السعودية لتأكيد التحوّل السياحي بصندوق تنموي يعزز التمويل الحكومي

مختصون لـ «الشرق الأوسط»: فرص واعدة في القطاع مؤهلة لتنويع مصادر الاقتصاد

منظر مطل من قرية ذي عين على جبال تهامة إحدى مناطق الجذب السياحي الخلابة في السعودية (الشرق الأوسط)
منظر مطل من قرية ذي عين على جبال تهامة إحدى مناطق الجذب السياحي الخلابة في السعودية (الشرق الأوسط)
TT

السعودية لتأكيد التحوّل السياحي بصندوق تنموي يعزز التمويل الحكومي

منظر مطل من قرية ذي عين على جبال تهامة إحدى مناطق الجذب السياحي الخلابة في السعودية (الشرق الأوسط)
منظر مطل من قرية ذي عين على جبال تهامة إحدى مناطق الجذب السياحي الخلابة في السعودية (الشرق الأوسط)

أكدت السعودية مسعاها الجاد نحو التحول السياحي وتشكيل وجهة سياحية متكاملة العناصر، إذ وافق مجلس الشورى مؤخرا على مشروع نظام صندوق سياحي ينتظر أن يسهم في توفير التمويل الحكومي للمستثمرين ويساعد في استكمال المشروعات التنموية في هذا القطاع.
في وقت تتجه فيه السعودية للنهوض بمناطق سياحية جديدة لتعزيز الوجهة السياحة باعتبارها قطاعا حيويا وإحدى قنوات تنويع الاقتصاد الوطني المنتظرة، عوّل مختصون وخبراء على مشروع نظام صندوق التنمية السياحي في المملكة الذي وافق عليه مجلس الشورى السعودي الأسبوع المنصرم، مؤكدين أن إنشاء هذا الصندوق سيسهم في توفير التمويل الحكومي للمستثمرين، كما سيساعد في استكمال القطاعات السياحية المهمة التي ستحقق لهم العوائد المجزية بالإضافة إلى تحقيق أهداف التنمية السياحية؛ الاقتصادية؛ والخدمية.
وكان مجلس الشورى السعودي نقاش في الجلسة الأخيرة مشروع صندوق التنمية السياحي، حيث وافق عليه وذلك بعد أن استمع إلى وجهة نظر لجنة الثقافة والإعلام والسياحة والآثار بشأن ما أبداه أعضاء المجلس من آراء وملحوظات خلال مناقشة مشروع النظام. إلى تفاصيل وآراء في التقرير التالي:
أهداف النظام
ويهدف مشروع نظام صندوق التنمية السياحي، المنتظر الموافقة العليا عليه، إلى دعم التنمية السياحية في السعودية وفقاً للاستراتيجيات والسياسات المعتمدة عبر دعم الاستثمار وتطوير المناطق السياحية في المواقع المستهدفة، كما يهدف إلى تقديم التمويل للمنشآت التي تعمل في مجال السياحة أو الخدمات المساندة لها وتطوير التقنية والبنى التحتية التي تخدم النشاطات السياحية المختلفة. ويهدف المشروع كذلك إلى إبرام العقود والاتفاقيات مع جهات التمويل لتمويل المنشآت التي تعمل في النشاطات السياحية والخدمات المساندة لها، وتقديم المشورة لتلك المنشآت بالإضافة إلى تمويل مراكز التدريب الأكاديمي والجامعات والمعاهد المتخصصة في المجالات السياحية، وتقديم القروض والمبادرات ذات الصلة بأنشطة الصندوق.
المساهمة مرتقبة
من ناحيته أوضح نايف الحمادي عضو الجمعية السعودية للسفر والسياحة، عضو الغرفة التجارية والصناعية بالرياض والرئيس التنفيذي لشركه حصن المسافر للسفر والسياحة أنه من المتوقع أن يحقق مشروع صندوق التنمية السياحي مكاسب اقتصادية جمة للقطاع كأحد أهم روافد الاقتصاد الوطني في ظل التوجه السعودي لتنويع الاقتصاد، والتخطيط لإقامة عدد كبير من القطاعات والمناطق السياحية وتوفير الخدمات ذات الصلة وفقا للرؤية 2030.
