أبحاث ترجّح إصابة 15 مليون إيراني منذ تفشي «كورونا»

الخوف من الفقر أكبر من الفيروس في الأحواز

امتحانات نهاية السنة بمدارس طهران أمس تقام بينما ازداد القلق من موجة جديدة في إيران (مهر)
امتحانات نهاية السنة بمدارس طهران أمس تقام بينما ازداد القلق من موجة جديدة في إيران (مهر)
TT

أبحاث ترجّح إصابة 15 مليون إيراني منذ تفشي «كورونا»

امتحانات نهاية السنة بمدارس طهران أمس تقام بينما ازداد القلق من موجة جديدة في إيران (مهر)
امتحانات نهاية السنة بمدارس طهران أمس تقام بينما ازداد القلق من موجة جديدة في إيران (مهر)

كشفت نتائج أبحاث جديدة بإيران «احتمال» إصابة إيراني من كل 5؛ ما يعادل 15 مليوناً بإيران منذ بداية وباء «كورونا»، حسب وزارة الصحة، فيما يتعمق القلق في محافظة الأحواز؛ البؤرة الكبرى للوباء منذ أكثر من شهر.
ونقلت وكالات رسمية عن عضو «لجنة وباء (كورونا)» التابعة لوزارة الصحة الإيرانية، إحسان مصطفوي، قوله في مؤتمر صحافي أمس: «قد يكون 15 مليوناً أصيبوا بالوباء منذ بداية تفشي الفيروس، وفقاً لنتائج أبحاث جديدة».
وأشار مصطفوي في ذلك إلى اختبارات أمصال الدم لتحديد الأجسام المضادة لدى أشخاص تعافوا من المرض. وقال: «وفقاً للنتائج، أصيب نحو 15 مليون شخص بالفيروس منذ بداية الوباء». بالطبع؛ تم التأكيد على أن الاختبارات المصلية لها أخطاء، لكن هذه النتيجة تشبه إلى حد ما بعض الدراسات في أجزاء أخرى من العالم.
وقدّر البرلمان في تقرير الشهر الماضي أن عدد الإصابات بوباء «كوفيد19» أعلى بنسبة بين 8 و10 مرات، من الإحصائية الرسمية، كما أشار إلى أن عدد حالات الوفاة ضعفي الحالات المعلنة.
ومن شأن هذا الإعلان أن يعزز الشكوك الداخلية حول مصداقية الإحصائية الحكومية.
وعن القفزات التي سجلتها إيران في عدد الإصابات على مدى الأسبوع الماضي، أعاد مصطفوي المسار المتزايد إلى زيادة اختبارات تشخيص الوباء ووصولها من 10 آلاف حالة يومياً إلى 20 ألفاً.
وتوقع أن تشهد البلاد موجات ثانية وثالثة، في حال عدم التزام المعايير الصحية، لافتاً إلى أن محافظات الأحواز وأذربيجان الغربية وأذربيجان الشرقية، وكردستان وهرمزجان، تشهد زيادة أكثر من المحافظات الأخرى.
كما أشار أيضاً إلى تأثير استئناف الأنشطة الاقتصادية على زيادة عدد المصابين.
وأعرب مصطفوي عن رضاه عن معدل الوفيات مقارنة بالدول المتقدمة. وهذا يعني أن الفيروس «أقل فتكاً بكثير مما اعتقدنا أو اعتقد العالم» على حد ما نقلت وكالة الصحافة الفرنسية.
ويمثل هذا العدد 18.75 في المائة من عدد سكان إيران الذي يتجاوز 80 مليون نسمة. وقالت إيران إنها أجرت حتى، أمس، أكثر من مليون اختبار «بي سي آر» «لتأكيد» الإصابات والإبلاغ عنها.
وفي أول ظهور، قالت المتحدثة باسم وزارة الصحة، سيما سادات لاري، إن الوفيات الـ74 الجديدة في 24 ساعة ترفع الحصيلة الإجمالية إلى 8425 وفاة.
وسُجلت 2095 إصابة جديدة خلال الفترة نفسها، ما رفع العدد الإجمالي للإصابات إلى 175 ألفاً و927.
وتم تعيين لاري متحدثة باسم وزارة الصحة، الثلاثاء، خلفاً لكيانوش جهانبور، وفقاً لبيان للوزارة.
وأبلغت وزارة الصحة عن 2639 حالة حرجة. وقالت إن 138 ألفاً و457 شخصاً شفوا من الفيروس، بينما خضع مليون و128 ألفاً و601 شخص لفحص تشخيص فيروس «كورونا».
ودعا الوزير سعيد نمكي المتحدثة إلى «تجنب تسييس» القضايا، والتنسيق معه «قبل الإدلاء بأي تصريح على وسائل التواصل الاجتماعي أو لوسائل الإعلام».
وتعرض جهانبور لانتقادات في مارس (آذار) الماضي بعدما قال إن أرقام الصين المتعلقة بـ«كوفيد19» «نكتة سيئة». وهوجم من سفير الصين في طهران تشانغ هوا على «تويتر»، مما اضطره للتراجع عن موقفه، مشيداً بدعم بكين لطهران خلال أزمة الوباء.
كما هاجم جهانبور الإصلاحيين، حلفاء الرئيس الإيراني حسن روحاني، بعد تلاسن بين الحكومة ومجلس بلدية طهران حول دقة شفافية إحصاءات {كوفيد - 19}، خلال الشهر الماضي.
وقارن جهانبور بين إحصاءات رددها الإصلاحيون بعد انتخابات الرئاسة 2009، وإحصاءات «كورونا».

