جيمي كيروز لـ«الشرق الأوسط»: «مفاتيح مكسورة» رسالة أمل وتفاؤل في زمن قاتم

العالمية تدق باب المخرج اللبناني من خلال مهرجان «كان» السينمائي

صُوّر الفيلم بين العراق ولبنان
صُوّر الفيلم بين العراق ولبنان
TT

جيمي كيروز لـ«الشرق الأوسط»: «مفاتيح مكسورة» رسالة أمل وتفاؤل في زمن قاتم

صُوّر الفيلم بين العراق ولبنان
صُوّر الفيلم بين العراق ولبنان

في عام 2016 حاز المخرج اللبناني جيمي كيروز عن فيلمه «Nocturne in Black» (موسيقى هادئة بالأسود) جائزة الأوسكار المخصّصة للطلاب ضمن فئة «القصة». وكان فيلمه قد فاز سابقا بجائزة الأفلام في جامعة كولومبيا.
وهذه السنة، تدق العالمية باب كيروز مرة جديدة بعد أن رُشّح فيلمه «مفاتيح مكسورة» (broken keys)، في مهرجان كان السينمائي. ويتنافس فيلم كيروز الذي سيعرض ضمن فئة «فيرست فيتشر» مع فيلم عربي آخر بعنوان «سعاد» للمخرجة المصرية ايتان أمين في الفئة نفسها.
ويعلق كيروز في حديث لـ«الشرق الأوسط» قائلاً: «لم أكن أتوقع أن يتم ترشيح فيلمي في أحد أهم المهرجانات السينمائية في العالم. فأنا شاب عمري 32 سنة، لا أملك تاريخا طويلا في عالم الإخراج، ويجري اختيار أول فيلم روائي لي ليشارك في هذا الحدث، يشكّل بالفعل أمرا مفاجئا».
وكان المهرجان قد أعلن عن قائمة اختياراته الرسمية لدورته الثالثة والسبعين، التي ضمت 56 فيلماً، اختيرت من بين 2067 فيلماً تقدمت للمشاركة هذا العام. والمعروف أنّه ألغى فعاليات مسابقته بسبب ما فرضه تفشي فيروس كورونا.
«اللافت هذا العام أنّ الجوائز تغيب تماما عن مهرجان «كان» فلا احتفالات ولا صحافة ولا سجادة حمراء ولا غيرها من مظاهر «كان» الاحتفالية المعروفة ستكون حاضرة». يقول كيروز في سياق حديثه، ويتابع: «بالنسبة لي لا تهمني كل هذه الأمور فما أصبو إليه بالفعل هو إيصال لبنان إلى منابر عالمية تسلّط الضوء على مواهبه. وأنا سعيد جداً بما وصلت إليه بغض النظر عمّا إذا كان الفيلم سينجح أم العكس». وعمّا إذا هو خائف من منافسة فيلمه مع آخر عربي (سعاد) قد يسرق منه هذا النجاح يرد: «لا شك أني أفضل نجاح لبنان، ولكنّني في الوقت نفسه لست خائفا بل أترقب النتائج بفضول لأعرف مدى الصدى الذي يمكن أن يحققه «مفاتيح مكسورة» على المستوى العالمي».
ويحكي فيلم «مفاتيح مكسورة» قصة نابعة من أحداث واقعية تدور بين سوريا والعراق، عن عازف موسيقى تنكسر مفاتيح البيانو الخاصة به خلال الحرب، ويعجز عن إصلاحه بسبب تحريم تنظيم «داعش» للموسيقى. يشارك في بطولة الفيلم عدد كبير من الممثلين اللبنانيين وفي مقدمهم طارق يعقوب وعادل كرم وبديع أبو شقرا وسارة أبي كنعان ومنير معاصري ورولا بقسماتي وغيرهم.
«الفكرة راودتني عندما كنت أتابع أخبار «داعش» في عام 2014. كنت يومها أدرس في إحدى جامعات مدينة نيويورك. وصدمت عندما علمت أنّ التنظيم يمنع عزف الموسيقى أو سماعها. ورحت أعمل بحثا دقيقا عن كيفية مقاومة بعض الموسيقيين لهذا القرار كلٌ على طريقته. فقررت أن أترجم هذه المعاناة بفيلم سينمائي كتبت قصته وأخرجته كي يكون بمثابة رسالة تحمل التفاؤل في زمن قاتم تجتاحه الحروب».
ويفاخر جيمي كيروز بتعاونه مع الموسيقي العالمي من أصل لبناني غبريال يارد الذي وضع موسيقى الفيلم. «لقد استطعت أن أسافر وألتقي به في الفترة الواقعة ما بين انطلاق الثورة اللبنانية وانتشار وباء «كورونا». وكان تعاونه معي بمثابة فخر أعتز به. فهو شخص رائع من جميع النواحي ولم يسبق أن استعنت بموسيقاه في فيلم لبناني».
