وزير الخارجية الفرنسي يؤكد دعم بلاده لإقامة دولة فلسطينية

باريس تعمل على استصدار قرار من مجلس الأمن لاستئناف مفاوضات السلام

وزير الخارجية الفرنسي لوران فابيوس يتحدث في الجمعية الوطنية في باريس أمس  أثناء نقاش حول الاعتراف بالدولة الفرنسية (رويترز)
وزير الخارجية الفرنسي لوران فابيوس يتحدث في الجمعية الوطنية في باريس أمس أثناء نقاش حول الاعتراف بالدولة الفرنسية (رويترز)
TT

وزير الخارجية الفرنسي يؤكد دعم بلاده لإقامة دولة فلسطينية

وزير الخارجية الفرنسي لوران فابيوس يتحدث في الجمعية الوطنية في باريس أمس  أثناء نقاش حول الاعتراف بالدولة الفرنسية (رويترز)
وزير الخارجية الفرنسي لوران فابيوس يتحدث في الجمعية الوطنية في باريس أمس أثناء نقاش حول الاعتراف بالدولة الفرنسية (رويترز)

استغل وزير الخارجية الفرنسي جلسة المناقشات في الجمعية الوطنية، التي كانت مخصصة أمس لمناقشة مشروع قرار يحث الحكومة على الاعتراف بالدولة الفلسطينية، لتوضيح موقفه من مسألة تثير انقساما حادا بين الكتل النيابية والأحزاب السياسية، حيث تتداخل فيها السياسة الداخلية والاعتبارات الدبلوماسية والخيارات الاستراتيجية.
وإذا كان لوران فابيوس قد حرص على إعادة التأكيد على أن التصويت على مشروع القرار لا يلزم الحكومة، فإنه شدد بقوة على دعم بلاده لإقامة دولة فلسطينية تقوم على حدود سنة 1967، إلى جانب دولة إسرائيل، وتكون القدس عاصمة الدولتين، مضيفا أن باريس مستعدة للاعتراف بها، ولكن «في الزمن المناسب» بحيث لا يكون الاعتراف بدولة «افتراضية».
لكن الأهم في كلمة فابيوس أنها كشفت عن سعي فرنسي لإطلاق مبادرة دبلوماسية - سياسية مزدوجة: واحدة في مجلس الأمن الدولي، وأخرى على الأرجح في العاصمة الفرنسية. وفيما يخص الجزء الأول قال الوزير الفرنسي إن باريس «تعمل في مجلس الأمن مع شركائها لمحاولة استصدار قرار دولي يهدف إلى إعادة إطلاق مفاوضات السلام والانتهاء منها خلال عامين، والتي تتبناها الحكومة الفرنسية». لكن الوزير الفرنسي نبه إلى أن باريس «تسعى لتلافي قيام محادثات لا تنتهي»، ولذلك دعا إلى بلورة روزنامة دقيقة ومحددة للمفاوضات التي يجب أن تنتهي، حسب قوله، خلال عامين لا أكثر. أما فائدة القرار الدولي، الذي لن تطرحه باريس من غير التفاهم المسبق مع الفلسطينيين والجانب العربي، فإنه يهدف، إلى جانب وضع الروزنامة، إلى إعادة تعيين الإطار الذي ستجرى فيه المفاوضات، وإعادة تأكيد محددات السلام التي تقول باريس إنها «معروفة للجميع». وكرر فابيوس أكثر من مرة أن بلاده «ترفض أن تكون المفاوضات حجة لاستمرار الوضع القائم»، ولا «وسيلة لرفض الاعتراف بالدولة الفلسطينية».
بموازاة ذلك، عادت باريس لطرح فكرتها الجديدة - القديمة، الداعية إلى مؤتمر دولي للسلام «لأنه يتعين الخروج من وضع المفاوضات (وجها لوجه بين الطرفين)، ولهذا السبب فإن باريس أعلنت أنها «تريد إيجاد الظروف «الملائمة» لقيام جهد جماعي دولي من أجل السلام»، وترجمته العملية في مؤتمر دولي للسلام، وأنها «جاهزة للقيام بالمبادرة»، كما أنها تريد ضم الدول الـ5 دائمة العضوية، والجامعة العربية، والاتحاد الأوروبي ودول معنية بالسلام. بيد أن فابيوس امتنع عن إعطاء تاريخ محدد لمؤتمر لا يمكن أن ينعقد من غير موافقة الطرفين والدول الكبرى، وعلى رأسها الولايات المتحدة الأميركية. وسارع النائب اليميني بيار لولوش إلى القول إن واشنطن «لا تريد مؤتمرا دوليا.. وأوروبا غير متحمسة لهذه الفكرة». أما إذا لم تفلح هذه الجهود فعندها «سيتعين على فرنسا أن تتحمل مسؤولياتها وأن تعترف من غير تأخير بالدولة الفلسطينية».
