السودان: تباين بين مكوّنات الحكم حول «البعثة الأممية»

TT

السودان: تباين بين مكوّنات الحكم حول «البعثة الأممية»

رحّبت الحكومة السودانية (بتحفظ) بقرار مجلس الأمن الدولي الخاص بإنشاء بعثة سياسية انتقالية تقدم الدعم الفني للحكومة الانتقالية في البلاد، وأيضاً بالقرار الآخر القاضي بتمديد مهمة بعثة حفظ السلام المختلطة في دارفور (يوناميد) لنهاية العام، وذلك بعد أيام من الصمت الذي أعقب صدور القرارين، وهو ما جعل خبراء يصفونه بأنه انعكاس لصراع المكونين المدني والعسكري في الحكومة. وفي المقابل، رحبت «قوى إعلان الحرية والتغيير» بقراري مجلس الأمن، وعدتهما استجابة لمطالب الحكومة الانتقالية بتوفير السند الدولي للسودان.
ونص قرار مجلس الأمن الدولي رقم (2524)، الصادر في 7 يونيو (حزيران) الحالي، على إنشاء بعثة أممية تعرف اختصاراً بـ«UNITAMS» للمساعدة في الانتقال الديمقراطي في السودان، وتعزيز حقوق الإنسان، وتحقيق السلام المستدام، ودعم عمليات السلام وتنفيذ الاتفاقيات، وتوفير الحماية المدنية، وسيادة حكم القانون. أما القرار الثاني (2525) فمدد مهمة حفظ السلام المختلطة في دارفور (يوناميد) لشهرين، لتنتهي بنهاية ديسمبر (كانون الأول) 2020، مع بقاء مكونها العسكري والشرطي، بعد أن كان مقرراً إنهاء مهمتها بنهاية أكتوبر (تشرين الأول) المقبل.
وأعلنت الحكومة السودانية (مع تحفظ) ترحيبها بالقرارين الصادرين من مجلس الأمن الدولي، وقالت في نشرة صحافية صادرة عن عضو مجلس الأمن والدفاع الذي يشغل في الوقت ذاته منصب عضو مجلس السيادة، حسن محمد شيخ إدريس قاضى، إن «القرارات جاءت استجابة لطلب خطاب حكومة السودان للأمين العام للأمم المتحدة بتاريخ 27 فبراير (شباط) 2020، وإن هذه القرارات سوف تسهم في دعم استقرار الفترة الانتقالية، وعودة السودان للأسرة الدولية، مع التأكيد الوارد في القرارين على حفظ الحقوق الوطنية الكاملة».
وعاد قاضي ليشير إلى «بعض التحفظات على القرارين» من قبل مجلس الأمن والدفاع، دون أن يسميها أو يحددها، وفي الوقت ذاته أكد رغبة المجلس في استمرار التعاون مع الأمم المتحدة، ومجلس الأمن الدولي، والاتحاد الأفريقي، والأصدقاء والشركاء، للوصول لحلول متسقة مع مطالب السودان بالحصول على الدعم الفني.
وكلف شركاء السلام في السودان، في 27 يناير (كانون الثاني) الماضي، رئيس الوزراء عبد الله حمدوك بكتابة خطاب للأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش لطلب بعثة سياسية خاصة، تضم عنصراً قوياً لبناء السلام، ودعم عملية الانتقال والسلام في البلاد، تشمل ولايتها كل السودان، بما في ذلك إعادة بناء قدرات قوة الشرطة الوطنية، ونشر مستشارين من الأمم المتحدة والاتحاد الأفريقي.
ورفض الأعضاء العسكريون بمجلس السيادة الخطاب، وعدوه «دعوة للتدخل الأممي في شؤون السودان، ومساساً بسيادته على أراضيه»، وطالبوا بكتابة خطاب جديد للأمين العام للأمم المتحدة، تتحدد بموجبه مهمة البعثة في تقديم المساعدة في الانتقال الديمقراطي في السودان، وتعزيز حقوق الإنسان، وتحقيق السلام المستدام، ودعم عمليات السلام وتنفيذ الاتفاقيات. وكلف اجتماع مجلس الأمن والدفاع الطارئ، في 10 فبراير (شباط) الماضي، لجنة برئاسة عضو مجلس السيادة إبراهيم جابر لكتابة الخطاب الجديد إلى الأمين العام للأمم المتحدة، لاستبداله بالخطاب الذي صاغه رئيس الوزراء، وإرساله للأمين العام للأمم المتحدة عبر القنوات الدبلوماسية.