- الفيروس فعال في المحافظة الأكثر بطالة
وتحولت محافظة الأحواز (خوزستان) إلى بورة جديدة للوباء مع استئناف الأنشطة الاقتصادية في 11 أبريل (نيسان) الماضي. ومنذ نهاية أبريل تصنف المحافظة في «الوضعية الحمراء». وسجلت المحافظة الغنية بالنفط، أمس، 706 حالات جديدة خلال 24 ساعة، فيما لقي 17 آخرون حتفهم.
وبذلك ارتفع العدد الإجمالي للإصابات إلى 20 ألفاً و674 حالة. ووصلت الوفيات إلى 718 حالة، فيما يخضع 833 شخصاً للعلاج في المستشفيات.
وتبادل السكان المحليون والمسؤولون اللوم بعد ازدياد الإصابات. يتهم أهل المحافظة ذات الأغلبية العربية، المؤسسة الحاكمة بالتنصل من مسؤولياتها. خلال الأيام الأخيرة، ألقى عضو البرلمان عن محافظة الأحواز، هدايت الله خادمي، باللوم على الناس لـ«عدم التزام المعايير الصحة»، و«إخفاء المرض».
عبد العزيز (40 عاماً)، من أهالي مدينة الأحواز، يقول: «تم إدخال أخي إلى المستشفى لمدة 3 أيام في وحدة العناية المركزة، وقيل لنا إنه يعاني من مشكلات حادة في التنفس. توفي بعد 3 أيام. كتبوا في ملف أخي أن سبب الوفاة: فشل في الجهاز التنفسي. من يتستر؛ نحن أم هم؟».
وفقاً لمركز الإحصاء الإيراني، فإن معدل البطالة في الأحواز 14.1 في المائة. وازداد عدد أصحاب المهن المؤقتة مثل الباعة الجائلين، بعد تأزم الاقتصاد. ويقول المسؤولون المحليون إن أكثر من 10 آلاف بائع ينشطون في 32 من الأسواق المحلية بمدينة الأحواز، لا يشملهم التأمين.
وقال بائع الخضراوات في سوق «كيان» الشعبي، أبو ناصر (53 عاماً) إن «الحكومة تنصح بعدم الخروج من المنازل، أو إغلاق بعض المهن. أنا عاطل عن العمل، أبنائي الخمسة عاطلون عن العمل، من أين نوفر لقمة عيشنا؟ لا يفكر المسؤولون إلا بأنفسهم. أدير حياتي منذ 30 عاماً بالطريقة نفسها. لم أرَ خيراً من الحكومة».

