الحكومة اللبنانية تقر تعيينات تقلّص نفوذ حاكم المصرف المركزي

عون ينفي صحة أنباء عن تغيير وزاري

مجلس الوزراء اللبناني مجتمعاً أمس برئاسة ميشال عون (دالاتي ونهرا)
مجلس الوزراء اللبناني مجتمعاً أمس برئاسة ميشال عون (دالاتي ونهرا)
TT

الحكومة اللبنانية تقر تعيينات تقلّص نفوذ حاكم المصرف المركزي

مجلس الوزراء اللبناني مجتمعاً أمس برئاسة ميشال عون (دالاتي ونهرا)
مجلس الوزراء اللبناني مجتمعاً أمس برئاسة ميشال عون (دالاتي ونهرا)

أقر مجلس الوزراء اللبناني في جلسته أمس تعيين نواب حاكم مصرف لبنان الأربعة وسط مقاطعة وزيري «تيار المردة» ومعارضة سياسية من خارج الحكومة لآلية التعيينات، بموازاة أنباء عن تغييرات حكومية نفاها الرئيس اللبناني ميشال عون الذي ترأس الجلسة.
والتأم مجلس الوزراء في القصر الجمهوري للبحث في جدول أعمال من 15 بندا أبرزها التعيينات المالية والإدارية إضافة إلى اقتراحات ومشاريع قوانين، أبرزها اقتراح قانون يرمي إلى إنشاء نيابة عامة لمكافحة الفساد. وسبق الجلسة اجتماع بين رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة حسان دياب لبحث الأوضاع العامة.
وعين مجلس الوزراء نواب حاكم مصرف لبنان الأربعة بالأسماء المتفق عليها وهم: وسيم منصوري (شيعي) وبشير يقظان (درزي) وسليم شاهين (سني) وألكسندر مراديان (أرمني). كما تم تعيين مايا دباغ رئيسة لهيئة الرقابة على المصارف وأربعة أعضاء من بينهم عادل دريق المقرب من رئيس «تيار المردة» سليمان فرنجية. كما أقر تعيين مدير عام وزارة الاقتصاد. وتعيين واجب علي قانصو، نجل الوزير السابق علي قانصو، في هيئة الأسواق المالية، كما عُيّن فؤاد شقير المقرب من رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط عضواً في الهيئة. وعينت كريستال واكيم مفوضة الحكومة لدى مصرف لبنان، وهي مقربة من النائب جبران باسيل.
واكتمل المجلس المركزي لمصرف لبنان بالتعيينات أمس، والذي يضم حاكم المصرف رياض سلامة ونوابه الأربعة ولجنة الرقابة على المصارف ومفوض الحكومة لدى المصرف المركزي ومدير عام وزارة المالية ومدير عام وزارة الاقتصاد. وقالت مصادر سياسية لـ«الشرق الأوسط» إن الحصة الراجحة في المجلس المركزي باتت لرئيس الجمهورية ورئيس «التيار الوطني الحر» النائب جبران باسيل «ما يتيح لهما التمتّع بدور أساسي، ومحاصرة الحاكم رياض سلامة، بحيث لن يعود له دور فاعل كما السابق». وجاء تعيين بشير يقظان وهو مدير في «بنك بيروت والبلاد العربية»، النائب الدرزي للحاكم، بعد أن وقف إلى جانب النائب طلال أرسلان، إذ لم يكن مرشحه السابق مستوفياً للشروط، فيما تم استبعاد مرشح «اللقاء الديمقراطي» فادي فليحان الذي كان مستوفياً للشروط.
واستغربت المصادر موافقة رئيس الحكومة حسان دياب على التعيينات في هذا الوقت، بعد أن كان في السابق رفضها بحجة «رفضه لمنطق المحاصصة»، متسائلة عن الأسباب التي دفعته الآن للموافقة وفق الآلية التي رفضها في السابق.
