فلسطينيون تقطعت بهم السبل بسبب «كورونا» يسعون للعودة إلى وطنهم

مواطنون فلسطينيون يرتدون الكمامات للوقاية من «كورونا» (أ.ف.ب)
مواطنون فلسطينيون يرتدون الكمامات للوقاية من «كورونا» (أ.ف.ب)
TT

فلسطينيون تقطعت بهم السبل بسبب «كورونا» يسعون للعودة إلى وطنهم

مواطنون فلسطينيون يرتدون الكمامات للوقاية من «كورونا» (أ.ف.ب)
مواطنون فلسطينيون يرتدون الكمامات للوقاية من «كورونا» (أ.ف.ب)

وجد آلاف الفلسطينيين الذين كانوا غادروا إلى الخارج في رحلات محددة، أنفسهم عالقين في عدد من دول العالم بسبب تدابير إغلاق الحدود البرية والبحرية والجوية، وهم لا يزالون يبحثون عن طريق للعودة بعد أشهر من بدء انتشار وباء «كوفيد - 19».
ووصلت أسيل بدر (26 عاماً) إلى إيطاليا في يناير (كانون الثاني) بعد حصولها على منحة دراسية لبرنامج الماجستير في جامعة فلورنسا. بعد أسابيع، فرضت إيطاليا إغلاقاً على صعيد الدولة بشكل سريع، مما دفع أسيل للبحث عن طريق للعودة إلى مدينتها الخليل في الضفة الغربية المحتلة.
وتقول الشابة: «إن موظفي السفارة الفلسطينية في روما كانوا متجاوبين للغاية»، لكن ردّهم لم يكن مفيداً، لأنهم لا يملكون معلومات عن الموعد الذي يمكنها السفر فيه. وتضيف: «إنه لأمر قاسٍ جداً من الناحية النفسية».
وتقول السلطة الفلسطينية إن ستة آلاف شخص يريدون العودة إلى البلاد، لكن الخدمات اللوجيستية معقدة بشكل كبير. وأكد رئيس الوزراء الفلسطيني محمد أشتية الثلاثاء: «ربما نكون الحكومة الوحيدة في العالم التي لا تستطيع إعادة طلابها».
وأضاف: «لماذا؟ لأننا لا نملك مطاراً، وليست لدينا طائرات ولا نسيطر على حدودنا. إن ذلك يشكل لنا ألماً حقيقياً». ويسافر سكان الضفة الغربية عادة عبر الأردن، لأن إسرائيل تمنع سكان الضفة الغربية من السفر عبر مطاراتها إلا لحالات خاصة جداً. والحدود مع الأردن التي تسيطر عليها إسرائيل من الجانب الفلسطيني لا تزال مغلقة، ولا معلومات عن موعد فتحها.
ولم تردّ الإدارة المدنية الإسرائيلية في الأراضي الفلسطينية التابعة لوزارة الدفاع الإسرائيلية على سؤال للوكالة الفرنسية للأنباء عمّا إذا كانت ستسهّل عودة الفلسطينيين.
وبين العالقين الذين يحاولون العودة، فلسطينيون من قطاع غزة. وسمحت سلطات حركة حماس التي تسيطر على القطاع، لنحو 1500 فلسطيني علقوا في مصر، بالعودة عبر معبر رفح الحدودي الشهر الماضي.
