محاكمة القرن: براءة جميع المتهمين في قتل المتظاهرين وانقضاء دعوى الفساد

مصادر قضائية لـ(«الشرق الأوسط») : إخلاء سبيل مبارك خلال ساعات بعد احتساب مدة سجنه

أحد أنصار الرئيس الأسبق حسني مبارك يعرب عن فرحته فور نطق المحكمة بقرار براءته في محاكمة القرن في القاهرة أمس (رويترز)
أحد أنصار الرئيس الأسبق حسني مبارك يعرب عن فرحته فور نطق المحكمة بقرار براءته في محاكمة القرن في القاهرة أمس (رويترز)
TT

محاكمة القرن: براءة جميع المتهمين في قتل المتظاهرين وانقضاء دعوى الفساد

أحد أنصار الرئيس الأسبق حسني مبارك يعرب عن فرحته فور نطق المحكمة بقرار براءته في محاكمة القرن في القاهرة أمس (رويترز)
أحد أنصار الرئيس الأسبق حسني مبارك يعرب عن فرحته فور نطق المحكمة بقرار براءته في محاكمة القرن في القاهرة أمس (رويترز)

أصدرت محكمة جنايات القاهرة أمس، حكمها النهائي فيما يعرف إعلاميا بـ«محاكمة القرن»، والذي يقضي ببراءة الرئيس المصري الأسبق حسني مبارك ونجليه علاء وجمال، ورجل الأعمال حسين سالم (هارب)، ووزير الداخلية الأسبق حبيب العادلي و6 من كبار مساعديه، من كافة الاتهامات الموجهة إليهم، والتي تتعلق باشتراك العادلي ومساعديه في قتل المتظاهرين السلميين في خلال ثورة 25 يناير (كانون الثاني) عام 2011، وعدم جواز توجيه الاتهام ذاته إلى مبارك، إضافة إلى براءة مبارك في قضية تصدير الغاز إلى إسرائيل بأسعار زهيدة، وانقضاء دعوى الفساد المتهم فيها مبارك ونجلاه وحسين سالم.
وحول طبيعة التعامل مع الرئيس الأسبق حسني مبارك الآن، توقعت مصادر قضائية وأمنية رفيعة «صدور أمر نهائي بإخلاء سبيله في خلال ساعات»، مؤكدة لـ«الشرق الأوسط» أن مبارك سيعود بصورة مؤقتة إلى مقر محبسه في مستشفى المعادي العسكري لحين احتساب موقفه بدقة من السجن لمدة 3 سنوات في قضية «القصور الرئاسية»، والتي تنظر محكمة النقض فيها يوم 13 يناير (كانون الثاني) المقبل. وأوضحت المصادر أن مبارك مكث في محبسه لمدة إجمالية تقدر بنحو عامين ونصف العام، حيث خضع للحبس لمدة عامين منذ أبريل (نيسان) 2011 إلى أبريل 2013، حتى انتهت فترة الحبس الاحتياطي بحقه، خاصة في ظل قبول محكمة النقض للطعن في يناير عام 2013. ثم عاد مبارك إلى محبسه قانونا في نهاية مايو (أيار) الماضي عقب الحكم عليه بالسجن في قضية القصور الرئاسية، وهو ما يمكن معه إخلاء سبيله وفقا لقانون حسن السير والسلوك داخل السجن لقضائه ثلاثة أرباع مدة حبسه.
كما أشارت المصادر إلى عودة كل من نجلي مبارك إلى محبسهما، حيث يؤديان حكما بالسجن لمدة 4 سنوات في قضية «القصور الرئاسية»، لحين الفصل في الطعن. بينما يعود العادلي إلى السجن لإدانته في قضية «سخرة المجندين»، والتي حكم عليه فيها نهائيا بالسجن 3 سنوات، فيما ينتظر إعادة محاكمته في قضية «اللوحات المعدنية» يوم 29 ديسمبر (كانون الأول) المقبل، ويقضي فيها حكما بالسجن 5 سنوات. كما تنظر محكمة النقض في طعنه على حكم الحبس بتهمة الكسب غير المشروع يوم 18 من ذات الشهر.
ووفقا للحكم، أوضحت المصادر الأمنية أن مساعدي العادلي الستة مخلى سبيلهم، وهم اللواء أحمد رمزي رئيس قوات الأمن المركزي الأسبق، واللواء عدلي فايد رئيس مصلحة الأمن العام الأسبق، واللواء حسن عبد الرحمن رئيس جهاز مباحث أمن الدولة الأسبق، واللواء إسماعيل الشاعر مدير أمن القاهرة الأسبق، واللواء أسامة المراسي مدير أمن الجيزة الأسبق، واللواء عمر فرماوي مدير أمن السادس من أكتوبر السابق. فيما يظل رجل الأعمال حسين سالم مطلوبا بتنفيذ حكم بالسجن الغيابي لمدة 10 سنوات لاتهامه بالإضرار بالمال العام في قضية أخرى، وتعاد محاكمته في حال القبض عليه أو تسليم نفسه للسلطات المصرية.
من جانبه، أصدر المستشار هشام بركات، النائب المصري العام، قرارا بتكليف المكتب الفني بإعداد دراسة قانونية متكاملة لحيثيات (أسباب) الأحكام التي أصدرتها المحكمة بحق المتهمين تمهيدا للطعن على تلك الأحكام أمام محكمة النقض.
