هند صبري: لا أبرر عمليات التجميل المبالغ فيها لكن السوشيال ميديا يتحمل جزءاً من المسؤولية

تحدثت في لقاء خاص عن تعاقدها مع «نيتفلكس» والتنمر وقوة المرأة

هند صبري (تصوير: هنا محمود)
هند صبري (تصوير: هنا محمود)
TT

هند صبري: لا أبرر عمليات التجميل المبالغ فيها لكن السوشيال ميديا يتحمل جزءاً من المسؤولية

هند صبري (تصوير: هنا محمود)
هند صبري (تصوير: هنا محمود)

لا أعرف لماذا تبادرت إلى ذهني رواية «قصة مدينتين» للكاتب تشارلز ديكنز، وأنا أتحدث إلى الفنانة هند صبري عبر «زووم» منذ أيام.
كلما أسهبت في الحديث عن الحياة في زمن كورونا، وانتقلت بين إيجابياتها وسلبياتها، تذكرت مقدمة الرواية: «كان أحسن الأزمان، وكان أسوأ الأزمان. كان عصر الحكمة، وكان عصر الحماقة. كان عهد الإيمان، وكان عهد الجحود. كان زمن النور، وكان زمن الظلمة. كان ربيع الأمل، وكان شتاء القنوط... كنا جميعاً ماضين إلى الجنة مباشرة، وكنا جميعاً ماضين إلى جهنم مباشرة». كانت رافضة للتشاؤم وفي الوقت ذاته غير مندفعة في تفاؤلها، لتتبين أن موازنتها بين العقل والعاطفة سمة رافقتها منذ بداية شهرتها في فيلم «صمت القصور» إلى اليوم. لم تُغيرها الضغوطات ولم تخضع لفكرة أن «الجمهور عايز كده»، أو لمبضع جراح يغير ملامحها، كما لم تستعرض صيحات الموضة كأنها عارضة أزياء مجاراة لمتطلبات وسائل التواصل، التي سرقت بعض النجمات من السينما والتلفزيون في السنوات الأخيرة، حسب رأيها.
يقول البعض إنها أكثر حظاً من غيرها كونها تجاوزت مرحلة الانتشار إلى مرحلة الاختيار، إلا أنه لا أحد ينكر أنها هي من صنعت هذا الحظ ورسمت مسارها. الآن أكثر من أي وقت مضى عززت مكانتها بين الكبار كأول عربية تتعامل معها شركة «نيتفلكس» كممثلة ومنتجة في الوقت ذاته.
لا يكاد حديثنا يبدأ حتى تقاطعنا طفلتها الصغيرة، تطلب شرحاً لواجب مدرسي. تضحك هند وتقول: «هذا جُزء من روتيني اليومي في فترة الحجر، أذاكر مع البنات وفي الوقت ذاته أقوم بكل التزامات العمل عبر زووم». ثم تستطرد: «حتى أكون صريحة معك، لم تتغير حياتي كثيراً عما كانت عليه من قبل سوى من ناحية عدم وجودي في أماكن العمل. فأنا بالأساس بيتوتية، لهذا كانت فترة الحجر بالنسبة لي فرصة لمزيد من قراءة ومتابعة المسلسلات والتأمل وطبعاً الطبخ، الذي أنا متأكدة أن الجميع سيتخرج بشهادة (ماسترشيف) بعد عودتنا إلى الحياة السابقة».
تتكلم بحماس عن دورها كأم وكيف أضافت إليها، مشيرة إلى أن الجائحة كشفت إيجابيات كثيرة، منها قوة المرأة ومرونتها «من أبسط امرأة منا إلى رئيسة حكومة، فأكثر من تعامل مع الجائحة بفاعلية وإنسانية باعتراف كل الدول هما أنجيلا ماركل مستشارة ألمانيا، وجاسيندا أرديرن رئيسة وزراء نيوزيلندا. كون المرأة قادرة على القيام بعدة أدوار في آن واحد ليس جديداً، من دون أن يتعارض دور مع آخر. أنا مثلاً أحب شراء الورود أسبوعياً لتزيين بيتي، كما أستمتع بدخول المطبخ، كل هذا بموازاة التزامات العمل وما تحتمه علي من سفر وغيره. كوني أماً وزوجة ليس عائقاً بقدر ما هو إضافة تدفعني إلى الأمام وتجعلني أحس بالآخر وأفهمه أكثر. هذه هي النسوية الحقيقية بالنسبة لي. إنها ليست حرباً على الرجل بل هي حرب على العوائق التي وضعناها أمامنا كنساء بسبب خوف داخلي يُحذرنا دائماً من عدم قدرتنا على التوفيق بين الأسرة والعمل، تجربة الحجر الصحي هاته أكدت أننا قادرات على ذلك وبسهولة».
الذكاء العاطفي أيضاً سمة تتميز بها المرأة عموماً، اما كيف تتجسد لدى هند صبري، فبرفضها إطلاق أي أحكام مُسبقة على أي أحد قبل أن تضع نفسها مكانه.
رأيها هذا فتح باب السؤال عن الفنانات اللاتي ظهرن في مسلسلات رمضان الأخير، وواجهن انتقادات كثيرة بسبب عمليات التجميل التي أثرت على أدائهن. كنت أتوقع أن تعتذر عن الجواب أو تُدلي برأي دبلوماسي، لكنها أجابت بعفوية بأنها لا تريد أن تنتقدهن «لأنه ليس من السهل على أي نجمة أن تتقبل فكرة أن تفقد شبابها وتنحسر عنها الأضواء لا سيما في زمن السوشيال ميديا، حيث تصل التعليقات والانتقادات أحياناً إلى درجة التنمر. ربما لا يقصد البعض من تعليقاتهم الأذى لكنهم لا يُدركون مدى تأثيرها النفسي وتدميرها للثقة بالنفس. هذا لا يعني أني أبرر ظاهرة عمليات التجميل المبالغ فيها، لكن على الجمهور أن يتحمل جزءاً من مسؤوليتها، وهو ما لمسته شخصياً. فعندما أنشر صورة خاصة بي من دون أي ماكياج مثلاً أو بشعر غير مرتب، أكون متأكدة أنني سأتلقى كثيراً من التعليقات الجارحة. لو لم أكن قوية لانهرت وهرولت إلى أول جراح تجميل لترميم؛ ليس وجهي وجسدي فحسب بل أيضاً نفسي. لهذا أعتقد أن التغيير الذي طرأ على مظهر ممثلات من كل الأجيال في المسلسلات الرمضانية الأخيرة، جاء نتيجة ضغوطات نفسية كثيرة. فقليلات منا لديهن قوة وثقة نجمات مخضرمات تعايشن مع تجاعيدهن مثل هيلين ميرين أو جودي دنش».