- الخوف من الفقر وليس «كورونا»
يبلغ عدد سكان الأحواز 4.7 مليون نسمة؛ حسب الإحصائية الرسمية. وهي ثالث محافظة من حيث «سكان الصفيح»، الذين يقدر عددهم بمليون شخص. ظهر «سكان الصفيح» على هامش المدن بعد حرب الخليج الأولى. وتفاقم الوضع مع تدهور البيئية جراء تجفيف الأهوار جراء تحويل مجرى الأنهار وتشييد السدود واختفاء القرى، بالتزامن مع سياسات مثل مزارع قصب السكر، والتمييز في منح الفرص والموارد وتوزيع الثروات.
أم حميد (60 عاماً) تعيش في حي الملاشية بضاحية مدينة الأحواز. كانت ربة الأسرة على مدى عقدين تكسب رزقها من بيع الوجبات التقليدية في «سوق عبد الحميد» وسط مدينة الأحواز. تتنهد في البداية وتنهي الصمت، قائلة: «ليس لديّ تأمين، ولا تدعمني مؤسسات. خشية الفقر، لا أخاف من (كورونا). في منطقتنا 14 شركة صناعية، لكن لا يسمحون بدخول أبنائنا إلى هناك. كلهم غرباء ولا يتكلمون لغتنا».
- أكثر المحافظات حرماناً في المجال الصحي
تشير مؤشرات وزارة الصحة الإيرانية إلى إن هناك 1.6 سرير لكل ألف شخص، وهو أقل من الحد المتوسط الوطني. وحسب الوزارة، فإن الأحواز بين المحافظات «الأكثر حرماناً على صعيد نصيب الفرد من الأسرّة الطبية».
يحدث هذا في حين أن الأحواز أثرى مناطق إيران. تحتل المرتبة الثانية في الناتج المحلي. تنتج 70 في المائة من النفط الخام، و50 في المائة من البتروكيماويات، وهي من أهم أقطاب إنتاج الصلب، غير أنها تحولت في السنوات الأخيرة إلى مركز رئيسي للاحتجاجات على الفقر وعدم المساواة، بسبب التمييز وعجز الجهاز الحكومي.
ويشكو الناشطون من مضايقات السلطات. يقول عبد الله، الناشط في شبكات التواصل الاجتماعي: «لا يسمحون لنا بالوصول إلى الأرقام الواقعية لوباء (كورونا)، لكننا نعرف أن الإحصائية الحقيقية أكثر. تتدخل الشرطة الإلكترونية ما إن نطالب بالأرقام، وتهدد وتعد بملاحقتنا. على سبيل المثال، في الأيام الأخيرة، تم طرد رئيس مركز صحة غرب مدينة الأحواز بتهمة الفساد المالي، لكن لا يحق لنا أن نعرف تفاصيل هذه القضية والفساد المنظم والأطراف المتربحة».

- {كمين كورونا»
شهدت الأحواز، التي كانت في وضع مستقر خلال الأيام الأولى من جائحة «كورونا»، مزيداً من الخفض التدريجي للقيود، وبالتناسب ارتفع عدد المصابين بالفيروس تدريجياً.
كشف عضو هيئة تدريس جامعة العلوم الطبية في الأحواز، أسعد شرهاني، عن معارضة الخبراء الطبيين لاستئناف الأنشطة الاقتصادية. كما طالبوا باتخاذ إجراءات فورية مع ذروة تفشي الفيروس، لكن اللجنة الوطنية لمكافحة «كورونا» برئاسة الرئيس الإيراني حسن روحاني عارضت هذه الإجراءات، قبل أن تجبر على إعادة قيود في المحافظة.
ويقول علي، الطالب في جامعة الأحواز، إن الحكومة «تتهم الناس، لكن لا تكترث لحياة المواطنين»، ويضيف: «خلط في الأمور. تركونا في ذمة (كورونا). الآن بدأت امتحانات نهاية السنة، دون مراعاة للمعايير الصحية. هذا لا يعرض الشباب لخطر الإصابة فحسب؛ بل يهدد أسرهم».

