منطقة الشرق الأوسط ما زالت تعيش الموجة الأولى من الوباء

إيران وحدها تعيش انتشاراً جديداً لـ«كوفيد ـ 19» بعد تعجّلها في تخفيف القيود

صورة أرشيفية لعملية تعقيم في الجيزة في 25 مارس الماضي (أ.ف.ب)
صورة أرشيفية لعملية تعقيم في الجيزة في 25 مارس الماضي (أ.ف.ب)
TT

منطقة الشرق الأوسط ما زالت تعيش الموجة الأولى من الوباء

صورة أرشيفية لعملية تعقيم في الجيزة في 25 مارس الماضي (أ.ف.ب)
صورة أرشيفية لعملية تعقيم في الجيزة في 25 مارس الماضي (أ.ف.ب)

لا تزال دول إقليم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، باستثناء إيران، تعيش بدرجات متباينة مرحلة الموجة الأولى من جائحة فيروس «كورونا المستجد». وفيما وصلت الجائحة في مصر والسعودية، الدولتان الكبيرتان في إقليم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، إلى ذروة الموجة الأولى، بدأت أغلب دول الإقليم تشهد انخفاضات ملحوظة في الأعداد، تشير إلى قرب انتهاء تلك الموجة، فيما يمكن عد إيران الدولة الوحيدة التي تعيش الموجة الثانية، بحسب الخبراء والمتابعين.
ووفق تعريف مايك رايان، رئيس حالات الطوارئ في منظمة الصحة العالمية، للموجة الثانية من الوباء، في مؤتمر صحافي عقد يوم 16 مايو (أيار) الماضي، فإنها تعني عودة حالات الإصابة بالفيروس إلى الارتفاع بعد عدة أشهر من الانخفاض.
والمؤشر الأساسي الذي يدل على أن بلداً يعيش موجة ثانية من الوباء هو حدوث انخفاض في عدد حالات الإصابة بالفيروس أولاً، وهو ما لم يحدث حتى الآن في دولتي مصر والسعودية، إذ لا يزال المنحنى الوبائي في الدولتين على مستوى ثابت من الارتفاع منذ بدأت الجائحة، مشيراً إلى استمرار الموجة الأولى.
وأعلنت د. مها طلعت، المستشارة الإقليمية لمقاومة مضادات الميكروبات بالمكتب الإقليمي لمنظمة الصحة العالمية، في مؤتمر صحافي افتراضي نظم الأربعاء الماضي، أن ارتفاع أعداد الإصابات بمصر منذ أكثر من أسبوع (تراوحت بين 1300 و1400 يومياً) يشير إلى أنها لا تزال تعيش الموجة الأولى من الوباء. وقالت إنه «لا يمكن تحديد موعد الموجة الثانية إلا بعد الانتهاء من الموجة الأولى، واستقرار انخفاض الأعداد»، مشيرة إلى أن دولة إيران تعيش حالياً الموجة الثانية من الوباء. وتسجل إيران منذ يوم الاثنين الماضي زيادة يومية قياسية في عدد حالات الإصابة، تتجاوز 3 آلاف إصابة يومياً، وجاءت هذه الارتفاعات بعد انخفاض في عدد الحالات بشكل مطرد بدأ منذ تم تسجيل 3 آلاف و186 حالة إصابة في 30 مارس (آذار) الماضي، لتبدأ الأعداد في الانخفاض بشكل تدريجي، حتى وصلت في 2 مايو (أيار) إلى 802 حالة، لتعود إلى الارتفاع مجدداً. ويعزو تقرير نشرته «هيئة الإذاعة البريطانية» (بي بي سي)، في 4 يونيو (حزيران) الحالي، الموجة الثانية من الوباء في إيران إلى «سياسات حكومية خاطئة من ناحية، واستهتار مجتمعي من ناحية أخرى».وتنصح منظمة الصحة العالمية الدول التي تسعى لتخفيف القيود لمحاولة احتواء التداعيات الاقتصادية لإغلاقات كورونا، بأن يتم ذلك بشكل تدريجي، يجرى خلاله تقييم المخاطر بشكل علمي، وأن يتزامن مع ذلك التزام مجتمعي بإجراءات التباعد الاجتماعي، وهو ما لم يحدث في إيران التي بدأت في أبريل (نيسان) الماضي تخفيف القيود، ثم اتخذت في أول يونيو (حزيران) إجراءات أكثر انفتاحاً بإعادة فتح المساجد وإعادة الموظفين كافة، كما تم فتح الحدود مع تركيا لحركة النقل.
ومع ارتفاع عدد الإصابات مجدداً، كانت وزارة الصحة الإيرانية تتحدث عن أن هذه الزيادة ناتجة جزئياً عن التوسع في عدد الاختبارات التي يتم إجراؤها، موضحة أن عدد الوفيات اليومية لم يرتفع بمعدل الإصابات الجديدة نفسه، مما أعطى بعض المصداقية لهذه الحجة، ولكن خبراء استطلعت صحيفة «ذي غارديان» البريطانية رأيهم، في تقرير نشرته في 4 يونيو (حزيران) الحالي، قللوا من قيمة هذا السبب، وقالوا إنه «قبل 10 أيام فقط، كان عدد الإصابات الجديدة أقل من 2000 حالة، ولا يمكن تفسير الارتفاع السريع في الأيام الخمسة الماضية فقط بسبب الاختبارات واسعة النطاق». ولجأت الصحة الإيرانية بعد ذلك إلى تحميل المسؤولية للمواطنين، إذ عزت ارتفاع الإصابات مجدداً إلى عدم احترام المواطنين للبروتوكولات الصحية. وقال وزير الصحة، سعيد نمكي، في مؤتمر صحافي عقد الثلاثاء، إن «السلطات توسلت إلى الناس لعدم عقد حفلات الزفاف أو الجنازات، لكنهم لم يستمعوا»، وتوقع مزيداً من سوء الأوضاع، إذا لم يحترم الشعب البروتوكولات الصحية. ويواجه المسؤولون الإيرانيون الآن معضلة بشأن ما إذا كانوا سيعيدون فرض الضوابط، وهي خطوة لن تحظى بشعبية، وستضر بالاقتصاد الضعيف بسبب العقوبات.

