جولة جديدة لمفاوضات «سد النهضة» برقابة «دولية ثلاثية»

مصر «تشكك» في «إرادة إثيوبيا» الوصول إلى اتفاق

وزير الري السوداني خلال مشاركته أمس في الاجتماع الثلاثي حول سد النهضة (أ.ف.ب)
وزير الري السوداني خلال مشاركته أمس في الاجتماع الثلاثي حول سد النهضة (أ.ف.ب)
TT

جولة جديدة لمفاوضات «سد النهضة» برقابة «دولية ثلاثية»

وزير الري السوداني خلال مشاركته أمس في الاجتماع الثلاثي حول سد النهضة (أ.ف.ب)
وزير الري السوداني خلال مشاركته أمس في الاجتماع الثلاثي حول سد النهضة (أ.ف.ب)

قال وزير الري السوداني، ياسر عباس، إن قرار الحكومة الإثيوبية بأن ملء بحيرة سد النهضة لا رجعة فيه، جزء أساسي في المفاوضات الجارية الآن بين وزراء المياه في الدول الثلاث.
وناقش وزراء المياه بكل من السودان ومصر وإثيوبيا، خلال اجتماع عقد بتقنية «الفيديو كونفرانس»، أمس من الخرطوم، القضايا العالقة في ملف سد النهضة الإثيوبي، والمسائل الإجرائية المتعلقة بدور المراقبين.
وكان رئيس وزراء السودان، عبد الله حمدوك، قد تقدم بمبادرة لنظيريه المصري والإثيوبي لاستئناف المفاوضات الثلاثية للوصول إلى اتفاق شامل، ومُرضٍ يحقق مصالح الدول الثلاث.
وشارك في الاجتماع ثلاثة مراقبين من الولايات المتحدة وجنوب أفريقيا ومفوضية الاتحاد الأوروبي.
وأضاف عباس موضحاً، أن الاجتماع «كان ناجحاً ومثمراً، حيث ناقش الإجراءات المطلوبة لمواصلة المفاوضات بأسرع ما يمكن، والمسائل الأساسية العالقة للدول الثلاث». مشيراً إلى أنه «تم الاتفاق على مواصلة الاجتماعات اليومية، عدا يومي الجمعة والأحد، للوصول إلى توافق حول النقاط المتبقية، وهي من وجهة نظرنا نقاط محدودة، على أن تتم الاجتماعات بالتداول في العواصم الثلاث».
وكشف عباس عن اجتماع يعقد اليوم لتحديد بدقة دور المراقبين في المفاوضات الثلاثية. مبرزاً أن «روح الحوار كانت إيجابية، ونأمل أن تتواصل في الأيام المقبلة للوصول إلى توافق في بقية النقاط العالقة.
في غضون ذلك، أوضح عباس أن الاجتماع تطرق إلى النقاط العالقة لكل دولة على حدة، وأنه تم تقديم مقترحات إيجابية من كل دولة للخطوات اللاحقة.
وكانت الدول الثلاث قد توصلت خلال جولات التفاوض السابقة إلى توافق حول معظم القضايا المطروحة على طاولة المفاوضات، في حين تبقى عدد قليل من القضايا العالقة، التي تأمل الأطراف الثلاثة الاتفاق بشأنها.
كما أعرب وزير الري السوداني عن تفاؤله بقدرة الدول الثلاث على تجاوز العقبات الراهنة، والتوصل لاتفاقية تعالج وتستوعب المسائل المتصلة بملء وتشغيل سد النهضة.
وكان رئيس الوزراء الإثيوبي، آبي أحمد، قد أعلن أن ملء سد النهضة في يوليو (تموز) المقبل «قرار لا رجعة فيه». في حين يرفض السودان أي خطوة أحادية من الجانب الإثيوبي، قبل التوصل إلى اتفاق نهائي حول قواعد الملء الأول وتشغيل السد. ودعا مجلس الأمن الدولي لحث جميع الأطراف على الامتناع عن اتخاذ إجراءات أحادية تؤثر على الأمن والسلم الإقليمي.