تعاقدها الأخير مع «نيتفليكس» كأول عربية تُمثل وتُنتج كان «نتيجة طبيعية لـ20 عاماً من التذبذبات بين النجاح والفشل» حسب قولها.
لكن عندما أذكرها بأن دورها كمنتجة نوع من رفاهية، تصححني بسرعة كأنها سمعت هذا التعليق مراراً، قائلة إن هناك خلطاً في العالم العربي بين المنتج والممول: «معظم نجوم هوليوود يشاركون في أعمالهم كممثلين ومنتجين للتحكم في المضمون والسيناريو وسير العمل فيما يكون هناك ممول مستقل للعمل. نعم سأتدخل في المضمون والسيناريو والجودة ككل، لكن الممول هو (نيتفلكس)، ولا أرى الأمر فوق العادي، فقد كان من الطبيعي أن أنتقل إلى هذه المرحلة بعد عقدين اكتسبت فيهما خبرة لا يستهان بها».
الثقة التي تتحدث بها عن مسيرتها وإنجازاتها، لا تُخلف أدنى انطباع بتضحم الأنا. بالعكس، تشي بشخصية تؤمن بأن النجاح لا يأتي بين ليلة وضحاها بل نتاج مثابرة ورؤية واضحة لا تتأثر بالموجات السائدة. منذ بداية مشوارها الفني، وهي تضع نصب عينيها أهدافاً واقعية، وتقتدي بنجوم السينما العالمية. لا ينعكس هذا على أدوارها فحسب، بل أيضاً على طريقة استعمالها لوسائل التواصل الاجتماعي، التي أصبحت باعترافها جزءاً من أدوات العصر الضرورية شئنا أم أبينا. الفرق بينها وبين غيرها من النجوم، أنها لا تستعملها لمجرد الحصول على متابعين أو إثبات وجود بل لإيصال رسالة إنسانية وبطريقتها. فبينما يستعمل البعض الحملات الخيرية للتباهي والتقاط صور تُروج لهم في الملاجئ والمخيمات، ترى هي أن دورها في هذه المواقف يتلخص في توظيف نجوميتها لتسليط الضوء على معاناة الآخر بنقل صورته وصوته للعالم. لا تحتاج أن تتوسط الصورة «فنجوميتي يمكنني أن أحققها من خلال أعمالي السينمائية والتلفزيونية أو بتعاوني مع شركات كبيرة، مثل (لوريال) و(غارنييه) و(آي-دبليو-سي) للساعات».
حتى هذه الشركات تختارها هند بعناية، وعندما تتأكد أنها تتقاسم معها نفس المبادئ. علاقتها المستمرة مع «آي-دبليو-سي» للساعات أكبر دليل على هذا. تقول إنها مثل غيرها من الشركات، أوقعتها أزمة فيروس كورونا في مأزق. فالناس لا تخرج من بيوتها ولا أحد يشتري ساعات فاخرة، ومن هنا جاءتهم فكرة استغلال الوقت عوض بيعه للتواصل مع الناس، بإطلاقها مبادرة «لوبوتيه برنس» (Le petit Prince)، وهي قصة قصيرة من أدب الأطفال للكاتب الفرنسي أنطوان دي سان إكسوبيري، يسهم فيها كل أسبوع نجم عالمي بقراءة نص منها. عندما اقترحت الشركة عليها الفكرة، لم تتردد، ليس لأن «لوبوتيه برنس» من كتبها المفضلة فحسب، بل أيضاً لأن كل الأرباح كانت مخصصة لمؤسسة «سايف ذي تشيلدرن» (Save The Children).
كانت المبادرة بالنسبة لها درساً في المسؤولية الاجتماعية تجاه الآخر، ودرساً في توظيف وسائل التواصل الإجتماعي بشكل صحيح. فهذه الوسائل جزء من الحياة المعاصرة وأداة ضرورية حتى بالنسبة للمشاهير من نجوم السينما «المهم كيف نستعملها بحيث لا تتحول إلى غول يلتهمنا».
تتذكر كيف أنها في البداية تعاملت معها بكثافة عشوائية لكي تفرض وجودها، لكنها انسحبت سريعاً بعد أن انتبهت إلى أنها «أشبه بسباق ليس له خط نهاية، بدأ بـ(فيسبوك) ثم (إنستغرام ستوريز)، ومؤخراً (آي جي تي) و(تيك توك) وهلم جراً.
الآن أستعمل هذه المنصات فقط عندما يكون لدي شيء يستحق النشر، ويفيد المجتمع وليس لمجرد إثبات وجود.
لا شك أنها سلاح ذو حدين، يمكن أن تغير حياة الناس إلى الأفضل، كما يمكن أن تلتهمنا إن فتحنا لها كل الأبواب». تقول هذا وهي تُلمح إلى وضع بعض النجوم ممن أصبح وجودهم على هذه المنصات أقوى من وجودهم على المسارح والسينما.
أنهت اللقاء بالقول إنها في حال وجدت نفسها في الموقف ذاته ستنسحب من الساحة دون تردد.


