55 % من المجتمع السعودي حضر فعاليات ثقافية في 2019

بدر بن فرحان: حالة الثقافة ما بعد إطلاق «رؤية 2030» ليست كقبله

شهدت السينما حضوراً كثيفاً رغم وجود 12 قاعة فقط في مختلف المدن السعودية (أ.ف.ب)
شهدت السينما حضوراً كثيفاً رغم وجود 12 قاعة فقط في مختلف المدن السعودية (أ.ف.ب)
TT

55 % من المجتمع السعودي حضر فعاليات ثقافية في 2019

شهدت السينما حضوراً كثيفاً رغم وجود 12 قاعة فقط في مختلف المدن السعودية (أ.ف.ب)
شهدت السينما حضوراً كثيفاً رغم وجود 12 قاعة فقط في مختلف المدن السعودية (أ.ف.ب)

بعد عام شهد حراكاً ثقافياً واسعاً، صدر أمس، تقريراً يسلط الضوء على «الحالة الثقافية» في السعودية، تضمن أبرز منجزات العام الماضي التي حققتها وزارة الثقافة، وحالة القطاعات الثقافية الـ16.
جاء ذلك في تقرير أصدرته وزارة الثقافة السعودية النسخة الأولى من تقرير «الحالة الثقافية في المملكة» لتوثيق حصاد عام 2019، الذي يهدف إلى معرفة اتجاهات نمو وتطوير القطاع الثقافي.
وقال الأمير بدر بن فرحان، وزير الثقافة، في كلمته بالتقرير، إنه في حين تعيش بلاده نهضة تنموية وتطويراً وإصلاحات على الصعد كافة، كانت الثقافة بجميع قطاعاتها جزءاً من ذلك الزخم؛ ما يجعل حالة الثقافة السعودية ما بعد إطلاق «رؤية 2030» ليست كقبله؛ كونها عززت من الثقافة بوصفها «من مقومات جودة الحياة»، مشيراً إلى أنهم مروا خلال العام الماضي (2019)، بالكثير من الإنجازات، التي شاركهم إياها المثقفون والمبدعون في كل القطاعات الثقافية الـ16.
ويهدف التقرير إلى معرفة اتجاهات نمو وتطوير القطاع الثقافي، وتوفير مرجع رسمي لواقع القطاع الثقافي في المملكة، ورصد تطورات النشاط الثقافي في السعودية المرتبطة بالقطاعات الثقافية الـ16، إضافة إلى تسليط الضوء على التحديات التي قد تواجه الهوية الثقافية مستقبلاً.
وتضمن التقرير سرداً شاملاً للمعلومات والأرقام والوقائع المرتبطة بالقطاعات الثقافية الـ16، و15 فصلاً تتضمن أبرز الأنشطة للقطاعات الفرعية والمشاركات والمنتجات والإنجازات الثقافية، وفصلاً مخصصاً لمتابعة أهم المؤشرات للحالة الثقافية في المملكة.
وسلط في الفصل الأول الضوء على اللغة، والمبادرات السعودية التي تدعم حضور اللغة العربية في التقنيات الحديثة، إضافة إلى الإشارة إلى الأرقام الرئيسية في هذا القطاع، وهو أن هناك 65 معهداً وقسماً لغوياً وجمعيات ووحدات عدة مع مراكز مختصة باللغة العربية، كما أن هناك 5463 كتاباً مترجماً في المملكة منذ توحيدها وحتى عام 2016، رصدها المرصد السعودي للترجمة، وبجانب ذلك، أصدرت السعودية 149 قراراً معنياً باللغة العربية حتى عام 2015.
في حين تطرق الفصل الثاني إلى الأدب، مشيراً إلى أن الكتب المنشورة في الأجناس الأدبية المختلفة خلال عام واحد 2018 - 2019 هي 604 كتب، بجانب أن هناك 161 رواية سعودية منشورة جعلت الرواية تتربع على عرش النشر الأدبي، كما أن هناك ثلاثة روائيين سعوديين حصلوا على الجائزة العالمية للرواية العربية منذ تأسيسها.
وتتابعت الفصول وتحدّث الثالث عن قطاع الأزياء، في حين خُصّص الرابع للأفلام والعروض المرئية، وسلط الفصل الخامس الضوء على المسرح، وعلى الموسيقى، والسابع تناول المهرجانات والفعاليات الثقافية، وفيه عرضت أرقام عن الإقبال الجماهيري على الفعاليات الثقافية، وكان الفصل الثامن عن فنون العمارة والتصميم، في التاسع تطرّق إلى التراث.
وعن الفعاليات والمهرجانات الثقافية حضر 55 في المائة من المواطنين والمقيمين والزوار فعالية أو ومهرجاناً واحداً على الأقل خلال 2019، في حين وصل عدد زوار مهرجان سوق عكاظ إلى ما يقرب من نصف مليون زائر.
وجاء في الفصل العاشر الذي كان مخصصاً للفنون البصرية أن 22.8 في المائة من السعوديين يمارسون أعمالاً فنية كالنحت أو الرسم، هواية أو احترافاً، وبعد ذلك جاء فصل المتاحف، الذي أكد على وجود 84 متحفاً عاماً في السعودية، في حين أن هناك 217 متحفاً خاصاً.
وأشار فصل المكتبات إلى أن نسبة الأسر السعودية التي تملك مكتبة خاصة في منزلها هي 35 في المائة، وبعد هذا الفصل، جاء فصل التراث الطبيعي، من ثمّ فصل الطعام وفنون الطهي، وانتهى التقرير بفصل عن الكتب والنشر، التي أوضحت بأن حجم سوق النشر في السعودية من حيث حجم المبيعات هو 4.5 مليار ريال (1.2 مليار دولار) في عام 2017.
وفي فصل الأفلام والعروض المرئية، أوضح التقرير أن أكثر من أربعة ملايين شخص حضروا إلى قاعات السينما الـ12 في السعودية منذ افتتاحها، وبلغ عدد إنتاج الأفلام السعودية 101 فيلم مصنفة بين روائية طويلة وقصيرة ووثائقية.
وعن المسرح السعودي، شهد عرض 155 مسرحية خلال النصف الأول فقط من 2019، حضرها ما يقرب من 95 ألف شخص، ولفت التقرير إلى أن أكثر من 5.5 مليون مستمع للموسيقى عبر الوسائل المتدفقة في السعودية تشكل ما قيمته 240 مليون ريال (64 مليون دولار).



ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
TT

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)

ستيف بركات عازف بيانو كندي من أصل لبناني، ينتج ويغنّي ويلحّن. لفحه حنين للجذور جرّه إلى إصدار مقطوعة «أرض الأجداد» (Motherland) أخيراً. فهو اكتشف لبنان في وقت لاحق من حياته، وينسب حبّه له إلى «خيارات مدروسة وواعية» متجذرة في رحلته. من اكتسابه فهماً متيناً لهويته وتعبيره عن الامتنان لما منحه إياه الإرث من عمق يتردّد صداه كل يوم، تحاوره «الشرق الأوسط» في أصله الإنساني المنساب على النوتة، وما أضفاه إحساسه الدفين بالصلة مع أسلافه من فرادة فنية.
غرست عائلته في داخله مجموعة قيم غنية استقتها من جذورها، رغم أنه مولود في كندا: «شكلت هذه القيم جزءاً من حياتي منذ الطفولة، ولو لم أدركها بوعي في سنّ مبكرة. خلال زيارتي الأولى إلى لبنان في عام 2008. شعرتُ بلهفة الانتماء وبمدى ارتباطي بجذوري. عندها أدركتُ تماماً أنّ جوانب عدة من شخصيتي تأثرت بأصولي اللبنانية».
بين كوبنهاغن وسيول وبلغراد، وصولاً إلى قاعة «كارنيغي» الشهيرة في نيويورك التي قدّم فيها حفلاً للمرة الأولى، يخوض ستيف بركات جولة عالمية طوال العام الحالي، تشمل أيضاً إسبانيا والصين والبرتغال وكوريا الجنوبية واليابان... يتحدث عن «طبيعة الأداء الفردي (Solo) التي تتيح حرية التكيّف مع كل حفل موسيقي وتشكيله بخصوصية. فالجولات تفسح المجال للتواصل مع أشخاص من ثقافات متنوعة والغوص في حضارة البلدان المضيفة وتعلّم إدراك جوهرها، مما يؤثر في المقاربة الموسيقية والفلسفية لكل أمسية».
يتوقف عند ما يمثله العزف على آلات البيانو المختلفة في قاعات العالم من تحدٍ مثير: «أكرّس اهتماماً كبيراً لأن تلائم طريقة عزفي ضمانَ أفضل تجربة فنية ممكنة للجمهور. للقدرة على التكيّف والاستجابة ضمن البيئات المتنوّعة دور حيوي في إنشاء تجربة موسيقية خاصة لا تُنسى. إنني ممتنّ لخيار الجمهور حضور حفلاتي، وهذا امتياز حقيقي لكل فنان. فهم يمنحونني بعضاً من وقتهم الثمين رغم تعدّد ملاهي الحياة».
كيف يستعد ستيف بركات لحفلاته؟ هل يقسو عليه القلق ويصيبه التوتر بإرباك؟ يجيب: «أولويتي هي أن يشعر الحاضر باحتضان دافئ ضمن العالم الموسيقي الذي أقدّمه. أسعى إلى خلق جو تفاعلي بحيث لا يكون مجرد متفرج بل ضيف عزيز. بالإضافة إلى الجانب الموسيقي، أعمل بحرص على تنمية الشعور بالصداقة الحميمة بين الفنان والمتلقي. يستحق الناس أن يلمسوا إحساساً حقيقياً بالضيافة والاستقبال». ويعلّق أهمية على إدارة مستويات التوتّر لديه وضمان الحصول على قسط كافٍ من الراحة: «أراعي ضرورة أن أكون مستعداً تماماً ولائقاً بدنياً من أجل المسرح. في النهاية، الحفلات الموسيقية هي تجارب تتطلب مجهوداً جسدياً وعاطفياً لا تكتمل من دونه».
