روابط «ألتراس» البرازيلية... فرَّقتهم كرة القدم وجمعتهم معارضة الرئيس

مستشفى عزل ميداني في البرازيل (د.ب.أ)
مستشفى عزل ميداني في البرازيل (د.ب.أ)
TT

روابط «ألتراس» البرازيلية... فرَّقتهم كرة القدم وجمعتهم معارضة الرئيس

مستشفى عزل ميداني في البرازيل (د.ب.أ)
مستشفى عزل ميداني في البرازيل (د.ب.أ)

يضع مناصرو مجموعات الـ«ألتراس» من مختلف أندية كرة القدم في البرازيل عداواتهم الرياضية خلفهم، ويتَّحدون في الخطوط الأمامية لقيادة حملة الدفاع عن الديمقراطية المهددة -بحسب رأيهم- من الرئيس اليميني المتطرف جاير بولسونارو.
وفي وقت توقفت فيه منافسات كرة القدم، ذات الشعبية الهائلة في البرازيل، بسبب فيروس «كورونا» المستجد منذ مارس (آذار) الفائت، يرى مناصرو الـ«ألتراس» الذين لطالما لعبوا دوراً في الحياة السياسة في البلاد، أن الفرصة متاحة لمواجهة رئيسهم.
ويقول دانيلو باسارو، العضو في مجموعة «غافيوي دا فييل» العريقة الداعمة لنادي كورينثيانز، أحد أشهر الأندية البرازيلية: «كان علينا الوجود في الميدان، ومواجهة أنصار بولسونارو الذين يشيدون بالديكتاتورية».
وكان باسارو من دعا إلى التظاهر يوم الأحد الفائت في شارع «أفينيدا باوليستا»، أحد أكثر الأماكن رمزية في وسط ساو باولو؛ حيث تجمع قرابة 500 شخص من أنصار عديد من الأندية، من أجل الدفاع عن الديمقراطية.
استمرت التظاهرات سلمية إلى حين وصول مسلحين مؤيدين لبولسونارو، ما أدى إلى اشتباكات بين الطرفين، قبل أن تتدخل الشرطة وتلقي القنابل المسيلة للدموع.
ويروي باسارو (27 عاماً) الذي يتخصص في مجال دراسة التاريخ: «في نهاية التظاهرة، توجهت مجموعة صغيرة من الأشخاص بزي عسكري، كان بعضهم يحمل شعارات النازيين الجدد، لمواجهتنا عن قصد من أجل استفزازنا، في حين كان بإمكانهم الخروج من الجهة الأخرى من الشارع».
كانت تلك التظاهرة واحدة من أولى التظاهرات التي جمعت الناشطين المناهضين لبولسونارو منذ بداية تفشي فيروس «كورونا» المستجد؛ حيث باتت البرازيل، بؤرة تفشي الوباء في أميركا اللاتينية، ثالث أعلى دولة في العالم بعدد الوفيات، بعد الولايات المتحدة وبريطانيا، متجاوزة إيطاليا.
وسارع الرئيس بالرد واصفاً المتظاهرين الثلاثاء بـ«الهامشيين» و«الإرهابيين».
وهناك دعوات أخرى لتظاهرات «مناهضة للفاشية» يوم الأحد في عدة مدن برازيلية.
في السابق، كان مؤيدو بولسونارو فقط من يخرجون إلى الشوارع كل يوم أحد، وخصوصاً في العاصمة برازيليا؛ حيث كان يحضر ويخاطب بنفسه، متجاهلاً ومؤيدوه إجراءات التباعد الاجتماعي.
