بعد 68 يوماً من الإغلاق المستمر، تجاوزت حصيلة مصابي فيروس «كورونا» في الهند 200.000 شخص، لتحتل بذلك المرتبة الرابعة عالمياً بعد الولايات المتحدة والبرازيل وروسيا.
وزادت أعداد الإصابات في أكبر دول العالم من حيث عدد السكان بعد الصين، بمقدار 50.000 إصابة خلال ستة أيام، في الوقت الذي شرعت الحكومة في رفع الإغلاق تدريجياً. ويتضمن هذا الرقم 11.000 متعافٍ، بمعدل تعافٍ بلغ 49 في المائة. وتبعاً لبعض التقديرات، فإن هذا المعدل يقل قليلاً أو يكافئ معدل التعافي العالمي. أما معدل الوفيات في الهند تبعاً لما أعلنته وزارة الصحة، فقد تراجع إلى 2.83 في المائة بما يزيد على 6.000 وفاة.
ويستمر معدل تفشي العدوى داخل الهند في التزايد. وفي الوقت الذي استغرقت الهند حوالي 111 يوماً لتصل إلى أول 100.000 حالة لديها، فإنها استغرقت 14 يوماً فقط لتصل إلى 200.000 إصابة. في المقابل، لم تحتج الهند إلى عدد كبير من أجهزة التنفس الصناعي مثلما حدث مع دول أخرى، ذلك أنه فيما يتعلق بغالبية المرضى كان توفير دعم أكسجين من خلال قناع أو أنبوبة عبر الأنف كافياً للتصدي لمشكلة نقص الأكسجين. وذكر خبراء أن توفير أسرة مزودة بدعم الأكسجين أرخص تكلفة وأسهل من حيث توفيرها بالمقارنة مع أجهزة التنفس ووحدات الرعاية المكثفة.
وتتركز 65.8 في المائة من مجمل الإصابات في الهند في أربع ولايات، هي ماهارشترا وتاميل نادو ونيدلهي وغوجارات. كما ظهرت مومباي، المركز المالي بالبلاد، باعتبارها بؤرة التفشي، وشكلت أكثر من خمس إجمالي الإصابات بالبلاد.
جدير بالذكر أن رئيس الوزراء ناريندرا مودي أعلن حالة إغلاق كامل بمختلف أرجاء البلاد في 25 مارس (آذار). وفي بادئ الأمر، أعلن الإغلاق لمدة 21 يوماً، لكن مع تفشي وباء «كوفيد ـ 19» بسرعة، جرى تمديده أربع مرات. وعند النظر إلى منحنى الإصابات اليومية في الهند، يتضح أن البلاد لم تشهد النمو المطرد الذي عاينته دول أخرى مثل الولايات المتحدة والبرازيل والمملكة المتحدة. ومع ذلك، فإن أعداد الإصابات اليومية في ارتفاع، رغم أن البلاد ما تزال بعيدة عن نقطة الذروة وفق خبراء صحيين.
من ناحيته، قال د. رانديب غوليريا، مدير المعهد الهندي للعلوم الطبية، إن الأعراض الحادة للفيروس في تراجع، مشيراً إلى أن 90 في المائة من المرضى حالياً لديهم أعراض بسيطة. وأضاف أن ما بين 12 و13 مدينة في البلاد تضم أكثر من 80 في المائة من إصابات فيروس «كوفيد ـ 19» بالبلاد. وقال: «إذا تمكنا من السيطرة على هذه البؤر، سيصل الوباء ذروته في غضون أسبوعين أو ثلاثة». وذكر د. غوليريا أن الهنود يتمتعون بمناعة أعلى، «وذلك لأننا حصلنا على تطعيم ضد السل». وأشار إلى أن عدد المرضى الذين احتاجوا أجهزة التنفس الصناعي ووحدات الرعاية المكثفة أقل بكثير من دول أخرى.
من جهتها، واجهت الحكومة ضغوطاً كبيرة لإعادة فتح الاقتصاد، خاصة بالنظر إلى التكاليف الفادحة التي خلفها الإغلاق، خاصة أن 90 في المائة من السكان يكسبون قوتهم من قطاعات اقتصادية غير رسمية، وفق هيئة الإذاعة البريطانية «بي.بي.سي». وتشير إحصاءات إلى أن نسبة البطالة بلغت 27.1 في المائة في شهر أبريل (نيسان)، مرتفعة بـ8.7 في المائة عن شهر مارس (آذار). أما أولئك الذين حافظوا على وظائفهم، فانخفضت أجورهم الأسبوعية بنسبة بلغت 61 في المائة، تبعاً لمسح شمل 4.000 فرد عبر عدد من الولايات الجوهرية من جانب جامعة أزيم بريمجي.
وبعد أكثر من شهرين من الإغلاق، قررت الحكومة فتح الاقتصاد على نحو تدريجي. وستخفف في 8 يونيو (حزيران) القيود المفروضة على المراكز التجارية والفنادق وأماكن العبادة والمطاعم، مع الحفاظ على قواعد التباعد الاجتماعي والاحتياطات الأخرى. ومع ذلك، ستظل مثل هذه المنشآت القائمة داخل مناطق الخطر مغلقة حتى إشعار آخر. إضافة لذلك، جرى فتح المكاتب الخاصة والحكومية تبعاً لتوقيتات وأعداد عمالة منخفضة، في الوقت الذي سيبقى حظر التجوال الليلي ـ من 9 مساءً إلى 5 صباحاً ـ فاعلاً، حسبما أعلنت الحكومة في الإرشادات الجديدة التي أعلنتها بخصوص الإغلاق.