وأشارت مصادر قضائية إلى أن «الطعن أمام محكمة النقض هو آخر درجات التقاضي في القانون المصري، وهو حق مكفول لطرفي النزاع، والتي يمثل المدعين فيها النيابة العامة في هذه القضية». موضحة أن «الطعن يكون في أسباب الحكم فقط، ولمحكمة النقض أن تقضي بصحة الحكم وتثبيته، أو إعادة المحاكمة بنفسها إذا شاب تلك الأسباب ما ترتئي معه عدم صحة الحكم».
وكانت محكمة جنايات القاهرة برئاسة المستشار محمود كامل الرشيدي، قد أصدرت أحكاما ببراءة كافة المتهمين بالقضية. وتضمن الحكم براءة مبارك في شأن الاتهام المتعلق بتصدير الغاز المصري لإسرائيل بأسعار زهيدة، وانقضاء الدعوى الجنائية في شأن الاتهام المتعلق بتلقيه ونجليه علاء وجمال مبارك لرشاوى تتمثل في 5 فيلات من رجل الأعمال حسين سالم نظير استغلال النفوذ الرئاسي لصالحه، وذلك بمضي المدة المسقطة للدعوى الجنائية.
وقضت المحكمة كذلك بعدم جواز نظر الدعوى الجنائية بحق مبارك في شأن الاتهام المتعلق بالاشتراك في وقائع قتل المتظاهرين السلميين إبان ثورة يناير، لصدور أمر ضمني بألا وجه لإقامة الدعوى الجنائية بحقه، وذلك بصدور أمر الإحالة (قرار الاتهام) الأول بإحالة وزير داخليته ومساعديه للمحاكمة قبلها بستين يوما.
وحوكم مبارك والعادلي ومساعدوه الستة في قضية اتهامهم بالتحريض والاتفاق والمساعدة على قتل المتظاهرين السلميين إبان ثورة 25 يناير، وإشاعة الفوضى في البلاد وإحداث فراغ أمني فيها. كما حوكم مبارك ونجلاه علاء وجمال ورجل الأعمال حسين سالم، بشأن جرائم تتعلق بالفساد المالي واستغلال النفوذ الرئاسي في التربح والإضرار بالمال العام وتصدير الغاز المصري إلى إسرائيل بأسعار زهيدة تقل عن سعر بيعها عالميا.
وذكر رئيس المحكمة أن الحكم وحيثياته وردت في 1430 صفحة، وأنه أورد بها عدد القتلى والمصابين في 10 محافظات بلغ 238 متوفى، أضيف إليهم متوفى من شمال سيناء، ليصبح بذلك تعداد المحافظات التي سقط فيها القتلى 11 محافظة. موضحا أن هناك كشفا أخيرا ضم أسماء 36 قتيلا هم من قتلوا بالميادين العامة بالمحافظات العشر، إلى جانب 1588 مصابا في تلك الفترة الزمنية، من بينهم 502 أصيبوا بالميادين العامة بتلك المحافظات.
وأشار إلى أن المحكمة سطرت ضمن حيثياتها أقوال الشهود في الجلسات السرية، وعددهم 13 شاهدا في المحاكمة الأولى، إلى جانب 19 شاهدا آخرين في محاكمة الإعادة.
ومن أبرز الشهود الذين استمعت إليهم المحكمة خلال جلساتها المشير محمد حسين طنطاوي وزير الدفاع الأسبق، والفريق سامي عنان رئيس أركان حرب القوات المسلحة الأسبق، واللواء محمد فريد التهامي رئيس جهاز المخابرات العامة، وسلفه اللواء مراد موافي، واللواء مصطفى عبد النبي رئيس هيئة الأمن القومي السابق، والدكتور أحمد نظيف رئيس الوزراء الأسبق، وسلفه الدكتور عاطف عبيد، واللواء أحمد جمال الدين وزير الداخلية الأسبق، والمهندس شريف إسماعيل وزير البترول، واللواء حسن الرويني قائد المنطقة المركزية العسكرية الأسبق، واللواء حمدي بدين قائد الشرطة العسكرية الأسبق، والكاتب الصحافي إبراهيم عيسى.
وسبق لمحكمة جنايات القاهرة برئاسة المستشار أحمد رفعت، في المحاكمة الأولى، أن قضت في 2 يونيو (حزيران) 2012 بمعاقبة كل من مبارك والعادلي بالسجن المؤبد لمدة 25 عاما بعدما أدانتهما بالاشتراك في جرائم القتل المقترن بجنايات الشروع في قتل آخرين خلال أحداث ثورة 25 يناير. وببراءة مساعدي الوزير مما أسند إلى كل منهم من اتهامات وردت في الدعوى الجنائية.
وتضمن حكم محكمة الجنايات الأولى انقضاء الدعوى الجنائية ضد كل من مبارك ونجليه ورجل الأعمال الهارب حسين سالم، بشأن ما نسب إليهم من استغلال النفوذ الرئاسي. كما برأت المحكمة حينها مبارك مما أسند إليه فيما يتعلق بتصدير الغاز إلى إسرائيل بأسعار زهيدة تقل عن سعر بيعها عالميا.
وتقدم دفاع مبارك والعادلي، بطعن أمام محكمة النقض على حكمي الإدانة الصادر ضدهما، كما تقدمت النيابة العامة بطعون على أحكام البراءة الصادرة.