بقمصان منتخب بلادهم الصفراء والخضراء اللون، يطالب هؤلاء المتظاهرون بتدخل عسكري لإغلاق الكونغرس أو المحكمة العليا، ويستذكرون من خلال بولسونارو سنوات الحكم الديكتاتوري (1964- 1985).
ويشرح باسارو: «في البداية، كانوا يتظاهرون وحدهم في الشارع؛ لأننا شخصياً كنا نحترم قواعد الإقفال التام. ولكن في الوقت الحاضر، قررنا أن نخاطر ونخرج لمواجهة هذا الاستبداد المتصاعد (...) ونأمل أن يشعل ذلك حركة كبيرة في كل أنحاء البلاد».
من جهتها، تتوقع روزانا دا كامارا تيكسييرا، وهي عالمة في الأنثروبولوجيا (علم الإنسان) ومتخصصة في شؤون روابط المشجعين، أن «حشد المؤيدين هذا يمثل نقطة تحوّل؛ لأنه حتى الآن، كانت الحركات التقدمية تعاني من أجل تنظيم نفسها. أعتقد أن ذلك كان له تأثير كبير على الناس، بما في ذلك الأشخاص الذين لا يهتمون بكرة القدم».
في بداية الثمانينات، شاركت مجموعات الـ«ألتراس» التابعة لعدة أندية بشكل كبير في التظاهرات المطالبة بإنهاء الديكتاتورية، في حين كان لاعبون أمثال الأسطورة سقراطيس رموزاً للنضال من أجل الديمقراطية.
وتقول دا كامارا تيكسييرا: «بدأ مناصرو مجموعات الـ(ألتراس) في الظهور خلال فترة النظام العسكري، بروح احتجاجية. واليوم، يعيدون هذا الإرث، ويمكن أن يصبحوا عاملاً لحشد معارضي الحكومة».
أما بالنسبة لجوكا كفوري، المعلق الرياضي الذي شارك بقوة في حركة إعادة الديمقراطية إلى كرة القدم في الثمانينات، فإن هذه التعبئة قد تكون «شرارة» قادرة على إثارة حركة شعبية مناهضة لسياسة بولسونارو، ولكنها قد تؤدي أيضاً إلى نتائج عكسية.
ويشرح: «أخشى من أن يقوم أنصار بولسونارو باستفزازات دائمة، بما في ذلك المتسللون الذين يمكن أن يطلقوا النار على الشرطة، لإلقاء اللوم على أولئك الذين يدافعون عن الديمقراطية، وإعطاء الحجج إلى بولسونارو لإعلان حالة الحصار».
وحتى وإن كانت الغالبية الكبرى من المتظاهرين تكتفي بهتافات وخطابات مطالبة بالديمقراطية، فهناك آخرون من يرغبون في إثارة الشغب؛ إذ دعا كابيتاو ليو، مناصر لنادي فلامنغو، عبر مواقع التواصل الاجتماعي إلى «إبادة الفاشيين» و«إطلاق النار على مناصري بولسونارو»، بينما أعرب فلافيو فراجولا، نائب الرابطة الوطنية لروابط المشجعين (أناتورغ)، عن أنه يؤيد «أي تحرك يدافع عن الديمقراطية»، ولكنه يذكر أن مشجعي الـ«ألتراس» الذين يشاركون في هذه التحركات يقومون بذلك من دافع فردي وشخصي.
ويشرح: «داخل روابط المشجعين هناك آراء متباينة، لذلك لا أرى هذه الروابط تدعو إلى التظاهرات باسمها. من ناحية أخرى أجد أنه من الإيجابي أن مناصري الـ(ألتراس) من مختلف الأندية يضعون العداوات الرياضية خلفهم، من أجل الكفاح لقضية مشتركة».