أيضاً، قررت الحكومة جعل تطبيق متابعة الاختلاط المعروف باسم «آروغيا سيتو» إجبارياً فيما يخص الكثير من الخدمات، بحيث يمكن متابعة حركة المشتبه في إصابتهم. ويعتمد التطبيق على آلية «بلوتوث» وتحديد الموقع تبعاً لنظام التموضع العالمي (جي بي إس) لتحديد حالات الإصابة الإيجابية بالفيروس ومتابعة تحركات المصابين المشتبه بهم.
- تغير ظروف العمل
في الوقت الذي أعادت المكاتب الحكومية عملها منذ وقت طويل مضى، بدأت الشركات الخاصة في العمل بـ50 في المائة فقط من قوة العمل الخاصة بها. بهذا الصدد، أشار رافي شيكار، الذي يعمل في شركة شحن، إلى حدوث تغييرات داخل مكان العمل بسبب فيروس «كورونا». وقال إن «المكتب اليوم أصبح نظيفاً تماماً وجرت إزالة جزء كبير من أثاث المكتب بهدف توفير مزيد من المساحات»، مضيفاً: «علاوة على ذلك، هناك ممرات بها دوائر كي يقف داخلها الأفراد من مختلف أرجاء المكتب لضمان الالتزام بالتباعد الاجتماعي».
من جهتها، قالت غيتيكا ميشرا التي تعمل لحساب شركة تكنولوجيا المعلومات: «داخل مكتبنا، جرى توزيع مقابض نحاسية على الموظفين كي نتمكن من فتح أبواب دورات المياه، بحيث لا نلمس أي أسطح مباشرة. كما يجري عقد الاجتماعات والمؤتمرات حالياً بشكل افتراضي».
- صالونات التجميل
أعادت صالونات التجميل فتح أبوابها هي الأخرى، لكن مع التزامها بعدد هائل من التدابير الوقائية، ومعدات حماية شخصية وأدوات أحادية الاستخدام يمكن التخلص منها، وآلية الدفع الإلكتروني، وإنهاء تقليد تقديم مجلات أو صحف في أماكن الاستقبال. وبدا أن صالونات التجميل بمختلف أرجاء نيودلهي تتأقلم مع عالمها الجديد، مع إعادة فتحها أبوابها. وقال رادها الذي يملك صالون تجميل في نيودلهي: «نحرص على قياس درجة حرارة كل عميل، وضمان التزام الجميع بارتداء أقنعة وقفازات واتخاذ جميع تدابير سلامة العاملين لدينا». وتابع: «نوفر أدوات الحماية الشخصية للعاملين لدينا لضمان عدم تعرضهم للإصابة. كما نتولى تعقيم الصالون وتطهيره باستمرار. وتحولنا لاستخدام أدوات يمكن التخلص منها، بما في ذلك مناشف ومقصات وأدوات إزالة الشعر الزائد بالشمع».
- التعليم
أغلقت المدارس والكليات بمختلف أنحاء البلاد أبوابها منذ الأسبوع الثاني في شهر مارس، عقب تفشي وباء «كوفيد ـ 19». وتعكف الحكومة في الوقت الراهن على وضع إرشادات لإعادة فتح المدارس بعد الإغلاق. وتتضمن بعض الإجراءات المقترحة عدم عقد اجتماعات أو ندوات أو تجمعات داخل المدارس على مدار فترة طويلة. ومن المحتمل أن تستقبل المدارس 30 في المائة فقط من طلابها في وقت واحد للحفاظ على قواعد التباعد الاجتماعي.
وحتى بعد إعادة المدارس فتح أبوابها، يقول آباء وأمهات إنهم ربما لا يكونون متحمسين للغاية تجاه إرسال أبنائهم إلى المدارس. من بين هؤلاء، يوغيش باتهاري الذي قال: «من المبكر للغاية إرسال الأطفال إلى المدارس». فيما رأت آرونا موهان، التي يدرس نجلها في الصف السابع: «أفضل أن يعيد ابني هذا العام الدراسي، بدلاً عن المخاطرة بصحته».
- النقل الجوي
إلى ذلك، جرى فتح الأجواء الهندية أمام رحلات الطيران، لكن ليس هناك بعد أي طلب على رحلات طيران منتظمة. ويلتزم العاملون في الطائرات بارتداء ملابس حماية شخصية وعدم تقديم طعام للمسافرين الذين يلتزمون بدورهم بارتداء أقنعة وقفازات. في هذا الصدد، ذكر نيشانت بيتي، الرئيس التنفيذي لموقع «إيز ماي تريب» للسفر: «غالبية الحجوزات يقوم بها أفراد عالقون داخل مدن معينة ولديهم رغبة عارمة في السفر لمكان آخر».