كما سمحت إسرائيل لأعداد قليلة بالدخول إلى غزة عبر المعبر الفاصل بينها وبين القطاع، لكن الفلسطينيين الموجودين في أماكن أبعد ما زالوا عالقين. فقد غادرت تغريد درويش (35 عاماً) وابنتاها غزة في فبراير (شباط) الماضي لزيارة زوجها الذي يدرس في غلاسكو في بريطانيا. ومنذ انتشار فيروس كورونا المستجد، لم تتمكن من العثور على رحلة جوية من بريطانيا إلى مصر، لتعود منها إلى القطاع.
وتقول تغريد التي كانت تعمل في مجال الدفاع عن حقوق المرأة في غزة: «فشلت وزارة الخارجية بشكل واضح في تنسيق عملية إجلاء العالقين». وبسبب غيابها الطويل، فقدت تغريد وظيفتها، مما يشكل ضربة قاسية لعائلتها. وتقول: «أنا المعيلة لعائلتي، وعندما أعود لا أعرف ما هو مصيرنا».
ويتجاوز معدّل البطالة نسبة 50 في المائة في غزة، وفقاً لأرقام البنك الدولي لعام 2018. وتلقت تغريد رسالة من وزارة الخارجية الفلسطينية تقول إن عليها الانتظار للحصول على موافقات من مصر أو الأردن للعودة.
وأنشأ بعض أولئك الذين تقطعت بهم السبل صفحة على «فيسبوك» أطلقوا عليها اسم «رجعونا ع بيوتنا»، وتنشر عليها مقاطع فيديو للعالقين في الخارج وعائلاتهم تطلب من السلطات الفلسطينية التدخل. ويقول زيد الشعيبي (31 عاماً) المشارك في المبادرة: «بدأنا هذه الحملة لأسباب عدة، ولدعم بعضنا بعضاً بعد أن خذلنا المسؤولون».
وعلق زيد في جوهانسبرغ بعد أن سافر من مدينة رام الله في الضفة الغربية المحتلة إلى جنوب أفريقيا في دورة لمدة شهرين ألغيت في نهاية المطاف بسبب فيروس كورونا المستجد. ومُنح الشعيبي مكاناً للبقاء هناك، علماً بأن العديد من الفلسطينيين لم يحالفهم الحظ بذلك. ويقول: «هناك الكثير من الناس الذين يعانون حقاً، مثل الفلسطينيين الذين كانوا يعملون في الخليج وفقدوا دخلهم عندما انتشر الوباء، وكذلك في الولايات المتحدة وأماكن أخرى».
ويتهم وزارة الخارجية الفلسطينية بعدم وضع آلية لإعادة المواطنين العالقين. ويقول: «نحن لا نثق بما يقولون وهناك تقصير من جهتهم». ويؤكد أن «عدداً من الفلسطينيين الذين لهم صلات بالسلطة الفلسطينية تمكنوا من العودة عبر تل أبيب».
وينفي المسؤول بوزارة الخارجية الفلسطينية في رام الله أحمد الديك هذا، قائلاً: «العمل جار لإعادة الناس إلى منازلهم». ويضيف: «نحن نستعد لإعادة 1600 فلسطيني تم تجميعهم في مصر، وستتم إعادتهم إلى الأردن ومن ثم إلى الجسر الذي يفصل بين الأردن والضفة الغربية»، وتسيطر عليه إسرائيل.
ولكن بالنسبة إلى آلاف الفلسطينيين الآخرين، طريق العودة لم يتضح بعد.