مقالات ذات صلة

صحتك «كوفيد طويل الأمد»: حوار طبي حول أحدث التطورات

«كوفيد طويل الأمد»: حوار طبي حول أحدث التطورات

يؤثر على 6 : 11 % من المرضى

ماثيو سولان (كمبردج (ولاية ماساشوستس الأميركية))
صحتك أطباء يحاولون إسعاف مريضة بـ«كورونا» (رويترز)

«كورونا» قد يساعد الجسم في مكافحة السرطان

كشفت دراسة جديدة، عن أن الإصابة بفيروس كورونا قد تساعد في مكافحة السرطان وتقليص حجم الأورام.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
أوروبا الطبيب البريطاني توماس كوان (رويترز)

سجن طبيب بريطاني 31 عاماً لمحاولته قتل صديق والدته بلقاح كوفيد مزيف

حكم على طبيب بريطاني بالسجن لأكثر من 31 عاماً بتهمة التخطيط لقتل صديق والدته بلقاح مزيف لكوفيد - 19.

«الشرق الأوسط» (لندن )
الاقتصاد السعودية تصدرت قائمة دول «العشرين» في أعداد الزوار الدوليين بـ 73 % (واس)

السعودية الـ12 عالمياً في إنفاق السياح الدوليين

واصلت السعودية ريادتها العالمية بقطاع السياحة؛ إذ صعدت 15 مركزاً ضمن ترتيب الدول في إنفاق السيّاح الدوليين.

«الشرق الأوسط» (الرياض)

رئيسة «الجنائية الدولية» تنتقد أميركا وروسيا بسبب التهديدات الموجّهة للمحكمة

خارج المحكمة الجنائية الدولية في لاهاي بهولندا 26 يونيو 2024 (أ.ب)
خارج المحكمة الجنائية الدولية في لاهاي بهولندا 26 يونيو 2024 (أ.ب)
TT

رئيسة «الجنائية الدولية» تنتقد أميركا وروسيا بسبب التهديدات الموجّهة للمحكمة

خارج المحكمة الجنائية الدولية في لاهاي بهولندا 26 يونيو 2024 (أ.ب)
خارج المحكمة الجنائية الدولية في لاهاي بهولندا 26 يونيو 2024 (أ.ب)

انتقدت رئيسة المحكمة الجنائية الدولية، الولايات المتحدة وروسيا، بسبب تدخلهما في تحقيقات المحكمة، ووصفت التهديدات والهجمات على المحكمة بأنها «مروعة».

وقالت القاضية توموكو أكاني، في كلمتها أمام الاجتماع السنوي للمحكمة الذي بدأ اليوم (الاثنين)، إن «المحكمة تتعرض لتهديدات بعقوبات اقتصادية ضخمة من جانب عضو دائم آخر في مجلس الأمن، كما لو كانت منظمة إرهابية»، وفق وكالة «أسوشييتد برس».

وأضافت: «إذا انهارت المحكمة، فإنّ هذا يعني حتماً انهيار كلّ المواقف والقضايا... والخطر على المحكمة وجودي».

وكانت أكاني تشير إلى تصريحات أدلى بها السيناتور الأميركي، ليندسي غراهام، الذي سيسيطر حزبه الجمهوري على مجلسي الكونغرس الأميركي في يناير (كانون الثاني) المقبل، والذي وصف المحكمة بأنها «مزحة خطيرة»، وحض الكونغرس على معاقبة المدعي العام للمحكمة.

القاضية توموكو أكاني رئيسة المحكمة الجنائية الدولية (موقع المحكمة)

وقال غراهام لقناة «فوكس نيوز» الأميركية: «أقول لأي دولة حليفة، سواء كانت كندا أو بريطانيا أو ألمانيا أو فرنسا: إذا حاولت مساعدة المحكمة الجنائية الدولية، فسوف نفرض ضدك عقوبات».

وما أثار غضب غراهام إعلان المحكمة الجنائية الدولية الشهر الماضي، أن قضاة المحكمة وافقوا على طلب من المدعي العام للمحكمة كريم خان بإصدار مذكرات توقيف بحق رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ووزير دفاعه السابق، والقائد العسكري لحركة «حماس» بتهم ارتكاب جرائم ضد الإنسانية فيما يتصل بالحرب المستمرة منذ ما يقرب من 14 شهراً في غزة.

وقوبل هذا القرار بإدانة شديدة من جانب منتقدي المحكمة، ولم يحظَ إلا بتأييد فاتر من جانب كثير من مؤيديها، في تناقض صارخ مع الدعم القوي الذي حظيت به مذكرة اعتقال الرئيس الروسي فلاديمير بوتين العام الماضي، على خلفية تهم بارتكاب جرائم حرب في أوكرانيا.

كما وجهت أكاني، اليوم (الاثنين)، أيضاً انتقادات لاذعة لروسيا، قائلة: «يخضع كثير من المسؤولين المنتخبين لمذكرات توقيف من عضو دائم في مجلس الأمن».

وكانت موسكو قد أصدرت مذكرات توقيف بحق كريم خان المدعي العام للمحكمة وآخرين، رداً على التحقيق في ارتكاب بوتين جرائم حرب بأوكرانيا.