«مواجهة استثنائية» بين ترمب والمؤسسة العسكرية جراء احتجاجات جورج فلويد

وزير الدفاع الأميركي مارك إسبر والرئيس دونالد ترمب (أرشيفية- إ.ب.أ)
وزير الدفاع الأميركي مارك إسبر والرئيس دونالد ترمب (أرشيفية- إ.ب.أ)
TT
20

«مواجهة استثنائية» بين ترمب والمؤسسة العسكرية جراء احتجاجات جورج فلويد

وزير الدفاع الأميركي مارك إسبر والرئيس دونالد ترمب (أرشيفية- إ.ب.أ)
وزير الدفاع الأميركي مارك إسبر والرئيس دونالد ترمب (أرشيفية- إ.ب.أ)

يخيّم توتر خطير على علاقة الرئيس الأميركي، دونالد ترمب، بالمؤسسة العسكرية، بعدما رفض وزير الدفاع، مارك إسبر، دعوة ترمب لنشر الجيش للسيطرة على الاحتجاجات، بينما انتقدت شخصيات بارزة سابقة في البنتاغون، بينها جيم ماتيس، طريقة تعاطي ترمب مع التظاهرات.
وشكّل إعلان إسبر، الأربعاء، معارضته نشر جنود في الخدمة للسيطرة على الاحتجاجات المناهضة لاستخدام الشرطة القوة، مواجهة استثنائية مع القائد الأعلى للقوات المسلحة في البلاد.
وقال إسبر: «لا أؤيد اللجوء إلى قانون الانتفاضة»، في إشارة إلى القانون العائد إلى عام 1807 الذي سعى ترمب لتفعيله، بهدف نشر عناصر مسلحين من الجيش للسيطرة على المدن التي تشهد احتجاجات.
وبعد ساعات، شن جيم ماتيس، سلف إسبر، هجوماً على ترمب، وكتب: «عندما التحقت بالجيش قبل حوالى 50 عاماً، أقسمت على تأييد الدستور والدفاع عنه... لم أتخيل يوماً أن الجنود الذين يؤدون اليمين نفسه، يمكن أن يتلقوا الأمر، مهما كانت الظروف، لانتهاك الحقوق الدستورية لمواطنيهم»، في إشارة إلى حق التظاهر.
وأشار ماتيس الذي شغل منصب وزير الدفاع في عهد ترمب لعامين، قبل أن يستقيل إثر خلافات مع الرئيس، إلى أن النازيين في ألمانيا آمنوا بشعار «فرق تسد».
وقال: «دونالد ترمب هو أول رئيس في حياتي لا يحاول توحيد الأميركيين؛ بل إنه حتّى لا يدّعي أنّه يحاول فعل ذلك»، وأضاف: «بدلاً من ذلك، فإنه يحاول تقسيمنا».
ودخل رئيسان سابقان لهيئة الأركان المشتركة -تشغل شخصيات عملت تحت إمرتهما أعلى المناصب في البنتاغون حالياً- على خط السجالات.
وقال الجنرال المتقاعد مارتن ديمبسي الذي كان رئيس هيئة الأركان العامة من عام 2011 حتى 2015: «أميركا ليست ساحة معركة، مواطنونا ليسوا الأعداء».
بدوره، كتب سلفه الأميرال المتقاعد مايك مولن: «أشعر بقلق عميق من أن تتم إعادة توظيف عناصر جيشنا، بينما يطبّقون الأوامر الصادرة إليهم لأهداف سياسية».