- المدن الفقيرة على مدار «كورونا»
تشير إحصاءات وباء فيروس «كورونا» إلى زيادة ملحوظة في المدن منخفضة الدخل. على سبيل المثال؛ في مدن فقيرة، مثل كارون وباوي بضواحي مدينة الأحواز، كان المسار تصاعدياً. وقال حاكم الأحواز، غلام رضا شريعتي، إن زيادة عدد الإصابات تعود إلى سبيين أساسيين: «زيادة ملحوظة في حالات الفحص والتحري عن المرضي. وكذلك عدم التزام التباعد الاجتماعي من جانب الناس».
يقول السكان المحليون إنه ليس لديهم خيار سوى أن يكونوا أكثر حضوراً في مناطق عالية المخاطر ومكتظة وأن يتغاضوا عن البروتوكولات.
يوفر فالح، أحد سكان حي كوت عبد الله، لقمة العيش من سيارة أجرة ينقل فيها الركاب في وسط المدينة. يقول فالح عن المواجهة اليومية مع «كورونا»: «نعلم أننا نلعب بأرواحنا. نحن قلقون أيضاً، لكن على المسؤول أن يقول ماذا يفعل لتعويض بقائي في المنزل؟».


مقالات ذات صلة

«الصحة العالمية»: انتشار أمراض الجهاز التنفسي في الصين وأماكن أخرى متوقع

آسيا أحد أفراد الطاقم الطبي يعتني بمريض مصاب بفيروس كورونا المستجد في قسم كوفيد-19 في مستشفى في بيرغامو في 3 أبريل 2020 (أ.ف.ب)

«الصحة العالمية»: انتشار أمراض الجهاز التنفسي في الصين وأماكن أخرى متوقع

قالت منظمة الصحة العالمية إن زيادة حالات الإصابة بأمراض الجهاز التنفسي الشائعة في الصين وأماكن أخرى متوقعة

«الشرق الأوسط» (لندن )
صحتك جائحة «كورونا» لن تكون الأخيرة (رويترز)

بعد «كوفيد»... هل العالم مستعد لجائحة أخرى؟

تساءلت صحيفة «غارديان» البريطانية عن جاهزية دول العالم للتصدي لجائحة جديدة بعد التعرض لجائحة «كوفيد» منذ سنوات.

«الشرق الأوسط» (لندن)
صحتك ما نعرفه عن «الميتانيوفيروس البشري» المنتشر في الصين

ما نعرفه عن «الميتانيوفيروس البشري» المنتشر في الصين

فيروس مدروس جيداً لا يثير تهديدات عالمية إلا إذا حدثت طفرات فيه

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
صحتك فيروس رئوي قد يتسبب بجائحة عالمية play-circle 01:29

فيروس رئوي قد يتسبب بجائحة عالمية

فيروس تنفسي معروف ازداد انتشاراً

د. هاني رمزي عوض (القاهرة)
الولايات المتحدة​ أحد الأرانب البرية (أرشيفية- أ.ف.ب)

الولايات المتحدة تسجل ارتفاعاً في حالات «حُمَّى الأرانب» خلال العقد الماضي

ارتفعت أعداد حالات الإصابة بـ«حُمَّى الأرانب»، في الولايات المتحدة على مدار العقد الماضي.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)