مقالات ذات صلة

«الصحة العالمية»: انتشار أمراض الجهاز التنفسي في الصين وأماكن أخرى متوقع

آسيا أحد أفراد الطاقم الطبي يعتني بمريض مصاب بفيروس كورونا المستجد في قسم كوفيد-19 في مستشفى في بيرغامو في 3 أبريل 2020 (أ.ف.ب)

«الصحة العالمية»: انتشار أمراض الجهاز التنفسي في الصين وأماكن أخرى متوقع

قالت منظمة الصحة العالمية إن زيادة حالات الإصابة بأمراض الجهاز التنفسي الشائعة في الصين وأماكن أخرى متوقعة

«الشرق الأوسط» (لندن )
صحتك جائحة «كورونا» لن تكون الأخيرة (رويترز)

بعد «كوفيد»... هل العالم مستعد لجائحة أخرى؟

تساءلت صحيفة «غارديان» البريطانية عن جاهزية دول العالم للتصدي لجائحة جديدة بعد التعرض لجائحة «كوفيد» منذ سنوات.

«الشرق الأوسط» (لندن)
صحتك ما نعرفه عن «الميتانيوفيروس البشري» المنتشر في الصين

ما نعرفه عن «الميتانيوفيروس البشري» المنتشر في الصين

فيروس مدروس جيداً لا يثير تهديدات عالمية إلا إذا حدثت طفرات فيه

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
صحتك فيروس رئوي قد يتسبب بجائحة عالمية play-circle 01:29

فيروس رئوي قد يتسبب بجائحة عالمية

فيروس تنفسي معروف ازداد انتشاراً

د. هاني رمزي عوض (القاهرة)
الولايات المتحدة​ أحد الأرانب البرية (أرشيفية- أ.ف.ب)

الولايات المتحدة تسجل ارتفاعاً في حالات «حُمَّى الأرانب» خلال العقد الماضي

ارتفعت أعداد حالات الإصابة بـ«حُمَّى الأرانب»، في الولايات المتحدة على مدار العقد الماضي.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)

واشنطن تضرب منشأتين حوثيتين لتخزين الأسلحة تحت الأرض

واشنطن شنت نحو 950 غارة ضد الحوثيين خلال عام (الجيش الأميركي)
واشنطن شنت نحو 950 غارة ضد الحوثيين خلال عام (الجيش الأميركي)
TT

واشنطن تضرب منشأتين حوثيتين لتخزين الأسلحة تحت الأرض

واشنطن شنت نحو 950 غارة ضد الحوثيين خلال عام (الجيش الأميركي)
واشنطن شنت نحو 950 غارة ضد الحوثيين خلال عام (الجيش الأميركي)

بعد يوم من تبني الحوثيين المدعومين من إيران مهاجمة أهداف عسكرية إسرائيلية وحاملة طائرات أميركية شمال البحر الأحمر، أعلن الجيش الأميركي، الأربعاء، استهداف منشأتين لتخزين الأسلحة تابعتين للجماعة في ريف صنعاء الجنوبي وفي محافظة عمران المجاورة شمالاً.

وإذ أقرت وسائل الإعلام الحوثية بتلقي 6 غارات في صنعاء وعمران، فإن الجماعة تشن منذ أكثر من 14 شهراً هجمات ضد السفن في البحر الأحمر وخليج عدن، وهجمات أخرى باتجاه إسرائيل، تحت مزاعم مناصرة الفلسطينيين في غزة، فيما تشن واشنطن ضربات مقابلة للحد من قدرات الجماعة.

وأوضحت «القيادة العسكرية المركزية الأميركية»، في بيان، الأربعاء، أن قواتها نفذت ضربات دقيقة متعددة ضد منشأتين تحت الأرض لتخزين الأسلحة التقليدية المتقدمة تابعتين للحوثيين المدعومين من إيران.

ووفق البيان، فقد استخدم الحوثيون هذه المنشآت لشن هجمات ضد سفن تجارية وسفن حربية تابعة للبحرية الأميركية في جنوب البحر الأحمر وخليج عدن. ولم تقع إصابات أو أضرار في صفوف القوات الأميركية أو معداتها.

وتأتي هذه الضربات، وفقاً للبيان الأميركي، في إطار جهود «القيادة المركزية» الرامية إلى تقليص محاولات الحوثيين المدعومين من إيران تهديد الشركاء الإقليميين والسفن العسكرية والتجارية في المنطقة.

في غضون ذلك، اعترفت الجماعة الحوثية، عبر وسائل إعلامها، بتلقي غارتين استهدفتا منطقة جربان بمديرية سنحان في الضاحية الجنوبية لصنعاء، وبتلقي 4 غارات ضربت مديرية حرف سفيان شمال محافظة عمران، وكلا الموقعين يضم معسكرات ومخازن أسلحة محصنة منذ ما قبل انقلاب الحوثيين.

