تباين انتشار الفيروس عالمياً يعقّد إعادة فتح الحدود الدولية

البرازيل تهدد بالانسحاب من منظمة الصحة... وكوريا الجنوبية تسجل ارتفاعاً جديداً في الإصابات

تباين انتشار الفيروس عالمياً يعقّد إعادة فتح الحدود الدولية
TT

تباين انتشار الفيروس عالمياً يعقّد إعادة فتح الحدود الدولية

تباين انتشار الفيروس عالمياً يعقّد إعادة فتح الحدود الدولية

يرسم تفشي وباء «كوفيد-19» صورة متباينة عبر العالم، ويعقّد سعي بعض الدول لإعادة فتح حدودها وإنعاش اقتصادها. ففي حين تواجه دول أميركا اللاتينية ذروة انتشار الفيروس، وتسجل وفيات بالآلاف يومياً، تستعد دول أوروبية لإعادة فتح حدودها الداخلية، وتحريك عجلة الاقتصاد إلى مستويات ما قبل كورونا، فيما ينذر ارتفاع الإصابات في كوريا الجنوبية بقرب موجة انتشار جديدة قد يصعب التحكم فيها مع رفع القيود.
ومن أفريقيا إلى أوروبا، تسعى الحكومات إلى إنعاش اقتصاداتها المشلولة منذ أسابيع جراء القيود المفروضة لاحتواء فيروس كورونا المستجد الذي أودى بحياة نحو 400 ألف شخص حول العالم منذ ظهوره في الصين أواخر العام الماضي. ففي أوروبا، تواصل الدول الأكثر تضرراً بالوباء جهودها للعودة إلى الحياة الطبيعية، ساعية إلى إنعاش قطاعات سياحية رئيسية في فصل الصيف، من دون التسبب بموجة عدوى ثانية.
لكن الوضع مغاير في أميركا اللاتينية، حيث تتسارع وتيرة تفشي الفيروس، بخاصة في البرازيل التي أصبحت ثالث أكثر دول العالم تسجيلاً لوفيات «كوفيد-19»، كما ذكرت وكالة الصحافة الفرنسية.
وهدّد الرئيس البرازيلي، جاير بولسونارو، الجمعة، بسحب بلاده من منظمة الصحة العالمية، احتجاجاً على «انحيازها العقائدي»، فيما لا تزال بلاده تسجل وفيات يومية تتجاوز الألف. وانتقد بولسونارو منظمة الصحة لتعليقها التجارب السريرية لعلاج مرضى الفيروس بعقار الهيدروكسي كلوروكين، الذي تراجعت عنه هذا الأسبوع، وهدّد بالسير على خطى الرئيس الأميركي دونالد ترمب بالانسحاب من المنظمة، ليؤجج العاصفة السياسية المحيطة بالوباء وأصله وأفضل الطرق للتصدي له.
وقال بولسونارو للصحافيين في برازيليا: «أقول لكم هنا إن الولايات المتحدة غادرت منظمة الصحة العالمية، ونحن نفكر بذلك في المستقبل»، وأضاف: «إما أن تعمل منظمة الصحة العالمية من دون انحياز عقائدي، أو نغادرها نحن أيضاً».
وطوال أزمة وباء «كوفيد-19»، سار بولسونارو على خطى ترمب، عبر التقليل من خطورة المرض، والدعوة إلى الإبقاء على النشاط الاقتصادي بوضعه الطبيعي. كما انتقد إجراءات السلطات الرسمية الداعية للزوم المنازل، وأشاد بفاعلية عقار الهيدروكسي كلوروكين المستخدم في علاج الملاريا لعلاج مرضى «كوفيد-19».
وكانت منظمة الصحة قد علقت التجارب على الهيدروكسي كلوروكين، بعد أن أثارت دراسات واسعة قلقاً إزاء سلامة وفاعلية استخدامه لعلاج فيروس كورونا المستجد، ما أغضب ترمب الذي كان يتناول العقار من باب الوقاية. والخميس، تراجع معظم معدّي الدراسات التي نشرت في مجلتي «ذي لانسيت» و«نيو إنغلاند جورنال أوف ميديسين» عن أبحاثهم، قائلين إنهم ما عادوا يستطيعون تأكيد بياناتهم لأن المؤسسة التي ترفدهم بالبيانات رفضت الخضوع لتدقيق في معطياتها. وفي تصعيد للنقاش العلمي والسياسي المحتدم، ذكرت دراسة جديدة لجامعة أكسفورد، الجمعة، أن الهيدروكسي كلوروكين «لم يظهر أي أثر مفيد» في علاج مرضى «كوفيد-19».
وفي سياق مماثل، غيرت منظمة الصحة نصيحتها بشأن ارتداء الكمامات والأقنعة الواقية، قائلة إنه «في ضوء أدلة متطورة»، يتعين وضعها في أماكن ينتشر فيها الفيروس بشكل واسع، ويصعب التقيد بالتباعد الجسدي.
وأودى فيروس كورونا المستجد حتى الآن بحياة نحو 400 ألف شخص، وأصاب 6.7 مليون منذ ظهوره في الصين أواخر العام الماضي، في أسوأ أزمة صحية يشهدها العالم منذ أكثر من قرن.