- زيادة عدد الاختبارات
ومن غير المتوقع أن تواجه دول أخرى في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا هذه المعضلة، إذ إن معظمها لا تزال ملتزمة بالتخفيف التدريجي للإجراءات الاحترازية. لذلك، فإن أعداد الإصابات المرتفعة بها ليست ناتجة عن موجة ثانية من الوباء، وربما يكون السبب الذي حاولت وزارة الصحة الإيرانية استخدامه لتفسير الزيادة في عدد الإصابات، وهو التوسع في عدد الاختبارات، أكثر ملائمة لتفسير الزيادة بتلك الدول.
وكان د. ريتشارد برينان، مدير الطوارئ الصحية بإقليم شرق المتوسط بمنظمة الصحة العالمية، قد عزا زيادة حالات الإصابة في «22 دولة» بالمنطقة إلى زيادة عدد الاختبارات التشخيصية، وذلك خلال مؤتمر صحافي عقد يوم 13 مايو (أيار) الماضي.
وحتى موعد هذا المؤتمر، كانت دول الإقليم قد أجرت 3.3 مليون اختبار تشخيص، استحوذت دول الخليج على العدد الأكبر منها. ويتوافق تصريح برينان مع تفسير د. أحمد العمار، مدير الصحة العامة بمجلس الصحة الخليجي، لأسباب ارتفاع حالات الإصابة بالسعودية، نافياً أن تكون في الموجة الثانية من الوباء. وشهدت السعودية في 11 يونيو (حزيران) الحالي، لليوم الثاني على التوالي، أكبر ارتفاع في حصيلة الإصابات والوفيات بفيروس كورونا المستجد خلال 24 ساعة، وأعلنت عن تسجيل 3733 إصابة جديدة بالوباء، مقابل 3717 إصابة في 10 يونيو (حزيران).
وقال العمار، في مقطع فيديو عبر حسابه بموقع «تويتر»، في 8 يونيو (حزيران)، إن الموجة الثانية من الوباء تحصل في البلدان التي خفّفت إجراءاتها الاحترازية بشكل كامل، ودون تدرّج، مشيراً إلى أن «السعودية لم تخفف إجراءاتها دفعة واحدة، وإنما كانت بالتدريج، مع وجود متابعة مستمرة للأوضاع وتقييم للمخاطر، ومتابعة للمؤشرات». وأضاف: «نحن في السعودية ما زلنا في الموجة الأولى، ومتفائلون جداً بإمكانية التوصل إلى لقاح، وألا يكون هناك موجة ثانية للوباء».
وبينما تعيش السعودية ذروة الموجة الأولى من الوباء، حيث ينطبق عليها المعيار نفسه الذي ذكرته د. مها طلعت، مستشارة منظمة الصحة العالمية، في توصيفها للحالة المصرية، فإن دول الخليج الأخرى وبعض دول الشمال الأفريقي تتجه إلى الانتهاء من تلك الموجة، حيث تسجل انخفاضاً ملحوظاً في أعداد الإصابات. وأعلنت وزارة الصحة الإماراتية، الخميس، تسجيل 479 حالة إصابة جديدة بفيروس كورونا، في انخفاض واضح عن اليوم السابق، وهو 603 إصابات جديدة، بينما أعلنت وزارة الصحة الكويتية تسجيل 683 إصابة جديدة، بانخفاض كبير عن أعلى معدل إصابات في 10 مايو (أيار)، وهو 1065 حالة.
أما المغرب، فسجل، الخميس، 18 إصابة جديدة، بانخفاض كبير عن اليوم السابق، حيث تم تسجيل 71 حالة إصابة، والأمر نفسه في الجزائر التي سجلت، الخميس، 105 إصابات. وأنهت تونس الموجة الأولى من الوباء، حيث لم تسجل، يوم الخميس، أي إصابة جديدة بالفيروس، لليوم الثامن على التوالي، فيما أعلنت وزارة الصحة الأردنية، الخميس، تسجيل 27 إصابة جديدة.
وتحتفظ الدول التي تشهد صراعات في منطقة الشرق الأوسط، مثل اليمن وسوريا وليبيا، بوضع مختلف، يصعب معه تقييم الحالة الوبائية بها.
وعبر د. بيير نيدف، مدير وحدة إدارة المعلومات الصحية عن هذا المعنى، في مؤتمر صحافي نظمه إقليم شرق المتوسط الأربعاء الماضي، حيث قال إنه «مع ضعف الإمكانيات التشخيصية بتلك الدول، وصعوبة الوصول إلى أماكن الرعاية الصحية، فإن الأرقام الصادرة عن تلك الدول قد لا تكون معبرة عن الحالة الوبائية».