مقالات ذات صلة

«ساعته وتاريخه» مسلسل مصري يجذب الاهتمام بدراما حول جرائم حقيقية

يوميات الشرق مريم الجندي في مشهد يجمعها بأحد أبطال المسلسل (لقطة من برومو العمل)

«ساعته وتاريخه» مسلسل مصري يجذب الاهتمام بدراما حول جرائم حقيقية

في أجواء لا تخلو من التشويق والإثارة جذب المسلسل المصري «ساعته وتاريخه» الاهتمام مع الكشف عن «البرومو» الخاص به الذي تضمن أجزاء من مشاهد مشوقة.

انتصار دردير (القاهرة )
يوميات الشرق مع أبطال «العميل» الذين ألفوا عائلة حقيقية (إنستغرام الفنان)

جاد خاطر لـ«الشرق الأوسط»: تفاجأت بالشهرة التي حققتها مع «العميل»

يُبدي جاد خاطر حبّه للأدوار المركبّة فهي تسمح له بأن يجتهد ويستخدم تجاربه ودروسه في كلية الفنون.

فيفيان حداد (بيروت)
يوميات الشرق مسلسل «موعد مع الماضي» يعتمد على التشويق (نتفليكس)

«موعد مع الماضي»... دراما تشويقية تعتمد على الغموض

يعيد المسلسل المصري «موعد مع الماضي» الأحداث التشويقية والبوليسية والغموض مجدداً إلى الدراما المصرية والعربية، من خلال قصة مكوّنة من 8 حلقات.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
يوميات الشرق لقطة من مسلسل «وتر حساس» (حساب صبا مبارك على «إنستغرام»)

«العلاقات المشوهة» تجلب الانتقادات لصناع «وتر حساس» في مصر

تعرَّضت بطلات المسلسل المصري «وتر حساس»، الذي يُعرَض حالياً، لانتقادات على «السوشيال ميديا»؛ بسبب ما وصفها البعض بـ«علاقات مشوهة».