خامنئي لصناع القرار الإيراني: لا تستمعوا لمطالب أميركا والصهاينة

صورة نشرها موقع خامنئي من لقائه مع ممثلين من أهل قم اليوم
صورة نشرها موقع خامنئي من لقائه مع ممثلين من أهل قم اليوم
TT

خامنئي لصناع القرار الإيراني: لا تستمعوا لمطالب أميركا والصهاينة

صورة نشرها موقع خامنئي من لقائه مع ممثلين من أهل قم اليوم
صورة نشرها موقع خامنئي من لقائه مع ممثلين من أهل قم اليوم

أغلق المرشد الإيراني علي خامنئي الباب أمام المحادثات المباشرة مع الولايات المتحدة، بعدما أرسلت حكومة الرئيس مسعود بزشكيان إشارات إلى إمكانية إنهاء القطيعة مع الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب الذي يتولى مهامه لولاية ثانية في البيت الأبيض.

ودعا خامنئي، الأربعاء، المسؤولين وصناع القرار في بلاده «ألا يأخذوا طلبات ومواقف أميركا والصهاينة بعين الاعتبار؛ لأنهم أعداء للشعب والجمهورية الإسلامية ويتمنون تدميرها».

وحذر من أنه «إذا استمع المسؤولون في بلادنا في أي مرحلة من مراحل اتخاذ القرار حول القضايا المختلفة إلى التوقعات غير المبررة من الأميركيين، أي مراعاة مصالحهم، فإنهم يكونون قد هددوا ديمقراطية البلاد وجمهوريتها».

والأسبوع الماضي، قال علي عبد العلي زاده، كبير مستشاري الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان، إن «مجموعة الحكم وصلت إلى قناعة بضرورة التفاوض المباشر مع الولايات المتحدة».

وأثارت عودة ترمب للبيت الأبيض تساؤلات حول كيفية تعامله مع طهران، خصوصاً الملف النووي الإيراني، مع بلوغ طهران مستويات متقدمة من تخصيب اليورانيوم القريب من مستوى إنتاج الأسلحة.

وقد بعثت إدارة ترمب المقبلة وطهران برسائل متباينة حول ما إذا كانتا ستسعيان إلى المواجهة أو نوع من التفاهم الدبلوماسي بعد تولي ترمب مهامه في 20 يناير (كانون الثاني)، أم لا.

ومن غير الواضح ما إذا كان سيدعم المحادثات التي أجرتها إدارة جو بايدن مع إيران لإعادة إحياء الاتفاق النووي، أم لا؛ إذ تعهد بدلاً من ذلك باتباع نهج أكثر ميلاً للمواجهة والتحالف بشكل أوثق مع إسرائيل، العدو اللدود لإيران، التي كانت تعارض الاتفاق.

ووصف خامنئي العقوبات التي أعاد فرضها ترمب في 2018 بـ«السياسات الخاطئة وغير المجدية»، لافتاً إلى أن «هدفها هو إجبار الاقتصاد الإيراني على الركوع، ولكن الشعب الإيراني حقق أكبر تقدم في مجالات العلم والتكنولوجيا خلال فترة العقوبات، وظهر الشباب الإيرانيون الجاهزون للعمل في مجالات متنوعة».

وأضاف: «بالطبع، تسببت العقوبات في أضرار للبلاد، ولكنها لم تتمكن من تحقيق أهدافها، وإن شاء الله سيأتي يوم يحاسبهم فيه الشعب الإيراني على هذه الأضرار».

وقال إن «أحد مطالب الاستكبار، بمن في ذلك مسؤولو الجمهورية الإسلامية، هو مراعاة مصالحهم واعتباراتهم في تصميم القضايا المختلفة».

ومن شأن هذه التصريحات أن تزيد ضغوط المحافظين ووسائل إعلامهم على الرئيس مسعود بزشكيان المدعوم من الإصلاحيين.

لكن خامنئي عبر عن ارتياحه لـ«المواقف الصريحة والحاسمة والشجاعة، لرئيس الجمهورية (مسعود بزشكيان) ضد الكيان الصهيوني ودعم أميركا لجرائمه»، وقال إن «هذه المواقف أسعدت قلوب الشعب».

