«الكوليرا» يزاحم «كورونا» مسجلاً 150 ألف إصابة في مناطق الحوثيين

بسبب انهيار الخدمات الطبية وفساد قادة الجماعة الانقلابية

أطفال يمنيون يقفون في أبريل الماضي عند مجرى أحد السيول التي تزيد من خطر انتشار الكوليرا (إ.ب.أ)
أطفال يمنيون يقفون في أبريل الماضي عند مجرى أحد السيول التي تزيد من خطر انتشار الكوليرا (إ.ب.أ)
TT

«الكوليرا» يزاحم «كورونا» مسجلاً 150 ألف إصابة في مناطق الحوثيين

أطفال يمنيون يقفون في أبريل الماضي عند مجرى أحد السيول التي تزيد من خطر انتشار الكوليرا (إ.ب.أ)
أطفال يمنيون يقفون في أبريل الماضي عند مجرى أحد السيول التي تزيد من خطر انتشار الكوليرا (إ.ب.أ)

على الرغم من التفشي السريع لفيروس «كورونا المستجد» في مناطق سيطرة الميليشيات الحوثية في اليمن، فإنه لم يتجاوز حتى الآن منافسه «الكوليرا» الذي أفادت مصادر صحية لـ«الشرق الأوسط» بأنه أصاب قرابة 150 ألف شخص خلال خمسة أشهر فقط.
وتشير التحذيرات الأممية والحقوقية في هذا السياق، إلى إمكانية أن تضع الأوبئة في مناطق سيطرة الانقلابيين أرواح مئات الآلاف في أخطار صحية محققة، بخاصة في ظل الفساد الإداري للجماعة الحوثية وإمعان قادتها في تدمير القطاع الصحي ونهب المساعدات الإنسانية وتحويلها إلى جزء من مجهودها الحربي.
ومع تلك السلسلة من التحذيرات من جراء تفشي «الكوليرا»، كشفت مصادر طبية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، عن إحصائية جديدة تؤكد إصابة أكثر من 150 ألف شخص بوباء «الكوليرا» في صنعاء العاصمة وخمس محافظات أخرى واقعة تحت سيطرة الانقلابيين الحوثيين منذ بداية العام الجاري 2020.
وأكدت المصادر أن العاصمة صنعاء تصدرت المرتبة الأولى من حيث عدد الإصابات بمرض «الكوليرا»، تلتها محافظات صنعاء وإب والمحويت وحجة وذمار تباعا. وأشارت إلى أن إجمالي عدد الوفيات جراء «الكوليرا» في تلك المناطق وخلال الفترة نفسها بلغ نحو 2400 حالة وفاء.
وأطلقت المصادر الطبية تحذيراتها بأن مئات الآلاف من اليمنيين يواجهون حاليا خطر موجة جديدة من وباء «الكوليرا» الذي اجتاح مؤخرا عددا من المدن اليمنية خاصة تلك الواقعة تحت سيطرة الجماعة.
كما حذرت من اتساع رقعة المرض، خصوصا إذا لم تُتخَذ تدابير صحية عاجلة تحول دون ذلك، خاصة مع موسم الأمطار الحالي الذي يتسبب في انتشار أوسع للأمراض والأوبئة.
وبحسب تلك المصادر التي تحدثت إلى «الشرق الأوسط»، تأتي موجة الكوليرا هذه بعد ثلاث موجات سابقة اجتاحت اليمن منذ عامي 2016 و2017، في وقت يعاني فيه اليمن من تدهور حاد في الخدمات الصحية والمياه والصرف الصحي جراء الانقلاب الحوثي المشؤوم الذي ألحق خسائر فادحة بالبنى التحتية.
واعتبرت المصادر أن موسم الأمطار الحالي والتلوث البيئي المصحوب مع السيول وانعدام الخدمات، واستمرار الانتهاكات والممارسات الحوثية بحق ما تبقى من القطاع الصحي بصنعاء وبقية المناطق تحت سيطرة الجماعة تعد من الأسباب الرئيسية التي تقف وراء تفشي «الكوليرا» وغيره من الأمراض والأوبئة.
وأكد طبيب أطفال في صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن «الكوليرا من الأمراض والأوبئة الخطيرة التي تتسبب بإسهالات حادة يمكن أن تؤدي خلال ساعات فقط إلى وفاة المريض، إذا لم يخضع للرعاية الطبية والعلاج المتواصل، حيث إن أغلب الضحايا هم من شريحة الأطفال الذين تقل أعمارهم عن 5 سنوات، خصوصا ممن يعانون من سوء تغذية حاد».
وأشار إلى أن مناطق بصنعاء لا تزال تشهد ارتفاعا كبيرا في الإصابة بهذا الوباء الناجم عن عدوى بكتيرية تنتقل عن طريق المياه.
وبينما كشف طبيب الأطفال، الذي طلب عدم ذكر اسمه لأسباب تتعلق بحمايته، عن أن الحالات التي تصل عيادته في العاصمة بشكل يومي غير مطمئنة مع وجود تزايد في عدد الإصابات من شريحة الأطفال، أوضح أنه إذا تم رصد الإصابة مبكرا فيمكن علاج الإسهال الحاد للحالة بمحاليل معالجة الجفاف.
وفي الوقت الذي تعج فيه ما تبقى من المنشآت والمرافق الصحية في العاصمة صنعاء ومدن يمنية أخرى خاضعة للانقلابيين بأعداد المصابين بجائحة «كورونا» وإحجام بعضها وإغلاق أخرى أبوابها أمام المرضى نتيجة تعسفات وبطش وابتزاز الحوثيين، يعاني مرضى «الكوليرا» الأمرين في ظل استمرار رفض استقبالهم وتقديم الرعاية الطبية لهم.
وتحدث مواطن يمني في حي «مذبح» بصنعاء رمز لاسمه بـ«ن. و.» إلى «الشرق الأوسط» عن قصة صراع ومعاناة عاشتها أسرته قبل أيام مع «الكوليرا»، مؤكدا أنه وبعد إصابة أطفاله الثلاثة «قيس وإحسان وعلاء» بمرض الكوليرا، قام بإسعافهم إلى مرفق صحي حكومي قريب من الحي، وحينها تفاجأ برفض القائمين على المرفق استقبال أبنائه بحجة انشغالهم بما هو أهم وهو استقبال وفحص الحالات المشتبهة بـ«كورونا» وبناءً على تعليمات حوثية صادرة لهم.
وفي سياق سرده تفاصيل صراع أبنائه مع المرض، أشار إلى أنه بعد عودته لمنزله وقيامه ببعض الخطوات والإجراءات العلاجية المنزلية تماثل ولداه «قيس وإحسان»، للشفاء لكنّ علاء ذا الـ15 شهرا ولضعف مناعته وصغر سنه، أسلم نفسه وذهب ضحية لهذا الوباء القاتل وفارق الحياة.


