الحب في ظل «كورونا» بريشة رسام فرنسي

الفنان أمام لوحة تمثل رائد الطيران سانت أكزبيري
الفنان أمام لوحة تمثل رائد الطيران سانت أكزبيري
TT

الحب في ظل «كورونا» بريشة رسام فرنسي

الفنان أمام لوحة تمثل رائد الطيران سانت أكزبيري
الفنان أمام لوحة تمثل رائد الطيران سانت أكزبيري

هو واحد من أشهر رسامي الفضاء العام. ولا يشعر كريستيان جيمي بالحرج وهو يعلن عن نفسه بأنّه فنان شوارع. فقد تطورت تلك اللوحات التي تتخذ من جدران المباني المهجورة مجالًا لها وصار لها جمهورها الواسع ومتابعوها ونقادها بل ودخل بعضها المتاحف وصالات العرض الفني. إن الفضل يعود لفنان الجداريات البريطاني بانكسي الذي فرض أعماله على المزادات العالمية رغم أنها من بنات اللحظة، تتعرض لكل ما يمكن أن يصيب فن الهواء الطلق من اضمحلال بسبب الشمس والريح والرطوبة.
لا تمكن المقارنة بين جيمي وبانكسي. فالفنان الفرنسي الذي يوقع رسومه باسم «C215» يعتني بشكل خاص بتلوين أعماله. ولهذا فإنها تلقى الإعجاب من شبيبة الضواحي الذين يجدون فيها التعويض عن الشمس البخيلة والبهجة المفتقدة. وآخر تلك الأعمال لوحة بعنوان «الحب في زمن كورونا»، تصور حبيبين يتبادلان قبلة من وراء كمامتيهما. ولقي الرسم الذي ظهر على أحد الجدران في ضاحية «إيفري»، جنوب باريس، اهتمامًا إعلاميًا كبيرًا نظرًا لما يعكسه من طاقة لونية إيجابية تساهم في التخفيف من القلق العام بسبب انتشار الوباء. ولا يمكن لمن يتمعن في الجدارية أن تغيب عنه مسحة الحزن على وجهي الحبيبين. وكأنها قبلة الوداع الأخيرة بينهما. وكانت هذه آخر رسالة عمومية يوجهها كريستيان جيمي لجمهوره من المارة وعابري السبيل، قبل أن يلزم بيته ويتقيد بتعليمات التباعد.
لم تتوقف مساهمة الفنان البالغ من العمر 46 عامًا عند رسم الجدارية بل بادر إلى طرحها للبيع، عبر «النت»، لكي يذهب ريعها إلى «مؤسسة مستشفيات فرنسا». وهو يقول إنه أنجزها بشكل عفوي وهو تحت تأثير صدمة الجائحة. وقد خطرت فكرتها في باله منذ أن بدأت أخبار «كورونا» تصل من الصين وتضرب إيطاليا. لهذا تبدو ملامح الحبيبين آسيوية. وكان هدفه من اللوحة توثيق تلك اللحظة الحرجة والاستثنائية من تاريخ البشرية حين أحس بأن الفيروس سيصيب الكرة الأرضية كلها، وسيكون لكل واحد منا ذكرياته الخاصة عن هذه اللحظة. كان لا بد من رسم يعكس قوة التضامن في زمن الحجر والتباعد.
على غرار بانكسي، يضع جيمي رسوماته في خدمة القضايا الإنسانية. وقد خصص جانبًا كبيرًا منها للتعبير عن هموم اللاجئين الذين يجدون أنفسهم مشردين في شوارع المدن الكبرى، بلا سقف ولا مورد. وهو قادر على أن يطبع نماذج من رسومه على كل ما تقع عليه العين في الطريق، مثل صناديق البريد الصفراء في فرنسا، وكابينات الهاتف، والجدران العتيقة المتصدعة، وحتى جذوع الأشجار المعمرة.
كان جيمي يسعى لأن يرى الناس الحقائق الصادمة التي يتهربون من رؤيتها. كما اهتم في آخر معرض له، قبل الحجر، برواد الطيران ورسم سلسلة من «البورتريهات» لأولئك المغامرين الذين يسروا سبيل السفر والتنقل للإنسان وساهموا في التقريب بين بني البشر. وكانت إحدى اللوحات مخصصة للطيار والشاعر سانت إكزبيري، مؤلف كتاب «الأمير الصغير».
ثم جاء «كوفيد ـ 19» وبعث الهلع في النفوس لأنه فيروس غير مرئي، والمرضى محتجزون في صالات الرعاية المركزة والإنعاش حيث لا يراهم أحد ولا يعرف ما يجري هناك. فكيف يمكن التعبير عن كل هذا من خلال واحد من الفنون البصرية؟ لاحظ الرسام أن مشاعر الناس تجمع ما بين الخوف والتوتر والشك والعصبية والتطيّر وحتى التهيؤات.
وظهرت لدى البعض ردة فعل عنصرية ضد الصينيين والآسيويين عمومًا، وهم فئة تعد بالملايين في فرنسا. لذلك بحث عن صورة تعبر عن شعور التعاطف الإنساني، قبل أي شعور آخر.
عرض الفنان لوحته التي تمثل قبلة من وراء كمامتين، على الشبكة الإلكترونية بحيث يمكن لمن يرغب طباعتها مقابل مبلغ معين يذهب لتجهيز المستشفيات التي انكشف عجز بعضها أمام الداء.



