عودة شبه طبيعية للحياة في فرنسا

ماكرون: حققنا الانتصار الأول على الوباء

مقاهي باريس تنتظر عودة الزبائن أمس (أ.ب)
مقاهي باريس تنتظر عودة الزبائن أمس (أ.ب)
TT

عودة شبه طبيعية للحياة في فرنسا

مقاهي باريس تنتظر عودة الزبائن أمس (أ.ب)
مقاهي باريس تنتظر عودة الزبائن أمس (أ.ب)

23.6 مليون مشاهد تابعوا كلمة الرئيس إيمانويل ماكرون، المتلفزة، مساء الأحد، حيث أعلن أن بلاده حققت «أول انتصار» على وباء «كوفيد - 19»، ما أفسح المجال أمام التخلي عن الكثير من التدابير التي اتخذت، منذ أواسط مارس (آذار) الماضي، لمواجهته في إطار إعلان حالة الطوارئ الصحية.
وتبعاً لما كشفه ماكرون، فإن فرنسا عادت إلى حد بعيد إلى ما يشبه الحياة الطبيعية لما قبل الوباء. فمن جهة، تلونت فرنسا كلها باللون الأخضر «باستثناء مقاطعتين ما وراء البحار»، بعد أن استثنيت منها سابقاً ثلاث مناطق «باريس ومنطقتها، وشمال فرنسا، وشرقها»، وفتحت أبواب المدارس (لم يقرر مصير الجامعات بعد). كما ألغيت التدابير الخاصة بالمطاعم والملاهي والحانات، وفتحت الشواطئ والحدود، وعادت حركة النقل البري (سيارات وقطارات) إلى طبيعتها، فيما يخطط لفتح المطارات، واستئناف حركة الطيران المدني في الأيام القليلة المقبلة. وبدأت التحضيرات في مطاري شارل ديغول وأورلي لمعاودة حركة الطيران. ويعد هذا القطاع في شقه الصناعي والتشغيلي من أكثر القطاعات تضرراً في فرنسا، كما في بقية الدول الصناعية.
ولعل الأهم من ذلك أن كل العوائق التي كانت موجودة بوجه استئناف الدورة الطبيعية للاقتصاد قد أزيلت تماماً. وتعوّل الحكومة والهيئات الاقتصادية عليها من أجل وقف النزول إلى الهاوية التي استنزفت القدرات الاقتصادية والمالية للدولة. وحسب ماكرون، فإن الأزمة كلّفت فرنسا ما لا يقل عن 500 مليار يورو. إلا أنه وعد بأن مواجهة الديون المستجدة لن تتم عبر زيادة الضرائب أو الرسوم، بل من خلال إعادة بناء اقتصاد منتج وبيئي وقوي. وتشير أرقام بنك فرنسا إلى أن تراجع الناتج الوطني الخام سيصل إلى نسبة 10 في المائة في 2020، في حين سترتفع نسبة البطالة إلى 10 في المائة مع نهاية العام. وتتوقع وزارة الاقتصاد أن يقضي الوباء على 800 ألف فرصة عمل حتى نهاية 2020.
وإذا كان ماكرون قد أشاد بعمل الدولة في مواجهة فيروس «كورونا»، وبعودة الفرنسيين إلى ممارسة حياتهم كما يرتأونها، إلا أنه أشار إلى النواقص التي أعاقت التصدي للوباء، ومنها التابعية للخارج في الحصول على وسائل الحماية والوقاية مثل الكمامات أو الاختبارات والتمايز والفروقات في التصدي للفيروس بين المناطق، واعداً بـ«استخلاص العبر» من ذلك كله، ومشدداً على ضرورة التوصل إلى الاستقلالية الفرنسية والأوروبية في توفير وسائل محاربة الأوبئة.
ورغم ما سبق، فإن السلطات مستمرة في التحذير من الوباء الذي «ما زال موجوداً». لكن الأرقام مشجعة للغاية. فعدد الوفيات في المستشفيات المعلن عنها، مساء يوم الأحد، وقفت عند حاجز العشرة، وهو أقل عدد منذ البدء بالإحصائيات. كذلك، فإن الحالات الأكثر صعوبة التي تتطلب الرعاية القصوى هبطت إلى 869 حالة «مقابل 7 آلاف حالة بداية أبريل (نيسان) الماضي». كذلك، فإن عدد الإصابات المستجدة يسير في الاتجاه نفسه.
بيد أن ماكرون لم يكتف بذلك، بل استفاد من كلمته لتناول الحراك الاحتجاجي المزدوج المتمثل من جهة بالتظاهرات ضد عنف رجال الأمن والممارسات التمييزية والعنصرية، ومن جهة ثانية لحالة النقمة المتمادية داخل أوساط الشرطة والدرك. وبعد كلمة ماكرون مباشرة، قامت تظاهرة للشرطة في جادة الشانزليزيه، ما يعني أن ما قاله رئيس الجمهورية لم يرض المحتجين. وهكذا تكون الحكومة واقعة بين مطرقة الحركة الاحتجاجية التي تشكل «لجنة دعم أداما تراوريه»، وهو شاب مات بعد أن اعتقلته قوى الدرك في عام 2016، عصبها الأساسي، التي تحظى بدعم اليسار ومجموعات شبابية، وما تبقى من «السترات الصفراء»، وبين سندان القوى الأمنية التي ترفض اتهامات العنصرية التي وجهها وزير الداخلية كريستوف كاستانتير. ورغم أن الأخير تراجع لاحقاً عن أقواله، والتقى نقابات الشرطة والدرك، إلا أن مطلبها اليوم هو الالتقاء بماكرون. لكن الاستجابة له يعني إضعاف كاستانتير الذي ترتفع بوجهه مطالبات بالاستقالة. وسعى ماكرون لموقف متوازن، إذ أعلن، من جهة، أنه لن يتسامح أبداً إزاء أي أعمال «تدل على العنصرية أو معاداة السامية».
في غضون ذلك، أفادت وكالة الصحافة الفرنسية بأنه للمرة الأولى منذ مارس الماضي، غادر قطار يربط بين باريس ودورتموند بألمانيا المحطة، صباح الاثنين، نتيجة إعادة فتح الحدود داخل الاتحاد الأوروبي.
وفي إشارة أخرى للعودة إلى الحياة، قامت العديد من المطاعم والمقاهي في وسط باريس بتجهيز صالاتها صباح أمس لاستقبال الزبائن من جديد. ومنذ ثلاثة أسابيع، سمح بفتح المساحات الخارجية فقط في باريس وضواحيها.