مقالات ذات صلة

التزام بريطاني بدعم إصلاحات الحكومة اليمنية لمواجهة التحديات

المشرق العربي رئيس الوزراء اليمني ووزير الدولة البريطاني لشؤون الشرق الأوسط وشمال أفريقيا (سبأ)

التزام بريطاني بدعم إصلاحات الحكومة اليمنية لمواجهة التحديات

أكدت المملكة المتحدة التزامها بدعم الحكومة اليمنية وجهودها الخاصة بعملية الإصلاح، بما في ذلك مواجهة التحديات المتعلقة بتقديم الخدمات وبما يحقق السلام والازدهار.

عبد الهادي حبتور (الرياض)
المشرق العربي وزير الدفاع اليمني الفريق ركن محسن الداعري (الشرق الأوسط)

وزير الدفاع اليمني: الحوثيون لن يتوقفوا حتى لو انتهت الحرب

استبعد وزير الدفاع اليمني، الفريق ركن محسن الداعري، أن تتوقف العمليات الحوثية ضد سفن الملاحة في البحرين الأحمر والعربي بمجرد توقف حرب غزة، متهماً الجماعة.

عبد الهادي حبتور (الرياض)
خاص وزير الدفاع اليمني الفريق ركن محسن الداعري (الشرق الأوسط) play-circle 00:41

خاص وزير الدفاع اليمني: الهجمات الحوثية لن تتوقف حتى لو انتهت حرب غزة

حذَّر وزير الدفاع اليمني الفريق ركن محسن الداعري من خطورة الأوضاع في المنطقة واحتمال نشوب حرب إقليمية غير مسبوقة.