وفي الولايات المتحدة التي سجلت أسوأ الأضرار مع 109 آلاف وفاة، وقرابة 1.9 مليون إصابة بالفيروس، صرح ترمب بأن الاقتصاد يعود إلى الانتعاش، بعد أن تضرر بسبب تدابير احتواء الوباء. وقال للصحافيين: «كان لدينا أقوى اقتصاد في تاريخ العالم، وهذه القوة أتاحت لنا تجاوز هذا الوباء الفظيع»، وأضاف: «لقد تجاوزناه إلى حدّ كبير، أعتقد أننا نقوم بعمل جيد جداً».
وترمب الذي يستعد لمعركة انتخابية في نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل جدّد دعواته إلى مزيد من تخفيف إجراءات العزل، بعد أن أظهرت أرقام الوظائف الجديدة تراجعاً في نسبة البطالة، على عكس توقعات المراقبين، مع استحداث 2.5 مليون وظيفة جديدة في مايو (أيار) الماضي. وفي مؤشر إلى عودة بطيئة للحياة الطبيعية في الولايات المتحدة، فتح متنزه يونيفرسال في أورلاندو أبوابه أمام الزوار، في أول خطوة من نوعها لمتنزه ترفيهي كبير في ولاية فلوريدا، مع إجراء فحوص حرارة على بوابة الدخول، وفرض ارتداء الكمامات الواقية.
ومن جهتها، أعلنت جزر بولينيزيا الفرنسية الواقعة في جنوب المحيط الهادئ أنها سترفع القيود المفروضة على الرحلات الدولية بدءاً من الشهر المقبل، في إطار سعيها لإنقاذ السياحة التي تعد مورداً رئيسياً للبلاد.
وقالت وزيرة السياحة والتوظيف نيكول بوتو: «لم نعد في حالة طوارئ صحية، لكننا نواجه حالة طوارئ اقتصادية واجتماعية»، إلا أن خبراء حذروا من استئناف الرحلات الدولية، في ظل ظهور بؤر وباء جديدة.
وفي أوروبا، تواصل الدول الأكثر تضرراً من فيروس كورونا مضيّها قدماً نحو العودة للحياة الطبيعية في مرحلة ما بعد كورونا. كما تسعى لإنعاش قطاعاتها السياحية قبل بدء موسم الصيف. وقال الاتحاد الأوروبي إنه سيعيد فتح حدوده أمام المسافرين من خارج المنطقة في مطلع يوليو (تموز) المقبل، بعد أن أعاد عدد من دول الاتحاد فتح أبوابه أمام الزوار الأوروبيين. وأعاد متحف «برادو» المدريدي الذي يعد مقصداً سياحياً بارزاً فتح أبوابه أمام الزوار. وفي فرنسا، أعيد فتح قصر فرساي، وسط غياب للسياح الأميركيين والصينيين الذين يشكلون عادة ثلث زواره. ومن ناحية أخرى في فرنسا، صرح خبير بأن التراجع الكبير في أعداد الوفيات والإصابات اليومية منذ الذروة المسجلة في مارس (آذار) الماضي يعني أنه تم تجاوز الأسوأ. وقال رئيس المجلس الاستشاري العلمي للحكومة الفرنسية، جان فرنسوا ديلفريسي: «يمكننا القول بشكل معقول إن الفيروس بات حالياً تحت السيطرة».
وفي المقابل، فإن أميركا اللاتينية تعاني من ارتفاع في الإصابات والوفيات بـ«كوفيد-19»، إذ ارتفع عدد الوفيات في البرازيل إلى أكثر من 35 ألفاً، في ثالث أكبر حصيلة في العالم بعد الولايات المتحدة وبريطانيا.
وتسجل الأعداد ارتفاعاً حاداً في المكسيك والبيرو والإكوادور. وفي تشيلي، ارتفعت أعداد الوفيات أكثر من 50 في المائة خلال الأسبوع الماضي، رغم فرض إجراءات عزل لثلاثة أسابيع في العاصمة سنتياغو.
ومن جهتها، دقت كوريا الجنوبية جرس إنذار بشأن ظهور إصابات عنقودية جديدة في منطقة سيول الكبرى، بعد تسجيل 51 حالة إصابة جديدة بفيروس كورونا المستجد، السبت، وهو أكبر ارتفاع في 8 أيام.
وقالت المراكز الكورية لمكافحة الأمراض والوقاية منها إن الإصابات الجديدة رفعت إجمالي عدد الإصابات في كوريا الجنوبية إلى 11719 حالة، كما نقلت وكالة «رويترز»، وهذا هو أكبر عدد من الإصابات اليومية منذ تسجيل 58 إصابة في 29 مايو (أيار).
وبدا أن عدد حالات الإصابة الجديدة أصبح مستقراً بعد أن بلغ 79 حالة في 28 مايو (أيار)، إلا أن الحصيلة بدأت في الارتفاع مرة أخرى بسبب الإصابات التي تم تسجيلها في كنائس صغيرة في أنتشون، غرب سيول، ومقاطعة جيونجي التي تحيط بالعاصمة. واستقر عدد الوفيات المرتبطة بالإصابة بفيروس كورونا عند 273 حالة وفاة، فيما بلغ إجمالي من تماثلوا للشفاء التام بعد خضوعهم للحجر الصحي 10531 شخصاً، بزيادة 25 عن اليوم السابق، وفقاً لمراكز مكافحة الأمراض والوقاية منها.