- تخفيف تدريجي
وبينما تنتظر الدول التي تعيش ذروة الموجة الأولى حالياً انخفاض الأعداد، فإن الدول التي شهدت هذا الانخفاض تخشى الموجة الثانية، ويرى خبراء أنه لا يجب على الدول التي أنهت الموجة الأولى من الوباء، وسجلت صفر إصابات أو عدداً قليل منها، أن تتسرع في التخفيف الكلي للقيود.
يقول د. أمجد الخولي، خبير الوبائيات بإقليم شرق المتوسط، لـ«الشرق الأوسط»: «يجب رفع قيود الحركة على مراحل لاختبار تأثير كل مرحلة، كما يجب توسيع نطاق الاختبارات للعثور على المصابين وعزلهم، وتحديد الأشخاص المخالطين لهم، بحيث يمكن اختبارهم وعزلهم، إذا لزم الأمر».


مقالات ذات صلة

«الصحة العالمية»: انتشار أمراض الجهاز التنفسي في الصين وأماكن أخرى متوقع

آسيا أحد أفراد الطاقم الطبي يعتني بمريض مصاب بفيروس كورونا المستجد في قسم كوفيد-19 في مستشفى في بيرغامو في 3 أبريل 2020 (أ.ف.ب)

«الصحة العالمية»: انتشار أمراض الجهاز التنفسي في الصين وأماكن أخرى متوقع

قالت منظمة الصحة العالمية إن زيادة حالات الإصابة بأمراض الجهاز التنفسي الشائعة في الصين وأماكن أخرى متوقعة

«الشرق الأوسط» (لندن )
صحتك جائحة «كورونا» لن تكون الأخيرة (رويترز)

بعد «كوفيد»... هل العالم مستعد لجائحة أخرى؟

تساءلت صحيفة «غارديان» البريطانية عن جاهزية دول العالم للتصدي لجائحة جديدة بعد التعرض لجائحة «كوفيد» منذ سنوات.

