رسائل أوروبية إلى الصين بين التطمين والتنديد

جوزيب بوريل لدى مشاركته في مؤتمر صحافي افتراضي من بروكسل أمس (أ.ف.ب)
جوزيب بوريل لدى مشاركته في مؤتمر صحافي افتراضي من بروكسل أمس (أ.ف.ب)
TT

رسائل أوروبية إلى الصين بين التطمين والتنديد

جوزيب بوريل لدى مشاركته في مؤتمر صحافي افتراضي من بروكسل أمس (أ.ف.ب)
جوزيب بوريل لدى مشاركته في مؤتمر صحافي افتراضي من بروكسل أمس (أ.ف.ب)

تفاوتت الرسائل الأوروبية الموجهة إلى الصين خلال الأيام الماضية بين التنديد والتطمين؛ إذ تسعى دول الاتحاد الـ27 إلى الحفاظ على مصالحها التجارية والاقتصادية مع العملاق الصيني، مع مواجهة حملة «التضليل» التي تتهم بكين بشنّها على خلفية جائحة «كوفيد - 19».
وأعلن وزير خارجية الاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل، أمس، أنه طمأن وزير الخارجية الصيني بأن التكتل لا يريد «حرباً باردة»، بعد أن اتهم بكين بشن حملة تضليل بخصوص فيروس كورونا المستجدّ. وتقول بروكسل، إن الصين وروسيا سعتا إلى تقويض الديمقراطية الأوروبية وتشويه سمعتها خلال الوباء، بـ«عمليات التأثير الموجهة وحملات التضليل». وجاء هذا الاتهام الحاد وغير المعتاد في ورقة استراتيجية رسمية للاتحاد الأوروبي لمواجهة ما يقول المسؤولون، إنه «فيض» من مزاعم كاذبة، على صلة بالرعاية الصحية ونظريات المؤامرة والاحتيال وخطاب الكراهية المرتبط بالوباء. ونشر التقرير، أمس، غداة إجراء مسؤول السياسة الخارجية بالاتحاد الأوروبي بوريل محادثات عبر الفيديو مع وزير الخارجية الصيني وانغ يي. وأصر بوريل، أمس، على أن الاتحاد الأوروبي «لا يبدأ أي شيء» مع الصين، وقال إنه طمأن وانغ خلال محادثاتهما.
وقال بوريل «قلت له لا تقلق، إن أوروبا لن تشرع في أي نوع من أنواع الحرب الباردة مع الصين». ويدعو التقرير أيضاً عمالقة الإنترنت مثل «تويتر» و«فيسبوك» للقيام بالمزيد لمواجهة المعلومات المضللة، واتهم موسكو وبكين «بالسعي إلى تقويض الحوار الديمقراطي ومفاقمة الاستقطاب الاجتماعي وتحسين صورتهما في سياق (كوفيد – 19)»، كما نقلت «وكالة الصحافة الفرنسية». ويثير الخلاف توتراً قبيل قمة بالفيديو مرتقبة في وقت لاحق هذا الشهر، بين رئيس مجلس الاتحاد الأوروبي شارل ميشيل ورئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لايين وقادة صينيين. وكان الاتحاد اتهم بكين بأنها «منافس منهجي»؛ ما أثار استياء المسؤولين الصينيين. وقال بوريل، الذي دعا في الأسابيع الأخيرة إلى موقف «أقوى» للاتحاد الأوروبي تجاه الصين، وحذّر من أن بكين لا تشارك القيم الأوروبية، إن الحكومات في حاجة إلى التحلي بمزيد من الحكمة.
في غضون ذلك، أثار موقف مصرف بريطاني من قانون الأمن القومي في هونغ كونغ خيبة أمل بريطانية. وتنظر المملكة المتحدة بعين الاستياء للتأييد الذي أعلنه بنك «إتش إس بي سي» للنظام الصيني في هونغ كونغ، سواء في الوسط المالي أو السياسي مع ما يمكن أن يكون لذلك من تداعيات على سمعته في مناخ من عدم الثقة تجاه بكين. إذ اختار العملاق المصرفي البريطاني معسكره الأسبوع الماضي، في خطوة غير معتادة بالنسبة للشركات الكبيرة متعددة الجنسيات التي تتجنب عادة المغامرة في الساحة السياسية، ووقّع مدير البنك في منطقة آسيا والمحيط الهادي بيتر وونغ على عريضة تدعم قانون الأمن القومي المثير للجدل الذي فرضته بكين على هونغ كونغ. وأعلن البنك رسمياً «نحن نحترم ونؤيد القوانين واللوائح التي ستسمح لهونغ كونغ بالبدء من جديد وإعادة بناء اقتصادها، وفي الوقت نفسه ستحافظ على مبدأ (دولة واحدة ونظامان)». كما انضم بنك بريطاني آخر له وجود قوي في المنطقة هو «ستاندرد تشارترد» إلى موقف بكين. ويكتسي هذا الموقف لصالح النظام الصيني أهمية أكبر بالنسبة لمؤسسة هونغ كونغ وشنغهاي المصرفية التي يندمج تاريخها مع المستعمرة البريطانية السابقة.
وتأسس بنك «إتش إس بي سي» في عام 1865 لتمويل التجارة المتنامية بين أوروبا والصين. وبعد أن ظل في هونغ كونغ لفترة طويلة، انتقل مقره الرئيسي إلى لندن في عام 1993، قبل بضع سنوات من تسليم هونغ كونغ في عام 1997 إلى الصين. وكتب النائبان من حزب العمل ليزا ناندي وأنيليز دودز رسالة إلى البنكين، ذكّراهما بمسؤوليتهما كمجموعتين تتخذان من لندن مقراً لهما. وقالتا ملمحتين حتى إلى خطر المقاطعة «لا ينبغي أن يكون مفاجئاً إذا تصاعد الموقف العام ضد (إتش إس بي سي) كرد فعل على قرار دعم التوسع العدواني للحزب الشيوعي الصيني».
وبالمثل، شكك في موقف البنك النائبان المحافظان توم توغيندات وإيان دنكان سميث، المعروفان بموقفهما المتشدد تجاه بكين. كما انتقد وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو شخصياً قرار البنك. وقال بومبيو، إن «إظهار الولاء هذا لا يبدو أنه جلب الكثير من الاحترام لبنك (إتش إس بي سي) من جانب بكين، التي تواصل استخدام أنشطة البنك في الصين كرافعة سياسية ضد لندن». وأضاف، أن «السلوك العدواني لبكين يكشف لماذا يجب أن تتجنب الدول الاعتماد تجارياً على الصين، وأن تحمي بناها التحتية من تأثير» الحزب الشيوعي الصيني.
وكرر بومبيو دعوته الدول إلى منع مجموعة «هواوي» الصينية العملاقة للاتصالات من بناء بنى تحتية لشبكة الجيل الخامس، بينما تخشى واشنطن مخاطر كثيرة، بينها التجسس. وتريد الصين فرض قانون ينص على «منع ووقف وقمع أي تحرك يهدد بشكل خطير الأمن القومي، مثل النزعة الانفصالية والتآمر والإعداد أو الوقوف وراء نشاطات إرهابية، وكذلك نشاطات قوى أجنبية تشكل تدخلاً في شؤون» هونغ كونغ.
ويخشى معارضو النص أن يؤدي القانون إلى قمع سياسي شبيه بما يحدث في الصين القارية. وردت الولايات المتحدة بإلغاء الوضع الخاص الممنوح للمستعمرة البريطانية السابقة.