ووصفت مباحثات أمس بـ«الفرصة الأخيرة» لتسوية النزاع، المحتدم منذ نحو 9 أعوام. واستبقت القاهرة المفاوضات، باجتماع لـ«مجلس الأمن القومي»، ترأسه الرئيس عبد الفتاح السيسي، أمس، حذرت فيه إثيوبيا من إهدار المزيد من الوقت، وطالبت بـ«تحديد إطار زمني مُحكم لإجراء المفاوضات والانتهاء منها»؛ منعاُ لأن تصبح «أداة جديدة للمماطلة والتنصل».
ويأتي استئناف التفاوض بعد جهود بذلها رئيس الوزراء السوداني عبد الله حمدوك مع القاهرة وأديس أبابا من أجل الجلوس مجدداً حول مائدة المفاوضات، التي توقفت في فبراير (شباط) الماضي بين الدول الثلاث، إثر رفض إثيوبيا توقيع مسودة اتفاق أعدته الولايات المتحدة والبنك الدولي حول ملء أديس أبابا «سد النهضة»، قبل أن تعلن عزمها ملء بحيرة السد في يوليو المقبل «دون اتفاق».
ووفق السفير وائل نصر، مساعد وزير الخارجية المصري الأسبق للشؤون الأفريقية، الذي تحدث لـ«الشرق الأوسط»، فإن اجتماع مجلس الأمن القومي برئاسة السيسي، «رسالة تحذير صريحة» لإثيوبيا من إهدار المزيد من الوقت، وأن عليها أن «تدرك حجم مصر الحقيقي، التي تعتزم الدفاع عن حقوقها للنهاية».
وأبدت مصر أمس موقفها المبدئي بـ«الاستعداد الدائم للتفاوض من أجل التوصل إلى اتفاق عادل ومتوازن» يحقق مصالح الدول الثلاث، غير أنها، وبحسب بيان «الأمن القومي»، ترى أن «هذه الدعوة جاءت متأخرة، وبعد 3 أسابيع منذ إطلاقها، وهو الأمر الذي يحتم تحديد إطار زمني محكم لإجراء المفاوضات والانتهاء منها؛ منعاً لأن تصبح أداة جديدة للمماطلة والتنصل من الالتزامات الواردة بإعلان المبادئ، الذي وقّعته الدول الثلاث عام 2015».
وشكك البيان المصري في جدية التزم إثيوبيا بالوصول إلى اتفاق نهائي، مشيراً إلى تناقض المواقف الإثيوبية خلال الفترة الماضية، ومؤكداً أن «دعوة (التفاوض) صدرت في اليوم ذاته الذي أعادت فيه السلطات الإثيوبية التأكيد على اعتزامها السير قُدماً في ملء خزان السد دون التوصل إلى اتفاق»، واعتبرته «يتنافى مع التزامات إثيوبيا القانونية الواردة بإعلان المبادئ، ويلقي بالضرورة بظلاله على المسار التفاوضي، وكذلك النتائج التي قد يتم التوصل إليها».
وشدد البيان على أن «مصر سوف تشارك في هذا الاجتماع من أجل استكشاف مدى توفر الإرادة السياسية للتوصل إلى اتفاق، وتأكيداً لحسن النوايا المصرية المستمرة في هذا الصدد».
وقال السفير نصر، إن مضمون البيان المصري «يشكك في جدية إثيوبيا الوصول إلى اتفاق»، لكنه أبرز أن القاهرة «حريصة على إعطاء فرصة أخيرة لإثيوبيا لإثبات حسن نواياها في وجود مراقبين دوليين».
وعبر البيان عن «نفاد صبر مصر»، كما يصفه الدكتور محمد نصر علام، وزير الموارد المائية المصري الأسبق، الذي قال لـ«الشرق الأوسط»، إن «مصر وافقت على العودة للتفاوض إرضاءً للسودان، ولإعطاء فرصة أخيرة للسلام»، لكنها اشترطت أن تكون المفاوضات وفق جدول زمني محدد وأجندة واضحة.
وعدّ علام، البيان المصري «رسالة تحذير لإثيوبيا»، وأنه «إذا لم تبدأ المفاوضات بجدية فلن تستمر لفترة طويلة». مشيراً إلى أن وجود مراقبين من ثلاث قارات «يكشف نوايا إثيوبيا، في حين أنه لن يضير مصر، التي لا تحتاج إلى مساعدة من أحد، هي فقط تريد تطبيق فوعد القانون الدولي».