مقالات ذات صلة

صحتك امرأة تعاني من «كورونا طويل الأمد» في فلوريدا (رويترز)

دراسة: العلاج النفسي هو الوسيلة الوحيدة للتصدي لـ«كورونا طويل الأمد»

أكدت دراسة كندية أن «كورونا طويل الأمد» لا يمكن علاجه بنجاح إلا بتلقي علاج نفسي.

«الشرق الأوسط» (أوتاوا)
صحتك «كوفيد طويل الأمد»: حوار طبي حول أحدث التطورات

«كوفيد طويل الأمد»: حوار طبي حول أحدث التطورات

يؤثر على 6 : 11 % من المرضى

ماثيو سولان (كمبردج (ولاية ماساشوستس الأميركية))
صحتك أطباء يحاولون إسعاف مريضة بـ«كورونا» (رويترز)

«كورونا» قد يساعد الجسم في مكافحة السرطان

كشفت دراسة جديدة، عن أن الإصابة بفيروس كورونا قد تساعد في مكافحة السرطان وتقليص حجم الأورام.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
أوروبا الطبيب البريطاني توماس كوان (رويترز)

سجن طبيب بريطاني 31 عاماً لمحاولته قتل صديق والدته بلقاح كوفيد مزيف

حكم على طبيب بريطاني بالسجن لأكثر من 31 عاماً بتهمة التخطيط لقتل صديق والدته بلقاح مزيف لكوفيد - 19.

«الشرق الأوسط» (لندن )

الصين تحظر تصدير معادن أساسية إلى أميركا وسط حرب تجارية محتملة

الصين تحظر صادرات مواد متعلقة بمعادن الغاليوم والجرمانيوم والأنتيمون التي لها استخدامات عسكرية محتملة إلى أميركا (رويترز)
الصين تحظر صادرات مواد متعلقة بمعادن الغاليوم والجرمانيوم والأنتيمون التي لها استخدامات عسكرية محتملة إلى أميركا (رويترز)
TT

الصين تحظر تصدير معادن أساسية إلى أميركا وسط حرب تجارية محتملة

الصين تحظر صادرات مواد متعلقة بمعادن الغاليوم والجرمانيوم والأنتيمون التي لها استخدامات عسكرية محتملة إلى أميركا (رويترز)
الصين تحظر صادرات مواد متعلقة بمعادن الغاليوم والجرمانيوم والأنتيمون التي لها استخدامات عسكرية محتملة إلى أميركا (رويترز)

قالت الصين، الثلاثاء، إنها حظرت صادرات مواد متعلقة بمعادن الغاليوم والجرمانيوم والأنتيمون التي لها استخدامات عسكرية محتملة إلى الولايات المتحدة، وذلك غداة حملة إجراءات أميركية صارمة على قطاع أشباه الموصلات في الصين.

ووفقاً لـ«رويترز»، عزت وزارة التجارة الصينية قرارها بشأن المواد ذات الاستخدام المزدوج في التطبيقات العسكرية والمدنية إلى مخاوف تتعلق بالأمن القومي.

ويتطلب القرار الذي دخل حيز التنفيذ فور إعلانه مراجعة صارمة أيضاً بشأن عناصر الغرافيت التي يتم شحنها إلى الولايات المتحدة.

وقالت الوزارة: «من حيث المبدأ، لن يُسمح بتصدير الغاليوم والجرمانيوم والأنتيمون والمواد شديدة الصلابة إلى الولايات المتحدة».

ويشدد القرار القيود المفروضة على صادرات ما يعرف بالمعادن الحرجة التي بدأت بكين في طرحها العام الماضي، لكنها تنطبق فقط على السوق الأميركية، في أحدث تصعيد للتوتر التجاري بين أكبر اقتصادين في العالم قبل تولي الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب منصبه.

وتُظهر بيانات الجمارك الصينية عدم وجود شحنات من الجرمانيوم أو الغاليوم إلى الولايات المتحدة منذ بداية العام حتى أكتوبر (تشرين الأول)، رغم أنها كانت رابع أكبر مستورد للجرمانيوم وخامس أكبر مستورد للجاليوم قبل عام.

ويستخدم الغاليوم والجرمانيوم في أشباه الموصلات، ويستخدم الجرمانيوم أيضا في تكنولوجيا الأشعة تحت الحمراء وكابلات الألياف الضوئية والخلايا الشمسية.