تأسيس شبكة قانونية لدعم الصحافيين اليمنيين

جنازة رمزية نفذها صحافيون يمنيون للمطالبة بحماية الحريات الصحافية والصحافيين (أرشيفية- رويترز)
جنازة رمزية نفذها صحافيون يمنيون للمطالبة بحماية الحريات الصحافية والصحافيين (أرشيفية- رويترز)
TT

تأسيس شبكة قانونية لدعم الصحافيين اليمنيين

جنازة رمزية نفذها صحافيون يمنيون للمطالبة بحماية الحريات الصحافية والصحافيين (أرشيفية- رويترز)
جنازة رمزية نفذها صحافيون يمنيون للمطالبة بحماية الحريات الصحافية والصحافيين (أرشيفية- رويترز)

في ظل استمرار اليمن واحداً من أخطر البلدان على الصحافيين منذ انقلاب الجماعة الحوثية على السلطة الشرعية قبل عشر سنوات؛ تعتزم منظمات دولية ومحلية إطلاق شبكة قانونية لدعم الحريات الصحافية في البلاد، بالتزامن مع كشف نقابة الصحافيين عن انتهاكات عديدة طالت حرية الصحافة أخيراً.

وفي بيان مشترك لها، أعلنت 12 منظمة دولية ومحلية تأسيس شبكة خاصة بحماية الصحافيين اليمنيين، لتقديم خدمات الحماية والدعم القانوني إليهم، ومساندة حرية التعبير في البلاد، كما ستعمل على مضاعفة التنسيق والتكامل واستمرارية الجهود، لتعزيز الحماية وضمان سلامتهم واستقلاليتهم والمؤسسات الصحافية والإعلامية.

ويأتي إطلاق الشبكة، وفق بيان الإشهار، ضمن «مشروع ضمان الحماية القانونية للصحافيين» الذي تنفّذه «المنظمة الوطنية للإعلاميين اليمنيين» (صدى)، بالشراكة مع «اليونيسكو»، والصندوق العالمي للدفاع عن وسائل الإعلام، والذي يهدف إلى تمكين الصحافيين اليمنيين من الوصول السريع والآمن إلى خدمات الحماية الشاملة وخدمات المشورة والمساعدة القانونية.

عدد كبير من الصحافيين اليمنيين غادروا أماكن إقامتهم بحثاً عن بيئة آمنة (إعلام محلي)

وتضم الشبكة في عضويتها 6 منظمات دولية وإقليمية، بينها: «المادة 19»، ومؤسسة «روري بيك ترست»، وصندوق الدفاع عن وسائل الإعلام العالمي، و«فريدوم هاوس»، والمركز الأميركي للعدالة، إلى جانب 6 منظمات ومؤسسات إعلامية محلية.

انتهاكات متنوعة

تأتي هذه الخطوة عقب تقرير لنقابة الصحافيين اليمنيين أكدت فيه أن «الجماعة الحوثية تقف وراء نحو 70 في المائة من الانتهاكات التي تعرّض لها الصحافيون خلال الربع الثالث من العام الحالي»، ونبهت فيه إلى «استمرار المخاطر المحيطة بالعمل الصحافي والصحافيين، وعملهم في بيئة غير آمنة تحيط بحرية التعبير في البلاد».