ويفهم من كلام فابيوس أن باريس لن تسير اليوم وراء السويد التي كانت أول بلد أوروبي غربي يعترف بالدولة الفلسطينية، وما قام به البرلمان الإسباني والبريطاني، وأنها ستعطي نفسها مهلة عامين، فإما أن يأتي الاعتراف في إطار اتفاق سلام نتيجة مفاوضات، وفي حال الفشل، سيكون الاعتراف بمثابة «رد» على المماطلة والتعطيل. وحسب رأيه فإنه في مواجهة التعطيل «من واجب فرنسا التحرك من أجل السلام».
وأثار كلام فابيوس حماس نواب اليسار بمختلف أطيافه، ونواب حزب الخضر الذين صفقوا طويلا لرئيس الدبلوماسية، بينما بقي نواب اليمين جامدين. وجاءت كلمة الوزير الفرنسي في نهاية جلسة مناقشة لم يتدافع النواب لحضورها، فبقيت الصالة شبه خالية، إلا أن ضعف الحضور لم يؤثر على قوة وعنف المداخلات بين المعسكر اليساري المتحمس للاعتراف، ومعسكر اليمين المعارض له، باستثناء بعض الأصوات المغردة خارج السرب، مثل صوت النائب أكسيل بونياتوفسكي الذي أيد بقوة الاعتراف بفلسطين دولة، رغم انتمائه إلى حزب الاتحاد من أجل حركة شعبية اليميني.
وسيحسم الموضوع الثلاثاء المقبل، موعد التصويت، قبل أن تنتقل المسألة إلى مجلس الشيوخ الذي سيصوت على مشروع مماثل يوم 11 ديسمبر (كانون الأول) المقبل. وينتظر أن يمر مشروع القرار في مجلس النواب بحيث تنضم فرنسا إلى بريطانيا وإسبانيا وآيرلندا التي عرفت مسارات مشابهة، لكن بعكس الدول الأوروبية التي تعاونت فيها الأكثرية والمعارضة على نص «إجماعي».
وعرض برونو لورو، رئيس مجموعة النواب الاشتراكيين، خلال الجلسة، الحجج الأساسية التي دفعت بمجموعته إلى تقديم مشروع القرار، وهي الحجج التي استعادتها إليزابيث غيغو، رئيسة لجنة الشؤون الخارجية، والنائب فرنسوا دو روجي، رئيس مجموعة النواب الخضر، والنائب عن مجموعة جبهة اليسار فرنسوا أرنسي، إضافة إلى أكسيل بونياتوفسكي. وسعى النائب كريستيان أستروزي، المقرب من الرئيس السابق نيكولا ساركوزي في بداية الجلسة، إلى سحب مشروع القرار من التداول بحجة عدم احترامه القانون الداخلي لمجلس النواب، لكن رئيس المجلس كلود برتولون رد طلبه. وكان مائير حبيب، النائب عن فرنسيي الخارج، وأكثرهم عددا القاطنون في إسرائيل، الأكثر عنفا حيث استخدم لغة تستعيد كل كليشيهات اليمين الإسرائيلي المتطرف، وذهب إلى حد تسمية الضفة الغربية بـ«يهودا والسامرة». وقال حبيب إن الاعتراف سيكون «اعترافا بالإرهاب بوصفه وسيلة ضغط سياسية مشروعة، وسيكون بمثابة رسالة لحماس تقول: استمري في القتل. حماس مثل (داعش) و(القاعدة)». وختم حبيب بالقول إن «القدس عاصمة الشعب اليهودي منذ 3 آلاف عام». والمدهش أن جيلبير كولار، النائب عن الجبهة الوطنية (اليمين المتطرف) استخدم اللغة نفسها للنائب حبيب، علما بأن يهود فرنسا وأصدقاء إسرائيل دأبوا على استهداف اليمين المتطرف، الذي يصفونه بـ«معاداة السامية والتطرف». وكان حبيب الشخص الوحيد الذي صفق لكولار.