لندن وطوكيو وروما تطلق مشروعها لبناء طائرة قتالية جديدة

تصميم طائرة مقاتِلة من الجيل السادس لبرنامج القتال الجوي العالمي «GCAP» مغطاة بألوان العَلم الوطني للمملكة المتحدة (أ.ف.ب)
تصميم طائرة مقاتِلة من الجيل السادس لبرنامج القتال الجوي العالمي «GCAP» مغطاة بألوان العَلم الوطني للمملكة المتحدة (أ.ف.ب)
TT

لندن وطوكيو وروما تطلق مشروعها لبناء طائرة قتالية جديدة

تصميم طائرة مقاتِلة من الجيل السادس لبرنامج القتال الجوي العالمي «GCAP» مغطاة بألوان العَلم الوطني للمملكة المتحدة (أ.ف.ب)
تصميم طائرة مقاتِلة من الجيل السادس لبرنامج القتال الجوي العالمي «GCAP» مغطاة بألوان العَلم الوطني للمملكة المتحدة (أ.ف.ب)

اتفقت المملكة المتحدة وإيطاليا واليابان، اليوم الجمعة، على إنشاء شركة مشتركة لبناء طائرتها المقاتِلة الأسرع من الصوت، والمتوقع أن تجهز في عام 2035، في إطار برنامج يحمل اسم القتال الجوي العالمي «GCAP».

وأعلنت الشركات المصنّعة الثلاث المسؤولة عن تطوير الطائرة المقاتِلة، الجمعة، في بيان، أنها وقّعت على اتفاقية إنشاء الشركة التي تملك كلٌّ منها ثُلثها. والشركات هي: «بي إيه إي سيستمز (BAE Systems)» البريطانية، و«ليوناردو (Leonardo)» الإيطالية، و«جايك (JAIEC)» اليابانية، التي أنشأتها، على وجه الخصوص، شركة ميتسوبيشي للصناعات الثقيلة.

وأنشئت الشركة المشتركة، التي ستبدأ أنشطتها منتصف عام 2025، في إطار برنامج القتال الجوي العالمي الذي أُعلن في عام 2022 بالشراكة بين لندن وروما وطوكيو. وستحلّ الطائرة الضخمة ذات الذيل المزدوج على شكل حرف V محل طائرات «إف-2» (F-2) اليابانية ومقاتِلات يوروفايتر الإيطالية والبريطانية. ومن المتوقع أن يمتد عمرها الافتراضي إلى ما بعد عام 2070، وفقاً للبيان.

وفي حال احترام الجدول الزمني، الذي وضعه القائمون على المشروع، فإنها ستدخل الخدمة قبل خمس سنوات على الأقل من الطائرة التي يبنيها مشروع نظام القتال الجوي المستقبلي «SCAF» الذي تُنفذه فرنسا وألمانيا وإسبانيا.