بعد ثلاثة أشهر من الإغلاق بسبب وباء «كورونا»، عاد قصر فرساي إلى استقبال الزوار، اعتباراً من نهار أمس. وأعلن رئيس الموقع الذي يضم المبنى الشهير وملحقاته وحدائقه، غرب باريس، أن تنظيفاً شاملاً قد أجري لقاعة المرايا في القصر، وهو ما لم يحدث منذ 2007. وبالإضافة إلى تلميع المرايا التاريخية، تم تفكيك كل الثريات الثمينة التي تتدلى من سقوف القاعة، ونفض الغبار عنها، وترميم مصابيحها وغسل كريستالها. وقد اتخذت كافة الاحتياطات التي تسمح بمسافة مناسبة بين أفواج الزوار، تفادياً لفيروس «كوفيد ـ 19».
تم تشييد القصر بناء على طلب من العاهل الفرنسي لويس الرابع عشر، الملقب بالملك الشمس. واستغرق تزيين قاعة المرايا عدة سنوات، بين عامي 1678 و1684 بإشراف المهندس جول هاروان مانسار.
وكان الهدف منها أن تعكس مدى النفوذ الذي تمتع به الملك يومذاك. وهي تمتد بطول 73 متراً وعرض 10 أمتار ونصف المتر. وقد غطيت جدرانها بالزجاج العاكس المؤلف من 357 مرآة، أي 21 قطعة لكل مرآة تقابل 17 قوساً من نوافذ القاعة.
ومع عودة الربيع، ستعود النافورات الموسيقية لتأدية استعراضاتها في حدائق القصر، وكذلك حفلات الصوت والضوء الليلية وعرض الألعاب النارية الصيفي المخصص لذكرى الملكة ماري أنطوانيت. وظل القصر مقراً رسمياً لملوك فرنسا حتى اندلاع الثورة عام 1789. ويمثل القصر قمة ما وصلته المهارات المحلية في فنون العمارة والإنارة والتأثيث والرسم والنحت والبستنة، وشاهداً على الماضي الفخم والمترف للملكية الفرنسية. ويعد موقع فرساي القصر الأكثر زيارة في فرنسا، حيث يستقبل 5 ملايين زائر وسائح في السنة.
ولن تكتمل استعادة القصر لروحه المعهودة إلا بعودة خطوط الطيران والمنافذ الحدودية التي تحمل السياح للمجيء إلى فرنسا من كافة القارات. وهو ما يمكن أن يعلن عنه آخر الشهر الحالي.
- إجراءات السلامة... واقع جديد في «فرساي»
مع افتتاح القصر، تم وضع ملصقات وحواجز للتحكم في عدد الزوار، وضمان الحركة في اتجاه واحد، كما أغلقت منافذ التذاكر، حيث يتوجب على الزوار ابتياعها على الموقع الإلكتروني للقصر.
وبالنسبة لملحقات فرساي مثل «بيتي تريانون»، المخصص للغرف الخاصة بالملك، إضافة إلى قاعة الأوبرا، فسيقتصر استخدامها على الجولات التي يقودها مرشدون فقط.
واتباعاً لإجراءات الصحة والسلامة، فقد تم توزيع حاويات لسائل تعقيم اليد عند المداخل، وبالطبع يفرض على الزوار ارتداء الأقنعة الواقية، واحترام التباعد الاجتماعي.
ومع استمرار إغلاق الحدود أمام السياح من خارج أوروبا، سيعاني القصر من غياب السياح من الدول الآسيوية، ومن أميركا، وهم يمثلون 30 في المائة من إجمالي الزوار الذين يصل عددهم لـ8 ملايين زائر في السنة.
وقالت رئيسة «شاتو فرساي» كاثرين بيجار، لوكالة الصحافة الفرنسية، أن «النموذج الاقتصادي انهار»، مشيرة إلى ضرورة التنويع فيما يمكن أن يقدمه الموقع لزواره.
وقالت «وزارة الثقافة تدرك أن فرساي، مثل متحف اللوفر، بحاجة إلى مساعدة من الحكومة».
«هناك مهن على المحك. 68 شركة تتعاون مع الموقع».
غير أن بيجار اتخذت نبرة أكثر تفاؤلاً، مشيرة إلى أن الإجراءات الجديدة ستمكن الزوار من معاينة فرساي بشكل جديد بعيداً عن الزحام المعتاد.
وتشير إلى عام 2020، سيكون التركيز على «فرساي الأخضر»، حيث سيكون هناك دليل جديد من الزيارات التي يقودها مرشدون لجذب الزوار للحدائق الشاسعة حول القصر والأشجار الفريدة من نوعها على سبيل المثال.