وفي حين لم تشر الجماعة الحوثية إلى آثار هذه الضربات على الفور، فإنها تعدّ الثانية منذ مطلع السنة الجديدة، بعد ضربات كانت استهدفت السبت الماضي موقعاً شرق صعدة حيث المعقل الرئيسي للجماعة.

5 عمليات

كانت الجماعة الحوثية تبنت، مساء الاثنين الماضي، تنفيذ 5 عمليات عسكرية وصفتها بـ«النوعية» تجاه إسرائيل وحاملة طائرات أميركية، باستخدام صواريخ مجنّحة وطائرات مسيّرة، وذلك بعد ساعات من وصول المبعوث الأممي هانس غروندبرغ إلى صنعاء حيث العاصمة اليمنية الخاضعة للجماعة.

وفي حين لم يورد الجيشان الأميركي والإسرائيلي أي تفاصيل بخصوص هذه الهجمات المزعومة، فإن يحيى سريع، المتحدث العسكري باسم الحوثيين، قال إن قوات جماعته نفذت «5 عمليات عسكرية نوعية» استهدفت حاملة الطائرات الأميركية «هاري ترومان» وتل أبيب وعسقلان.

الحوثيون زعموا مهاجمة حاملة الطائرات الأميركية «هاري ترومان» بالصواريخ والمسيّرات (الجيش الأميركي)

وادعى المتحدث الحوثي أن جماعته استهدفت حاملة الطائرات الأميركية «يو إس إس هاري ترومان» بصاروخين مجنّحين و4 طائرات مسيّرة شمال البحرِ الأحمر، زاعماً أن الهجوم استبق تحضير الجيش الأميركي لشن هجوم على مناطق سيطرة الجماعة.

إلى ذلك، زعم القيادي الحوثي سريع أن جماعته قصفت هدفين عسكريين إسرائيليين في تل أبيب؛ في المرة الأولى بطائرتين مسيّرتين وفي المرة الثانية بطائرة واحدة، كما قصفت هدفاً حيوياً في عسقلانَ بطائرة مسيّرة رابعة.

تصعيد متواصل

وكانت الجماعة الحوثية تبنت، الأحد الماضي، إطلاق صاروخ باليستي فرط صوتي، زعمت أنها استهدفت به محطة كهرباء إسرائيلية، الأحد، وذلك بعد ساعات من تلقيها 3 غارات وصفتها بالأميركية والبريطانية على موقع شرق مدينة صعدة؛ حيث معقلها الرئيسي شمال اليمن.

ويشن الحوثيون هجماتهم ضد السفن في البحر الأحمر وخليج عدن وباتجاه إسرائيل، ابتداء من 19 نوفمبر (تشرين الثاني) 2023، تحت مزاعم مناصرة الفلسطينيين في غزة.

مقاتلة أميركية تقلع من على متن حاملة الطائرات «هاري رومان»... (الجيش الأميركي)

وأقر زعيمهم عبد الملك الحوثي في آخِر خُطبه الأسبوعية، الخميس الماضي، باستقبال 931 غارة جوية وقصفاً بحرياً، خلال عام من التدخل الأميركي، وقال إن ذلك أدى إلى مقتل 106 أشخاص، وإصابة 314 آخرين.

كما ردت إسرائيل على مئات الهجمات الحوثية بـ4 موجات من الضربات الانتقامية حتى الآن، وهدد قادتها السياسيون والعسكريون الجماعة بمصير مُشابه لحركة «حماس» و«حزب الله» اللبناني، مع الوعيد باستهداف البنية التحتية في مناطق سيطرة الجماعة.

ومع توقع أن تُواصل الجماعة الحوثية هجماتها، لا يستبعد المراقبون أن تُوسِّع إسرائيل ردها الانتقامي، على الرغم من أن الهجمات ضدها لم يكن لها أي تأثير هجومي ملموس، باستثناء مُسيَّرة قتلت شخصاً بعد انفجارها بشقة في تل أبيب يوم 19 يوليو (تموز) الماضي.