هشام خرما لـ«الشرق الأوسط»: أستلهمُ مؤلفاتي الموسيقية من التفاصيل

من حفل افتتاح بطولة العالم للجمباز
من حفل افتتاح بطولة العالم للجمباز
TT

هشام خرما لـ«الشرق الأوسط»: أستلهمُ مؤلفاتي الموسيقية من التفاصيل

من حفل افتتاح بطولة العالم للجمباز
من حفل افتتاح بطولة العالم للجمباز

يعتمد الموسيقار المصري هشام خرما طريقة موحّدة لتأليف موسيقاه، تقتضي البحث في تفاصيل الموضوعات للخروج بـ«ثيمات» موسيقية مميزة. وهو يعتزّ بكونه أول موسيقار عربي يضع موسيقى خاصة لبطولة العالم للجمباز، حيث عُزفت مقطوعاته في حفل الافتتاح في القاهرة أخيراً.
يكشف خرما تفاصيل تأليف مقطوعاته الموسيقية التي عُزفت في البطولة، إلى جانب الموسيقى التصويرية لفيلم «يوم 13» المعروض حالياً في الصالات المصرية، فيعبّر عن فخره لاختياره تمثيل مصر بتقديم موسيقى حفلِ بطولة تشارك فيها 40 دولة من العالم، ويوضح: «أمر ممتع أن تقدّم موسيقى بشكل إبداعي في مجالات أخرى غير المتعارف عليها، وشعور جديد حين تجد متلقين جدداً يستمعون لموسيقاك».
ويشير الموسيقار المصري إلى أنه وضع «ثيمة» خاصة تتماشى مع روح لعبة الجمباز: «أردتها ممزوجة بموسيقى حماسية تُظهر بصمتنا المصرية. عُزفت هذه الموسيقى في بداية العرض ونهايته، مع تغييرات في توزيعها».
ويؤكد أنّ «العمل على تأليف موسيقى خاصة للعبة الجمباز كان مثيراً، إذ تعرّفتُ على تفاصيل اللعبة لأستلهم المقطوعات المناسبة، على غرار ما يحدث في الدراما، حيث أشاهد مشهداً درامياً لتأليف موسيقاه».
ويتابع أنّ هناك فارقاً بين وضع موسيقى تصويرية لعمل درامي وموسيقى للعبة رياضية، إذ لا بدّ أن تتضمن الأخيرة، «مقطوعات موسيقية حماسية، وهنا أيضاً تجب مشاهدة الألعاب وتأليف الموسيقى في أثناء مشاهدتها».
وفي إطار الدراما، يعرب عن اعتزازه بالمشاركة في وضع موسيقى أول فيلم رعب مجسم في السينما المصرية، فيقول: «خلال العمل على الفيلم، أيقنتُ أنّ الموسيقى لا بد أن تكون مجسمة مثل الصورة، لذلك قدّمناها بتقنية (Dolby Atmos) لمنح المُشاهد تجربة محيطية مجسمة داخل الصالات تجعله يشعر بأنه يعيش مع الأبطال داخل القصر، حيث جرى التصوير. استعنتُ بالآلات الوترية، خصوصاً الكمان والتشيللو، وأضفتُ البيانو، مع مؤثرات صوتية لجعل الموسيقى تواكب الأحداث وتخلق التوتر المطلوب في كل مشهد».
يشرح خرما طريقته في التأليف الموسيقي الخاص بالأعمال الدرامية: «أعقدُ جلسة مبدئية مع المخرج قبل بدء العمل على أي مشروع درامي؛ لأفهم رؤيته الإخراجية والخطوط العريضة لاتجاهات الموسيقى داخل عمله، فأوازن بين الأشكال التي سيمر بها العمل من أكشن ورومانسي وكوميدي. عقب ذلك أضع استراتيجية خاصة بي من خلال اختيار الأصوات والآلات الموسيقية والتوزيعات. مع الانتهاء المبدئي من (الثيمة) الموسيقية، أعقد جلسة عمل أخرى مع المخرج نناقش فيها ما توصلت إليه».
ويرى أنّ الجمهور المصري والعربي أصبح متعطشاً للاستمتاع وحضور حفلات موسيقية: «قبل بدء تقديمي الحفلات الموسيقية، كنت أخشى ضعف الحضور الجماهيري، لكنني لمستُ التعطّش لها، خصوصاً أن هناك فئة عريضة من الجمهور تحب الموسيقى الحية وتعيشها. وبما أننا في عصر سريع ومزدحم، باتت الساعات التي يقضيها الجمهور في حفلات الموسيقى بمثابة راحة يبتعد فيها عن الصخب».
وأبدى خرما إعجابه بالموسيقى التصويرية لمسلسلَي «الهرشة السابعة» لخالد الكمار، و«جعفر العمدة» لخالد حماد، اللذين عُرضا أخيراً في رمضان.