وعززت المعارضة الواضحة للرئيس من قبل شخصيات غير سياسية خطر حدوث شقاق في العلاقات المدنية والعسكرية، وقد يعني ذلك أيضاً أن منصب إسبر على المحك.
ورفضت الناطقة باسم البيت الأبيض، كايلي ماكيناني، الرد على مسألة إن كان لا يزال يحظى بثقة ترمب كاملة.
وتهز هذه التطورات فعلياً الصورة التي أصر ترمب عليها مراراً، بشأن تحالفه مع عناصر الجيش، وهو أمر يروِّج له في دعاياته السياسية كمؤشر على صلابته.
وظهرت بوادر المقاومة ضد ترمب منذ الأسبوع الماضي، عندما هدد بإرسال قوات نظامية مسلَّحة، بدلاً من الاكتفاء بجنود الاحتياط من عناصر الحرس الوطني، لوقف الاحتجاجات التي أعقبت وفاة الأميركي من أصول أفريقية جورج فلويد أثناء توقيفه.
وبدا إسبر متفقاً مع الرئيس عندما أمر بإرسال 1600 عنصر من الشرطة العسكرية إلى منطقة واشنطن، للتأهب في حال ازدادت أعمال الشغب، قبل أن يدعو حكام الولايات «للسيطرة على ساحة المعركة».
وعندما ظهر إسبر ورئيس هيئة الأركان المشتركة، مارك ميلي، إلى جانب ترمب، الاثنين، لالتقاط صور تذكارية في كنيسة قرب البيت الأبيض، بعد دقائق على إخلاء قوات الأمن المنطقة من المتظاهرين، بدا أنهما متفقان مع رغبة ترمب في نشر الجنود؛ لكن وزير الدفاع الأميركي تراجع عن موقفه على وقع الاتهامات بأنه يحوّل الجيش إلى أداة سياسية في أيدي ترمب.
وأكّد إسبر بحزم، الأربعاء، معارضته استخدام جنود في الخدمة للتعامل مع المحتجين، وقال للصحافيين في البنتاغون، إن «على خيار استخدام جنود في الخدمة ألا يكون سوى الملاذ الأخير، وفي الحالات الأكثر خطورة فقط»، وأضاف: «لسنا في وضع كهذا في الوقت الراهن».
وفي مسعى لتوضيح مواقفهم، أكد إسبر وميلي وغيرهما من كبار مسؤولي البنتاغون للجنود، أنهم أقسموا على الدفاع عن الدستور الأميركي، وخصوصاً الحق في حرية التعبير.
وقال المتحدث السابق باسم البنتاغون، ديفيد لابان، إنه لم يشهد قط موقفاً معارضاً على هذا القدر لترمب؛ خصوصاً من قبل شخصية بمقام ماتيس. وقال لابان من «معهد سياسة الحزبين» لوكالة الصحافة الفرنسية، إن «الرئيس سيّس الجيش بطرق غير مسبوقة»، وأضاف أن إسبر وميلي «تأخّرا كثيراً وسمحا بتفاقم الوضع»، وتابع: «خلال هذا الأسبوع، خسرا بعض الثقة من القوات ومن الشعب الأميركي معاً».
وشدد على أن ماتيس وديمبسي ومولن لم يحاولوا تغذية تمرّد ضمن صفوف الجيش؛ لكنهم ارتأوا أن سمعة المؤسسة العسكرية في أوساط الشعب الأميركي على المحك؛ مشيراً إلى أن الوضع «كان يتفاقم».