يروي كيروز في معرض حديثه قائلاً: «لم يتردد يارد في التعاون معي في هذا الفيلم. وأعتقد أنه بعدما اطلع على القصة أعجب بها، سيّما أنها تحكي عن معاناة موسيقي لديه أحلامه وتطلعاته. فهذا الأمر إضافة إلى تفاصيل أخرى يتضمنها الفيلم ومدته نحو 146 دقيقة قد تكون لامسته عن قرب».
بدأ كيروز التحضير لفيلمه منذ عام 2018. وبعيد سفره إلى مدينة الموصل العراقية لتصوير بعض مشاهده في عام 2019 اندلعت الثورة. «اخترت هذه المدينة لأنّها شهدت وجود «داعش»، وفيها أماكن كثيرة مدمرة تخدم الفيلم لا يمكنني إيجادها في لبنان. ولكن عندما انطلقت ثورة «لبنان ينتفض» توقفنا عن العمل. وصرنا لا نعرف ما سيكون مصيره في ظل وضع مضطرب. ولكنّنا تمسكنا بإنهائه كفريق عمل إضافة إلى دعم المنتج أنطوان الصحناوي الذي أكنّ له الفضل الأكبر في صناعة الفيلم وولادته. وأكملت عملية مونتاج الفيلم إلى أن انتهينا منه مع وصول الجائحة. واللافت أن الفيلم يأخذنا في رحلة موسيقية رائعة تكسر ما تسبب به الوباء. فهل يمكن أن نتخيل أنفسنا خلال هذه الجائحة من دون وجود موسيقى؟
ويتحدث كيروز عن عملية الكاستينغ التي ضمت أسماء ممثلين كثيرين من لبنان. «لقد تعاونت في هذا الإطار مع شركة «جينجر» لعبلة خوري ولارا شاكردجيان. فقدمتا لي لائحة طويلة من الممثلين اخترت من بينهم ما يناسب الشّخصيات الموجودة في الفيلم الذي يلعب بطولته طارق يعقوب».
صُوّرت غالبية مشاهد الفيلم في لبنان، والقلة البقية منها التقطها المخرج في مدينة الموصل العراقية. استغرقت عملية تصويره 43 يوما، خمسة منها فقط قضاها فريق العمل في العراق. «لم يكن لدينا ميزانية كبيرة ومفتوحة للاستفادة من أكبر وقت ممكن في التصوير خارج لبنان أو استخدام مؤثرات ضخمة تضاف إلى العمل. فكانت الموصل تناسب هذه الميزانية وتخدم القصة ولذلك اخترناها من بين مدن أخرى كثيرة شهدت دمارا واسعا».
وعن التقنية التي استخدمها خلال تصويره الفيلم ومدى شبهها بتقنيات أخرى غربية يوضح: «عادة ما يقع هذا الموضوع على عاتق المخرج. وفي رأيي ليس هناك من تقنية تصوير غربية أو شرقية، بل قصة تفرض أحداثها طريقة وأسلوب تصوير يخدمانها. وعادة لا أشاهد أفلاما أجنبية بل أطبق ما تعلمته وما أشعر به تجاه هذه اللقطة أو تلك».
وعن الصعوبات التي واجهها خلال تنفيذه الفيلم المستوحى من أحداث واقعية يقول: إنّ «الوقت والإمكانيات شكّلا التحدي الأكبر لي. فأن أُنفّذ العمل مع الإمكانيات القليلة المتاحة لي في ظل هذا الاضطراب، هو أمر صعب بحد ذاته».
يتمنّى جيمي كيروز أن يندرج اسمه يوما ما إلى جانب مخرجين كبار من لبنان وصلوا العالمية أمثال نادين لبكي وزياد الدويري، ويتحدث عن صناعة السينما في لبنان ويقول: إنّ «هذه الصناعة صعبة جداً في لبنان في ظل غياب دعم رسمي لها. فغالبية أعمالنا السينمائية هي نتاج مبادرات فردية ولكنّنا في المقابل لا يجب أن نقطع الأمل. ومن بين جميع اللبنانيين الذين عملوا في هذا المجال وحده غبريال يارد استطاع أن يحصد جائزة أوسكار. ولكنّني أعتبر نفسي من بين اللبنانيين الذين يؤمنون ببلدهم ويعملون من أجل تطوره وتقدمه سينمائيا. وما تابعناه في السنوات الأخيرة في عالم صناعة السينما اللبنانية وترشح لبنان في مهرجانات سينمائية عالمية عديدة يشجعنا ويحثنا على إكمال المشوار بتفاؤل».