عزف أناشيد نالت مكانة، منها نشيد «اليونيسف» الذي أُطلق من محطة الفضاء الدولية عام 2009 ونال جائزة. ولأنه ملحّن، يتمسّك بالقوة الهائلة للموسيقى لغة عالمية تنقل الرسائل والقيم. لذا حظيت مسيرته بفرص إنشاء مشروعات موسيقية لعلامات تجارية ومؤسسات ومدن؛ ومعاينة تأثير الموسيقى في محاكاة الجمهور على مستوى عاطفي عميق. يصف تأليف نشيد «اليونيسف» بـ«النقطة البارزة في رحلتي»، ويتابع: «التجربة عزّزت رغبتي في التفاني والاستفادة من الموسيقى وسيلة للتواصل ومتابعة الطريق».
تبلغ شراكته مع «يونيفرسال ميوزيك مينا» أوجها بنجاحات وأرقام مشاهدة عالية. هل يؤمن بركات بأن النجاح وليد تربة صالحة مكوّنة من جميع عناصرها، وأنّ الفنان لا يحلّق وحده؟ برأيه: «يمتد جوهر الموسيقى إلى ما وراء الألحان والتناغم، ليكمن في القدرة على تكوين روابط. فالنغمات تمتلك طاقة مذهلة تقرّب الثقافات وتوحّد البشر». ويدرك أيضاً أنّ تنفيذ المشاريع والمشاركة فيها قد يكونان بمثابة وسيلة قوية لتعزيز الروابط السلمية بين الأفراد والدول: «فالثقة والاهتمام الحقيقي بمصالح الآخرين يشكلان أسس العلاقات الدائمة، كما يوفر الانخراط في مشاريع تعاونية خطوات نحو عالم أفضل يسود فيه الانسجام والتفاهم».
بحماسة أطفال عشية الأعياد، يكشف عن حضوره إلى المنطقة العربية خلال نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل: «يسعدني الوجود في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا كجزء من جولة (Néoréalité) العالمية. إنني في مرحلة وضع اللمسات الأخيرة على التفاصيل والتواريخ لنعلن عنها قريباً. تملؤني غبطة تقديم موسيقاي في هذا الحيّز النابض بالحياة والغني ثقافياً، وأتحرّق شوقاً لمشاركة شغفي وفني مع ناسه وإقامة روابط قوامها لغة الموسيقى العالمية».
منذ إطلاق ألبومه «أرض الأجداد»، وهو يراقب جمهوراً متنوعاً من الشرق الأوسط يتفاعل مع فنه. ومن ملاحظته تزايُد الاهتمام العربي بالبيانو وتعلّق المواهب به في رحلاتهم الموسيقية، يُراكم بركات إلهاماً يقوده نحو الامتنان لـ«إتاحة الفرصة لي للمساهمة في المشهد الموسيقي المزدهر في الشرق الأوسط وخارجه».
تشغله هالة الثقافات والتجارب، وهو يجلس أمام 88 مفتاحاً بالأبيض والأسود على المسارح: «إنها تولّد إحساساً بالعودة إلى الوطن، مما يوفر ألفة مريحة تسمح لي بتكثيف مشاعري والتواصل بعمق مع الموسيقى التي أهديها إلى العالم».