مقالات ذات صلة

أميركا تتلقى صفعة دبلوماسية في الأمم المتحدة

أوروبا جانب من اجتماع الجمعية العامة للأمم المتحدة حول أوكرانيا الاثنين (أ.ف.ب)

أميركا تتلقى صفعة دبلوماسية في الأمم المتحدة

صوتت الجمعية العامة للأمم المتحدة على قرار قاومته واشنطن لمطالبة روسيا بسحب قواتها فوراً من أوكرانيا، في ما يعد صفعة دبلوماسية لإدارة الرئيس دونالد ترمب.

علي بردى (واشنطن) «الشرق الأوسط» (كييف - لندن)
العالم العربي دخان تصاعد جراء غارات إسرائيلية على رفح بجنوب قطاع غزة في وقت سابق (أ.ف.ب)

إسرائيل تعلن استهداف موقع إطلاق صاروخ في رفح جنوب قطاع غزة

قال الجيش الإسرائيلي إنه قصف موقعين لإطلاق الصواريخ في قطاع غزة، اليوم الاثنين، بعد انطلاق صاروخ من أحدهما سقط داخل القطاع.

«الشرق الأوسط» (القدس)
الولايات المتحدة​ الرئيس الأميركي دونالد ترمب ونظيره الروسي فلاديمير بوتين (أ.ف.ب) play-circle

ترمب يناقش صفقات اقتصادية «كبرى» مع بوتين

أعلن الرئيس الأميركي دونالد ترمب، الاثنين، أنه يبحث مع نظيره الروسي فلاديمير بوتين إبرام صفقات اقتصادية «كبرى» في إطار مباحثات إنهاء الحرب في أوكرانيا.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الولايات المتحدة​ إيلون ماسك يتحدث في حفل تنصيب الرئيس الأميركي دونالد ترمب في واشنطن (أ.ب)

مقربون من ترمب يرفضون إنذارات ماسك للموظفين الفيدراليين

طلب عدد من المسؤولين المقربين من الرئيس الأميركي دونالد ترمب عدم الرد على بريد إلكتروني من فريق إيلون ماسك للموظفين الحكوميين بتبرير عملهم، لئلا يخسروه.

علي بردى (واشنطن)
الولايات المتحدة​ الرئيس الأميركي دونالد ترمب خلال مناسبة في ميريلاند (أ.ب)

اقتراب أميركا وأوكرانيا من صفقة المعادن لا يبدد القلق الأوروبي

اقترب المفاوضون الأميركيون والأوكرانيون من صفقة لاستثمار المعادن النادرة في أوكرانيا، في وقت هرع فيه الزعماء الأوروبيون لإبقاء الدعم الأميركي لأوروبا.

علي بردى (واشنطن)

وزير نيوزيلندي يستقيل من منصبه بسبب لمسه ذراع شخص

بايلي هو أول وزير يستقيل من تلقاء نفسه في عهد رئيس الوزراء لوكسون (أرشيفية - رويترز)
بايلي هو أول وزير يستقيل من تلقاء نفسه في عهد رئيس الوزراء لوكسون (أرشيفية - رويترز)
TT
20

وزير نيوزيلندي يستقيل من منصبه بسبب لمسه ذراع شخص

بايلي هو أول وزير يستقيل من تلقاء نفسه في عهد رئيس الوزراء لوكسون (أرشيفية - رويترز)
بايلي هو أول وزير يستقيل من تلقاء نفسه في عهد رئيس الوزراء لوكسون (أرشيفية - رويترز)

أعلن وزير في الحكومة النيوزيلندية الاثنين استقالته من منصبه بعد وضع يده على ذراع أحد الموظفين خلال نقاش «محتدم».

ووصف وزير التجارة أندرو بايلي للصحافيين سلوكه تجاه الموظف بأنه كان «متعجرفا»، من دون أن يحدد ما إذا كان الشخص المذكور رجلا أم امرأة.

وقال: «أنا آسف بشدة لهذا الأمر، لقد تجاوزت الخط ووضعتُ يدي على ذراعه، وهو أمر غير لائق».

وأشار الوزير إلى أن شكوى رُفعت ضده على خلفية سلوكه خلال الحادثة التي وقعت الأسبوع الماضي، من دون إعطاء مزيد من التفاصيل.

وهذه المرة الثانية التي يعتذر فيها بايلي عن سلوكه الوزاري بعد تصرفات مسيئة نُسبت إليه خلال زيارته شركة نيوزيلندية في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي.

وكتب أحد العمال في ذلك الوقت رسالة قال فيها إن الوزير كان مخمورا، ووصفه مرارا بأنه «فاشل».

واعتذر أندرو بايلي، قائلا إنه «أساء تفسير اللحظة» وإنه أدلى بتعليقاته «باستخفاف»، لكنه نفى أن يكون تصرّفه آنذاك ناجما عن حالة سكر.

ورغم استقالته من منصبه كوزير، قال بايلي إنه سيبقى عضوا في البرلمان ويتطلع إلى خدمة دائرته الانتخابية.

وتأتي الاستقالة في وقت تُظهر استطلاعات للرأي تراجعا في شعبية حكومة المحافظين برئاسة رئيس الوزراء كريستوفر لاكسن، التي تتولى السلطة منذ نوفمبر 2023، وسط ارتفاع تكاليف المعيشة.

وقال لاكسن إن الحادثة التي تورط فيها أندرو بايلي حدثت في 18 فبراير (شباط)، وإنه قَبِل استقالة وزيره الجمعة، وأرجأ الإعلان للسماح للوزير بإخطار أسرته وموظفيه، مضيفا: «أعتقد أنه كان سريعا جدا في اتخاذ قراره خلال أسبوع. إنه أمر مثير للإعجاب».

واستُبدل بايلي في منصب وزير التجارة وعين بدلا منه سكوت سيمبسون.