وقال عون في مستهل جلسة مجلس الوزراء: «إننا مع حق التظاهر ولكن لا يمكن القبول بالشغب والعنف وإثارة النعرات الطائفية والمذهبية، لكن البعض استغل المظاهرات المطلبية للقيام بأعمال تخريبية مدانة سبق وحذرنا منها، وأكرر اليوم وجوب الحذر الشديد مستقبلا، خصوصا أن معلومات توفرت لدى الأجهزة المعنية عن ارتباطات خارجية لمجموعات من المشاركين». وقال إن «التعرض للأديان والمذاهب والرموز الدينية مرفوض ومدان، ولم يسبق أن حصل حتى في أسوأ أيام الحرب»، داعياً الجميع «إلى التنبه وعدم السماح للفتنة بالتسلل إلى مجتمعنا».
وأضاف «لن نتوقف عند الحملات والشائعات التي تستهدف الحكم والحكومة، وخصوصا تلك التي تتحدث عن تغيير حكومي أو إسقاط الحكومة. فعلينا أن نتابع عملنا ولا نضيع الوقت بالرد عليها».
وقال دياب من جهته إن «هناك غرفا سوداء تختلق أكاذيب وتروجها للتحريض على الحكومة لتحميلها أوزار السنوات الماضية التي تسببت بوصول البلد إلى الوضع الذي نعيشه اليوم. الحكومة تبذل جهودها، ليس بالاجتماعات فقط، وإنما بإجراءات متدرجة، بعضها عاجل وبعضها متوسط المدى وبعضها طويل المدى».
وعلى وقع تحركات خرجت إلى الشارع اعتراضاً على ارتفاع سعر الدولار، لفت دياب إلى «معضلة أساسية نعمل على معالجتها، وهي التلاعب بسعر العملة الوطنية، وهذا الأمر نتابعه على مدار الساعة، ونحن أعطينا تعليمات واضحة وحاسمة إلى الأجهزة الأمنية للتشدد في ضبط فلتان التسعير لدى الصرافين الشرعيين وغير الشرعيين».
وجاء توضيح «تيار المردة» لغياب وزرائه عن الجلسة أمس على لسان وزير الأشغال ميشال نجار الذي قال: «غيابنا عن الجلسة هو تعبير واضح أننا لن نكون جزءا من أي تعيينات لا تخضع لآلية». وقال: «نحن نحرص على أن يكون الشخص المناسب في المكان المناسب، وهذا ما عبر عنه الوزير (السابق) سليمان فرنجية في المرة الأولى للتعيينات المالية التي لم تحصل، وقال: لن نكون ولا نريد حصة في أي تعيينات، ونطلب أن تكون حاضنة لآلية واضحة وشفافة وغير خاضعة للمحاصصة ومعلبة». وأسف نجار «لأن التعيينات التي تحصل اليوم لم تغير أسلوب المحاصصة».
وعن عدم المشاركة في جلسة مجلس الوزراء اليوم، قال نجار: «الحديث عن تفكك العقد الحكومي مبالغ فيه، فالحكومة تمر بأصعب مرحلة، ووصلنا إلى ما نحن عليه نتيجة عقود من الممارسات».
وواصلت «القوات اللبنانية» انتقادها لآلية التعيينات المتبعة خلافاً للقانون الذي أقر في البرلمان في آخر جلساته التشريعية قبل أسبوعين، وتوجه النائب جورج عدوان إلى الحكومة بالقول: «إذا ذهبتم إلى تعيينات المحاصصة فسوف تسقطون ورقة التين». وقال: «اللبنانيون يحاولون مساعدتكم، احزموا أمركم ولا تعينوا إلا وفقا للآلية والكفاءة، يكفي الناس هذا العذاب، اتركوا مكانا للناس أصحاب الكفاءة».



إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
TT

إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)

أوقفت الجماعة الحوثية عشرات القادة والمسؤولين التربويين في العاصمة المختطفة صنعاء عن العمل، وأحالتهم إلى المحاسبة تمهيداً لفصلهم من وظائفهم، بعد أن وجّهت إليهم تهماً برفض حضور ما تُسمى «برامج تدريبية» تُقيمها حالياً في صنعاء وتركّز على الاستماع إلى سلسلة محاضرات لزعيمها عبد الملك الحوثي.