مقالات ذات صلة

كلينت إيستوود ناقد السُلطات والباحث عن عدالة غائبة

سينما المخرج إيستوود مع نيكولاس هاولت (وورنر)

كلينت إيستوود ناقد السُلطات والباحث عن عدالة غائبة

ماذا تفعل لو أنك اكتشفت أن الشخص المتهم بجريمة قتل بريء، لكنك لا تستطيع إنقاذه لأنك أنت من ارتكبها؟ لو اعترفت لبرّأت المتهم لكنك ستحلّ مكانه في السجن

محمد رُضا‬ (بالم سبرينغز)
سينما من «الفستان الأبيض» (أفلام محمد حفظي)

شاشة الناقد: دراما نسوية

في فن صنع الأفلام ليس ضرورياً أن يتقن المخرج الواقع إذا ما كان يتعامل مع قصّة مؤلّفة وخيالية.

محمد رُضا‬ (بالم سبرينغز)
يوميات الشرق مشهد من فيلم «هُوبَال» الذي يُعرض حالياً في صالات السينما السعودية (الشرق الأوسط)

بعد أسبوع من عرضه... لماذا شغل «هُوبَال» الجمهور السعودي؟

يندر أن يتعلق الجمهور السعودي بفيلم محلي إلى الحد الذي يجعله يحاكي شخصياته وتفاصيله، إلا أن هذا ما حدث مع «هوبال» الذي بدأ عرضه في صالات السينما قبل أسبوع واحد.

إيمان الخطاف (الدمام)
لمسات الموضة أنجلينا جولي في حفل «غولدن غلوب» لعام 2025 (رويترز)

«غولدن غلوب» 2025 يؤكد أن «القالب غالب»

أكد حفل الغولدن غلوب لعام 2025 أنه لا يزال يشكِل مع الموضة ثنائياً يغذي كل الحواس. يترقبه المصممون ويحضّرون له وكأنه حملة ترويجية متحركة، بينما يترقبه عشاق…

«الشرق الأوسط» (لندن)
سينما صُناع فيلم «إيميليا بيريز» في حفل «غولدن غلوب» (رويترز)

«ذا بروتاليست» و«إيميليا بيريز» يهيمنان... القائمة الكاملة للفائزين بجوائز «غولدن غلوب»

فاز فيلم «ذا بروتاليست» للمخرج برادي كوربيت الذي يمتد لـ215 دقيقة بجائزة أفضل فيلم درامي في حفل توزيع جوائز «غولدن غلوب».

«الشرق الأوسط» (لوس أنجليس)

إشادة بانفتاح السعودية على تقديم الفن الراقي

نجوم حفل روائع الموجي في ضيافة المستشار تركي آل الشيخ «فيسبوك»
نجوم حفل روائع الموجي في ضيافة المستشار تركي آل الشيخ «فيسبوك»
TT

إشادة بانفتاح السعودية على تقديم الفن الراقي

نجوم حفل روائع الموجي في ضيافة المستشار تركي آل الشيخ «فيسبوك»
نجوم حفل روائع الموجي في ضيافة المستشار تركي آل الشيخ «فيسبوك»