وقال خامنئي في بداية كلامه إنه موجه إلى «أولئك الذين يرتعبون من سياسات أميركا»، وذلك في خطاب سنوي تقليدي له أمام ممثلين من أهل قم، المعقل الأول لرجال الدين في البلاد، بمناسبة ذكرى مظاهرات دموية شهدتها المدينة قبل الإطاحة بنظام الشاه في 1979.

وأردف في السياق نفسه: «الذين يخافون من سياسات أميركا لا ينبغي أن يكونوا خائفين... على مدار عقود بعد الثورة، ارتكب الأميركيون أخطاء في حساباتهم فيما يتعلق بقضايا إيران، ويجب على الخائفين أن يعيروا اهتماماً كافياً لنقطة الضعف الأساسية والمستمرة في النظام الأميركي».

وقال خامنئي: «بعض الأشخاص يقولون: لماذا تتفاوضون وتتواصلون مع الأوروبيين ولا ترغبون في التواصل والتفاوض مع أميركا؟ أميركا كانت قد امتلكت هذا المكان، لكن تم انتزاعه من قبضتها؛ لذا فإن حقدها على البلاد والثورة هو حقد عميق! ولن تتخلى عنه بسهولة».

وأضاف: «أميركا فشلت في إيران، وهي تسعى لتعويض هذا الفشل».

وطالب خامنئي بالتركيز على العمل الإعلامي والدعائي لمواجهة الولايات المتحدة. وقال: «اليوم، فهم الأميركيون جيداً أنه لا يمكنهم تحقيق أهدافهم باستخدام الأدوات العسكرية فقط»، وأشار إلى «زيادة الأميركيين للبرمجيات الدعائية».

وأشار خامنئي إلى الحرب في غزة، وكذلك اغتيال أمين عام «حزب الله» حسن نصر الله، وقال: «انظروا إلى ما حدث في غزة، قتلوا هذا العدد الكبير من الناس؛ دبابات، مدافع، قنابل، رشاشات، طائرات مسيرة. قتلوا جميع العناصر، لكنهم لم يتمكنوا من القضاء على الحركة... وقاموا بتدمير العديد من العناصر، لكنهم لم يتمكنوا من تدمير (حزب الله)، ولن يستطيعوا ذلك. لذا يجب عليهم العمل عبر الوسائل الإعلامية الناعمة، يجب عليهم القيام بالدعاية».

وقال: «هذه نقطة مهمة لنا، نحن الشعب الإيراني. العمل الإعلامي الناعم هو اختلاق الأكاذيب لخلق فجوة بين الواقع وتصورات الرأي العام. أنتم تتقدمون بقوة لكنهم يروّجون أنكم تضعفون...هم يضعفون لكنهم يروجون أنهم يصبحون أقوى. أنتم تصبحون غير قابلين للتهديد، وهم يقولون إنهم سيقضون عليكم بالتهديدات. هذه هي الدعاية. وهناك من يتأثرون بها».

وقال: «اليوم، العمل الأساسي والمهم للأجهزة الإعلامية لدينا، للأجهزة الثقافية، للدعاية، لوزارة الثقافة والإعلام، لإذاعتنا وتلفزيوننا، ولنشطائنا في الفضاء الإلكتروني، هو أن يمزقوا وَهْم قوة العدو، أن يكسروا هذا الوهم، وألا يسمحوا لدعاية العدو بالتأثير على الرأي العام».

وكان وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي قد أدلى بتصريحات مماثلة عن أهمية الإعلام، وذلك خلال مؤتمر لـ«الحرس الثوري»، الثلاثاء.

وقال عراقجي: «إلى جانب الميدان (الأنشطة الإقليمية لـ«الحرس الثوري») والدبلوماسية، يوجد محور ثالث يسمى الإعلام».