«الشرق الأوسط» (لندن)
صحتك ما نعرفه عن «الميتانيوفيروس البشري» المنتشر في الصين

ما نعرفه عن «الميتانيوفيروس البشري» المنتشر في الصين

فيروس مدروس جيداً لا يثير تهديدات عالمية إلا إذا حدثت طفرات فيه

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
صحتك فيروس رئوي قد يتسبب بجائحة عالمية play-circle 01:29

فيروس رئوي قد يتسبب بجائحة عالمية

فيروس تنفسي معروف ازداد انتشاراً

د. هاني رمزي عوض (القاهرة)
الولايات المتحدة​ أحد الأرانب البرية (أرشيفية- أ.ف.ب)

الولايات المتحدة تسجل ارتفاعاً في حالات «حُمَّى الأرانب» خلال العقد الماضي

ارتفعت أعداد حالات الإصابة بـ«حُمَّى الأرانب»، في الولايات المتحدة على مدار العقد الماضي.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)

الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
TT

الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)

أطلقت الجماعة الحوثية سراح خمسة من قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في مناطق سيطرتها، بضمانة عدم المشاركة في أي نشاط احتجاجي أو الاحتفال بالمناسبات الوطنية، وفي المقابل كثّفت في معقلها الرئيسي، حيث محافظة صعدة، حملة الاعتقالات التي تنفّذها منذ انهيار النظام السوري؛ إذ تخشى تكرار هذه التجربة في مناطق سيطرتها.

وذكرت مصادر في جناح حزب «المؤتمر الشعبي» لـ«الشرق الأوسط»، أن الوساطة التي قادها عضو مجلس حكم الانقلاب الحوثي سلطان السامعي، ومحافظ محافظة إب عبد الواحد صلاح، أفضت، وبعد أربعة أشهر من الاعتقال، إلى إطلاق سراح خمسة من أعضاء اللجنة المركزية للحزب، بضمانة من الرجلين بعدم ممارستهم أي نشاط معارض لحكم الجماعة.

وعلى الرغم من الشراكة الصورية بين جناح حزب «المؤتمر» والجماعة الحوثية، أكدت المصادر أن كل المساعي التي بذلها زعيم الجناح صادق أبو راس، وهو عضو أيضاً في مجلس حكم الجماعة، فشلت في تأمين إطلاق سراح القادة الخمسة وغيرهم من الأعضاء؛ لأن قرار الاعتقال والإفراج مرتبط بمكتب عبد الملك الحوثي الذي يشرف بشكل مباشر على تلك الحملة التي طالت المئات من قيادات الحزب وكوادره بتهمة الدعوة إلى الاحتفال بالذكرى السنوية للإطاحة بأسلاف الحوثيين في شمال اليمن عام 1962.

قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في صنعاء يتعرّضون لقمع حوثي رغم شراكتهم الصورية مع الجماعة (إكس)

في غضون ذلك، ذكرت وسائل إعلام محلية أن الجماعة الحوثية واصلت حملة الاعتقالات الواسعة التي تنفّذها منذ أسبوعين في محافظة صعدة، المعقل الرئيسي لها (شمال)، وأكدت أنها طالت المئات من المدنيين؛ حيث داهمت عناصر ما يُسمّى «جهاز الأمن والمخابرات»، الذين يقودهم عبد الرب جرفان منازلهم وأماكن عملهم، واقتادتهم إلى معتقلات سرية ومنعتهم من التواصل مع أسرهم أو محامين.

300 معتقل

مع حالة الاستنفار التي أعلنها الحوثيون وسط مخاوف من استهداف قادتهم من قبل إسرائيل، قدّرت المصادر عدد المعتقلين في الحملة الأخيرة بمحافظة صعدة بنحو 300 شخص، من بينهم 50 امرأة.