تقرير أممي: تدهور الأراضي الزراعية سيفقد اليمن 90 مليار دولار

اليمن يخسر سنوياً 5‎ % من أراضيه الزراعية بسبب التصحر (إعلام محلي)
اليمن يخسر سنوياً 5‎ % من أراضيه الزراعية بسبب التصحر (إعلام محلي)
TT

تقرير أممي: تدهور الأراضي الزراعية سيفقد اليمن 90 مليار دولار

اليمن يخسر سنوياً 5‎ % من أراضيه الزراعية بسبب التصحر (إعلام محلي)
اليمن يخسر سنوياً 5‎ % من أراضيه الزراعية بسبب التصحر (إعلام محلي)

وضع برنامج الأمم المتحدة الإنمائي سيناريو متشائماً لتأثير تدهور الأراضي الزراعية في اليمن إذا ما استمر الصراع الحالي، وقال إن البلد سيفقد نحو 90 مليار دولار خلال الـ16 عاماً المقبلة، لكنه وفي حال تحقيق السلام توقع العودة إلى ما كان قبل الحرب خلال مدة لا تزيد على عشرة أعوام.

وفي بيان وزعه مكتب البرنامج الأممي في اليمن، ذكر أن هذا البلد واحد من أكثر البلدان «عُرضة لتغير المناخ على وجه الأرض»، ولديه أعلى معدلات سوء التغذية في العالم بين النساء والأطفال. ولهذا فإنه، وفي حال استمر سيناريو تدهور الأراضي، سيفقد بحلول عام 2040 نحو 90 مليار دولار من الناتج المحلي الإجمالي التراكمي، وسيعاني 2.6 مليون شخص آخر من نقص التغذية.

اليمن من أكثر البلدان عرضة لتغير المناخ على وجه الأرض (إعلام محلي)

وتوقع التقرير الخاص بتأثير تدهور الأراضي الزراعية في اليمن أن تعود البلاد إلى مستويات ما قبل الصراع من التنمية البشرية في غضون عشر سنوات فقط، إذا ما تم إنهاء الصراع، وتحسين الحكم وتنفيذ تدابير التنمية البشرية المستهدفة.

وفي إطار هذا السيناريو، يذكر البرنامج الأممي أنه، بحلول عام 2060 سيتم انتشال 33 مليون شخص من براثن الفقر، ولن يعاني 16 مليون شخص من سوء التغذية، وسيتم إنتاج أكثر من 500 مليار دولار من الناتج الاقتصادي التراكمي الإضافي.

تحذير من الجوع

من خلال هذا التحليل الجديد، يرى البرنامج الأممي أن تغير المناخ، والأراضي، والأمن الغذائي، والسلام كلها مرتبطة. وحذّر من ترك هذه الأمور، وقال إن تدهور الأراضي الزائد بسبب الصراع في اليمن سيؤثر سلباً على الزراعة وسبل العيش، مما يؤدي إلى الجوع الجماعي، وتقويض جهود التعافي.

وقالت زينة علي أحمد، الممثلة المقيمة لبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي في اليمن، إنه يجب العمل لاستعادة إمكانات اليمن الزراعية، ومعالجة عجز التنمية البشرية.