وفي ظل تقارير تقدر مساهمة قطاع السياحة في الاقتصاد السعودي بأكثر من مائتي مليار ريال (75 مليار دولار) قبل الجائحة، يتوقع الحمادي في حديث لـ«الشرق الأوسط» أن يسهم الصندوق في تطوير عملية الاستثمار في المجال السياحي، باعتبارها أحد أفضل الطرق لدفع عجلة التنمية السياحية في المملكة، في ظل التوجه لإنشاء وتأسيس وتطوير عدد من البرامج التمويلية والشركات والوجهات السياحية الكبرى، والعمل على تصحيح مناخ الاستثمار السياحي والعمل على تحسينه وتطويره بالتنسيق وبالتعاون مع الجهات ذات العلاقة من القطاعين العام والخاص.
الصندوق ضرورة
تفاءل الحمادي في أن يساهم الصندوق الذي يأتي كضرورة، في الوقت الراهن، لتوفير متطلبات الاستمرار في تشغيل مراكز خدمات المستثمرين بمناطق المملكة لتشجيع وتسهيل الاستثمار السياحي، والعمل في المساعدة على تذليل المعوقات والصعوبات التي تواجه مستثمري القطاع السياحي، فضلا عن تأهيل المنشآت المهتمة بتطوير الوجهات السياحية مع الاستمرار في التوسع في تسويق الفرص الاستثمارية السياحية على مستوى المملكة.
وقال المحلل الاقتصادي فضل بن سعد البوعينين لـ«الشرق الأوسط»، أجزم بأهمية استحداث صندوق تنموي جديد يضاف إلى منظومة صناديق التمويل الحكومية المتخصصة، مشيرا إلى أن إنشاء صندوق التنمية السياحي بات من الأولويات الحكومية الواجب تنفيذها إذا ما أرادت دعم السياحة وتحقيق أهداف الرؤية 2030.
وأكد البوعينين أن إنشاء صندوق التنمية السياحي في المملكة سيسهم في توفير التمويل الحكومي للمستثمرين؛ وسيساعدهم في استكمال القطاعات السياحية المهمة التي ستحقق لهم العوائد المجزية؛ كما أنها ستحقق للوطن التنمية السياحية؛ الاقتصادية؛ والخدمية - على حدّ تعبيره.
فرص واعدة
وفق البوعينين، فإن القطاع السياحي يعتبر من أهم القطاعات ذات الفرص الواعدة والتي تراهن عليه الحكومة في سعيها لتنويع مصادر الاقتصاد وخلق الوظائف والفرص الاستثمارية؛ مضيفا «لعلي أشير إلى أن رؤية 2030 ركزت بشكل كبير على القطاع السياحي وضرورة رفع مساهمته في الناتج المحلي الإجمالي».
وتمتلك المملكة، وفق البوعينين، مقومات السياحة النوعية بإرثها الثقافي ومواقعها التاريخية الأثرية وتنوع مناخها وطبيعتها الجغرافية واحتضانها لأجمل الجزر العذراء والشواطئ الممتدة على البحر الأحمر والخليج العربي، مشددا على ضرورة الانتباه بأن استثمار هذه المقومات يحتاج إلى استثمارات ضخمة حكومية ومن القطاع الخاص.
الاستثمار الحكومي
ولفت البوعينين إلى أن الاستثمارات الحكومية هي الأهم في المرحلة الأولى لخلق البنى التحتية التي يمكن للمستثمرين الاعتماد عليها في استثماراتهم السياحية، مفيدا أن سياسة التمويل الحكومية نجحت من خلال الصناديق المتخصصة في إنشاء قطاعات صناعية؛ زراعية؛ عقارية؛ وخدمية من العدم؛ إذ أسهمت بشكل مباشر في إشراك القطاع الخاص في التنمية؛ وساعدته على النهوض والتوسع ومواصلة العمل.
وشدد البوعينين، على أن أهمية القطاع السياحي تستوجب توجيه الدعم التام له من قبل الحكومة؛ وتوفير الموازنات المالية الكافية من أجل إنجاح استراتيجية، لافتا إلى أن مشروعات السياحة لا يمكن تنفيذها بمعزل عن الدعم الحكومي؛ وهو دعم ذو شقين رئيسين؛ الأول يمثل الدعم الموجه لاستكمال البنى التحتية وتطوير المناطق السياحية؛ وتهيأتها للاستثمارات الخاصة؛ والثاني يمثل الدعم المالي من خلال المشاركة في تأسيس شركات السياحة الضخمة؛ ومن خلال توفير التمويل اللازم للمستثمرين.


