واشنطن بصدد سحب آلاف الجنود من ألمانيا

قوات أميركية في قاعدة رامشتاين في ألمانيا (أ.ف.ب)
قوات أميركية في قاعدة رامشتاين في ألمانيا (أ.ف.ب)
TT

واشنطن بصدد سحب آلاف الجنود من ألمانيا

قوات أميركية في قاعدة رامشتاين في ألمانيا (أ.ف.ب)
قوات أميركية في قاعدة رامشتاين في ألمانيا (أ.ف.ب)

رغم «التهديدات» الأميركية السابقة لبرلين بأنها قد تسحب جنودها من ألمانيا «عقاباً» على كثير مما «يزعجها» في علاقتها مع حليفتها الأوروبية، فإن خبر سحب آلاف الجنود الأميركيين تسبب بمفاجأة في برلين، وأعاد إحياء الحديث عن ضرورة إيجاد سياسة دفاعية أوروبية مستقلة عن واشنطن. وكانت صحيفة «وول ستريت جورنال» نقلت عن مسؤولين أميركيين لم تسمهم أن الرئيس دونالد ترمب أعطى أوامره للبنتاغون بسحب قرابة 9 آلاف جندي، من أصل 34500 جندي أميركي متمركزين في ألمانيا، بحلول سبتمبر (أيلول) المقبل.
وقالت الصحيفة إن هؤلاء الجنود سيُعاد نشر بعضهم في بولندا و«دول أوروبية صديقة»، مع إعادة الآخرين إلى بلادهم. ولم تذكر الصحيفة سبباً لهذا القرار الذي رفض البيت الأبيض والبنتاغون تأكيده.
وذكرت الصحيفة كذلك أن روبرت أوبراين، مستشار الأمن القومي في البيت الأبيض، وقع على القرار الذي يحدد أيضاً أن العدد الأقصى للجنود الأميركيين الذين سيبقون في ألمانيا لن يتخطى 25 ألف جندي.
ولم تعلق الخارجية الألمانية على الخبر، إلا أن المتحدث باسم السياسية الخارجية للحزب الحاكم (الاتحاد المسيحي الديمقراطي) في البوندستاغ، أندرياس نيك، قال إن الحكومة الألمانية لم تبلغ بالأمر، مضيفاً أن «هذه مقاربة غير اعتيادية»، وأن كل شيء يشير إلى «أن القرار سياسي، وليس تقنياً».
وكثرت التخمينات في ألمانيا حول السبب الحقيقي الذي دفع واشنطن لهذا القرار في الوقت الحالي، وربط بعضهم القرار الأميركي برغبة في «الانتقام» لدى ترمب إثر رفض المستشارة أنجيلا ميركل لدعوته للمشاركة في قمة الدول السبع بشكل شخصي في الولايات المتحدة خوفاً من فيروس كورونا، مما دفع ترمب لإلغاء القمة، في حين خمن آخرون أن تكون انتقادات ميركل لأسلوب ترمب في إدارة المظاهرات التي تلف البلاد منذ مقتل جورج فلويد سبباً مباشراً في هذا القرار. وتوالت الانتقادات من سياسيين في الائتلاف الحاكم للقرار الأميركي سحب الجنود، وقال النائب نوربرت روتغن، المرشح لمنصب زعامة حزب الاتحاد المسيحي الديمقراطي الذي تنتمي له ميركل، إن هذا قرار «مؤسف»، مضيفاً أنه لا يمكنه «أن يرى أي سبب واقعي» لتقليص عدد الجنود. وتسبب عدم مناقشة القرار مع برلين بانزعاج كبير كذلك لدى الحزب الحاكم، وقال النائب هنينغ أوته، المتحدث في شؤون الدفاع عن حزبي الاتحاد المسيحي الديمقراطي وشقيقه البافاري، إن قراراً كهذا «كان يجب مناقشته بشكل ثنائي أو ضمن تحالف الناتو». وأضاف أنه على وزارة الخارجية الآن أن توضح خلفية وتبعات هذا القرار. ورأى في المقابل مؤشرات إيجابية قد تدفع بالأوروبيين أخيراً لتقوية نظامهم الدفاعي بشكل مستقل، وقال: «من المهم الآن أكثر من أي وقت مضى تقوية الركيزة الأوروبية في الناتو، ورسم أمن أوروبا معاً»، مضيفاً أنه بالنسبة لألمانيا «من المهم أن تستمر في طريق تحديث جيشها، وتؤمن القدرات العسكرية التي تعهدت بها لحلفائها».
