحمل له السنوات الباقية من عمره الفرح. فهو كما كان يقول أمضى القسم الأول منها مليئة بالأحزان والدموع. «وبالقليل الذي تبقى لي من سنوات عمري أتمنى أن تحمل لي الابتسامة».