مقالات ذات صلة

القطاع الخاص السعودي يختتم عام 2024 بأقوى نمو في المبيعات

الاقتصاد العاصمة السعودية الرياض (أ.ف.ب)

القطاع الخاص السعودي يختتم عام 2024 بأقوى نمو في المبيعات

اختتم اقتصاد القطاع الخاص غير المنتج للنفط بالسعودية عام 2024 على نحو قوي حيث تحسنت ظروف الأعمال بشكل ملحوظ مدفوعة بزيادة كبيرة في الطلبات الجديدة

زينب علي (الرياض)
الاقتصاد من معرض سيتي سكيب 2024 الأكبر عقارياً في العالم (واس)

سوق الرهن العقاري بالسعودية... محرك رئيسي في النمو والتنويع المالي

يأتي توجه السعودية نحو تطوير سوق الأوراق المالية المدعومة بالرهن العقاري من ضمن التطورات المتسارعة التي يشهدها التمويل العقاري في السعودية.

محمد المطيري
الاقتصاد المشروع استخدم مخلفات البناء والهدم في طبقات الرصف الأسفلتية (هيئة الطرق)

الأول عالمياً... السعودية تُنفِّذ طريقاً باستخدام ناتج هدم المباني

نفَّذت السعودية أول طريق في العالم يستخدم ناتج هدم المباني في الخلطات الأسفلتية على سطح الطريق، بهدف تعزيز الاستدامة البيئية، وتطوير بنية تحتية أكثر كفاءة.

«الشرق الأوسط» (الأحساء)
الاقتصاد العاصمة السعودية الرياض (واس)

السعودية تُرتب تسهيلات ائتمانية بـ2.5 مليار دولار لتمويل الميزانية

أعلن المركز الوطني لإدارة الدين في السعودية إتمام ترتيب اتفاقية تسهيلات ائتمانية دوّارة متوافقة مع أحكام الشريعة الإسلامية بهدف تمويل احتياجات الميزانية العامة.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
الاقتصاد تصدرت مجموعة الدول الآسيوية عدا العربية والإسلامية مجموعات الدول المُصدَّر لها من السعودية في أكتوبر 2024 (الشرق الأوسط)

الميزان التجاري السعودي ينمو 30 % في أكتوبر الماضي

سجّل الميزان التجاري في السعودية نمواً على أساس شهري بنسبة 30 في المائة، بزيادة تجاوزت 4 مليارات ريال (1.06 مليار دولار) في شهر أكتوبر 2024.

«الشرق الأوسط» (الرياض)

الصين تسعى لتعزيز قطاع المواني والمطارات المركزية بغرب البلاد

مسافرون يسيرون أمام الأعلام الصينية في مطار شنتشن باوان الدولي بمقاطعة قوانغدونغ بالصين (رويترز)
مسافرون يسيرون أمام الأعلام الصينية في مطار شنتشن باوان الدولي بمقاطعة قوانغدونغ بالصين (رويترز)
TT

الصين تسعى لتعزيز قطاع المواني والمطارات المركزية بغرب البلاد

مسافرون يسيرون أمام الأعلام الصينية في مطار شنتشن باوان الدولي بمقاطعة قوانغدونغ بالصين (رويترز)
مسافرون يسيرون أمام الأعلام الصينية في مطار شنتشن باوان الدولي بمقاطعة قوانغدونغ بالصين (رويترز)

قالت الصين، الأحد، إنها ستتخذ 15 إجراء لدعم التنمية في أقاليم غرب البلاد، من خلال إقامة مشروعات بنية أساسية لوجيستية؛ مثل المواني والمطارات المركزية.