وكانت ألمانيا قد تعهدت بزيادة إنفاقها الدفاعي، ليصل إلى 2 في المائة في عام 2022، وهي النسبة التي يوصي بها الناتو لدوله. ويتسبب الإنفاق العسكري لألمانيا بتوتر كبير بينها وبين واشنطن، خاصة منذ وصول ترمب للرئاسة، وتكرار انتقاداته ومطالباته لبرلين بزيادة إنفاقها العسكري. ورأى الحزب الاشتراكي الديمقراطي، الحليف في الائتلاف الحاكم، «فرصة» لألمانيا في هذا الانسحاب، حيث قال النائب فريتز فلغنترو، المتحدث باسم السياسة الدفاعية للحزب، إن الولايات المتحدة «قررت ما يناسبها»، مضيفاً أن هذا القرار «لن ينفع بزيادة الضغط على ألمانيا»، في إشارة إلى محاولة واشنطن الضغط على برلين للانسحاب من مشروع «نورد ستريم ٢» مع روسيا، الذي يوصل الغاز الطبيعي الروسي مباشرة إلى ألمانيا عبر أنابيب تُمد تحت بحر البلطيق.
ولكن آخرون حذروا من تبعات هذا القرار السياسية، إذ قال النائب في الحزب الحاكم، رودريش كيسفيتر، العضو في لجنة الشؤون الخارجية، إن القرار «يضعف الغرب ووحدة الناتو، مقابل تقوية القوى الخلافية التي تروج لها روسيا والصين»، وأشار إلى أن إعادة نشر قوات أميركية في بولندا، من دون التشاور مع الناتو، سيعرض اتفاق التعاون بين الناتو وروسيا إلى الخطر». ووصف كيسفيتر خطوة ترمب «الأحادية» بأنها «صرخة يقظة لأوروبا».
وقبل 3 أعوام تقريباً، كانت فكرة إنشاء جيش أوروبي موحد في موازاة الناتو قد بدأت تحصل على تأييد داخل ألمانيا وفرنسا، وتزايد الحديث عن هذه الفكرة منذ وصول ترمب للبيت الأبيض، والاتهام الأوروبي له باعتماد سياسة «أحادية». إلا أن كلاً برلين وباريس يبدو أنهما تخليتا عن الفكرة حالياً بعد انتقادات من الناتو، ومخاوف من أن يحل هذ الحلف مكان الحلف القديم الأوسع.
وكان السفير الأميركي في برلين المستقيل، ريتشارد غيرينل، قد لمح في أغسطس (آب) العام الماضي إلى إمكانية تقليص عدد الجنود الأميركيين في ألمانيا، رداً على الفائض التجاري الألماني مع الولايات المتحدة، وقال حينها: «من المهين فعلاً توقع أن يمول دافعو الضرائب الأميركيين وجود أكثر من 50 ألف أميركي في ألمانيا، وفي المقابل يستخدم الألمان الفائض التجاري لأغراض داخلية». وبالإضافة إلى الجنود البالغ عددهم قرابة 35 ألف جندي، يعمل لدى القوات الأميركية في ألمانيا قرابة 17 ألف أميركي مدني، و12 ألف ألماني مدني.
وفي حال سحبت واشنطن أكثر من 9 آلاف جندي، تكون هذه أكبر عملية انسحاب منذ سحب قرابة 15 ألف جندي من أوروبا عام 2012، لإعادة نشرهم في الشرق الأوسط وآسيا. وفي أوج وجود القوات الأميركية في ألمانيا في نهاية الحرب الباردة عام 1990، كان عدد هذه القوات يزيد على 40 ألف جندي، من ضمن 200 ألف جندي أميركي منتشرين في أوروبا. ومنذ انتهاء الحرب العالمية الثانية، أبقى الأميركيون على آلاف الجنود في ألمانيا إلى جانب قاعدة نووية سرية. وبعد انتهاء الحرب الباردة، باتت هذه القوات جزءاً من قوات الناتو لمواجهة التهديدات الروسية المحتملة.