شهدت الرياض وجدة فعاليات مسرحية وغنائية عقب انتهاء شهر رمضان، انطلقت مع عيد الفطر واستقطبت مشاركات مصرية لافتة، منها مسرحية «حتى لا يطير الدكان»، من بطولة الفنانَيْن أكرم حسني ودرة، في موسمها الثاني على مسرح «سيتي ووك جدة»؛ إلى عرض ستاند أب كوميدي «ذا إيليت» المقام على «مسرح محمد العلي» بالرياض، بينما شاركت الفنانة المصرية أنغام بحفلات «عيد القصيم»، والفنان عمرو دياب بحفلات «عيد جدة».
وتشهد العاصمة السعودية حفل «روائع الموجي»، الذي تحييه نخبة من نجوم الغناء، بينهم من مصر، أنغام وشيرين عبد الوهاب ومي فاروق، بالإضافة إلى نجوم الخليج ماجد المهندس وعبادي الجوهر وزينة عماد، مع صابر الرباعي ووائل جسار، بقيادة المايسترو وليد فايد وإشراف فني يحيى الموجي، ومشاركة الموسيقار رمزي يسى.
عن هذا الحفل، يعلّق الناقد الفني المصري طارق الشناوي لـ«الشرق الأوسط»: «نشجّع تكريس الكلمة الرائعة والنغم الأصيل، فحضور نجوم مصر في فعاليات المملكة العربية السعودية، يشكل حالة تكامل من الإبداع»، معرباً عن غبطته بمشهدية الزخم الفني، التي يواكبها في الرياض وجدة.
ووفق «جمعية المؤلفين والملحنين الرسمية» في مصر، ورصيد محمد الموجي، صاحب مقولة «أنا لا أعمل كالآلة تضع فيها شيئاً فتخرج لحناً؛ إنها مشاعر وأحاسيس تحتاج إلى وقت ليخرج اللحن إلى النور»، قد وصل إلى 1800 لحن، ليعلّق رئيسها مدحت العدل لـ«الشرق الأوسط» بالتأكيد على أنّ «الاحتفاء بالرموز الفنية من (الهيئة العامة للترفيه)، كاحتفالية الموجي، أمر غاية في الرقي ويدعو للفخر»، موجهاً التقدير للجميع في المملكة على النهضة الفنية الكبيرة.
واستكمالاً لسلسلة الفعاليات الفنية، فإنّ مدينة جدة على موعد مع حفلين للفنان تامر عاشور يومي 5 و6 مايو (أيار) الحالي، بجانب حفل الفنانَيْن محمد فؤاد وأحمد سعد نهاية الشهر عينه. وعن المشاركات المصرية في الفعاليات السعودية، يشير الناقد الموسيقي المصري محمد شميس، إلى أنّ «القائمين على مواسم المملكة المختلفة يحرصون طوال العام على تقديم وجبات فنية ممتعة ومتنوعة تلائم جميع الأذواق»، مؤكداً أنّ «ما يحدث عموماً في السعودية يفتح المجال بغزارة لحضور الفنانين والعازفين والفرق الموسيقية التي ترافق النجوم من مصر والعالم العربي». ويلفت شميس لـ«الشرق الأوسط» إلى أنّ «هذا التنوع من شأنه أيضاً إتاحة مجال أوسع للمبدعين العرب في مختلف الجوانب، التي تخصّ هذه الحفلات، وفرصة لاستقطاب الجمهور للاستمتاع بها بشكل مباشر أو عبر إذاعتها في القنوات الفضائية أو المنصات الإلكترونية»، معبّراً عن سعادته بـ«الحراك الفني الدائم، الذي تشهده المملكة، بخاصة في الفن والثقافة وتكريم الرموز الفنية والاحتفاء بهم».
وشهد «مسرح أبو بكر سالم» في الرياض قبيل رمضان، الحفل الغنائي «ليلة صوت مصر»، من تنظيم «الهيئة العامة للترفيه»، احتفالاً بأنغام، إلى تكريم الموسيقار المصري هاني شنودة في حفل بعنوان «ذكريات»، شارك في إحيائه عمرو دياب وأنغام، بحضور نخبة من نجوم مصر، كما أعلن منذ أيام عن إقامة حفل للفنانة شيرين عبد الوهاب بعنوان «صوت إحساس مصر».
مسرحياً، يستعد الفنان المصري أحمد عز لعرض مسرحيته «هادي فالنتين» في موسمها الثاني، ضمن فعاليات «تقويم جدة» على مسرح «سيتي ووك‬» بين 3 و6 مايو (أيار) الحالي. وعنه كان قد قال في حوار سابق مع «الشرق الأوسط»، إنّ «الحراك الثقافي الذي تشهده المملكة يفتح آفاقاً وفرصاً متنوعة للجميع لتقديم المزيد من الفن الراقي».