الحوثيون يهاجمون وإسرائيل تنشد تحالفاً أميركياً

إطلاق صاروخ اعتراضي من طراز «أرو» في إسرائيل (وزارة الدفاع الإسرائيلية)
إطلاق صاروخ اعتراضي من طراز «أرو» في إسرائيل (وزارة الدفاع الإسرائيلية)
TT

الحوثيون يهاجمون وإسرائيل تنشد تحالفاً أميركياً

إطلاق صاروخ اعتراضي من طراز «أرو» في إسرائيل (وزارة الدفاع الإسرائيلية)
إطلاق صاروخ اعتراضي من طراز «أرو» في إسرائيل (وزارة الدفاع الإسرائيلية)

أعلنت الجماعة الحوثية، الجمعة، استهداف مطار بن غوريون الإسرائيلي بصاروخ باليستي فرط صوتي نوع (فلسطين 2)، في حين تقدمت إسرائيل بطلب إلى الولايات المتحدة للتحالف لتوجيه ضربات مشتركة وقوية ضد الحوثيين، بالتعاون مع دول أخرى بعد التصعيد الحوثي الأخير ضدها والعودة لاستهداف الملاحة في البحر الأحمر.

وذكر القيادي يحيى سريع، الناطق العسكري باسم الجماعة، في بيان له، أنه تم تنفيذ عملية عسكرية نوعية استهدفت مطار في منطقة يافا بصاروخ باليستي فرط صوتي نوع (فلسطين 2)، زاعماً أنها «حققت هدفها بنجاح»، وتسببت في هروب الملايين من الإسرائيليين إلى الملاجئ وتوقف حركة المطار.

وجدّد سريع تأكيده استمرار العمليات العسكرية للجماعة ضد الأهداف الإسرائيلية «حتى وقف العدوان على غزة ورفع الحصار عنها»، مطالباً من سماهم «أبناء الأمة العربية والإسلامية» بـ«الخروج دعماً وإسناداً لسكان غزة»، ومحذراً «الأمة العربية والإسلامية» من تمكن إسرائيل من تنفيذ مخططها في غزة.

واعترف الجيش الإسرائيلي بوقوع الهجوم الحوثي، مؤكداً اعتراض صاروخ أُُطلق من اليمن، ما استدعى إطلاق صفارات الإنذار، في حين أفادت وسائل إعلام إسرائيلية بأن صفارات الإنذار سُمِعت في أكثر من 250 مدينة وبلدة، من بينها القدس وتل أبيب، إلى جانب توقف مؤقت لحركة الملاحة الجوية في مطار بن غوريون.

كما اعترف الإعلام العبري بتوجه الإسرائيليين إلى الملاجئ نتيجة التحذيرات من الهجوم الحوثي الثالث خلال يومين.