وذكرت المصادر أن المعتقلين يواجهون تهمة التجسس لصالح الولايات المتحدة وإسرائيل ودول أخرى؛ حيث تخشى الجماعة من تحديد مواقع زعيمها وقادة الجناح العسكري، على غرار ما حصل مع «حزب الله» اللبناني، الذي أشرف على تشكيل جماعة الحوثي وقاد جناحيها العسكري والمخابراتي.

عناصر من الحوثيين خلال حشد للجماعة في صنعاء (إ.ب.أ)

ونفت المصادر صحة التهم الموجهة إلى المعتقلين المدنيين، وقالت إن الجماعة تسعى لبث حالة من الرعب وسط السكان، خصوصاً في محافظة صعدة، التي تستخدم بصفتها مقراً أساسياً لاختباء زعيم الجماعة وقادة الجناح العسكري والأمني.

وحسب المصادر، تتزايد مخاوف قادة الجماعة من قيام تل أبيب بجمع معلومات عن أماكن اختبائهم في المرتفعات الجبلية بالمحافظة التي شهدت ولادة هذه الجماعة وانطلاق حركة التمرد ضد السلطة المركزية منذ منتصف عام 2004، والتي تحولت إلى مركز لتخزين الصواريخ والطائرات المسيّرة ومقر لقيادة العمليات والتدريب وتخزين الأموال.

ومنذ سقوط نظام الرئيس السوري بشار الأسد وانهيار المحور الإيراني، استنفرت الجماعة الحوثية أمنياً وعسكرياً بشكل غير مسبوق، خشية تكرار التجربة السورية في المناطق التي تسيطر عليها؛ حيث نفّذت حملة تجنيد شاملة وألزمت الموظفين العموميين بحمل السلاح، ودفعت بتعزيزات كبيرة إلى مناطق التماس مع القوات الحكومية خشية هجوم مباغت.

خلق حالة رعب

بالتزامن مع ذلك، شنّ الحوثيون حملة اعتقالات شملت كل من يُشتبه بمعارضته لسلطتهم، وبررت منذ أيام تلك الحملة بالقبض على ثلاثة أفراد قالت إنهم كانوا يعملون لصالح المخابرات البريطانية، وإن مهمتهم كانت مراقبة أماكن وجود قادتها ومواقع تخزين الأسلحة في صنعاء.

وشككت مصادر سياسية وحقوقية في صحة الرواية الحوثية، وقالت إنه ومن خلال تجربة عشرة أعوام تبيّن أن الحوثيين يعلنون مثل هذه العمليات فقط لخلق حالة من الرعب بين السكان، ومنع أي محاولة لرصد تحركات قادتهم أو مواقع تخزين الصواريخ والمسيرات.

انقلاب الحوثيين وحربهم على اليمنيين تسببا في معاناة ملايين السكان (أ.ف.ب)

ووفق هذه المصادر، فإن قادة الحوثيين اعتادوا توجيه مثل هذه التهم إلى أشخاص يعارضون سلطتهم وممارساتهم، أو أشخاص لديهم ممتلكات يسعى قادة الجماعة للاستيلاء عليها، ولهذا يعمدون إلى ترويج مثل هذه التهم التي تصل عقوبتها إلى الإعدام لمساومة هؤلاء على السكوت والتنازل عن ممتلكاتهم مقابل إسقاط تلك التهم.

وبيّنت المصادر أن المئات من المعارضين أو الناشطين قد وُجهت إليهم مثل هذه التهم منذ بداية الحرب التي أشعلتها الجماعة الحوثية بانقلابها على السلطة الشرعية في 21 سبتمبر (أيلول) عام 2014، وهي تهم ثبت زيفها، ولم تتمكن مخابرات الجماعة من تقديم أدلة تؤيد تلك الاتهامات.

وكان آخرهم المعتقلون على ذمة الاحتفال بذكرى الإطاحة بنظام حكم أسلافهم في شمال اليمن، وكذلك مالك شركة «برودجي» التي كانت تعمل لصالح الأمم المتحدة، للتأكد من هوية المستفيدين من المساعدات الإغاثية ومتابعة تسلمهم تلك المساعدات؛ حيث حُكم على مدير الشركة بالإعدام بتهمة التخابر؛ لأنه استخدم نظام تحديد المواقع في عملية المسح، التي تمت بموافقة سلطة الحوثيين أنفسهم