الاتجار بالبشر يرتفع بشكل حاد عالمياً...وأكثر من ثُلث الضحايا أطفال

رجلان إندونيسيان كانا في السابق ضحايا لعصابات الاتجار بالبشر وأُجبرا على العمل محتالين في كمبوديا (أ.ف.ب)
رجلان إندونيسيان كانا في السابق ضحايا لعصابات الاتجار بالبشر وأُجبرا على العمل محتالين في كمبوديا (أ.ف.ب)
TT

الاتجار بالبشر يرتفع بشكل حاد عالمياً...وأكثر من ثُلث الضحايا أطفال

رجلان إندونيسيان كانا في السابق ضحايا لعصابات الاتجار بالبشر وأُجبرا على العمل محتالين في كمبوديا (أ.ف.ب)
رجلان إندونيسيان كانا في السابق ضحايا لعصابات الاتجار بالبشر وأُجبرا على العمل محتالين في كمبوديا (أ.ف.ب)

ذكر تقرير للأمم المتحدة -نُشر اليوم (الأربعاء)- أن الاتجار بالبشر ارتفع بشكل حاد، بسبب الصراعات والكوارث الناجمة عن المناخ والأزمات العالمية.

ووفقاً للتقرير العالمي بشأن الاتجار بالأشخاص والصادر عن مكتب الأمم المتحدة المعني بالمخدرات والجريمة، فإنه في عام 2022 -وهو أحدث عام تتوفر عنه بيانات على نطاق واسع- ارتفع عدد الضحايا المعروفين على مستوى العالم 25 في المائة فوق مستويات ما قبل جائحة «كوفيد- 19» في عام 2019. ولم يتكرر الانخفاض الحاد الذي شهده عام 2020 إلى حد بعيد في العام التالي، وفقاً لما ذكرته وكالة «رويترز» للأنباء.

وقال التقرير: «المجرمون يتاجرون بشكل متزايد بالبشر لاستخدامهم في العمل القسري، بما في ذلك إجبارهم على القيام بعمليات معقدة للاحتيال عبر الإنترنت والاحتيال الإلكتروني، في حين تواجه النساء والفتيات خطر الاستغلال الجنسي والعنف القائم على النوع»، مضيفاً أن الجريمة المنظمة هي المسؤولة الرئيسية عن ذلك.

وشكَّل الأطفال 38 في المائة من الضحايا الذين تمت معرفتهم، مقارنة مع 35 في المائة لأرقام عام 2020 التي شكَّلت أساس التقرير السابق.

وأظهر التقرير الأحدث أن النساء البالغات ما زلن يُشكِّلن أكبر مجموعة من الضحايا؛ إذ يُمثلن 39 في المائة من الحالات، يليهن الرجال بنسبة 23 في المائة، والفتيات بنسبة 22 في المائة، والأولاد بنسبة 16 في المائة.

وفي عام 2022؛ بلغ إجمالي عدد الضحايا 69 ألفاً و627 شخصاً.

وكان السبب الأكثر شيوعاً للاتجار بالنساء والفتيات هو الاستغلال الجنسي بنسبة 60 في المائة أو أكثر، يليه العمل القسري. وبالنسبة للرجال كان السبب العمل القسري، وللأولاد كان العمل القسري، و«أغراضاً أخرى» بالقدر نفسه تقريباً.

وتشمل تلك الأغراض الأخرى الإجرام القسري والتسول القسري. وذكر التقرير أن العدد المتزايد من الأولاد الذين تم تحديدهم كضحايا للاتجار يمكن أن يرتبط بازدياد أعداد القاصرين غير المصحوبين بذويهم الذين يصلون إلى أوروبا وأميركا الشمالية.

وكانت منطقة المنشأ التي شكلت أكبر عدد من الضحايا هي أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى بنسبة 26 في المائة، رغم وجود كثير من طرق الاتجار المختلفة.

وبينما يمكن أن يفسر تحسين الاكتشاف الأعداد المتزايدة، أفاد التقرير بأن من المحتمل أن يكون مزيجاً من ذلك ومزيداً من الاتجار بالبشر بشكل عام.

وكانت أكبر الزيادات في الحالات المكتشفة في أفريقيا جنوب الصحراء وأميركا الشمالية ومنطقة غرب وجنوب أوروبا، وفقاً للتقرير؛ إذ كانت تدفقات الهجرة عاملاً مهماً في المنطقتين الأخيرتين.