وذكرت وسائل إعلام رسمية أن الإدارة العامة للجمارك قالت إن هذه الإجراءات من شأنها تعزيز التكامل بين السكك الحديدية، والنقل الجوي والنهري والبحري في غرب الصين.

وتتضمَّن الإجراءات تطوير مطارات مركزية دولية في مدن من بينها تشنغدو، وتشونغتشينغ، وكونمينغ، وشيآن، وأورومتشي، مع إقامة مناطق جمركية شاملة ودمجها مع المواني، وغيرها من روابط النقل. وسيتم أيضاً بناء وتوسيع عدد من المواني.

وتسعى الصين، منذ فترة طويلة، إلى تعزيز القوة الاقتصادية للمناطق الغربية، التي تخلفت بشكل ملحوظ عن الأقاليم الساحلية. لكن توترات عرقية في بعض هذه المناطق مثل شينجيانغ، والإجراءات الأمنية المتشددة، التي تقول بكين إنها ضرورية لحماية الوحدة الوطنية واستقرار الحدود، أثارت انتقادات من بعض الدول الغربية.

وتشكِّل مناطق غرب الصين نحو ثلثَي مساحة البلاد، وتشمل أقاليم مثل سيتشوان وتشونغتشينغ، ويوننان، وشينجيانغ، والتبت.

ودعا المكتب السياسي الصيني العام الماضي إلى «التحضر الجديد» في غرب الصين لإحياء المناطق الريفية، وتوسيع جهود التخفيف من حدة الفقر، وتعزيز موارد الطاقة.

كما بذلت الصين جهوداً لزيادة الروابط مع أوروبا وجنوب آسيا من خلال ممرات للتجارة، بما في ذلك طرق الشحن بالسكك الحديدية.

في الأثناء، أعلن البنك المركزي الصيني خطة نقدية «تيسيرية معتدلة» تهدف إلى تعزيز الطلب المحلي لتحفيز النمو، بعد أيام من دعوة الرئيس شي جينبينغ إلى سياسات اقتصادية كلية أكثر فاعلية.

وكافحت بكين، العام الماضي، لانتشال الاقتصاد من الركود الذي تسببت به الأزمة العقارية، وضعف الاستهلاك، وارتفاع الديون الحكومية.

وكشف المسؤولون عن تدابير تهدف إلى تعزيز النمو، بينها خفض أسعار الفائدة، وتخفيف القيود على شراء المساكن، لكن خبراء الاقتصاد حذَّروا من أنه لا تزال هناك حاجة لمزيد من التحفيز المباشر.

وقال «بنك الشعب الصيني» في بيان إنه «سينفِّذ سياسة نقدية تيسيرية معتدلة (...) لخلق بيئة نقدية ومالية جيدة لتعزيز التعافي الاقتصادي المستدام».

وأشار البيان، الصادر السبت، إلى خطط لخفض أسعار الفائدة ونسبة الاحتياطي الإلزامي، وهي الأموال التي يجب على المصارف الاحتفاظ بها بدلاً من إقراضها أو استثمارها. وقال إن «التغييرات ستتم في الوقت المناسب» بالنظر إلى الظروف في الداخل والخارج.

وأكد «بنك الشعب الصيني» الحاجة إلى استئصال الفساد، ما يؤشر إلى استمرار الحملة ضد الفساد في القطاع المالي الصيني.

وأضاف أنه سيواصل دعم الحكومات المحلية للتغلب على ديونها من خلال «الدعم المالي».

ولفت البيان إلى أن هذه التدابير تهدف إلى «منع المخاطر المالية في المجالات الرئيسية، وحلها، وتعميق الإصلاح المالي (...) والتركيز على توسيع الطلب المحلي».

وجاء إعلان البنك بعد اجتماع لجنة السياسة النقدية على مدى يومين في العاصمة بكين.

وكانت بكين تستهدف نمواً بنحو 5 في المائة عام 2024 أعرب شي عن ثقته بتحقيقه، لكن خبراء الاقتصاد يرون صعوبةً في ذلك. ويتوقَّع صندوق النقد الدولي أن ينمو اقتصاد الصين بنسبة 4.8 في المائة عام 2024 و4.5 في المائة عام 2025.