وعلى الرغم من إغلاق الجماعة الحوثية كل الصحف والمواقع المعارضة لتوجهاتها، ومنع عمل وسائل الإعلام العربية والدولية في مناطق سيطرتها؛ فإن نقابة الصحافيين رصدت وقوع 30 حالة انتهاك للحريات الإعلامية خلال الربع الثالث من العام الحالي، وقالت إن ذلك يؤكّد «استمرار المخاطر تجاه الصحافة والصحافيين في بيئة غير آمنة تحيط بالصحافة وحرية التعبير في اليمن».

انتهاكات جسيمة بحق الصحافة والصحافيين ارتكبتها الجماعة الحوثية خلال سنوات الانقلاب والحرب (إعلام محلي)

ويذكر التقرير أنه، وخلال الفترة من 1 يوليو (تموز) وحتى 30 سبتمبر (أيلول) الماضيين؛ تمّ رصد 14 حالة حجز حرية بنسبة 47 في المائة من إجمالي الانتهاكات، و6 حالات محاكمات واستدعاء لصحافيين بنسبة 19 في المائة، و4 حالات تهديد وتحريض بنسبة 13 في المائة، وحالتي اعتداء بنسبة 7 في المائة، وحالتي مصادرة لأجهزة الصحافيين بنسبة 7 في المائة، وحالتي ظروف اعتقال سيئة للمعتقلين بنسبة 7 في المائة.

ووضعت النقابة الجماعة الحوثية في طليعة منتهكي الحريات الصحافية؛ حيث ارتكبت 21 انتهاكاً بنسبة 70 في المائة، في حين ارتكبت الحكومة الشرعية بكل التشكيلات التابعة لها، 9 حالات انتهاك من إجمالي الانتهاكات، وبنسبة 30 في المائة منها.

ورصدت النقابة 14 حالة حجز حرية، بنسبة 47 من إجمالي الانتهاكات، تنوّعت بين 10 حالات اختطاف، و3 حالات اعتقال، وحالة ملاحقة واحدة، ارتكب منها الحوثيون 10 حالات، والحكومة 4 حالات.

الصحافة الورقية تعرّضت للإيقاف على أيدي الحوثيين الذين منعوا كل إصداراتها إلا الموالية للجماعة (إكس)

ويورد التقرير أن هناك 14 صحافياً رهن الاحتجاز لدى الأطراف كافّة، منهم 10 لدى الجماعة الحوثية، واثنان منهم لدى قوات الحزام الأمني في عدن، وصحافي اختطفه تنظيم «القاعدة» في حضرموت، وأخفاه منذ عام 2015، وهو محمد قائد المقري.

بيئة غير آمنة

يعيش الصحافيون المعتقلون في اليمن أوضاعاً صعبة ويُعاملون بقسوة، ويُحرمون من حق التطبيب والزيارة والمحاكمة العادلة، وفقاً لتقرير النقابة.

وسجّلت النقابة 6 حالات محاكمات واستدعاءات لصحافيين بنسبة 24 في المائة من إجمالي الانتهاكات استهدفت العشرات منهم، ارتكبت منها الحكومة 4 حالات، في حين ارتكب الحوثيون حالتين.

وتنوّعت هذه المحاكمات بين حكم بالإعدام أصدرته محكمة حوثية بحق طه المعمري، مالك شركة «يمن ديجتال» للخدمات الإعلامية، وحالة حكم بالسجن للصحافي أحمد ماهر، و3 حالات استدعاءات لصحافيين.

كما وثّقت 4 حالات تهديد لصحافيين بالعقاب بنسبة 16 في المائة من إجمالي الانتهاكات ارتكبتها جماعة الحوثي، وسُجّلت حالتا اعتداء، منها حالة اعتداء على صحافي، وحالة مداهمة لمنزل آخر.

تدريب صحافيين يمنيين على الاحتياطات الأمنية حيث يعيش غالبيتهم تحت طائلة التهديدات والاعتداءات (إعلام محلي)

ووقعت حالتا مصادرة لمقتنيات وأجهزة صحافيين ارتكبتها الجماعة الحوثية، وحالتا اعتقال سيئة لصحافيين معتقلين لدى الجماعة.

وطبقاً لتقرير النقابة، فإن مختلف الأطراف، خصوصاً الجماعة الحوثية، استمرت في اعتقال الصحافيين والتضييق عليهم، كما استمر استخدام القضاء لمعاقبتهم وترويعهم ومحاكمتهم في محاكم خاصة بأمن الدولة والإرهاب.

ويواجه الصحافيون الترهيب من خلال التهديدات والاعتداءات ومصادرة مقتنياتهم، رغم أن القيود المفروضة عليهم دفعت بعدد كبير منهم إلى التوقف عن العمل الصحافي، أو مغادرة أماكن إقامتهم، والنزوح بحثاً عن بيئة آمنة.

وطالبت نقابة الصحافيين اليمنيين بالكف عن مضايقة الصحافيين أو استخدام المحاكم الخاصة لترويعهم وإسكاتهم.