«كايسيد»: نستثمر في مستقبل أكثر سلاماً

الدكتور زهير الحارثي أمين عام المركز خلال الحفل (كايسيد)
الدكتور زهير الحارثي أمين عام المركز خلال الحفل (كايسيد)
TT

«كايسيد»: نستثمر في مستقبل أكثر سلاماً

الدكتور زهير الحارثي أمين عام المركز خلال الحفل (كايسيد)
الدكتور زهير الحارثي أمين عام المركز خلال الحفل (كايسيد)

أكد الدكتور زهير الحارثي، أمين عام مركز الملك عبد الله العالمي للحوار «كايسيد»، أن برامجهم النوعية تستثمر في مستقبل أكثر سلاماً بجمعها شخصيات دينية وثقافية لتعزيز الحوار والتفاهم وسط عالم يعاني من الانقسامات.

واحتفى المركز بتخريج دفعة جديدة من برنامج «الزمالة» من مختلف المجموعات الدولية والعربية والأفريقية في مدينة لشبونة البرتغالية، بحضور جمع من السفراء والممثلين الدبلوماسيين المعتمدين لدى جمهورية البرتغال.

وعدّ الحارثي، البرنامج، «منصة فريدة تجمع قادة من خلفيات دينية وثقافية متنوعة لتعزيز الحوار والتفاهم، وهو ليس مجرد رحلة تدريبية، بل هو استثمار في مستقبل أكثر سلاماً»، مبيناً أن منسوبيه «يمثلون الأمل في عالم يعاني من الانقسامات، ويثبتون أن الحوار يمكن أن يكون الوسيلة الأقوى لتجاوز التحديات، وتعزيز التفاهم بين المجتمعات».

جانب من حفل تخريج دفعة 2024 من برنامج «الزمالة الدولية» في لشبونة (كايسيد)

وجدَّد التزام «كايسيد» بدعم خريجيه لضمان استدامة تأثيرهم الإيجابي، مشيراً إلى أن «البرنامج يُزوّد القادة الشباب من مختلف دول العالم بالمعارف والمهارات التي يحتاجونها لبناء مجتمعات أكثر شموليةً وتسامحاً».

وأضاف الحارثي: «تخريج دفعة 2024 ليس نهاية الرحلة، بل بداية جديدة لخريجين عازمين على إحداث تغيير ملموس في مجتمعاتهم والعالم»، منوهاً بأن «الحوار ليس مجرد وسيلة للتواصل، بل هو أساس لبناء مستقبل أكثر وحدة وسلاماً، وخريجونا هم سفراء التغيير، وسنواصل دعمهم لتحقيق رؤيتهم».

بدورها، قالت ويندي فيليبس، إحدى خريجات البرنامج من كندا، «(كايسيد) لم يمنحني فقط منصة للتعلم، بل فتح أمامي آفاقاً جديدة للعمل من أجل بناء عالم أكثر عدلاً وسلاماً»، مضيفة: «لقد أصبحت مستعدة لمواجهة التحديات بدعم من شبكة متميزة من القادة».

الدكتور زهير الحارثي يتوسط خريجي «برنامج الزمالة الدولية» (كايسيد)

وحظي البرنامج، الذي يُمثل رؤية «كايسيد» لبناء جسور الحوار بين أتباع الأديان والثقافات، وتعزيز التفاهم بين الشعوب؛ إشادة من الحضور الدولي للحفل، الذين أكدوا أن الحوار هو الوسيلة المُثلى لتحقيق مستقبل أفضل للمجتمعات وأكثر شمولية.

يشار إلى أن تدريب خريجي «برنامج الزمالة الدولية» امتد عاماً كاملاً على ثلاث مراحل، شملت سان خوسيه الكوستاريكية، التي ركزت على تعزيز مبادئ الحوار عبر زيارات ميدانية لأماكن دينية متعددة، ثم ساو باولو البرازيلية وبانكوك التايلاندية، إذ تدربوا على «كيفية تصميم برامج حوار مستدامة وتطبيقها»، فيما اختُتمت بلشبونة، إذ طوّروا فيها استراتيجيات لضمان استدامة مشاريعهم وتأثيرها الإيجابي.