وفي سياق سعي الجماعة لتعطيل ما تبقى من مؤسسات الدولة تحت سيطرتها، تحدّثت مصادر تربوية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، عن إرغام الجماعة أكثر من 50 مسؤولاً وقيادياً تربوياً يشملون وكلاء قطاعات ومديري عموم في وزارة التعليم الحوثية على الخضوع لبرامج تعبوية تستمر 12 يوماً.

ملايين الأطفال في مناطق سيطرة الحوثيين عُرضة لغسل الأدمغة (رويترز)

وبموجب التعليمات، ألزمت الجماعة القادة التربويين بحضور البرنامج، في حين اتخذت إجراءات عقابية ضد المتغيبين، وكذا المنسحبون من البرنامج بعد انتهاء يومه الأول، لعدم قناعتهم بما يتمّ بثّه من برامج وأفكار طائفية.

وكشفت المصادر عن إحالة الجماعة 12 مديراً عاماً ووكيل قطاع تربوي في صنعاء ومدن أخرى إلى التحقيق، قبل أن تتخذ قراراً بإيقافهم عن العمل، بحجة تخلفهم عن المشاركة في برنامجها التعبوي.

وجاء هذا الاستهداف تنفيذاً لتعليمات صادرة من زعيم الجماعة وبناء على مخرجات اجتماع ترأسه حسن الصعدي المعيّن وزيراً للتربية والتعليم والبحث العلمي بحكومة الانقلاب، وخرج بتوصيات تحض على إخضاع التربويين لبرامج تحت اسم «تدريبية» على ثلاث مراحل، تبدأ بالتعبئة الفكرية وتنتهي بالالتحاق بدورات عسكرية.

توسيع التطييف

تبرّر الجماعة الحوثية إجراءاتها بأنها رد على عدم استجابة التربويين للتعليمات، ومخالفتهم الصريحة لما تُسمّى مدونة «السلوك الوظيفي» التي فرضتها سابقاً على جميع المؤسسات تحت سيطرتها، وأرغمت الموظفين تحت الضغط والتهديد على التوقيع عليها.

وأثار السلوك الحوثي موجة غضب في أوساط القادة والعاملين التربويين في صنعاء، ووصف عدد منهم في حديثهم لـ«الشرق الأوسط»، ذلك التوجه بأنه «يندرج في إطار توسيع الجماعة من نشاطاتها الطائفية بصورة غير مسبوقة، ضمن مساعيها الرامية إلى تطييف ما تبقى من فئات المجتمع بمن فيهم العاملون في قطاع التعليم».

عناصر حوثيون يرددون هتافات الجماعة خلال تجمع في صنعاء (إ.ب.أ)

واشتكى تربويون في صنعاء، شاركوا مكرهين في البرامج الحوثية، من إلزامهم يومياً منذ انطلاق البرنامج بمرحلته الأولى، بالحضور للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة، وتلقي دروس طائفية تحت إشراف معممين جرى استقدام بعضهم من صعدة حيث المعقل الرئيس للجماعة.

ويأتي تحرك الجماعة الحوثية لتعبئة ما تبقى من منتسبي قطاع التعليم فكرياً وعسكرياً، في وقت يتواصل فيه منذ سنوات حرمان عشرات الآلاف من المعلمين من الحصول على مرتباتهم، بحجة عدم توفر الإيرادات.

ويتحدث ماجد -وهو اسم مستعار لمسؤول تعليمي في صنعاء- لـ«الشرق الأوسط»، عن تعرضه وزملائه لضغوط كبيرة من قبل مشرفين حوثيين لإجبارهم بالقوة على المشاركة ضمن ما يسمونه «برنامجاً تدريبياً لمحاضرات زعيم الجماعة من دروس عهد الإمام علي عليه السلام لمالك الأشتر».

وأوضح المسؤول أن مصير الرافضين الانخراط في ذلك البرنامج هو التوقيف عن العمل والإحالة إلى التحقيق وربما الفصل الوظيفي والإيداع في السجون.

يُشار إلى أن الجماعة الانقلابية تركز جُل اهتمامها على الجانب التعبوي، عوضاً الجانب التعليمي وسط ما يعانيه قطاع التعليم العمومي من حالة انهيار وتدهور غير مسبوقة.