تقلبات الطقس تؤثر على الإنسان والنباتات والثروة الحيوانية في اليمن (إعلام محلي)

بدورها، ذكرت منظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة (فاو) أن النصف الثاني من شهر ديسمبر (كانون الأول) الحالي يُنذر بظروف جافة في اليمن مع هطول أمطار ضئيلة في المناطق الساحلية على طول البحر الأحمر وخليج عدن، كما ستتقلب درجات الحرارة، مع ليالٍ باردة مع احتمالية الصقيع في المرتفعات، في حين ستشهد المناطق المنخفضة والساحلية أياماً أكثر دفئاً وليالي أكثر برودة.

ونبهت المنظمة إلى أن أنماط الطقس هذه قد تؤدي إلى تفاقم ندرة المياه، وتضع ضغوطاً إضافية على المحاصيل والمراعي، وتشكل تحديات لسبل العيش الزراعية، وطالبت الأرصاد الجوية الزراعية بضرورة إصدار التحذيرات في الوقت المناسب للتخفيف من المخاطر المرتبطة بالصقيع.

ووفق نشرة الإنذار المبكر والأرصاد الجوية الزراعية التابعة للمنظمة، فإن استمرار الظروف الجافة قد يؤدي إلى تفاقم ندرة المياه، وزيادة خطر فترات الجفاف المطولة في المناطق التي تعتمد على الزراعة.

ومن المتوقع أيضاً - بحسب النشرة - أن تتلقى المناطق الساحلية والمناطق الداخلية المنخفضة في المناطق الشرقية وجزر سقطرى القليل جداً من الأمطار خلال هذه الفترة.

تقلبات متنوعة

وبشأن تقلبات درجات الحرارة وخطر الصقيع، توقعت النشرة أن يشهد اليمن تقلبات متنوعة في درجات الحرارة بسبب تضاريسه المتنوعة، ففي المناطق المرتفعة، تكون درجات الحرارة أثناء النهار معتدلة، تتراوح بين 18 و24 درجة مئوية، بينما قد تنخفض درجات الحرارة ليلاً بشكل حاد إلى ما بين 0 و6 درجات مئوية.

وتوقعت النشرة الأممية حدوث الصقيع في مناطق معينة، خاصة في جبل النبي شعيب (صنعاء)، ومنطقة الأشمور (عمران)، وعنس، والحدا، ومدينة ذمار (شرق ووسط ذمار)، والمناطق الجبلية في وسط البيضاء. بالإضافة إلى ذلك، من المتوقع حدوث صقيع صحراوي في المناطق الصحراوية الوسطى، بما في ذلك محافظات الجوف وحضرموت وشبوة.

بالسلام يمكن لليمن أن يعود إلى ما كان عليه قبل الحرب (إعلام محلي)

ونبهت النشرة إلى أن هذه الظروف قد تؤثر على صحة الإنسان والنباتات والثروة الحيوانية، وسبل العيش المحلية في المرتفعات، وتوقعت أن تؤدي الظروف الجافة المستمرة في البلاد إلى استنزاف رطوبة التربة بشكل أكبر، مما يزيد من إجهاد الغطاء النباتي، ويقلل من توفر الأعلاف، خاصة في المناطق القاحلة وشبه القاحلة.

وذكرت أن إنتاجية محاصيل الحبوب أيضاً ستعاني في المناطق التي تعتمد على الرطوبة المتبقية من انخفاض الغلة بسبب قلة هطول الأمطار، وانخفاض درجات الحرارة، بالإضافة إلى ذلك، تتطلب المناطق الزراعية البيئية الساحلية التي تزرع محاصيل، مثل الطماطم والبصل، الري المنتظم بسبب معدلات التبخر العالية، وهطول الأمطار المحدودة.

وفيما يخص الثروة الحيوانية، حذّرت النشرة من تأثيرات سلبية لليالي الباردة في المرتفعات، ومحدودية المراعي في المناطق القاحلة، على صحة الثروة الحيوانية وإنتاجيتها، مما يستلزم التغذية التكميلية والتدخلات الصحية.