نادية عبد الحليم (القاهرة )
يوميات الشرق لقطة من مسلسل «رقم سري» (الشركة المنتجة)

«رقم سري» يناقش «الوجه المخيف» للتكنولوجيا

حظي مسلسل «رقم سري» الذي ينتمي إلى نوعية دراما الغموض والتشويق بتفاعل لافت عبر منصات التواصل الاجتماعي.

رشا أحمد (القاهرة )

اليونيسكو تُدرج الورد الطائفي في التراث غير المادي

تسجيل «الورد الطائفي» لدى اليونيسكو يعكس قيمته بعدّه أحد عناصر الثقافة السعودية (الشرق الأوسط)
تسجيل «الورد الطائفي» لدى اليونيسكو يعكس قيمته بعدّه أحد عناصر الثقافة السعودية (الشرق الأوسط)
TT

اليونيسكو تُدرج الورد الطائفي في التراث غير المادي

تسجيل «الورد الطائفي» لدى اليونيسكو يعكس قيمته بعدّه أحد عناصر الثقافة السعودية (الشرق الأوسط)
تسجيل «الورد الطائفي» لدى اليونيسكو يعكس قيمته بعدّه أحد عناصر الثقافة السعودية (الشرق الأوسط)

أعلن الأمير بدر بن عبد الله بن فرحان، وزير الثقافة، رئيس مجلس إدارة هيئة التراث، رئيس اللجنة الوطنية السعودية للتربية والثقافة والعلوم، عن نجاح السعودية في تسجيل «الممارسات الثقافية المرتبطة بالورد الطائفي» في القائمة التمثيلية للتراث الثقافي غير المادي لدى منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة «اليونسكو».

وأكّد وزير الثقافة السعودي أن الدعم غير المحدود الذي يحظى به القطاع الثقافي السعودي بمختلف مكوناته من قِبل خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز، والأمير محمد بن سلمان بن عبد العزيز، ولي العهد، رئيس مجلس الوزراء، ساعد على تعزيز حضور الثقافة السعودية في العالم، مضيفاً: «يعكس هذا التسجيل جهود المملكة الحثيثة في حماية الموروث الثقافي غير المادي، وضمان استدامته ونقله للأجيال القادمة».

وجاء تسجيل الورد الطائفي بملفٍ وطنيٍ مشتركٍ بقيادة هيئة التراث، وبالتعاون مع اللجنة الوطنية السعودية للتربية والثقافة والعلوم، والوفد الدائم للمملكة لدى اليونيسكو، لينضم إلى قائمة عناصر التراث الثقافي غير المادي السعودية المُسجلة في القائمة التمثيلية للتراث الثقافي غير المادي لليونيسكو، وهي: العرضة السعودية، والمجلس، والقهوة العربية، والصقارة، والقط العسيري، والنخلة، وحياكة السدو، والخط العربي، وحِداء الإبل، والبن الخولاني السعودي، والنقش على المعادن، والهريس.

ويُعد الورد الطائفي عنصراً ثقافياً واجتماعياً يرتبط بحياة سكان الطائف، حيث تُمثّل زراعته وصناعته جزءاً من النشاط اليومي الذي ينعكس على الممارسات الاجتماعية والتقليدية في المنطقة، ويمتد تاريخ زراعة الورد الطائفي إلى مئات السنين، إذ يعتمد سكان الطائف على زراعته في موسم الورد السنوي، ويجتمع أفراد المجتمع في حقول الورود للمشاركة في عمليات الحصاد، التي تُعد فرصة للتواصل الاجتماعي، ونقل الخبرات الزراعية بين الأجيال.

وتُستخدم منتجات الورد الطائفي، وخصوصاً ماء الورد والزيوت العطرية في المناسبات الاجتماعية والتقاليد المحلية، مثل تعطير المجالس وتقديم الضيافة، مما يُبرز دورها في تعزيز الروابط الاجتماعية، كما يُعد مهرجان الورد الطائفي السنوي احتفالاً اجتماعياً كبيراً يجتمع خلاله السكان والزوّار للاحتفاء بهذا التراث، حيث يعرض المجتمع المحلي منتجاته، ويُقدم فعاليات تُبرز الفخر بالهوية الثقافية.

ويعكس تسجيل «الورد الطائفي» لدى اليونيسكو قيمة هذا العنصر بعدّه أحد عناصر الثقافة السعودية، إلى جانب إسهامه في تعزيز فهم العالم للعلاقات الوثيقة بين التراث الثقافي والممارسات الاجتماعية، ويأتي ذلك في ظل حرص هيئة التراث على ضمان استدامة هذا الإرث الثقافي، كما يعكس حرصها على ترسيخ التبادل الثقافي الدولي بعدّه أحد مستهدفات الاستراتيجية الوطنية للثقافة، تحت مظلة «رؤية المملكة 2030».