وأطلقت دوائر معارضة لطلب البعثة الأممية، بمن فيهم عسكريو مجلس السيادة، على الطلب وصف «خطاب حمدوك»، رغم أن حمدوك خاطب الأمين العام بناء على تكليف مشترك من قبلهم، ورغم كتابة الخطاب الثاني من قبل لجنة مكونة من مجلس الأمن والدفاع، وهو ما عده مؤيدون لوجود البعثة انحناءة للهجمة الإعلامية التي واجهت طلب البعثة من قبل رموز النظام المعزول.
وقال حمدوك لـ«الشرق الأوسط»، في وقت سابق من الأسبوع الماضي، إن حكومته طلبت إرسال بعثة سياسية للسودان تحت البند السادس، ووجد القرار استجابة وموافقة من المجتمع الدولي ومجلس الأمن الدولي، وأوضح أن هدف البعثة مساعدة السودان بمواجهة تحديات مرحلة الانتقال، وعلى رأسها عملية السلام، وإخراج السودان من مشكلات وقوعه تحت الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة الذي ظل موجوداً فيه منذ 15 عاماً، وذلك في إشارة إلى البعثة المختلطة من الأمم المتحدة والاتحاد الأفريقي لحفظ السلام في دارفور (يوناميد)، وأضاف: «هذه العملية تتم وفق رؤية الحكومة السودانية، وهذا ما ذكره مجلس الأمن الدولي، من أن تتم العملية وفقاً لحفظ السيادة الوطنية».
وانتقد المحلل السياسي خالد التجاني النور موقف الحكومة السودانية، ووصفه بـ«الملتبس»، شكلاً ومضموناً. وأوضح أن التحفظ على بعض الفقرات كان من المفروض أن يكون واضحاً، وباسم مجلس السيادة، وقال إن «البيان الصحافي الذي صدر يعبر عن موقف متناقض»، وتابع: «كيف ترحب بالشيء، ثم تعود لتقول تحفظت عليه، دون أن تحدد التحفظات وطبيعتها؟».
وتساءل التجاني عن معنى التحفظ وقيمته: «هل هذا رفض مبطن لقراري مجلس الأمن؟ وما معنى التحفظ بعد صدور القرار من مجلس الأمن الدولي؟»، واستطرد: «هذا كلام بلا معنى، لا سيما أن بيان قاضي لم يحدد للشعب ماهية التحفظات، وما قد يترتب عليها». وأوضح التجاني أن الترحيب والتحفظ الصادرين عن مجلس الأمن والدفاع يكشفان عدم وجود توافق بين المكونين المدني والعسكري على الملفات المشتركة بينهما، وتابع: «هذا يؤكد وجود خلافات عميقة، وهي حتماً ستؤثر سلباً على الوضع في البلاد».
وتوقع التجاني أن يكون رد فعل العسكريين على القرار قد انطلق من «الربط» بين مهمة «يوناميد» والبعثة الجديدة، لا سيما أن قرار تمديد مهمة البعثة المختلطة لا يتضمن أو يشير لأي إمكانية لخروجها.
ومن جهتها، رحبت «قوى إعلان الحرية والتغيير» التي تمثل الحاضنة السياسية المدنية للحكومة الانتقالية بقراري مجلس الأمن، وعدتهما استجابة دولية لمطالب الحكومة الانتقالية بتوفير السند الدولي للسودان.
وقالت قوى التغيير، في بيان لها أمس: «نؤكد ضرورة عمل جميع مكونات السلطة الانتقالية بصورة تضمن تحقيق الفائدة القصوى من مساهمات الأسرة الدولية في مساندة الشعب السوداني لتحقيق غاياته المنشودة».