زعيم الجماعة الحوثية تعهد مراراً باستمرار الهجمات على إسرائيل (غيتي)

وكان سريع قد أعلن الأربعاء الماضي تنفيذ عملية عسكرية نوعية بأربع هجمات متنوعة استهدفت فيها الجماعة الحوثية مطار بن غوريون بصاروخ باليستي نوع «ذو الفقار»، «حققت هدفها بنجاح»، وتسببت في هروب الملايينِ من الإسرائيليين إلى الملاجئ وتوقف حركة المطار، حسب ادعائه، إلى جانب 3 هجمات بأربع طائرات مسيَّرة استهدفت منطقة النقب ومطار بن غوريون وميناء إيلات، حققت أهدافها بنجاح أيضاً.

مناشدة إسرائيلية

خلال الأيام الماضية تقدمت إسرائيل بطلب إلى الولايات المتحدة لتنفيذ ضربات مشتركة وقوية ضد الجماعة الحوثية في اليمن، بمشاركة تحالف دولي واسع.

وكشفت وسائل إعلام عبرية، الخميس الماضي، عن أن إسرائيل أكدت للولايات المتحدة، أخيراً، الحاجة إلى مضاعفة الضربات المشتركة والقوية ضد الحوثيين، مع عدم الاكتفاء بضربات سلاح الجو الإسرائيلي، وتجديد الهجمات الأميركية وإشراك دول أخرى ضمن التحالف ضد الجماعة التي تواصل تهديداتها لإسرائيل والملاحة في البحر الأحمر.

إسرائيل طلبت من الولايات المتحدة الأميركية إنشاء تحالف لمواجهة تهديدات المتمردين الحوثيين (إ.ب.أ)

وبحسب هيئة البث الإسرائيلية، فإن الطلب الإسرائيلي جاء عبر رسائل عدة بعد تزايد عمليات إطلاق الصواريخ من اليمن باتجاه إسرائيل، والتصعيد الحوثي الكبير بمهاجمة السفن في البحر الأحمر، وإغراق اثنتين، ما أدى إلى مقتل واختفاء بحارة إحداهما، واختطاف آخرين.

ووفقاً للهيئة؛ فإن إسرائيل بررت إلحاحها على الولايات المتحدة عقب الهجمات الحوثية، بأن الضرر الذي لحق بالممرات الملاحية يُمثّل مشكلةً عالميةً، ولا بدّ أن يؤدي إلى زيادة الهجمات وتكثيفها.

ومنذ نوفمبر (تشرين الثاني) من العام قبل الماضي، تشن الجماعة الحوثية هجمات بالصواريخ الباليستية والطيران المسيّر والزوارق البحرية ضد السفن التجارية في البحر الأحمر وخليج عدن والبحر العربي بمزاعم تبعيتها لإسرائيل، بالإضافة إلى توجيه ضربات على مواقع إسرائيلية تحت شعار مناصرة أهالي غزة.

عنصر حوثي يحمل نموذجاً لصاروخ في وقفة لأنصار الجماعة الحوثية ضد إسرائيل (أ.ف.ب)

وتحدثت وسائل إعلام إسرائيلية خلال الأيام الماضية عن قرار رسمي بإيقاف ميناء إيلات عن العمل بداية من الأحد المقبل، بعد عجزه عن سداد ديونه المتراكمة جراء انخفاض حاد في إيراداته.

ونقلت وسائل الإعلام تلك عن بلدية إيلات أنها اضطرت إلى الحجز على حسابات الميناء، بعد وصول مديونيته إلى نحو 3 ملايين دولار (قرابة 10 ملايين شيقل)، وعدم قدرته على دفع الضرائب للبلدية.

وأرجعت انخفاض إيرادات الميناء إلى النشاط العسكري للحوثيين في البحر الأحمر، ما دفع إلى تحويل السفن التي كانت تصل إليه إلى ميناءي أشدود وحيفا على البحر الأبيض المتوسط.