عبد الهادي حبتور (الرياض)
العالم العربي شركة «كمران» من كبريات الشركات الوطنية اليمنية بمساهمة مختلطة للقطاعين العام والخاص (إكس)

الحوثيون يستولون على كبرى شركات التبغ اليمنية

تسعى الجماعة الحوثية إلى السيطرة على كبرى شركات التبغ اليمنية، التي تعدّ من أهم مصادر إيرادات الدولة، وتحذر الحكومة اليمنية من تبعات إجراءات الجماعة على الشركة.

وضاح الجليل (عدن)
العالم العربي اجتماع حوثي في صنعاء لما تسمى «اللجنة العليا للاحتفالات والمناسبات» (إعلام حوثي)

انقلابيو اليمن يضيفون «7 أكتوبر» إلى قائمة مناسباتهم الاحتفالية

أضافت الجماعة الحوثية ذكرى يوم السابع من أكتوبر 2023 إلى قائمة مناسباتها الاحتفالية التي تنفق عليها مليارات الريالات اليمنية سنوياً.

«الشرق الأوسط» (صنعاء)

«متحالفون» تدعو الأطراف السودانية لمعالجة مسألة حماية المدنيين

صورة نشرها الموفد الأميركي على «فيسبوك» لجلسة سابقة من المفاوضات حول السودان في جنيف
صورة نشرها الموفد الأميركي على «فيسبوك» لجلسة سابقة من المفاوضات حول السودان في جنيف
TT

«متحالفون» تدعو الأطراف السودانية لمعالجة مسألة حماية المدنيين

صورة نشرها الموفد الأميركي على «فيسبوك» لجلسة سابقة من المفاوضات حول السودان في جنيف
صورة نشرها الموفد الأميركي على «فيسبوك» لجلسة سابقة من المفاوضات حول السودان في جنيف

حثّت مجموعة «متحالفون من أجل إنقاذ الأرواح والسلام بالسودان»، الثلاثاء، الأطراف السودانية على تحسين وتعزيز الوصول الإنساني إلى جميع أنحاء البلاد، ومعالجة مسألة حماية المدنيين، معبرةً عن تفاؤلها بزيارة الاتحاد الأفريقي إلى بورتسودان، وترقبها لمتابعة الالتزامات التي تم التعهد بها.

وعقدت المجموعة، التي تضم السعودية وأميركا وسويسرا والإمارات ومصر والاتحاد الأفريقي والأمم المتحدة، يوم الجمعة الماضي، اجتماعاً افتراضياً لمناقشة تصعيد الصراع، وتدهور الوضع الإنساني بالسودان.

ودعا بيان صادر عنها، الثلاثاء، مجلس السيادة الانتقالي لتمديد اتفاق فتح معبر أدري الحدودي لتسليم المساعدات الإنسانية لأجل غير مسمى، مشيراً إلى مرور آلاف الأطنان من المساعدات عبره.

وشدّدت المجموعة على وجوب اتخاذ القوات المسلحة وقوات «الدعم السريع» خطوات لضمان سلامة وحماية العاملين بالمنظمات الصحية والإنسانية في الخطوط الأمامية، مع مطالبتهم بخفض الصراع والتصعيد، وتسهيل وقف الأعمال العدائية، بما يمكّن حرية الحركة.

وأشاد الأعضاء بالعمل الشجاع للمتطوعين المحليين وشبكات الاستجابة، منوّهين بترشيح غرفة الاستجابة السودانية الطارئة بالخطوط الأمامية لجائزة نوبل للسلام، التي تعد إشارة مهمة في ضوء عملهم الحاسم.

كما حثّوا الأطراف المتحاربة على تسهيل استخدام مطار كادوقلي للرحلات الإنسانية، التي تقوم بها الأمم المتحدة والمنظمات غير الحكومية والجهات الانسانية الفاعلة الأخرى، من جنوب السودان كبداية، فيما يتم حلّ المشكلات الفنية المتعلقة بالطيران من داخل البلاد.

ودعت المجموعة إلى إنشاء آلية لتجنب الصراع والتنبيه؛ بهدف ضمان سلامة وأمن الطائرات، والأفراد المشاركين في إدارة العمليات الجوية.