مصر: «حماس» ستطلق سراح 33 محتجزاً مقابل 1890 فلسطينياً في المرحلة الأولى للاتفاق

طفل يحمل العلم الفلسطيني فوق كومة من الأنقاض في وسط قطاع غزة (أ.ف.ب)
طفل يحمل العلم الفلسطيني فوق كومة من الأنقاض في وسط قطاع غزة (أ.ف.ب)
TT

مصر: «حماس» ستطلق سراح 33 محتجزاً مقابل 1890 فلسطينياً في المرحلة الأولى للاتفاق

طفل يحمل العلم الفلسطيني فوق كومة من الأنقاض في وسط قطاع غزة (أ.ف.ب)
طفل يحمل العلم الفلسطيني فوق كومة من الأنقاض في وسط قطاع غزة (أ.ف.ب)

أعلنت وزارة الخارجية المصرية، السبت، أن المرحلة الأولى من اتفاق وقف إطلاق النار في غزة ستشهد إطلاق حركة «حماس» سراح 33 محتجزاً إسرائيلياً مقابل 1890 فلسطينياً.

وعبرت الوزارة، في بيان، عن أملها في أن يكون الاتفاق البداية لمسار يتطلب تكاتف الجهود الإقليمية والدولية لتخفيف معاناة الشعب الفلسطيني.

ودعت مصر المجتمع الدولي، خاصة الولايات المتحدة، لدعم وتثبيت الاتفاق والوقف الدائم لإطلاق النار، كما حثت المجتمع الدولي على تقديم كافة المساعدات الإنسانية للشعب الفلسطيني، ووضع خطة عاجلة لإعادة إعمار غزة.

وشدد البيان على «أهمية الإسراع بوضع خارطة طريق لإعادة بناء الثقة بين الجانبين، تمهيداً لعودتهما لطاولة المفاوضات، وتسوية القضية الفلسطينية، في إطار حل الدولتين، وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة على خطوط الرابع من يونيو (حزيران) 1967 وعاصمتها القدس».

وأشارت الخارجية المصرية إلى التزامها بالتنسيق مع الشركاء: قطر والولايات المتحدة، للعمل على التنفيذ الكامل لبنود اتفاق وقف إطلاق النار من خلال غرفة العمليات المشتركة، ومقرها مصر؛ لمتابعة تبادل المحتجزين والأسرى، ودخول المساعدات الإنسانية وحركة الأفراد بعد استئناف العمل في معبر رفح.

وكانت قطر التي أدت مع مصر والولايات المتحدة وساطة في التوصل لاتفاق وقف إطلاق النار، أعلنت أن 33 رهينة محتجزين في غزة سيتم الإفراج عنهم في إطار المرحلة الأولى من الاتفاق.

وكانت وزارة العدل الإسرائيلية أعلنت أن 737 معتقلا فلسطينيا سيُطلق سراحهم، إنما ليس قبل الساعة 14,00 ت غ من يوم الأحد.

ووقف إطلاق النار المفترض أن يبدأ سريانه الأحد هو الثاني فقط خلال 15 شهرا من الحرب في قطاع غزة. وقُتل أكثر من 46899 فلسطينيا، معظمهم مدنيون من النساء والأطفال، في الحملة العسكرية الإسرائيلية في غزة، وفق بيانات صادرة عن وزارة الصحة التي تديرها حماس وتعتبرها الأمم المتحدة موثوقا بها.

وأعربت الخارجية المصرية في البيان عن «شكرها لدولة قطر على تعاونها المثمر»، كما ثمّنت «الدور المحوري الذي لعبته الإدارة الأميركية الجديدة بقيادة الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب لإنهاء الأزمة إلى جانب الرئيس الأميركي جو بايدن».