قادة «اعتصام الرحيل 2» يهددون حكومة تونس بحرب أهلية

من اجتماعات سابقة للبرلمان التونسي (إ.ب.أ)
من اجتماعات سابقة للبرلمان التونسي (إ.ب.أ)
TT

قادة «اعتصام الرحيل 2» يهددون حكومة تونس بحرب أهلية

من اجتماعات سابقة للبرلمان التونسي (إ.ب.أ)
من اجتماعات سابقة للبرلمان التونسي (إ.ب.أ)

كشفت تصريحات قادة «اعتصام الرحيل 2»، المطالب بحل البرلمان التونسي وتشكيل حكومة تصريف أعمال جديدة، وإعلان دستور جديد، عن خلافات عميقة حول مطلب حل البرلمان من عدمه، وذلك عشية انطلاق الاعتصام، المقرر اليوم أمام مقر البرلمان، وهو ما يهدد بفشل هذه الحركة الاحتجاجية التي لا تنتمي لأحزاب سياسية أو اجتماعية. وفي غضون ذلك، حذر منظمو الاعتصام من منع مظاهراتهم المقررة أمام مقر البرلمان، بعد أن قررت السلطات إغلاق الساحات، ووجهوا رسالة إلى رئاسة الجمهورية ورئاسة الحكومة لـ«التدخل الفوري لوقف هذا الانتهاك الصارخ لحق التظاهر، حفاظاً على السلم الأهلي، وتجنيب البلاد حرباً أهلية غير محتملة العواقب».
وخلافاً لتصريحات سابقة، تؤكد وحدة مطالب الحراك الاجتماعي الذي يحمل شعار «اعتصام الرحيل 2»، و«ائتلاف الجمهورية الثالثة» و«حركة الإخشيدي» التي تقول إنها تتبنى خيارات الرئيس قيس سعيد، فإن عماد بن حليمة، المحامي والناشط السياسي، نفى وجود أي علاقة له بـ«ائتلاف الجمهورية الثالثة»، قائلاً إن الاعتصام الذي يدعو له لا ينادي بالفوضى وحل البرلمان، وأكد أن مطالبه واضحة، تتمثل في استقالة راشد الغنوشي، رئيس حركة «النهضة» (إسلامية) من رئاسة البرلمان، وإرساء المحكمة الدستورية، وتغيير النظام الانتخابي، معتبراً أن مسألة حل البرلمان «تبقى نقطة خلافية لا يمكن الاتفاق حولها»، مؤكداً عدم وجود آليات قانونية تمكن المحتجين من تحقيق هذا المطلب، وأنه ضد أي تحركات اجتماعية تدعو لحل البرلمان بواسطة «الزحف المباشر»، على حد تعبيره.
ويختلف موقف بن حليمة الذي دعا إلى اعتصام أمام مقر البرلمان إثر رفع الحجر الصحي، مع موقف مروان بالوذنين، المنسق العام لائتلاف الجمهورية الثالثة؛ حيث دعا إلى حل البرلمان من قبل رئيس الجمهورية، تنفيذاً للفصل 77 من الدستور؛ لأنه خرج عن الشرعية ولم ينجح في إرساء المحكمة الدستورية المقررة منذ سنة 2015، قائلاً: «هذا برلمان العار، وهذا الدستور هو دستور الأحزاب... ورئاسة الجمهورية هي الضامنة للقانون».
وبشأن تخوفات البعض من فشل هذا التحرك الاحتجاجي؛ خصوصاً أنه غير مدعوم من قوى سياسية أو منظمات نقابية، على غرار الاتحاد العام التونسي للشغل (نقابة العمال)، قال بالوذنين: «إذا لم ننجح في جمع 300 ألف تونسي، أو مليون مشارك كما حدث سابقاً، سنفهم عندها أن الشعب يريد الإبقاء على النظام الحالي، وفي هذه الحالة سنفهم الرسالة».
ويرى مراقبون أن هذه الاحتجاجات تستهدف إزاحة حركة «النهضة» من المشهد السياسي، بحجة أنها تمثل الإسلام السياسي في الائتلاف الحكومي، بينما تخشى «النهضة» من إعادة سيناريو نهاية 2013؛ حيث أرغمت على تسليم السلطة إلى حكومة «تكنوقراط»، برئاسة مهدي جمعة، تحت ضغط الشارع، في اعتصام رحيل مماثل.
في السياق ذاته، قرر المجلس البلدي لمنطقة باردو؛ حيث توجد ساحة الاعتصام، غلق الساحة بالكامل إلى حين انتهاء فترة الحجر الصحي غداً الاثنين، وهو القرار الذي حظي بموافقة 17 صوتاً يمثلون حركة «النهضة» وحزب «البديل التونسي» وحركة «تحيا تونس»، بينما انقسم عضوا المجلس عن «التيار الديمقراطي» بين مؤيد ومتحفظ. وفي المقابل اعترض أعضاء حزبي «بني وطني» و«آفاق تونس» على قرار الإغلاق، كما صدر قرار بلدي بإقفال الطرقات المؤدية إلى مكان الاعتصام في ساحة باردو.
وبسبب هذا القرار، أصدر منظمو الاحتجاجات و«اعتصام الرحيل 2»، بياناً أكدوا فيه أنهم لن يلتزموا بقرار منع التجمع والتظاهر، ووجهوا رسالة إلى رئاسة الجمهورية ورئاسة الحكومة لـ«التدخل الفوري لوقف هذا الانتهاك الصارخ لحق التظاهر، حفاظاً على السلم الأهلي»، على حد تعبيرهم.
وانتقد منظمو الاعتصام تدخل وزارة النقل لمنع حافلات تقل مناصرين للاعتصام من مغادرة الولايات الداخلية، والتوجه إلى العاصمة، بينما تخشى الحكومة من انتشار الفوضى، وأشارت إلى معلومات استخباراتية تؤكد وجود مخطط يستهدف تونس منتصف شهر يونيو (حزيران) الحالي، يستهدف التحريض على الفوضى، وتنفيذ مخططات إرهابية واستغلال الوضع في تونس لمساعدة عناصر إرهابية خطيرة على التسلل من ليبيا المجاورة.



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.